وضعت شفتيها المرتجفتين بحذرٍ على خدّه. كان شعور لمس بشرة شخصٍ آخر غريبًا. شعرت وكأنّها اقتربت أكثر.
في مسافة قريبة جدًّا حتّى كادَ جبينها و أنفه يتلامسان، نظرت كارين إلى عينيه الزرقاء الباردة، و أخرجت تعهدًا لنفسها.
“سأهديكَ أجمل حلم.”
حتّى لو أصبحَت النهاية كابوسًا لا يُنسى أبدًا.
أغمضت كارين عينيها و أنزلت رأسها.
“أمم …”
لو لم يمنع أكتوروس شفتيها، لكانتا قد التقتا.
“ألا تريد …؟”
عندما سألتْ كارين بخجل و خدّيها محمرّتين ، بدا أكتوروس محرجًا.
“هل هذا ما تشعرينَ به؟”
ألقى نظرةً سريعةً إلى الأسفل.
تبعت كارين نظرته، ثم احمرّ وجهها وضربت كتفه بقبضتها.
“ما هذا …!”
لكنّها لم تستطع إكمالَ جملتها. أدركت أنّه من السّخيف أن تشعر بالحرج الآن بعد أن بدأت القبلة بنفسها.
“لا أريد أن أكونَ الوغد الذي يهجم على مريضة”
على الرّغم من أنّه حاولَ أن يتحدّث بمرح و كأنّه متماسك ، كانَ من الواضحِ من فكّه المشدود أكثر من المعتاد أنّه يكافح لجمع ما تبقّى من صبره.
“أنا…”
لم تتراجع كارين.
“أريد رجلًا وغدًا كهذا”
تحرّكت تفاحة آدم في حلق أكتوروس. لم تترك كارين له فرصةً ليجمع صبره مرّة أخرى. أمسكت يده و وضعتها على قلبها.
“إذا لم تفعل شيئًا الآن …”
تمنّت أن يشعرَ بدقّات قلبها القويّة.
“أشعر أنّني لن أتمكّن من النّوم بسببك”
لذا، افعل شيئًا.
لم تقل هذه الكلمات لأنّها لا تعرف الخجل.
كانت قادرة على قولها لأنّها تريده بشدّة رغم الخجل.
في النّهاية، كانت الهزيمة من نصيب أكتوروس.
امرأة كانت تبدو بعيدة المنال جعلته يرغب في التمسّك بها، و الآن، في هذه اللحظة، كانت تخبره بنبض قلبها الحيّ و تتمسّك به.
لقد شلّت تفكيره العقلانيّ بأنّه لا ينبغي فعل هذا مع مريضة.
نظرَ أكتوروس إلى عيني كارين، اللتين بدتا كأنّهما مطعّمتان بالذهب، ثم أمسكَ برقبتها البيضاء و سحبها نحوه.
كارين مريضة. لا ينبغي فعلُ هذا.
لكنّ التفكير العقلانيّ يمكن أن يذهب إلى الجحيم.
كارين تريد هذا.
لذا، يجب أن يكون وغدًا بشكلٍ خاصّ.
تشاركا أنفاسهما عبر الشفتين المتلاصقتين.
“آه…!”
حتّى عندما استلقَت كارين على السرير و خلع أكتوروس ملابس النوم، لم ترغب في الانفصال عنه و لو للحظة.
شعرت بلمسات الرجل الناعمة التي تتجنّب مكان الإصابة، و فكّرت كارين.
كانَ حبّنا الأوّل في الطفولة قصيرًا جدًّا. لأنّنا كنّا صغارًا.
يمكن نسيانه.
لكن الآن، بعد أن التقينا مجدّدًا، أردتُ أن أصبح كيانًا يتغلغل فيه تمامًا بحيثُ لا يستطيع نسيانه.
كانت الأجساد الملتهبة المتلاصقة تعطي شعورًا وكأنّهما أصبحا واحدًا. شعرت و كأنّ جسدها يذوب. كما تمنّت ، لتتغلغل فيه.
لكن كارين أدركت قريبًا.
لم تكن هي من تتغلغل في جسد و روح الآخر لتصبح لا تُنسى.
كان أكتوروس هو من تسلّل إلى قلبها.
لن يُمحى أبدًا.
*****
كانَ الطعام الذي ادّخرته من أجل لقاء أخيها.
لكن كلّما ادّخرته ، كانَ أكتوروس يظهر فجأة ويأخذه.
كانَ السبب بسيطًا.
قال إنّه يجب تقاسم الطعام مع من هم جائعون الآن ، حتّى لو كان من حصّة شخص أقلّ جوعًا.
بالنسبة إلى كارين، كان هذا السّبب غير مقنع.
إذا كان هناك من يأكل حصّته المخصّصة في وقتها ليسدّ جوعه ، فلماذا يُسلب من شخص مثلها تتحمّل الجوع ليحتفظ بالطعام؟!
إذا كان الطعام سيُسلب على أيّ حال، فلا معنى لادّخاره.
منذُ ذلك الحين، بدأت كارين تأكل حصّتها المخصّصة دون أنْ تترك شيئًا.
“كارين، يبدو أنّكِ أصبحتِ تأكلين جيّدًا مؤخرًا، لقد اكتسبتِ بعض الوزن وتبدين أفضل”
لم يعد هناك من يتحدّث إلى كارين، التي كانت صامتة و منغلقة في عالمها الخاصّ. باستثناء شخص واحد.
كانَ معظم الأسرى من الفتيات والفتيان الصغار، لكن نادرًا ما كان هناك بالغون. كانت السيدة بورن ، امرأة في منتصف العمر، واحدة منهم.
“يبدو أنّ دوق كلوين يهتمّ بكِ كثيرًا، إنّه شخص ممتنٌّ له.”
على الرّغم من أنّ الألقاب لا تهمّ في الجيش، كان الناس ينادونه “الدوق” بدلًا من “الرقيب”.
اعتقدت كارين أنّ أكتوروس بالتأكيد شخص متعجرف و مغرور.
وعلاوة على ذلك، لم يكن أكتوروس كلوين، كما تعتقد السيدة بورن، يهتمّ بها. لم يكونا حتّى في علاقة تسمح بذلك.
لم تجب كارين ، لكن السيدة بورن ابتسمت كما لو أنّها تعرف كلّ شيء و طبطبت على كتفها.
“النجوم في سماء الليل جميلة، إذا كان عقلكِ مضطربًا، اذهبي و انظري إلى النجوم.”
كانَ الجوّ باردًا، ولم تكن كارين ترغب حقًّا في الخروج من المخيّم لمشاهدة النجوم. لكن، كما قالت السيدة بورن ، كانَ عقلها مضطربًا بالفعل.
وعلاوة على ذلك، في المخيّم الضيّق حيث ينام العديد من الأشخاص معًا، كانت تشعر بالتوتر وعدم الراحة.
نهضت كارين بهدوءٍ من على قطعة البطانيّة التي كانت تجلس عليها و خرجت من المخيّم. شعرت بالضيق من تعبير السيدة بورن التي كانت تنظر إليها وتبتسم.
على عكس الواقع الجهنّميّ اليوميّ ، كانت سماء الليل رائعة الجمال.
لم تتمكّن من الاستمتاع بهذه السماء بسبب الحرب فقط.
كانت تلك ليلة استعادت فيها بعض الرّاحة بعد سماع أخبار انسحاب جيش كوستيا.
‘لوي …’
فكّرت كارين في لوي، الذي لا يزال محتجزًا لدى جيش كوستيا.
لم تكن تعرف إن كان أخوها بخير …
‘لا، إنّه بالتأكيد على قيد الحياة.’
آمنت كارين بقوّة أنّ أخاها على قيد الحياة.
كان هذا الإيمان هو الوحيد الذي يمكّنها من الصمود الآن.
لم تكن تعرف لماذا كان العدو يأسر الأطفال، لكن مهما كانَ السبب، لم تكن تريد أن تُساق إليهم.
حتّى لو نجت، فإنّ حياتها في قبضتهم لن تكون مختلفة كثيرًا.
كانت محظوظة لأنّها أُنقِذَت ، لكن لوي …
بينما كانت كارين غارقة في القلق بشأن أخيها ، سمعت صوتًا غريبًا.
تشيك ، تشييك─
التفتت كارين بسرعة. رأتْ وميضًا صغيرًا خلف المخيّم.
تجمّدت كارين للحظة، ثم ركضتْ نحوَ مصدر الوميض.
‘إذا كان العدو قد أشعلَ نارًا في المخيّم، يجب أن أوقظ الناس بسرعة!’
لكن عندما وصلت كارين، اكتشفت أن مصدر الوميض كان تافهًا لدرجة تجعل قلقها مضحكًا.
“آه…”
“…..”
كانَ فتى قد أشعل للتوّ سيجارة بواسطة ولاعة، وتقابلت عيناه الخاليتان من التعبير مع عيني كارين التي ركضت نحوه بسرعة.
كانَ تعبيره مزعجًا لدرجة أنّه خالٍ من التغيير.
بينما هي تفاجأت و ركضت نحوه …
“سيجارة…”
أشارت كارين بإصبعها إلى الفتى ، أو بالأحرى إلى السيجارة في فمه.
“لا يُسمح بالتدخين.”
عند هذه الكلمات، ارتفعت زاوية فمه التي تمسك السيجارة بابتسامة ساخرة، كما لو أنّه سمع شيئًا مضحكًا.
شعرت كارين بغضبٍ أكبر بسبب موقفه الذي بدا وكأنّه يسخر منها.
“أطفئ السيجارة. أنتَ لستَ في سنّ يسمح لكَ بالتّدخين بعد.”
أمسكَ السيجارة من فمه، و نظر إليها مباشرة، ثم نفث الدخان عمدًا.
كانَ تصرّفًا غير لائق جدًّا بالنسبة إلى ابن عائلة دوقيّة نبيلة.
شخص بغيض حقًّا.
عضّت كارين على أسنانها و نظرت إليه بحدّة. لكنّ إجابته المتأخّرة جعلتها تفقد الكلام.
“يُسمح بقتل الناس ، لكن التدخين ممنوع؟”
كانَ لا يزال صبيًّا صغيرًا عندما قتل الناس و عندما دخّن.
لم يوبّخه أحد على قتل الناس باسم الوطن ، لكن التدخين بدا مضحكًا بالنسبة إليه.
لم تجد كارين ما تقوله.
لكن الآن، كانَ مِن المحرج أن تغادر دون كلام، وكان من الغريب أن تبدأ محادثة وديّة فجأة.
في النهاية ، وقفتْ بجانبه بتردّد حتّى أنهى أكتوروس سيجارته. بعد قليل ، سحق عقب السيجارة بحذائه العسكريّ و مرّ بجانبها بلا مبالاة.
توقّف فجأة كما لو أنّه لاحظ شيئًا.
“لقد اكتسبتِ بعض الوزن.”
لم يكن يمزح.
كانَ من الواضح للجميع أنّ كارين لا تزال نحيفة جدًّا.
“استمرّي في الأكل هكذا.”
“ليس من حقّكَ قول هذا بعد أن سرقتَ معلباتي.”
“من يدري؟ إذا أكلتِ جيّدًا، قد أعيدها لكِ إذا شعرتُ بالرضا”
آه، هذا الكلام كان بالتأكيد مزاحًا.
كان وجهه المرح يقول إنّه يسخر منها.
“أنت …!”
لم تستطع كارين قول شيء قاسٍ لجنديّ من بلادها و نبيل ، فاكتفت بالنظرات الحادّة و التذمّر. لكن أكتوروس ، الذي أغضبها ، مرّ بجانبها دون اكتراث.
كانت كارين هي من لم تستطع إشاحة نظرها عن ظهره البارد. بينما كانَ أكتيورس بعيدًا يتحدّث مع الجنود في الحراسة، كان وجهه خاليًا من التعبير، على عكس عندما تحدّث معها.
كانَ من الصعب إشاحة النظر عن هذا الوجه ، ربّما لأنّه أثار غضبها و إحباطها.
حتّى اختفى أكتوروس من أمام عينيها ، ظلّت كارين تتبع نظراتها لأكتوروس ، الذي أثارَ أعصابها بِشدّة.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات