عندما رأى الرائد سكايبر و زوجته كارين على الكرسيّ المتحرّك، بدت تعابيرهما أكثر سوءًا.
“كان أكتوروس يمنعنا من زيارتكِ حتّى تتعافي، فكنتُ أعتقد أنّه مُفرط في الحماية، لكن … يبدو أنّ جرح الرّصاصة لا يشفى بسهولة.”
“عزيزي، انظر إلى جسم الآنسة كارين. إنّها نحيفة هكذا، فكيف ستتعافى بسرعة؟”
في نظرهما، بدت كارين وكأنّها لا تستطيع المشي. في الحقيقة، كانت تمشي جيّدًا، لكنّها اضطرّت لاستخدام الكرسيّ بسبب أكتوروس …
“سأدفع الكرسيّ بنفسي.”
تسلّمَ أكتوروس الكرسيّ من لينا و دفعه بنفسه.
“لنذهب إلى الحديقة لتتعرّضي للشمس قليلاً. لقد جلب الرائد و زوجته هديّة زيارة قد تُعجبكِ.”
مع استمرارهما في العيش معًا في نفس المنزل ، حدثت تغيّرات كثيرة بين كارين و أكتوروس.
بدأ أكتوروس يعامل كارين كحبيبةٍ حقيقيّة، أو كصديقةٍ مقرّبة.
“يبدو أنّكَ تتعامل معي براحةٍ كبيرة في قلبكَ ، فلا داعي للتصرّف بأدبٍ ناقص.”
عندما قالت كارين ذلك مازحةً بنصف جديّة ، اغتنم أكتوروس الفرصة و تخلّى عن الرسميّات تمامًا.
“لماذا؟ حبيبتي كانت تُناديني باسمي أحيانًا. توقّفي عن قول ‘سيدي الدوق’ و ناديني باسمي”
على الرّغم من أنّه قال إنّ بإمكانها مناداته باسمه بسهولة بعد أن نادته باسمه دون وعي في موقفٍ حرج ، رفضت كارين.
“هناك فارق في المكانة ، لا يمكنني ذلك”
حاولَ أكتوروس طرح الأمر مازحًا ، لكنّ رفض كارين الحازم جعله يُظهر تعبيرًا غريبًا.
بدا مندهشًا حقًا، كما لو أنّه لم يتوقّع أن تفكّر في فارق المكانة.
لكنّ كارين لم ترفض بسبب فارق المكانة حقًا.
مناداته باسمه تعني علاقةً أكثرَ حميميّة.
كانت كارين تخشى أن تناديه باسمه فتعطيه قلبها بالكامل.
عندما خرجت إلى الحديقة، أضاءت الشمس وجه كارين.
كانت شمسًا مشرقة بالنسبة لأوائل الشتاء.
شعرتْ أنّ النسيم البارد مع الشمس الساطعة أكثر دفئًا من البقاء أمام المدفأة التي لا تنطفئ.
أغمضت كارين عينيها للحظة لتشعر بهذا الدفء. لكن سرعان ما سمعت بوضوح صوت أقدامٍ تتحرّك بسرعة على العشب الجاف المشذّب وأصوات أنفاسٍ متسارعة.
فتحت كارين عينيها ببطء.
رأت ستّة كلابٍ تركض بحماسٍ كما لو أنّها لا تشعر بالبرد.
لاحظَ الرائد سكايبر عيني كارين المتسعتين أوّلاً، فضحك و قال ، “طلبَ منّي دوق كلوين أن آتي بهذه الكلاب الستّة لتُربّى ككلاب حراسة.”
“…..”
“آه، بالطبع، كلاب حراسة للآنسة كارين.”
أدارت كارين رأسها لتنظر إلى أكتوروس الذي يدفع كرسيّها.
عبسَ و كأنّه غاضب. بدا مخيفًا و قاسيًا للوهلة الأولى ، لكنّ كارين أدركت أنّه يحاول ، بطريقةٍ خرقاء ، إخفاء إحراجه.
“لا داعي لتدريب الكلاب من أجلي.”
“ليس من أجلكِ.”
قال أكتوروس بحزم.
“سأستخدمها ككلاب صيد، فلا تقلقي عبثًا.”
من الخلف، ابتسم الرائد سكايبر بسخرية وقال: “لا تحبّ الصيد ، فما الذي تتحدّث عنه؟” ، مما جعل تجاعيد جبين أكتوروس تتعمّق.
لو تصرّفَ كعادته المرحة أحيانًا، لظنّت كارين أنّ الأمر مجرّد شعور بالذّنب أو اهتمامٍ عابر. لكن من تصرّفه المختلف عن المعتاد، أدركتْ كارين أنّه فكّرَ بجديّة و قرّر من أجلها.
نظرت كارين إليه بعينين صفراوين تبدوان أكثر شفافيّة تحت ضوء الشمس ، لكنّ أكتوروس ، لسببٍ ما ، تجنّب النظر إليها، على الرغم من أنّه بالتأكيد شعر بنظرتها.
في تلكَ اللحظة، اصطدم كلبٌ صغير بقدم كارين على الكرسيّ بعد أن ركض نحوه.
بما أنّه كلبٌ كبير الحجم ، كان ثقيلًا جدًا على الرغم من أنّه لا يزال صغيرًا.
عندما اصطدم الكلب الأوّل بكارين ، جلست الكلاب الأخرى أمام الكرسيّ ، بعضها يخدش أذنيه بأرجلها الخلفيّة القصيرة ، و بعضها يقفز أو ينبطح على الأرض.
لم تستطع كارين رفع عينيها عن الجراء التي كبرت كثيرًا منذ آخر مرّة رأتهم فيها.
رفعَ أكتوروس أحد الجراء الستّة ، الذي كان يعضّ طرف حذاء كارين كما لو كان لعبة ، و وضعه على حضنها.
“إنّه في مرحلة التسنين ، فكوني حذرة.”
تحدّث أكتوروس بصوتٍ هادئ كأبٍ قلقٍ بشكلٍ مفرط. لكن لم يكن بإمكانها اعتبار قلقه مبالغًا فيه ، لأنّ الجرو كانَ يحاول عضّ يدها كلّما حاولت مداعبته.
“اكك …”
دفعت ماري رأس الجرو بقوّةٍ معتدلة.
نظر الجرو إليها بحذر و أخرج لسانه.
“لا يجب أن تمدّي يدكِ هكذا ، آنسة كارين. يجب أن تعلّميه أنّ عضّ اليد يؤلم الإنسان.”
“لم أمدّ يدي …”
كانت فقط تريد مداعبته.
لم تتوقّع أن يقترب الجرو بأسنانه بدلاً من رأسه.
يبدو أنّها بدت ساذجة جدًا في نظر السيدة ماري.
“لقد اختار زوجي أسماءهم. هذا الجرو الذي في حضنكِ اسمه ماكس ، و ذاك الذي لديه أذنٌ واحدة مطويّة هو …”
استمعت كارين إلى شرح ماري و حاولت تذكّر أسماء الجراء و مظهرهم بعناية. بينما كانتْ كارين متألّقة بعينين لامعتين ، كانَ أكتوروس يركّز عليها.
على الرّغم من جمالها اللّافت الذي يجذب الأنظار ، كانتْ كارين تتمتّع بجوٍ باهت و غير واضح ، كلوحةٍ زيتيّة. كما لو كانت سرابًا سيختفي.
لكن عندما تُظهر تعبيرًا مليئًا بالحيويّة ، كانَ ذلك يُشعره بأنّها ليست وهمًا، بل حقيقيّة في هذا العالم، و هذا ما أحبّه.
“من سيدرّب هذه الجراء بنفسه هو … دوق كلوين ، بالطبع”
نقلت ماري نظرتها من كارين إلى أكتوروس و قالت إنّها ستعلّمه كيفيّة التعامل معهم. ثم أمسكت بجروٍ يركض في الفناء وبدأت تشرح شيئًا لأكتوروس.
بشكلٍ طبيعيّ، بقيَ الرائد سكايبر إلى جانب كارين.
“هذه أوّل مرّة نتحدّث فيها بمفردنا”
تحدّث الرائد إليها بأدبٍ و وِدّ ، رغم شعوره ببعض الحرج.
“سمعتُ من أكتوروس أنّكِ حاولتِ إنقاذ تلك الكلاب.”
“لكنّني لم أستطع إنقاذ هابي. و …”
“أعلم. حاولتِ استخدام الكلاب العسكريّة الأخرى للهروب”
كانَ الرّائد على علم بأنّهما استغلا الكلاب العسكريّة التي يُحبّها هو و زوجته ، لأنّ أكتوروس قدّمَ تقريرًا مفصّلاً للجيش.
و مع ذلك ، لم يلُم الرائد أحدًا.
“كنتُ أُحبّ تلكَ الكلاب ، لكن لا يمكنني لومكِ أو أكتوروس. أعلمُ أنّ ذلك كانَ الخيار الوحيد آنذاك”
“أنا آسفة …”
“إذا شعرتِ بالأسف هكذا ، سيُلومني أكتوروس. لذا لا تهتمّي. على العكس ، نحن ممتنون لأنّكما بخير. و نشكركِ لمحاولتكِ إنقاذ الجراء.”
ابتسمَ الرائد بحزنٍ وهو يتذكّر الكلاب التي ماتت، ثم أضاف.
“بالمناسبة، ليست الجراء فقط ما أنا ممتنّ له تجاهكِ، آنسة كارين.”
ابتسم الرائد سكايبر لكارين.
“لقد جئتِ بالربيع إليه.”
“الربيع؟”
كانت كلمة لا تتناسب مع السماء الشتويّة التي بدأت للتو.
“إذا تحدّثنا بالمواسم ، ألا يبدو هو كشتاءٍ جافّ؟”
“أنا لستُ أفضل حالًا.”
شبّه الرائد كارين بالربيع ، لكنّها كانت تعلم أنّها أقرب إلى شتاءٍ قارسٍ و جافّ أكثر من أكتوروس.
في رأي كارين ، كانَ أكتوروس هو الأقرب إلى الربيع.
على الرّغم من مظهره البارد و القاسي ، كانَ أكثر دفئًا من أيّ شخصٍ آخر تجاه من يفتح لهم قلبه.
“حسنًا، المواسم مجرّد تشبيه …”
نظرَ الرائد إلى أكتوروس ، الذي كان يستمع إلى شرح ماري عن خصائص الكلاب ، و واصل ببطء.
“لم أكن أعتقد أنّ أكتوروس سيعود ليحبّ أحدًا بصدقٍ مجدّدًا. لقد تأذّى كثيرًا من حبّه الأوّل.”
عند ذِكر ‘حبّ أكتوروس الأوّل’، انتفضت كارين وهي جالسة على الكرسيّ المتحرّك. لم يلاحظ الرائد ردّ فعلها غير العاديّ لأنّه كانَ ينظر إلى المشهد أمامه.
“ما زلتُ أتذكّر بوضوح شكله عندما كانَ شابًا مشاركًا للتو في الحرب. مع مرور الوقت ، أصبح يُشاد به كقنّاصٍ بارع قتل العديد من الأعداء. الناس يعرفون فقط الجانب البطوليّ المثاليّ من أكتوروس، لكنّني أتذكّره كمراهقٍ غير مستقرّ قضى فترة مراهقته في الجيش. ثمّ وقع في حبّ فتاةٍ أسيرة في مثل عمره أنقذها …”
“هل رأيتَ تلك الفتاة ، سيدي الرائد؟”
دون أن تدري، خدشت كارين مسند الكرسيّ بأظافرها بنزق.
“رأيتها من بعيد ، لكن لا أتذكّر سوى أنّها كانت شقراء مثلكِ ، آنسة كارين”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات