حتّى وهو مقيد من قبل الشرطة، لم يدر رأسه، و استمرّ في التّحديق بكارين، حتى التقى بعيني أكتوروس للحظة عابرة.
“……”
شعرَ جوزيف مالون بقشعريرة تمرّ من قدميه إلى كاملِ جسده.
كانت لحظةً خاطفة. كانَ أكتوروس يركض بسرعة و هو يحملُ كارين.
لكن في تلكَ النّظرة العابرة …
كانت هناك نيّة قتل عميقة لم يرها من قبل في حياته.
*****
تمّت خياطة جرح كارين مرّة أخرى في مستشفى قريب ، ثم نُقلت إلى قصر الدّوق كلوين.
لم تُنقل إلى غرفة عادية أو إلى القصر الذي أُعيد إليها باسمها، بل إلى قصر الدوق كلوين مباشرة، و هو أمر له دلالات كبيرة في نظر العامة.
بالطبع، كانَ لهذا الفعل معنى كبير بالنسبة لأكتوروس شخصيًا أيضًا.
“لستَ حتّى خطيبًا وعدها بالزواج، و مع ذلك تريد إبقاء أختي في منزلك؟”
لم تكن العمليّة سلسة تمامًا.
كان لوي شانير ، الأخ الوحيد لكارين ، يعارض بشدة.
“قد لا يؤثر ذلك على الدوق، لكن بالنسبة لأختي، الأمر مختلف. النّاس يتحدثون عنها بالفعل لأنها حبيبتك. فماذا سيقولون إذا عاشتْ في قصرك؟”
كانت هذه مخاوف مشروعة من وجهة نظر عائلية.
رد أكتوروس: “إنه قرار لحماية كارين”
لم يتراجع لوي شانير بسهولةٍ أمام قصر أكتوروس ، حيث جيء بكارين دون موافقة عائلتها. من وجهة نظره ، كان يحمي سمعة أخته.
لكن أكتوروس لم يثق بلوي. في غيابه ليوم واحد فقط ، اختُطفت كارين.
في الوقت الذي تركَ فيه مسؤولية الحماية لـلوي شانير ، الذي تخلّى عن مكانه.
“أليس جوزيف مالون في السجن الآن؟ و ابنة الكونت بالتبني، المتآمرة، تنتظر العقاب أيضًا!”
“لنقل إنه للوقاية من أيّ خطرٍ محتمل.”
لم يكن لوي هو الوحيد الذي لا يثق به.
لم يثق أكتوروس بإدارة المستشفى أيضًا.
في مستشفى تديره مؤسّسة عائلة الدوق كلوين ، حيث يوجد طاقم طبي تم تدريبه برعاية العائلة ، اختُطفت مريضة دون أن يلاحظَ أحد.
كانوا غير مؤهّلين.
سيقوم طاقم طبيّ متواجد على مدار الساعة في قصر الدوق برعايتها مباشرة.
“سيُسمح للوي، كفرد من عائلة حبيبتي، بدخول القصر في أيّ وقت.”
“ليست هذه هي المشكلة!”
في زاوية من عقله، كان أكتوروس يعلم.
إنّ مسؤولية حماية كارين تعود لأخيها أكثر منه.
لذا، إذا لم يرغب شقيقها، فإن أكتوروس، الذي ليس سوى حبيب بعقد، ليس لديه الحق في إبقاء كارين في منزله.
لكن لا يهم.
العائلة، العلاقة، الإجراءات العادية … فلتذهب كلها إلى الجحيم.
لا يريد أن يعيش في قلقٍ دائم من فقدانها مرة أخرى.
لا يريد أن يعيش مكبلًا بالخوف.
لم يمكنُ مجرّد شعور بالذنب تجاه شخص تضرر بسببه ، أو امتنان تجاه منقذ.
كانَ أكتوروس خائفًا.
خائف من فقدانِ كارين.
قلق من أن تُصاب بأيّ خدش صغير، و مستهلك بالخوف من أن تختفي إذا لم تكن بجانبه.
كانت مشاعر غير عاديّة بالتأكيد.
إذا كانَ صادقًا مع نفسه، لم يكن يريد الاعتراف بذلك.
لم يكن يريد أن يشعر مرّة أخرى بهذه المشاعر الطفولية التي تشل العقل.
لكن بدلاً من إنكارها بغباء و مواجهة كابوس آخر كهذا، كانَ من الأفضل الاعتراف بهذه المشاعر غير العقلانية بكل سرور.
“يا دوق …!”
أمسك لوي بكمّ أكتوروس و هو يحاول تجاوزه.
ألقى أكتوروس نظرةً عابرة غير مبالية على كمه، ثم حدق في وجه لوي. لو كان شخصًا آخر، لما سامحه أبدًا، لكن لأنه أخ كارين فقط، اكتفى أكتوروس بإزاحة يدهِ بحزم.
“أصدّق أن الدّوق يهتمُّ بأختي. لكن الدوق لن يتأثر إذا انفصل عنها لاحقًا. أما أختي، فإذا انفصلت عن الدوق، ستُوصم بأنها امرأة عاشت مع رجل دون زواج …”
سأل أكتوروس بلا مبالاة: “إذن ، إذا لم ننفصل ، هل يكفي ذلك؟”
اتسّعت عينا لوي بدهشة.
بدا ذلك كسؤال بسيط، لكن أكتوروس كان يسأل:
إذا لم ننفصل فقط.
“هل يمكنني إبقاء كارين بجانبي حسب رغبتي؟”
“…”
“إذن ، لن ننفصل”
أخبر أكتوروس لوي، الذي كان مصدومًا، بالنتيجة ببساطة و تجاوزه.
لم يستطع لوي أن يرفع عينيه بسهولة عن ظهر أكتوروس وهو يبتعد.
على عكسِ مخاوف الجميع، هذا الرّجل الآن …
كانَ واضحًا للجميع أنّه مجنون بالحبّ.
****
كانتْ كارين مستلقيةً على سرير في الغرفة المجاورة لأكتوروس. كانت تخشى ألاّ تفتح عينيها لأيام ، لكنها فتحت عينيها بعد يوم واحد.
على الرّغمِ من الرّعاية التي تلقّتها من الأطباء وخدم قصر الدّوق، لم تسأل كارين عن شيء. أين هي؟ ماذا حدث؟
قبل أن تتساءل كارين، أخبروها كما لو كانوا مستعدّين مسبقًا.
قالت خادمة: “الآنسة سييرا … لا ، تلكَ المرأة ، ستبدأ محاكمتها غدًا. و جوزيف مالون محبوس في السجن حاليًا”
كانتْ الخادمة لينا هي من قدمت أكبر قدر من المعلومات لكارين.
قدّمتْ نفسها كخادمةٍ خاصّة بكارين.
‘خادمة خاصة …’
هل يعني تخصيص خادمة خاصّة أنها ستظل تعيش هنا؟
من المفترض أنْ تشعرَ بعدم الراحة. ففي النهاية ، يُظهر أكتوروس لطفًا الآن بإبقائها في منزله ، لكن من يدري متى قد يتغيّر رأيه؟
ومع ذلك، كانَ الأمر غريبًا. شعرت كارين براحةٍ في قلبها.
شعرت أخيرًا و كأنّها وجدت مكانًا آمنًا حقًا. على الرّغم من أن هذا لم يكن منزلها الحقيقي ، شعرت و كأنه منزلها ، كان مريحًا و دافئًا.
لكن شعور الأمان الذي شعرت به للحظات اختفى بسرعة.
عندما سمعت أن أخاها لوي قد جاء لزيارتها ، أمسكت كارين بالغطاء الذي كان يغطي ركبتيها بقوة.
****
على الرّغم من الأخبار التي تفيد بأنّ كارين استيقظت ، لم يذهب أكتوروس لزيارتها.
كانَ يعلمُ أنّه جبان، لكنه لم يملك الشجاعة بعد لرؤية وجهِ كارين. بدلاً من ذلك، كانَ يتلقى تقارير عن حالتها البدنية و حياتها اليومية كلّ نصف ساعة.
كانت هناك أسباب عديدة لعدمِ ذهابه إليها مباشرة.
لكن السّبب الأكبر هو أنّه شعرَ بأنه إذا رأى وجه كارين ، لن يرغب أبدًا في تلطيخ يديه بالدماء.
قادَ أكتوروس السّيارة بنفسه إلى سجن ألترا في ضواحي العاصمة.
كانَ سجنًا يحتجز فيه بشكل رئيسيٌ مرتكبو الجرائم الشنيعة في العاصمة، ويقال إن الهروب منه مستحيل.
للأسف، لم يرتكب جوزيف مالون جريمة قتل، لذا كان الحكم بالإعدام مستحيلاً من النّاحية القانونية. لكن الموت غير الإجرائي، بغض النظر عن القانون، قصة مختلفة.
أوقفَ أكتوروس السيارة أمام السجن ، و أغلق الباب بعصبية ، و دخلَ إلى السجن.
****
“الآنسة لينا، أودّ التحدث مع أخي بهدوء، هل يمكنكِ تركنا لبعض الوقت؟”
“تحدثي براحتكِ. أنا خادمتكِ الخاصة.”
يعلمُ الجميع مدى راحة وجود خادمة خاصة مخصصة لشخص واحد. لكن بالنسبة لجاسوس اقترب من صاحب المنزل بنوايا غير شريفة ، كانت الخادمة الخاصة عبئًا كبيرًا.
كانَ هذا صحيحًا بشكلٍ خاص بالنسبة لديفيد ، الذي كانَ يتظاهر بأنه لوي. كان يستطيع التوقف عن التّمثيل فقط عندما يكون بمفرده مع كارين ، لكن الخادمة لينا كانت دائمًا بجانب كارين في كل وقت.
قالت كارين: “إذن … أرجوكِ ، يا لينا”
“حسنًا. سأنتظر بالخارج ، فتحدّثا براحتكما”
ابتسمت لينا بودّ، و انحنت بأدب، وأغلقت الباب وخرجت.
“هاه … كدتُ أموت من الإزعاج.”
جلس ديفيد بحرّية بجانب سرير كارين ، التي كانت مستلقية نصف جالسة، بعد أن حصل على ما أراد.
“كيف حال جسدكِ؟”
“كم مرة أقول لك. أنا بخير”
عندما غادرت لينا، لم يكن ديفيد الوحيد الذي توقف عن التّمثيل؛ فعلت كارين الشيء نفسه.
اختفت تعابير وجهها، و أصبح صوتها خاليًا من التنغيم.
نظر ديفيد إلى وجه كارين و عبس.
“كنتُ أسأل كـ’لوي’ ، و أجبتِ كـ’أخت’. أنا أسأل ، هل أنتِ بخير حقًا؟”
في الأحوال العادية، كانت كارين ستقول إنها بخير حتّى لو كان ذلك كذبًا، لأنها لا تريد التعامل مع ديفيد.
لكن تعبير ديفيد، الذي بدا وكأنه يهتم بها حقًا، جعلها تتساءل بصدق.
“ماذا لو لم أكنْ بخير؟”
نظرت كارين في عيني ديفيد بوجه خالٍ من التعبير و سألت ، “إذا قلتُ ذلك ، هل سيكون لذلك معنى بالنسبة لك ، و لكم؟”
تجمّدَ تعبير ديفيد قليلاً، فهو ردّ غير متوقع.
“أنا مجرد قطعة شطرنج يمكن التخلص منها بالنسبة لكم، أليس كذلك؟”
“هذا من أجل بلدنا! بالطبع، إنه أمر مؤسف بالنسبة لكِ، و كنتُ قلقًا عليكِ… لكن من أجل الخطة، لم يكن هناك خيار آخر.”
بدأ ديفيد يثرثر بكلام لم يُطلب منه.
“لأنكِ لا تُظهرين الولاء لكوستيا ، القيادة لا تحميكِ. إذا كنتِ مخلصة للبلاد بصدق …”
قاطعته كارين بحزم: “ديفيد ماير”
قامت بتصحيح وهمِه.
“بلدي ليس كوستيا”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 43"