اقترب أكتوروس من الخادم حتّى كاد يلتصق به ، و خفّض صوته بجهدٍ كبيرٍ و سأله: “هل تنوي الآن، أمام النّاس، نشر شائعةٍ بأنّ حبيبتي ربّما قتلت جدّي؟ دعنا لا نجعل وداع جدّي الأخير مليئًا بالصّخب.”
كان قد سمع كلّ شيءٍ من الخادم بالفعل.
في اليوم التّالي مباشرةً بعد علمه بوفاة جدّه.
في ذلك اليوم … حين استسلم للبكاء في حضن كارين التي كانت تبكي مثل طفلةٍ مثله، ثمّ غفا من الإرهاق واستيقظ …
“كان السّيّد يشكّ في كارين ولوي شانير. ثمّ سمع من البستانيّ أنّه رأى كارين في الشارع الأحمر.”
“ذهبتُ إلى فرقة الباليه بعد تلقّي اتّصالٍ من الآنسة أليس التي كلّفتني بالمراقبة، ولهذا غبتُ لبعض الوقت …”
كان خادم جدّه يشكّ في كارين. و كان هناك ما يبرّر الشّكوك.
كلّ الظّروف كانت تشير إلى كارين.
“لا تقل لكارين شيئًا لا داعي له، ودعها ترتاح في غرفتها.”
“…”
“سأتولّى الأمر بنفسي”
ابتعد أكتوروس عن الخادم، ونظر إليه وهو يحني رأسه، و سأله كأنّه يتأكّد: “هل فهمتَ معنى كلامي؟”
“نعم، سيدي الدّوق.”
أدار أكتوروس ظهره، متجاهلاً الخادم الذي صار الآن مخلصًا له بدلاً من جدّه، وتوجّه ليُحضر أخاه غير الشّقيق المشؤوم.
راقب الخادم ظهر سيّده الجديد العريض وهو يبتعد بصمت.
تصرّف أكتوروس كما لو أنّه يريد إسكات الجميع لحماية شرف العائلة، وللسّماح لجدّه بالرّحيل بسلام.
لكنّ الخادم، الذي اعتاد قراءة مشاعر سيّده بغريزته، لم يرَ في عيني أكتوروس رغبةً في حماية جدّه أو العائلة.
كان يبدو و كأنّ الشّيء الوحيد الذي يريد حمايته هو “كارين” نفسها.
تمنّى الخادم ألّا يكون الأمر كذلك.
أن يحمي أكتوروس كارين إلى هذا الحدّ، بينما قد تكون هي من تسبّبت في وفاة جدّه، كان أمرًا لا يُطاق، خاصّةً بالنّسبة لسيّده الرّاحل.
وإذا كان أكتوروس يحبّ كارين إلى هذه الدّرجة …
فسيكون جدّه في العالم الآخر قلقًا على حفيده بلا راحة.
***
كانت حديقة كولين الواسعة مليئة بمرافق اللّعب للأطفال.
أراجيح، وكوخٌ صغيرٌ مبنيٌّ فوق شجرة، وغيرها. لكنّ أكتوروس لم يُشاهد قطّ يلعب فيها كطفل.
كان يقف متردّدًا إذا جرّه روشيس إلى هناك.
كايترو أيضًا لم يلعب كطفلٍ قطّ. لأنّه أراد أن يكون مثل أكتوروس.
في صغره، كان أكتوروس في نظره رجلاً بالغًا مثاليًا، رغم أنّ الفارق بينهما عامان فقط.
كان يظنّ أنّه يعاني من رغبته في التّفوق على أكتوروس ، لكنّ الحقيقة لم تكن كذلك. في الحقيقة ، أراد أن يكون عضوًا شرعيًا في العائلة، لا ابنًا غير شرعيٍّ لعشيقةٍ مخفيّة.
لم يطمح إلى أن يكون وريث عائلة كلوين، بل أراد فقط ألّا يُعاقب على أخطاء والديه.
أراد انتباه والده الذي كان دائمًا مع زوجته وأبنائه الشّرعيّين.
شعر بالأسف تجاه زوجة كلوين التي احتقرته ، ومع ذلك ، أراد أن يكون جزءًا من تلك العائلة الدّافئة.
من ملأ هذا الفراغ في قلبه كان جود كولين.
كان يعلم أنّ جود أحضره ليكون أخًا يعتمد عليه حفيده الوحيد.
لكن هل سيقبله أكتوروس كأخ؟
إن لم يقبله أكتوروس، فسيُهمل من قِبل جود كولين أيضًا.
هذا الخوف حوّل كايترو إلى طفلٍ يتوق إلى الحبّ.
حتّى لو كان الحنان المزيّف من جود كولين، فقد أراد أن يُحبّ ويُعترف به، بدلاً من أكتوروس الذي لم يمنحه أيّ اهتمام.
“هل هذا هو المكان الذي تختبئ فيه؟”
ظهر حذاء أسود في مجال رؤية كايترو و هو يتأرجح على الأرجوحة.
“لم أختبئ.”
في صغره، كان كايترو يختبئ عمدًا لجذب انتباه جدّه. وكانت أماكن اختبائه واضحة: بين ألعاب الحديقة التي صنعها جود بنفسه.
“هل ستواصل إزعاج جدّي حتّى النّهاية؟”
“ليس لك الحقّ في قول هذا! لقد كنتُ أفضل منك بكثير تجاه جدّي! أكثر منك …”
“أعلم. كنتَ حفيدًا أفضل منّي.”
كان أكتوروس يكره كايترو.
حاول خداع نفسه، لكنّه كره جدّه لإحضاره.
شعر وكأنّ جدّه أحضر حفيدًا جديدًا ليحلّ محلّه المكسور.
لم يتلاشَ هذا الكره بعد.
لكنّ أكتوروس قرّر دفنه مجدّدًا.
كان قد دفنه عميقًا بالفعل، لكنّه سيحفره في أرضٍ جديدة.
سيزرع شجرةً كبيرةً خضراء فوقها تمتصّ تلك المشاعر كغذاء. هكذا خطّط للنهوض من جروحه.
عندما آمن بكارين تمامًا، قبل أن يموت جدّه.
في تلك الفترة التي اعتقد أنّه سعيد، اتّخذ هذا القرار.
وكان هذا القرار يشمل كايترو أيضًا.
حتّى لو لم يعد بإمكانه الثّقة بالشّخص الذي ساعده على اتّخاذ هذا القرار الكبير، وحتّى لو لم يتمكّن من رؤية الشّخص الذي أراد أن يسامحه أكثر من أيّ أحدٍ آخر، فسوف ينفّذ قراره.
لأنّ لا شيء مؤكّد بعد.
كلام الخادم عن تورّط كارين في وفاة جدّه …
“هل تحقّقتَ من الميراث الذي سنحصل عليه؟”
“تحقّقتُ.”
“لن تكون غاضبًا كطفلٍ مدلّل لأنّك حصلتَ على نصيبٍ أقل ، أليس كذلك؟”
“هل يبدو لك أنّني أفعل هذا من أجل المال؟”
“إذن، ما السبب؟”
بكى كايترو، الرّجل الضّخم، وأغلق فمه بإحكام.
لم يخفِ أكتوروس تنهّده وهو يرى هذا المشهد.
“أنا لستُ مثل جدّي، لستُ كبير القلب. لا أنوي التّسامح مع تصرّفاتك الطّفوليّة إلى الأبد.”
“…”
“قل لي، لماذا يتصرّف الشّخص الذي كان يحاول إرضاء جدّي طوال حياته كطفلٍ في يومٍ كهذا؟”
“لأنّه يومٌ كهذا!”
انفجر كايترو عاطفيًا أخيرًا.
“ابن الزّنا الذي أنجبه زوج ابنته مع عشيقة … أنا … لا يمكن أن يكون جدّي لم يكرهني!”
“…”
“لكنّه لم يكشف عن هذا الاستياء أبدًا. سواء كان صادقًا أم لا، فقد عاملني كحفيدٍ حقيقيّ. لقد رأى بالفعل وجوهًا يكرهها طوال حياته…”
كاد أكتوروس أن يضحك على هذا الكلام السّخيف.
“حتّى بعد موته، أن أُظهر له وجهي…”
“جدّي كان يريد رؤية وجهك أكثر من أيّ شيء.”
اشتاق أكتوروس لسيجارة.
كان بحاجة إلى ذلك الدّخان الثّقيل يملأ رئتيه. لكنّه تذكّر قلق جدّه على كثرة تدخينه، فقرّر كبح هذه الرّغبة لهذا اليوم.
“في البداية، ربّما لم يرغب في رؤية وجهك. لكنّه قال لي…”
“…”
“إنّك كنتَ طفلاً يتوق إلى الحبّ أيضًا. لذا، طلب منّا ألّا نكره بعضنا بسبب أخطاء الكبار.”
لم يسبق لأكتوروس أن قبل أحدًا برحابة صدر.
لا يزال يكره كايترو.
لكن عندما فكّر فيه كحفيدٍ آخر لجدّه، وليس كابنٍ غير شرعيّ، شعر أنّه أقلّ كراهية.
لم يكونا أخوين، لكنّهما كانا جزءًا من عائلة جود كولين.
“أنا أكرهك جدًا، كايترو.”
“…”
“لكنّ جدّي أحبّك. إذا واصلتَ الشّكّ في ذلك…”
وجّه أكتوروس تهديدًا خفيفًا لكايترو الذي كان يتفوّه بكلامٍ سخيف: “قد أُظهر لك مدى كراهيتي لك حقًا.”
تمنّى أن يتغاضى جدّه عن هذا التّهديد.
“لذا، ادخل.”
انتهى كلامه.
استدار أكتوروس دون تردّد، ثمّ تذكّر شيئًا نسيه، فنظر إلى كايترو مجدّدًا: “سأنقل ملكيّة هذا المنزل إليك.”
“ماذا؟ وصيّة جدّي تقول…”
“أنتَ الذي كنتَ تتردّد في زيارته إلّا إذا دعاك، بينما كنتَ تأتي هنا كمنزلك. من الأفضل أن تديره أنت. يمكنك العيش فيه أو استخدام الجناح الجانبيّ.”
“…”
“عندما أشتاق إلى جدّي، سأزورك متى شئت، هذا هو الشّرط.”
اتّسعت عينا كايترو. كان يعتقد أنّه طفيليّ يعيش على كرم جدّه. وبعد فقدان جدّه، شعر وكأنّه يتيم.
كان يحبّ جدّه، لكنّه اعتقد أنّ كرم جدّه تجاهه لم يكن حبًا، بل شفقةً على الأكثر.
لكن أن يسمع من أكتوروس ، الذي كرهه و كرهه هو ، أنّه وجدّه كانا عائلة …
علم كايترو أنّه يبد أحمق، لكنّه لم يستطع كبح دموعه.
تبع أكتوروس، ودخلا معًا إلى القاعة الرّئيسيّة حيث كانت تُقام جنازة جود كولين.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات