«هل التقيتِ برجل آخر؟ طلبوا مني أن أبلِّغ عن كل من تلتقين به وما تفعلينه بالتفصيل»
جلست كارين على حافة السرير، مستقبلة ضوء القمر الذي يتسلَّل من النافذة. ربما لأنه المصدر الوحيد للإضاءة في الغرفة، بدا ضوء القمر ساطعًا بشكل خاص.
«ظننتُ أنني لن أحصل على المال الموعود لأنه توفِّي، لكن لحسن الحظ، جاء الخادم الخاص بهم ودفع المبلغ. من تعبير وجهكِ، يبدو أنكِ لم تكوني تعلمين شيئًا»
‘كان جدي يشكُّ بي بالفعل …’
منذ متى؟
ربما منذ زيارة دافيد، الذي تظاهر بأنه لوي، إلى منزل كولين. منذ تلك اللحظة بدأ يشكُّ في هويَّتها.
حتى عندما تحوَّل شكُّه إلى يقين، وضع جود كولين حياته رهانًا واستمر في الثقة بها، كما لو كان يؤمن أنها ستختار أكتوروس في النهاية.
تذكَّرت كارين رسالة أكتوروس التي أخبرها فيها أنه لن يتمكَّن من العودة إلى المنزل الليلة بسبب تأخُّر العمل.
ربما كان من الأفضل ألا يعود أكتوروس اليوم. لو رأت وجهه ، لما استطاعت إخفاء هذا الشعور المزعج والثقيل.
بل ربما كانت ستتخلَّى عن كل شيء وتعترف بالحقيقة.
مدَّت كارين يدها لتلمس الجانب الفارغ من السرير.
لم تكن تريد رؤيته، لكنها اشتاقت إليه.
كانت المشاعر المتضاربة تتصادم باستمرار.
حاولت التظاهر بأن الأمر ليس كذلك ، لكن كل يوم كانت تشعر بهذا الدافع: أن تعترف لأكتوروس بكل شيء.
حتى لو قتلها، حتى لو لم يغفر لها وازدراها.
لو أخبرته بالحقيقة فقط …
لو أن ذلك سيمنعه من التعرُّض للأذى.
‘لا، استيقظي.’
سحبت كارين يدها من الجانب البارد الفارغ ونهضت. ثم سارت بخطوات سريعة نحو غرفة ملابسها. أشعلت الإضاءة بيد مرتجفة، وفتحت درج الطاولة لتُخرج صندوقًا منه.
أخرجت كارين صورة من الصندوق ولم تُحوِّل عينيها عنها أبدًا. لم تتجاهل الصورة، التي تُظهر نينا وهي تُعذَّب بسبب هروب كارين من الواقع وعدم أدائها لمهمتها بشكل صحيح.
كان مجرَّد النظر إلى الصورة مؤلمًا، لكن تحويل عينيها عنها يعني تجاهل معاناة نينا.
‘إذا اخترتُ أكتوروس، ستموت نينا.’
مثلما مات أخوها الأصغر و هو يلوم كارين على عجزها، و مات دون أن تراه بسبب المرض.
قد تموت نينا بنفس الطريقة.
فقط لأنها كانت طيبة معي، ولأنها أصبحت الشخص الذي يمكنني الاعتماد عليه بدلًا من أخي …
فقط لأنها قريبة مني.
لقد ارتفع ستار المسرح بالفعل، ولا توجد درجات للنزول.
لا خيار سوى الرقص حتى نهاية العرض كما يريدون.
***
مرَّ الوقت بسرعة.
خلال هذه الفترة، كانت حياة كارين روتينية. في الصباح، كانت تذهب إلى الفرقة مع الكلاب، وبعد انتهاء التدريب، كانت تزور شركة أكتوروس بحجة المواعدة.
كانت المعلومات التي تجمعها تُرسَل سرًا عبر البريد إلى الشارع الأحمر.
كان أكتوروس غالبًا خارج الشركة في مهام خارجية، فكانت كارين تجده غائبًا في كل مرة تزور فيها الشركة.
كان ذلك مناسبًا لكارين التي تحتاج إلى استخراج المعلومات، لكنه …
بعد انتهاء المواعدة، كانت تعود إلى المنزل، تُخرج الكلاب للتنزُّه، ثم …
على أي حال، كانت تمضي أيامًا هادئة.
بدت علاقتها مع أكتوروس مستقرة الآن.
لكن، لسبب ما، شعرت كارين أنها تسير على حبل مشدود يزداد عدم استقرارًا يومًا بعد يوم.
في أحد الأيام، كان المنزل يعجُّ بالحياة لأول مرة منذ فترة.
كان يومًا لإقامة حفلة دعا إليها أكتوروس أصدقاءه المقرَّبين من جود كولين وشخصيات مهمة أخرى.
وكانت كارين البطلة التي ستقف على المسرح في تلك الحفلة.
كان على كارين الاستعداد للعرض، وكان على أكتوروس إنهاء بعض الأعمال في الشركة، لذا كانا منشغلين بالتحضير للخروج منذ الصباح الباكر.
لم يكن أكتوروس، الذي كان مشغولًا ونادرًا ما يعود إلى المنزل، يتحدَّث كثيرًا مقارنة بالمعتاد.
كانت كارين تشعر بالقلق كلما رأته غارقًا في أفكاره دون كلام، أو ينظر إليها بثبات.
كان صمته ونظراته الصامتة صعبة التحمُّل.
كانت تعلم أن إظهار أي ارتباك قد يثير شكوكه.
حتى الآن، كانت هذه اللحظات التي يُعدُّ فيها للخروج بصمت صعبة التحمُّل. عادة، حتى لو كان مشغولًا، كان يمزح معها إذا التقيا أعينهما. لذا، شعرت أن هذا الوضع غريب.
ربما لأنه أكثر انشغالًا من المعتاد، لم يكن لديه وقت للمزاح …
أنهت كارين تحضيراتها أولًا، وعلَّقت حقيبتها على كتفها، ثم اقتربت بحذر من أكتوروس الذي كان يربط ربطة عنقه.
“ستتمكَّن من القدوم إلى الحفلة في الوقت المناسب، أليس كذلك؟”
كان سؤالًا لا معنى له. أكتوروس ، الدقيق في الأمور الرسمية ، لن يتأخَّر عن حفلة ينظِّمها بنفسه.
ردَّ أكتوروس وهو يربط ربطته وينظر إليها. ثم ظهرت ابتسامة على وجهه الجامد، واقترب وقبَّل خدَّها بسرعة.
“كيف يمكنني أن أتأخَّر عن عرض بطلتُه الآنسة كارين؟”
ثم مرَّ بجانبها بسرعة وارتدى سترته. لكن تلك الابتسامة القصيرة والمزاح خفَّفا قليلًا من قلقها غير المبرَّر.
“ليس وقت العرض، بل عليك القدوم قبل وصول الضيوف، أنت تعلم ذلك.”
بالمعنى الدقيق، كان الحدث اليوم حفلة مع عرض.
كان على كارين استقبال الضيوف مع أكتوروس قبل صعودها إلى المسرح.
ضحك أكتوروس على تذمُّرها. عندما فتحت كارين عينيها بشكل مثلث، فرك جبهتها المعبِّسة بلطف و قال: “بكل هذا التذمُّر، تبدين كدوقة عظيمة.”
عند سماع كلمة “دوقة”، ظهرت على وجه كارين نظرة مرتبكة قليلًا.
الآن، بدا أن علاقتهما تجاوزت مرحلة الخطوبة البسيطة.
لم يقيما حفل خطوبة رسمي، لكن بما أنهما حصلا على موافقة جود كولين و بدآ المواعدة بقصد الزواج، كانا عمليًا مخطوبين.
علاوة على ذلك، بما أنهما يعيشان معًا وأصبحت كارين تتدخَّل في العديد من شؤون المنزل …
لم يكن من الغريب القول إن علاقتهما أكثر من مجرَّد خطوبة.
“أليس من الأفضل أن تعطيني إجابة الآن؟”
منذ أن اقترح أكتوروس الزواج عليها، لم يضغط عليها أبدًا.
لذلك، ظنَّت كارين أنه نسي الأمر.
ذلك الاقتراح الذي كان بعيدًا عن الرومانسية.
“أعتقد أننا حافظنا على الخطوبة لفترة طويلة بما فيه الكفاية.”
“…قليلًا فقط، أكثر.”
لم تستطع الزواج منه وهي تخدعه.
في الحقيقة، لم يكن بإمكان كارين اتخاذ قرار الزواج بحرية. كل شيء كان يتطلَّب موافقة كوستيا.
وحتى لو حصلت على الموافقة، لم تكن تريد الزواج من أكتوروس.
أن تواعده لاستغلاله، ثم تتزوَّجه، كان أبعد من أن يكون غير رومانسي، بل كان قاسيًا.
“أريد فقط إنهاء هذه الحفلة … لا، العرض بسلام.”
“…”
“أنا خائفة من الوقوف على المسرح بعد فترة طويلة، وأخشى أن أرتكب خطأ. الآن، لا أفكِّر في شيء سوى العرض.”
استمع أكتوروس بهدوء إلى كلامها، ثم أومأ برأسه.
“حسنًا.”
كعادته، احترم رأيها. أحبَّت كارين هذه الصفة فيه، لكنها لم تشعر بالارتياح كما الآن من قبل.
بينما كان أكتوروس يتفحَّص وجهها، ابتسم فجأة بنبرة مرحة: “إذا شعرتِ أنكِ سترتكبين خطأ، أخبريني الآن. سأغفر لكِ.”
“من يتوقَّع ارتكاب خطأ؟”
“إذًا، إذا كنتِ قد ارتكبتِ أي خطأ حتى الآن، هل ستخبرينني بالحقيقة؟”
كان أكتوروس لطيفًا، لكنه أحيانًا يمزح بطريقة شقية.
‘إنه يمزح الآن، أليس كذلك؟’
ابتسامته المرحة كانت دليلًا على ذلك. لكن كارين شعرت أن القلق الذي هدأ قليلًا بدأ يتسلَّل إلى جسدها مجددًا.
ابتلعت ريقها وابتسمت بصعوبة وسألته: “على سبيل المثال؟”
“همم … التقيتِ برجل آخر خفيةً مني؟”
“…حقًا…”
رفعت كارين يدها دون وعي لتمسح صدرها، لكنها ضربت صدر أكتوروس بدلًا من ذلك.
“لم يحدث ذلك أبدًا!”
ردَّت بنبرة متذمِّرة، ثم استدارت لتغادر.
“حقًا.”
لكن بعد خطوات قليلة، أوقفها صوت أكتوروس الناعم مجددًا.
“إذا كنتِ قد أخطأتِ بحقي، لا تخفي ذلك حتى النهاية، بل أخبريني أولًا.”
“…”
“إذا أخبرتِني الآن، سأغفر لكِ مهما كان.”
كان أكتوروس لا يزال يبتسم بمرح ويغمز بعينيه.
“لأنني مغرم جدًا بإحدى الراقصات الجميلات الآن.”
هزَّت كارين رأسها وقالت: “تلك الراقصة الجميلة تقول إنها لا تحب الرجال كثيري الشك.”
“حسنًا، فلنفعل هذا.”
ظنَّت كارين أنه سيتوقَّف عن المزاح، لكنه استمر بنبرة غريبة وابتسامة خافتة: “إذا اكتشفتُ خطأكِ لاحقًا … اكذبي.”
“ما فائدة الكذب إذا اكتُشف الخطأ بالفعل؟”
مالت كارين برأسها وابتسمت بإحراج، لكن أكتوروس لم يوقف هذا الحديث الغريب.
“افعلي ذلك على أي حال.”
“…”
“سأصدِّق كل ما تقولينه.”
شعرت كارين أن هذا الحديث أصبح مزعجًا.
كما أن الوقت قد حان للخروج.
“أراك لاحقًا، أكتور.”
قبَّلت خدَّه بنعومة لتنهي مزاحه بطريقة لطيفة، ثم أمسكت مقبض الباب وفتحته. كانت قد اعتادت الآن على مناداته باسمه المختصر أو كنيته بحميمية.
في كل مرة، كان أكتوروس يبتسم بلطف.
لم تنظر خلفها وهي تغادر، لذا لم ترَ.
لم تعلم أن وجه أكتوروس، وهو يراقب ظهر حبيبته وهي تغادر الغرفة، كان يتصلَّب ببرود.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات