كان ديفيد يُغنّي أنغامًا مزعجة بينما يقشر الفاكهة.
بدا هذا الممثل الماهر في مزاج جيّد، لكن على النقيض، لم تكن كارين في حالة جيّدة.
“كل شيء انهار. قال الدوق إنه يريد إنهاء علاقتنا الوهميّة …”
“هل أنتِ مستاءة حقًا لأن خطتنا فشلت؟”
عندما رفع ديفيد قطعة تفاح إلى فم كارين ، أدارت رأسها لتتجنّبها.
وضع ديفيد التفاحة ، التي لمست شفتي كارين فقط ، في فمه و مضغها ، ثم سألها بنبرة استفزازيّة:
“وجهكِ الآن يبدو كمن تُركت من حبيبها الذي تحبّه حقًا”
“ليس الأمر كذلك”
“إن لم يكن كذلك ، فهذا حسن. كنتُ أخشى أنكِ وقعتِ من جديد في حبّ حبيبكِ الأوّل الذي التقيتِ به مجدّدًا”
ضمّت كارين شفتها السفلى بقوّة ، حتى ظهرت تجاعيد على ذقنها من شدّة الضغط.
“لا تقلقي كثيرًا. سنُعيد خلق فرصة لإمساك الدوق من جديد”
ثمّ قدّم لها عنبًا ، لكن كارين أبقت فمها مغلقًا ورفضته.
فانتهى العنب في فم ديفيد.
“هل لديك خطة ما؟”
“نعم، لكنّها سرّ بالنسبة لكِ”
“كل شيء دائمًا سرّ بالنسبة لي”
لم تكن كوستيا تثق بكارين رغم استخدامها لها.
كانت كارين في موقف لا تنتمي فيه إلى أي مكان.
بدلاً من الرد على كلمات كارين الممزوجة بالمرارة ، تجنّب ديفيد عينيها و استمر في أكل الفاكهة.
على الرغم من وجود شخص بجانبها ، شعرت كارين و كأنها تُركت وحيدة.
كالعادة، ابتلعها شعور الوحدة في لحظة.
***
وصلت أخبار دخول كارين إلى المستشفى إلى أذني سييرا ميلر، بفضل كايترو الذي نقل أخبار أكتوروس باسم العائلة.
إذا لم تكن كارين شاينر في القصر الفاخر الذي منحه إيّاها أكتوروس …
فذلك أفضل.
أمرت سييرا خادمتها فورًا بكتابة رسالة:
«إلى السيد جوزيف مالون العزيز»
كانت سييرا تنتظر فرصة مع جوزيف منذ فترة.
لم تكن تنوي أن تتّسخ يداها.
الأعمال القذرة ستُترك لجوزيف مالون ، الذي خسر كل شيء بسبب كارين شاينر.
***
انقلب قصر عائلة كولين رأسًا على عقب.
كاد حفيدهم أكتوروس أن يُغتال. هذا وحده كان كفيلًا بجعل جود كولين يمسك بقلبه و يسقط ، لكنه لحسن الحظ سمع أن أكتوروس بخير دون أي خدش ، فاستعاد وعيه جزئيًا. لكنه لم يستطع الاطمئنان تمامًا ، إذ كانت كارين مصابة وفي المستشفى.
ارتدى ملابسه بسرعة و توجّه إلى المستشفى.
لو لم يزر أكتوروس قصر العائلة في تلك اللحظة ، لكان جود قد ركب السيارة بالفعل.
“صباح الخير، جدّي.”
ما إن رأى وجه حفيده حتى عبس وجهه بشدّة وتقدّم نحوه بخطوات واسعة.
“آه، أكتوروس! هل … هل أنت مصاب؟!”
“لقد سمعتَ الخبر، أليس كذلك؟ أنا بخير.”
على الرغم من نبرته الهادئة ، تفقّد جود كولين ملابس حفيده ليتأكّد أنه فعلًا بخير، ثم مسح صدره براحة.
“هل انتهيت من التأكّد؟”
“لا، لا يزال هناك المزيد. ماذا عن كارين؟”
“…”
“أيها الوغد ، كارين مصابة! كيف لا تُخبر جدّك بأمرٍ كهذا؟ بل كيف تخفي عنّي محاولة الاغتيال بحد ذاتها؟!”
استمع أكتوروس بهدوء إلى صراخ جدّه.
كان الخدم، بمن فيهم روشيس، هم من يتلوّون من القلق.
“حتى و إن كنتُ عجوزًا ، أنا وصيّك ، أكتوروس. من حسن الحظ أنكَ عدتَ دون إصابات ، لكن كارين … تلك الفتاة بلا أحدٍ تعتمد عليه سواكَ أو سواي. ليس هذا وقت التردّد. هيّا، إلى المستشفى”
حاول جود كولين تجاوز أكتوروس ليخرج من القصر.
“لا داعي لذلك”
أوقف أكتوروس جدّه بنبرة منخفضة و هو ينظر إلى ظهره.
استدار جود كولين بتعجّب نحو حفيده.
“ماذا تعني؟”
“أنا و كارين …”
ابتلع أكتوروس ريقه بصعوبة، ثم تابع: “انفصلنا.”
“ماذا؟”
تجمّد وجه جود كولين من الصدمة.
ما الذي حدث للطفلين اللذين مرّا معًا بمحنة الحياة والموت؟
نظر جود كولين إلى حفيده بعينين متجعّدتين. هل هو شعور بالذنب لأن حبيبته أصيبت بسببه؟ أم أن الأمر …
“كارين … هل هي من طلبت الانفصال؟”
“أنا من طلبت ذلك.”
“و وافقت كارين على قرارك؟”
“الانفصال يمكن أن يحدث بإرادة طرف واحد”
“أكتور ، كان ذلك حادثًا لا مفرّ منه. ليس خطأك …”
“تريد قول إنه ليس خطأي ، أليس كذلك؟”
كان روشيس و جدّه يريدان منه ألّا ينفصل عن كارين ، وأن يستمر في علاقته بها ويبقى سعيدًا.
لكن رغباتهما كانت لأجله هو ، و ليس لأجل كارين.
“أكتور ، أفهم مشاعرك. لكن كارين الآن تخضع لعمليّة جراحيّة و تمرّ بوقت عصيب. هل ستقوم بترك الشخص الذي أنقذكَ وحيدًا في هذا الوقت الصعب؟”
“لقد وجدتُ أخاها الأصغر. سيكون بجانبها، لذا لا حاجة لعشيق سابق أو جدّه”
كلّما حاول جود كولين إقناعه ، زاد أكتوروس صلابة في موقفه.
“لقد عانت بما فيه الكفاية بسببي.”
“…”
“لا تذهب إليها، ولا تسأل عنها.”
من تعابير وجهه، بدا أن أكتوروس قد حسم قراره.
أراد جود كولين أن يثق بحفيده ويتبعه دون نقاش، لكنه شعر بقوّة أنه إذا لم تكن كارين، فلن تكون هناك امرأة أخرى في حياة أكتوروس.
كانت كارين تُعجبه.
قليلة الكلام، لكنها بريئة، هادئة، وذات قلب طيّب.
لكن السبب الأكبر لأسفه على انفصال كارين و أكتوروس هو علمه أن أكتوروس لا يقع في الحب بسهولة.
بعد هذه التجربة ، سيبتعد عن الحب أكثر.
“هل أنت متأكّد أنك لن تندم؟”
كانت هذه الكلمات الوحيدة التي استطاع جود كولين قولها ليحاول تغيير رأي حفيده.
لم ينفِ أكتوروس أو يؤكّد، بل استدار مغادرًا.
لكن من هيئته، شعر جود كولين أنه سمع إجابة حفيده بالفعل.
***
كانت الرياح الباردة تهبّ من النافذة المفتوحة على مصراعيها ، فتتطاير الستائر.
استمتع ديفيد بالريح وهو يُغنّي أنغامًا خفيفة.
لم تطلب كارين منه إغلاق النافذة، بل اكتفت بلفّ نفسها بالبطانيّة.
كان ديفيد هو من يوجه الكلام من طرف واحد إلى كارين ، التي كانت صامتة كما لو أنها غير موجودة.
“هل استمتعتِ بلعبة الحب؟”
“لا تسخر منّي. كنتُ أؤدّي مهمتي بجديّة.”
“سمعتُ أنكِ نسيتِ مهمتكِ و استمتعتِ حقًا.”
“هل كنتُ يومًا موضع ثقتكم؟”
قضم ديفيد تفاحة بنهم و فكّر:
يبدو أنها نسيت مهمتها و استمتعت فعلًا.
كانت كارين تصبح عاطفيّة بعض الشيء و تغضب عندما تُضرب في مقتل.
تذكّر ديفيد لحظة رؤيته لوجه أكتوروس كلوين الحقيقي ، الذي كان يراه سابقًا في الصور فقط.
آه، إنه وسيم بشدّة.
ابتعد ديفيد عن النافذة و وقف أمام مرآة على الحائط.
بعد أن طال أمده في تأمّل وجهه ، استدار إلى كارين بعبوس: “أنا أكثر وسامة ، أم هو؟”
فوجئت كارين بالسؤال العجيب ، لكنها لم تبدُ متفاجئة ، بل نظرت إليه بوجه خالٍ من التعابير.
“لم أفكر يومًا أنك وسيم ، لذا لا يمكنني الإجابة.”
كانت نبرتها هادئة بشكل مفرط ، خالية من أي انفعال ، ممّا أثار عناد ديفيد.
“حسنًا، أخبريني. أنا أكثر وسامة ، أليس كذلك؟”
“نعم، أنت أكثر وسامة.”
على الرغم من أنها أعطته الإجابة التي أرادها ، إلّا أن نبرتها الخالية من الحماس و تعبيرها الممل جعلاه يشعر بالإحباط.
كان واضحًا أنها تقول ما يريد لتُسكته ، ممّا أفسد مزاجه.
عبس ديفيد علانية ، لكن كارين لم تمنحه حتى نظرة.
“همم … يبدو أن وجه ذلك الرجل كان من ذوقكِ”
حتى في كوستيا، كان ديفيد يستفز كارين المتحفّظة باستمرار.
“أم أن لقاءكِ بحبيبكِ الأوّل جعلكِ تعتقدين أنكِ بطلة قصة حب مأساويّة؟”
كما كان ديفيد مثابرًا في استفزازها ، كانت كارين مثابرة في صبرها، إذ لم تعبّس ولو مرّة رغم سخريته.
“يا للشفقة. أُصبتِ برصاصة بدلًا عن حبيبكِ الأوّل، ثم تُركتِ”
“…”
“ليس هذا فقط ، أليس كذلك؟ الدوق كلوين لا يتذكّركِ على الإطلاق.”
حتى لو أغلقت الباب بإحكام ، لم تستطع منع شخص مصرّ على اقتحامه.
تشقّق أخيرًا قناع كارين الخالي من التعابير.
عندما رأى رد فعلها، ابتسم ديفيد برضا.
“هل يُسعدكَ أنني تُركت من ذلك الرجل؟”
“إنه لأمر ممتع أن أرى كارين العظيمة ، التي أغوت حتى الكولونيل ، تُصبح في هذا الوضع البائس”
الكولونيل الذي تحدّث عنه ديفيد كان ، بالطبع ، جنديًا من كوستيا وليس من غلوريتا. ولم تُغوِ كارين ذلك الرجل قط، بل كان هو من أحبّها من تلقاء نفسه.
“هل نسيت؟ كان من المفترض أن تجعل الدوق كلوين يقع في حبّي. لكن بسبب تصرفاتك الغبيّة ، فشلت هذه العمليّة. لذا …”
“مهلًا، اهدئي.”
لوّح ديفيد بيديه لتهدئة كارين الغاضبة. كان يستفزّها ، لكن كارين أمسكت البطانيّة بقوّة و أغلقت فمها بإحكام.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات