“لقد تَعرّضتُ للاختطاف من المستشفى، فمن الطبيعيّ أن يكون قلقًا.”
“أحد الخاطفين سُحب مباشرة إلى السجن، والآخر ينتظر المحاكمة.”
“هو يعتبرني منقذته، و يشعر بالأسف أيضًا …”
فجأة، شعرَ دافيد بالفضول.
إنّ إنكارها المُستميت يعني بالتأكيد وجود اضطراب عاطفيّ داخلها، لكن ما هي المشاعر التي تشعر بها بالضبط؟
بما أنّ الخطّة تسير بنجاح، كانَ يجب أن تشعر كارين بالارتياح، فلماذا تُنكر مشاعر أكتوروس؟
“حتّى عندما حذّرتُه بشدّة كأخٍ لكِ ، أصرّ على إحضاركِ إلى منزله، بل و وضعكِ في غرفةٍ بجوار غرفته.”
نظر دافيد إلى كارين بعينين متلألئتين وتعبيرٍ مُزعج.
“لقد نجحت خطّتنا، أليس كذلك؟”
من خلال استمرار العلاقة الوهميّة، تمكّنت كارين من كسب ثقته تدريجيًا، حتّى أصيبت برصاصةٍ نيابةً عنه، ممّا جعله يثق بها تمامًا. لكن بسبب شعوره بالذنب، أعلن إنهاء العقد و ابتعد عنها، لتُختطف كارين خلال غيابه …
أدركَ أكتوروس حبّه لكارين مع قلقه عليها.
تحرّكت مشاعره وفقًا للسيناريو المُحكم تمامًا، فلم يكن مستغربًا أن يسخر دافيد من الموقف.
الأسلحة المصنوعة بالتكنولوجيا، والاستراتيجيات العقلانيّة، كلّ ذلك لا يُضاهي قوّة الحبّ الرومانسيّ في إخضاع شخصٍ ما بسهولة.
“مهما كان السيناريو مثاليًا، لم يكن لينجح لولاكِ.”
“…..”
“حتّى لو لم يتذكّركِ، يبدو أنّ ذوقه لا يتغيّر.”
في ذلك الوقت، و الآن، يبدو أنّه مغرمٌ بكِ تمامًا.
فهمتْ كارين كلامه الضمنيّ، فاصفرّ وجهها.
“أكتوروس لا يحبّني.”
“لماذا تُنكرين؟ يجب أن تفرحي.”
“لأنّ …”
“ممّ تخافين؟”
راقبَ دافيد بعناية انهيار تعبير كارين البارد تدريجيًا ، و كأنّه يريد حقًا معرفة ما يدور في ذهنها.
“هل تخافين من خيانة رجلٍ وقع في حبّكِ مرّتين؟”
“لا تحاول لعب لعبة المراقبة معي. أنا لست تسليتك”
عندما خرجتْ كلماتٌ حادّة من فم كارين أخيرًا، بدا دافيد راضيًا، فضحك بهدوء و رفع يديه وتراجع إلى الخلف.
“حسنًا، حسنًا.”
أصبحَ تعبير كارين أكثر حدّة.
كيف يمكن أن يرضى فقط بعد أن يستفزّ مشاعرها الخام؟ لكن بدلاً من أن يخاف ، بدا دافيد مستمتعًا أكثر.
“دافيد ماير، أنا حقًا…”
على الرّغم من علمها أنّه سيجد هذا الكلام ممتعًا، لم تستطع كارين إلا أن تقوله.
“أكرهك.”
كما كانَ متوقّعًا، ارتفعت ضحكة دافيد أكثر. شعرت كارين بألم في الجلد داخل فمها وهي تعضّه مجدّدًا، تاركة طعم الدم الخفيف في فمها.
****
كانَ ضوء الشّمس ترفًا بالنسبة للمذنبين.
خاصةً أولئك الذين ارتكبوا جرائم فظيعة لدرجة أن يُسجنوا في سجن ألترا.
صرير …
عندما دخل من الباب الحديديّ الثقيل الذي فتحه الحارس، رأى جوزيف مالون في زنزانةٍ منفردة.
كانَ قد أصبح في حالةٍ يُرثى لها بسبب التّعذيب على يد الرائد سكايبر. نهضَ الرائد من كرسيّه وربّت على كتف أكتوروس، الذي بدا أكثرَ برودةً من المعتاد.
“أنا مدينٌ للآنسة كارين، وبما أنّك طلبتَ ذلك، تولّيتُ هذا الرجل مؤقّتًا، لكن…”
لم يكن جاسوسًا، ولا من رتبته أن يتولّى تعذيب سجينٍ عاديّ. ومع ذلك، كانَ تعامله المباشر مع جوزيف مالون نوعًا من الاحترام لكارين التي حاولت إنقاذ الكلاب الصغيرة ، و وفاءً لأكتوروس.
كانَ جوزيف مالون قد اعترف بكلّ شيء بالفعل.
كانَ هذا التّعذيب فقط لإلحاق الألم به.
“لكن …”
تردّد الرائد سكايبر في مواصلة الحديث. لقد عذّبه بما فيه الكفاية، لكن من تعبير أكتوروس، بدا أنّ …
هذا الرّجل سيعاني أكثر قبلَ أنْ يموت.
تردّد الرائد للحظةٍ في منعه، لكنّه قرّر التوقّف.
لو حدثَ شيءٌ مشابه لزوجته، لما بقيَ ساكنًا هو أيضًا.
“شكرًا لك. سأزورك لاحقًا لتحيّتك بشكلٍ لائق”
بينما كانَ يحمل غضبًا عميقًا يبدو و كأنّه سينفجر في أيّ لحظة، حافظَ أكتوروس على مظهرٍ مهذّب، ففكر الرائد أنّ هذا يليق به حقًا، و أجابَ بابتسامة.
“سأزور الآنسة كارين قريبًا مع زوجتي.”
نظر الرائد إلى جوزيف مالون، الذي كان يعذّبه، للمرّة الأخيرة.
“يقال أنّه يجب أن نكره الذّنب ، لا الإنسان …”
نظر جوزيف مالون، الغارق في خوفٍ عميق بسبب التعذيب الطويل، إليهما بصعوبة. نقر الرائد بلسانه وأضاف كلماته الأخيرة.
“لكن يجب أن يكون هناك حدٌّ حتّى للرحمة.”
كانت هذه كلماته الأخيرة لجوزيف مالون.
وكانت أيضًا نبوءة بأنّه سيموت اليوم.
عندما خرج الرائد سكايبر ، بقيَ أكتوروس و جوزيف مالون وحدهما في الزنزانة.
نظرت عينان زرقاوان باردتان كالرماد إلى جوزيف مالون كالسكّين.
“آه… آه…”
تبلّل سروال جوزيف مالون.
لم يرفّ جفن أكتوروس وهو يرى ذلك، واقترب منه ببطء.
لم تمرّ لحظات حتّى تردّدت صرخات جوزيف مالون، لكن لم يقترب أحد من زنزانته.
****
كانت السّاعة قد تجاوزت منتصف الليل.
في القصر، كانَ الجميع نائمين باستثناء الخادم الشخصيّ وخادمتين ينتظران عودة سيّدهم.
لم يكن أكتوروس، الذي غالبًا ما يمضي الليل في الشركة، يُحبّ أن يظلّ جميع الخدم مستيقظين بانتظاره. بفضل ذلك ، كان بإمكان الخدم النوم براحة بعد منتصف الليل.
عادَ أكتوروس، الذي قاد السيارة بنفسه دون سائق، إلى القصر حاملًا نسيمًا باردًا.
“مرحبًا بك، سيدي.”
عندما اقتربت الخادمة لأخذ معطفه، أشار أكتوروس بيده لمنعها و وضع إصبعه على شفتيه.
يبدو أنّه قلقٌ من أن يوقظ شخصًا في الطابق العلوي.
“لا تُحدثي ضجيجًا.”
“صوت المحادثة في الطابق السفلي لن يصل إلى الأعلى، سيدي الدوق.”
“أعلم. لكن…”
تذكّر أكتوروس آخر مرّة رأى فيها كارين.
صورتها وهي نائمة بلا وعي …
“أريدُ أن أكون حذرًا.”
بينما كان يصعد الدرج، طرح السؤال الذي أرادَ طرحه أوّلاً.
“كيفَ حال كارين؟”
“تحدّثتْ قليلًا مع أخيها الأصغر ، ثمّ ذهبت إلى النوم مبكرًا. كانت تعاني من الحمّى، فنامت كثيرًا خلال النهار أيضًا”
لم يكن الخادم الشخصيّ هو من أجاب، بل الخادمة لينا.
“نحرص على إبقاء النّار مشتعلة في المدفأة حتّى لا ترتفع حرارتها.”
هذه المرّة، أجابَ الخادم الشخصيّ.
بينما كانَ أكتوروس يمرّ بممر الطابق الثاني و اقترب من غرفة كارين ، رفع يده ليوقف الخدم الذين يتبعونه. ثم اقترب من الباب بخطواتٍ هادئة و أدار المقبض بحذر.
تسلّلَ ضوءٌ خافت إلى الغرفة، مضيئًا كارين وهي مستلقية على السرير.
تردّد أكتوروس للحظة، لكنّه دخل الغرفة أخيرًا.
لكن ما أغفله، على الرغم من حذره، هو أنّ كارين، التي كانت نائمة تقريبًا طوال اليوم باستثناء محادثاتها مع لوي أو لينا ، لم تكن في نومٍ عميق الآن.
كانت كارين نصف واعية، تُصغي إلى صوت خطوات الاقتراب. ربّما لأنّها لم تترك السرير الدافئ والمريح، شعرت بأنّ الهواء البارد الذي أحضره أكتوروس من الخارج كانَ منعشًا.
لكن الإحساس البارد الذي لامس جبهتها لم يُعجبها.
لقد لمسَ أكتوروس جبهتها بيده المغطّاة بقفّازٍ جلديّ ، ثم سحبَ يده بسرعة كما لو أنّه فوجئ بنفسه. سُمع صوت خلع القفّاز، ثم عادت يده لتلمس جبهتها مجدّدًا.
بعد أن قاسَ حرارتها لفترة، أصدر أكتوروس صوت نقرةٍ خفيفة بلسانه و سحب يده.
كانت يده أو القفّاز باردين على حدٍّ سواء … شعرت كارين بالأسف و هي تشعر بابتعاد يده.
هذا الأسف جعلها تفتح عينيها.
“……”
“…..”
ظنّ أكتوروس أنّ كارين نائمة بعمق ، فلم يتوقّع أن يلتقي بنظرتها الذهبيّة ، فأسقط القفّاز الذي كان يحمله بفمه.
كانَ لا يزال في وضعيّةٍ محرجة ، مادًّا يده كما لو كان ينوي قياس حرارتها مجدّدًا.
ضحكت كارين قليلاً على هيئته غير المعتادة.
ثم قالتْ شيئًا لم تكن لتقوله لو كان الوقت نهارًا، أو لو كان عقلها أقلّ تشوّشًا.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات