رمش أكتوروس بعينيه الزرقاوين، محدّقًا في وجه كارين. كان تعبيره مذهولًا، كأنّه لم يفكّر في هذا من قبل.
“أنا؟”
“عندما كنت تتجادل مع السيد كايترو للتو.”
“أتجادل؟ أنا؟ معه؟”
بدت كلمة “تجادل” تزعجه ، فعبس بنظرة ساخطة.
“كان الأمر يشبه نزاع إخوة على حبّ والديهم.”
“يا له من هراء.”
ضحك باستهزاء و هزّ رأسه قليلًا. لكنّه غرق في التفكير بكلمات كارين، ووضع يده على الدرابزين، صامتًا لبعض الوقت.
لم ترفع كارين عينيها عن وجهه.
كان هذا جانبًا جديدًا من أكتوروس.
ما الذي يفكّر فيه الآن؟
“أنا…”
عندما ازدادت نظرات كارين عمقًا، فرك أكتوروس فمه، كأنّه كان سيضع سيجارة فيه، لكنّه حكّ ذقنه بحركة محرجة.
ابتسمت كارين بهدوء، مستمتعة بمظهره اللطيف، وأصغت إلى كلامه.
“لم أشعر بمثل هذه المشاعر الطفوليّة من قبل.”
“إذا فكّرت بهذه الطريقة، لماذا لا تدرك أنّ حبّك لي هو أيضًا شعور طفولي؟”
“ما الطفولي فيه؟”
كان أكتوروس اليوم يبدو طفلًا بكلّ معنى الكلمة. كان من المدهش أنّ شخصًا لا يعرف مشاعره جيدًا أدرك واعترف بحبّه لها.
“إذا خسرتكِ، أشعر أنّني سأموت.”
لكن شعورها بالدفء تجاه مظهره اللطيف لم يدم طويلًا.
شعرت كارين بأنّ الابتسامة الخفيفة على وجهها اختفت تمامًا.
“لا يُطلق عادة على هذا الخوف ‘طفولي’.”
ضحك بهدوء، متظاهرًا بالخفّة، لكن عينيه الغارقتين كشفتا عن عمق مشاعره.
كانت نظراته إليها، أحيانًا، كلمسة رقيقة، كأنّه يداعب كلّ جزء منها. في تلك اللحظات، شعرت بأنّها تُعامل بحذر وكأنّها كنز ثمين.
“هل تخاف أن أموت؟”
“آنستنا الصغيرة كارين مرّت بالكثير من المخاطر التي كادت تقتلها.”
“إذًا، إذا…”
تردّدت شفتا كارين، تنفتحان وتنغلقان عدّة مرات.
“إذا خُنتُكَ؟”
مثل أكتوروس، أخرجت كارين أكبر مخاوفها.
لكنّها، لعدم رغبتها في كشف مشاعرها، ابتسمت وأخفت عواطفها خلف قناع تعبيرها.
“كيف ستخونينني؟”
سأل أكتوروس، كأنّه سمع سؤالًا مثيرًا للاهتمام.
بدا وكأنّه يعتبر هذا الحديث تأكيدًا على الحبّ بين العشّاق.
“قد أتركك وأقع في حبّ رجل آخر.”
“آه…”
نظر إليها بنظرة غاضبة، كأنّه رأى شيئًا مقزّزًا.
“وماذا ستشعر حينها؟”
“سأقتل ذلك الوغد.”
سألته عن شعوره، لكنّه أجاب بما سيفعله. كان ردّه خارج السياق قليلًا، لكن كارين ابتسمت دون تصحيح.
“وماذا لو كان خصمًا لا تستطيع قتله؟”
“سأبذل قصارى جهدي لقتله.”
“ألن تقتلني؟”
“أنتِ…”
تلاشى الابتسام المرح في عينيه، وهو ينظر إليها، كأنّه يتخيّل المشهد.
“…لا تفعلي.”
كان خياله واضحًا، فتلاشت ابتسامته تدريجيًا.
“أن تستيقظ من حلم سعيد قسرًا أسوأ من كابوس.”
الجحيم عند الاستيقاظ من حلم مثالي هو أنّ الواقع مؤلم.
كان هذا الوقت بالنسبة له حلمًا لا يريد أن يستيقظ منه.
“إذا تركتيني لرجل آخر، سأطلق النار عليه بهذا.”
أخرج أكتوروس مسدسًا من جيبه بنظرات حادّة، كأنّ الخصم أمامه.
“هذا مسدس قمت بتحسينه بنفسي. أصلحت قفل الأمان الضعيف. الارتداد قوي، لكنّه لا يشكّل مشكلة لشخص متمرّس.”
“مرعب، لن أستطيع مقابلة أيّ شخص آخر.”
“جيّد، التهديد نجح.”
مدّ أكتوروس الصندوق الذي كان يحمله.
“هذه هديّتكِ.”
كانت تعلم منذ اقترابه أنّ الصندوق هديّة لها.
لم تكن تهتم بالأشياء الماديّة، لكن إذا كانت تحمل مشاعر الطرف الآخر، فهي مرحّب بها.
ما الذي يمكن أن يكون داخل هذا الصندوق؟
الصندوق صغير ليكون ملابس أو أحذية ، و كبير ليكون قلادة أو خاتمًا.
فكّت كارين الشريط بحذر، واتسعت عيناها عند رؤية الشيء الصغير المرعب داخله.
“هذا…”
“مطابق لمسدسي.”
لوّح أكتوروس بمسدسه الفارغ و قال:
“عدّلت مسدسكِ ليكون الارتداد أقلّ. إنّه نفس الطراز ، لكنّه أصغر قليلًا، لذا سيكون من السهل حمله بيد واحدة في حالات الطوارئ.”
أمسكت كارين المسدس بتعبير غامض.
ربّما هي الوحيدة التي تتلقّى مسدسًا كهديّة عيد الميلاد من حبيبها.
لكن، هذا يناسب أكتوروس.
“احتفظي به دائمًا معكِ للاحتياط.”
يبدو أنّه لم يتعافَ بعد من صدمة اختطافها من قبل جوزيف مالون.
“سأفعل.”
الصدمات تُشفى ببطء مع الوقت، لا بالإجبار في وقت قصير. أومأت كارين برأسها لتطمئنه بدلًا من توبيخه.
“شكرًا من القلب.”
ثمّ رفعت المسدس بطريقة أنيقة، تمازحه.
“هديّة رائعة، ألن نطلق عليه اسمًا؟”
“لقد سمّيتُ مسدسي بالفعل.”
“… و ما اسمه؟”
كانت تمزح ، لكنّها سألت بحيرة.
من يسمّي مسدسًا؟ لكنّه أكتوروس.
كان من الطبيعيّ أن يسمّي مسدسه الذي يحمله دائمًا، فهدأت من ارتباكها.
راقب أكتوروس ردّها، ثمّ ابتسم وقال: “كارين.”
“…”
“هذا اسم مسدسي.”
شعرت بضغط خفيّ في إجابته.
“إذًا، سأسمّي مسدسي ‘أكتور’.”
“اسم رائع يليق بمسدس رائع.”
“لا يمكنني إيقافك ، حقًا …”
عانقها أكتوروس من الخلف ، ممسكًا يدها التي تحمل المسدس ، و وضع مسدسه بجانبه ، كأنّهما يصوّبان على هدف واحد.
“إذا حاول أحد استهدافكِ، اقتليه بهذا.”
“تصريح خطير جدًا…”
بسبب قبلات أكتوروس المتكرّرة على صدغها، لم تستطع كارين إكمال جملتها وضحكت.
كانت لحظة مثاليّة وجميلة.
***
ليلة بلا ثلوج.
ابتعد رجل عن شوارع المدينة المزيّنة ببهجة عيد الميلاد ، متّجهًا إلى زقاق ضيّق في الحيّ الأحمر، حيث تعيش نساء يبعن أجسادهن، ويزورهن رجال يدفعون مقابل ذلك.
“أين أنجيليكا؟”
دخل الرجل مبنى قديمًا متّسخًا، ورفض النساء اللواتي اقتربن منه، ذاكرًا اسمًا واحدًا.
فأعطوه مفتاحًا يحمل رقم غرفة.
“لوي، أنت قاصر. دائمًا تبحث عن أنجيليكا.”
“تعرفين أنّ أنجي تغار كثيرًا.”
هدّأ دافيد ، بنبرة خشنة ، النساء المحبطات بابتسامة ساحرة ، و أسرع بخطواته.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 65"