“الرّاقصات يعتقدنَ أنّهن قطع فنية ثمينة. لكن في داخلهن ، كلهن عاهرات يفكرن فقط في اصطياد رجل أفضل!”
“آه ،…!”
“أنتِ أيضًا! أنتِ كذلك، أليس كذلك؟ تنظرين إليّ كما لو كنتِ تطلبين مني اختياركِ! لقد حدقتِ بي على المسرح!”
أدركت كارين الآن بوضوح.
بدأ ملاحقتها من الوهم.
لم يكن هذا الإدراك مفيدًا جدًا في موقف قد تُقتل فيه.
‘يجبُ أن أعيش.’
في الوقت الحالي ، يجب أن تُرضي جوزيف مالون.
لكن هل الإجابة هي الخضوع لهدوء والانتظار حتى يأتي أكتوروس؟
من المؤكد أن “السجانين” الذين يمسكون برقبتها يريدون منها ذلك.
لكن كارين عرفت غريزيًا.
لن يتحمّل أكتوروس خسارة كبيرة ليأتي و ينقذها.
بالنسبة له، كانت مجرد حبيبة بعلاقة تعاقديّة ، لا أكثر.
لا تريد الموت.
اندلعت غريزة البقاء الطبيعيّة بقوة.
إذا خالفت إرادة كوستيا ، سيكون الرهينة في خطر ، لكن موتها سيضع الرهينة في خطر مماثل. إذا ماتت ، ستفقد قيمة الرهينة على الفور.
أي، إذا ماتت، سيموت الشخص الذي تريد حمايته أيضًا.
“قـ…بلة، آه… سأفعلها…!”
أصدرت كارين صوتًا يشبه صوت المعدن من رقبتها المخنوقة. لحسنِ الحظ ، سمع جوزيف مالون، الذي كان في حالة هيجان، كلامها.
أفلتت يده التي كانت تخنق رقبتها.
“ها، ها …”
لم يكن من السّهل التنفس بعد أن خُنقت و لو للحظات.
كانت كارين ترتجف و هي تتنفس ببطء.
“أنتِ، أنا، أنا… يمكنكِ تقبيلي…؟”
“لقد قلتُ ذلك…”
بعد أن هدأت أنفاسها بصعوبة ، لامست كارين رقبتها التي لا تزال تشعر بألم الخنق واقتربت من جوزيف.
“كنتُ خجولة جدًا، كلّ ما أحتاجه هو الاستعداد العاطفي …”
في زاوية العقل ، بدت عيون كارين المغرورة بالدموع، وهي تنظر إلى جوزيف مالون المضطرب، كعيون امرأة مغرمة بالحب.
و كأنها تساعد على تعزيز هذا الوهم، أمسكت كارين بيد جوزيف مالون بلطف.
على الرّغم من أنّها كانت تختنق للحظة ، قادته كارين إلى السرير و جلست معه، وهي تكبح أيّ ارتجاف في يدها، و مسحت على خده.
بدأت يدها من ذقنه، ثم صعدت إلى عظمة الخد، و مرّرت إصبعها السبابة عليه بلطف، ثم نزلت قليلاً لتلمس زاوية فمه.
ثم صعدت مرة أخرى لتغطي خده وتملس على عظمة الخد بإبهامها، ثم أخفضت كارين رأسها.
شعرت بأنفاس جوزيف مالون على شفتيها.
كادت شفتاهما أن تتلاقيا.
“آه، آه…!”
لكن شفتيهما لم تتلاقيا.
لأن كارين طعنت عين جوزيف مالون بإبهامها. صرخ جوزيف مالون من الألم و هو يغطي عينيه، وقد أصبح أعمى مؤقتًا.
استغلّت كارين الفرصة وهربت من الغرفة، ونزلت السلالم.
كانت تركض بعجلةٍ شديدة لدرجة أن رؤيتها أصبحت مشوشة.
و مع ذلك، بما أنها كانت قد درست تخطيط القصر عند دخولها، لم تواجه مشكلة في النزول إلى الطابق السفلي.
لكن الهروب نفسه لم يكن سلسًا.
“اللعين …”
أمام باب القصر الرئيسي، لم تستطع كارين إلا أن تتفوه بالشتائم. كانت مقابض الباب مربوطة بسلاسل. بهذه الطريقة، لن تتمكن هي ولا حتى جوزيف مالون من الخروج.
نظرت كارين حولها.
ثم أمسكت بأي شيء على الطاولة الجانبية و ألقته بعنف نحو النافذة.
كوانغ!
تحطمت النافذة بصوت عالٍ، وتناثرت شظايا الزجاج على الأرض.
صرخ جوزيف مالون وهو يغطي عينيه ويتعثر على السلالم
“أيّتها المحتالة! ألن تتوقفي؟!”
تجاهلت كارين خدوش الزجاج على يديها وركبتيها وتسلقت الإطار لتخرج من القصر.
سمعت صوت صراخ أكثر جنونًا من الخلف، ربما لأنه رآها تخرج.
“ها، ها…”
ركضت كارين واستمرت في الركض. كانت تركض بجنون لدرجة أنها لم تلاحظ حتى أن حذاءها قد سقط. ما أوقف ركضها كان صوت هائل قادم من الخلف.
طاانغ-!
كان صوت طلقة نارية.
سمعت مع الصوت طيورًا تطير من الأشجار في مجموعات.
إلى أين ، إلى أين يجب أن تهرب؟
بغضّ النّظر عن سرعتها في الركض، إذا وقعت في مرمى بصر جوزيف مالون، قد تُصاب برصاصة.
نظرت كارين حولها في الغابة المليئة بالأشجار. لم يكن جوزيف مالون قد اقترب منها بعد، ولم يكتشفها حتى.
لكن إذا استمرت هكذا، سيلحق بها قريبًا.
“ها، ها…”
لو كانت في حالة جسدية جيدة، لكان الأمر مختلفًا، لكن الآن …
أمسكت كارين بجانبها المصاب حيث انفتح الجرح. اقتربت بسرعة من شجرة بدت الأعلى و الأقوى، وعانقت جذعها.
“آه….”
كلما بذلت جهدًا لتسلق الشجرة ، سال المزيد من الدم من جانبها. لكن كارين كبحت الألم وتسلقت الشجرة لتختبئ.
“كا─رين”
في البداية، كان جوزيف مالون يصرخ، لكنه بدأ يناديها بصوت هادئ كما لو كان يلعب لعبة.
“أين اختبأت كارين الخاصة بي؟”
كانَ صوته كما لو كانوا يلعبون لعبة الاختباء.
اقتربت خطوات جوزيف مالون وهو يسير على التربة وأوراق الأشجار في الغابة.
على الرّغم من أن القمر كان مغطى بالغيوم، إلاّ أن عيون كارين، التي اعتادت على الظلام، رأت بوضوح اقتراب جوزيف مالون.
“هاه، هل سقطت هذه الفتاة الملعونة في الأرض أم طارت إلى السماء؟”
توقف جوزيف مالون بالضبط تحت الشجرة التي تسلقتها كارين.
توك ، توك─
فجأة، سقط شيء على الأرض، مبللاً التربة.
‘لا…!’
كانَ دم كارين.
كانَ الدّم يتساقط من خصرها ، يتدفق داخل ملابس المستشفى الفضفاضة ، وصولاً إلى ساقيها ، ويتدلى من أصابع قدميها إلى الأرض.
ضغطت كارين على جانبها بقوة أكبر.
“هوو…”
لكن آخر قطرة دم سقطت على كتف جوزيف مالون.
فرك جوزيف مالون كتفه ، وتأكد من طبيعة السائل، ثم رفع رأسه لينظر إلى الأعلى.
“لقد طارت إلى السماء؟”
وجدها. لقد وجدها.
“إذا لم أستطع امتلاككِ، سأقتلك!”
رفع جوزيف مالون بندقية صيد و صوّب نحو كارين ، وهو تصريح يليق بمتعقب.
تسارعت دقّات قلب كارين.
هذه هي النّهاية.
مرّت أيّامها الماضية أمام عينيها كشريط ذكريات.
كانت حياتها، التي تشبّثت بها بشدة لأنها لا تزال تطمح إلى أشياء في الحياة، ستنتهي هكذا بلا جدوى.
كان هناك أشخاص كان يجب عليها حمايتهم، وأشخاص أرادت رؤيتهم …
في نهاية شريط ذكرياتها، رأتْ وجه الشخص الذي أرادت رؤيته.
تخيلت كارين وجهه في ذهنها و أغمضت عينيها.
حان وقت مواجهة النهاية.
بانغ- ، تردّد صوت طلقة نارية أخرى في الغابة.
سقط جسد على التربة.
رفعت كارين جفنيها المبللين بالعرق.
“……”
لم يكن الشّخص الذي أصيب بالرصاصة هو كارين. كان جوزيف مالون يتلوى على الأرض و هو يصرخ ممسكًا بكتفه.
تدفّقَ رجال يرتدون زيًا رسميًا و بدلات رسمية قيّدوا جوزيف مالون.
بدت هذه اللّحظة بطيئة جدًا.
كانَ الرجال بالزي الرسمي من الشرطة ، ويبدو أن الذين يرتدون البدلات الرسمية هم رجال خاصون …
من الذي جلبَ رجالًا خاصين من أجلي؟
‘هل يمكن أن …’
فكّرتْ في الشّخص الذي كانت تخشى الاعتماد عليه خوفًا من شعورها بالخيبة. ثم غمر أذنيها ، التي كانت محاطة بالصمت للحظة، ضجيج كالعاصفة.
و من بين كل ذلك ، كان الصوت الأعلى هو-
“كارين!”
كانَ صوت الشخص الذي كانت تأمل فيه، كما لو كان حلمًا.
وقف رجل، بدا عليه العجلة في وصوله، تحت الشجرة التي تسلقتها كارين مباشرة.
“آه…”
نادت كارين باسمه بصوت عالٍ:
“أكتوروس …”
مرّت الغيوم التي كانت تحجب القمر مع الرّيح. و مع تدفق الغيوم مثل خصلات شعر كارين المتطايرة ، ظهر ضوء القمر.
لمعة عينيه الزرقاوان القريبتان من الرمادي ، التي كانت تعتقد أنها باردة، كانت تخبرها.
[لقد جئتُ. لذا، يمكنكِ الآن أن تشعري بالأمان.]
في لحظة، تلاشى كل التوتر، و غمرها النعاس.
“أكتوروس ، أنا …”
آه … لم تتذكّر ما كانت ستقوله. فقط شعرت بجفنيها ينغلقان و جسدها يهوي إلى الأسفل …
“كارين─!”
كانَ آخر ما تذكّرتُه هو صوته الذي يناديها بقلق.
*****
استقرَّ جسد كارين الهشّ، الذي كان يسقط، بأمان في حضن أكتوروس. على الرغم من أن السقوط من مكانٍ مرتفع كان ثقيلًا ، حملها أكتوروس بسهولة و فحصها من وجهها إلى أخمص قدميها.
وجهٌ شاحب مبلّل بالعرق، ملابس المستشفى البيضاء الملطخة بالدّم حول منطقة الإصابة بالرصاص، قدميها العاريتين المليئتين بالتراب و الخدوش …
شدّ أكتيوروس فكّه حتى برزت عروق جبهته.
لقد مرّ وقتٌ طويل منذ شعر برغبة قوية في قتل أحدهم.
لكن الآن لم يكن الوقت للتّنفيس عن غضبه. لم يكن الوقت ، على وجه الخصوص ، لتهدئة قلقه و هو يمسح وجه كارين المغلق العينين.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات