“لمَ تعتذرين؟ أنا فقط مندهش. كيفَ أقولها، تبدين دائمًا غير مبالية بعض الشّيء حتّى عندما تكونين نجمة المسرح. على الرغم من تدرّبكِ المكثّف.”
واصل توني الحديث بمرح وهوَ يفحصُ انعكاس كارين في المرآة.
“حسنًا، أظنّ أنّه يجب عليكِ أن تتزيّني أكثر قليلاً لتلعبي دور الجاسوسة المغرية.”
كانَ العرض اليوم مبنيًا على قصة ماتا هاري، الراقصة و الجاسوسة من الهند، لذا كانت كارين ترتدي زيًا هنديًا فاخرًا. بالنظر إلى طباع الشخصيّة، سيكون من الجيّد جعل المكياج ثقيلًا قدر الإمكان.
“همم… لكن تعلمين، يا كارين.”
“نعم…؟”
“هل سيأتي حبيبكِ إلى العرض اليوم بالصدفة؟”
مع ذلك، لم يستطع إلّا أن يسأل هذا السؤال. بعد مراقبة كارين لفترةٍ طويلة، كان هناك تفسيرٌ واحد فقط لطلبها شيئًا لم تطلبه من قبل.
“ألستُ محقًا؟ حبيبكِ سيأتي، أليس كذلك؟”
“لا، يا توني، أنتَ تعلم ذلك. ليسَ لديّ نية لمقابلة أيّ شخص.”
“حقًا؟”
“نعم، حقًا.”
“لمَ لا تواعدين شخصًا ما؟ بما أنّكِ لا تقابلين أحدًا، فإنّ الأعلى منصبًا يضغطون أكثر…”
توقّف توني، الذي كان يتحدّث دون تفكير، فجأةً عندمَا أدرك خطأه و أغلقَ فمه بإحكام.
كان لدى معظم الراقصات رعاة.
كانَ من الجيّد القول إنّها رعاية، لكن في الواقع، كنّ عشيقات لرجال الأعمال أو النبلاء.
كانت الرّاقصات يقدّمن لهم لياليَ بجمالهنّ، و في المقابل، كان الرعاة يدعمون الراقصات.
كانت هذه الصيغة من الرّعاية شائعةً في العاصمة، و كانت تُشجّع بنشاط داخل فرقة الباليه.
كان الأشخاص ألأعلى منصبًا، الذين يرغبون في بناء علاقات مع النبلاء، يلعبون دور الوسيط نوعًا ما.
و كارين أيضًا قد تلقّت عروضًا للرعاية. كان ذلك طبيعيًا، نظرًا لأنّها كانت البطلة الأكثر جاذبيّةً على المسرح.
لم يكن من قبيل الصدفة أن تحمل لقب إيتوال بين عشرات الرّاقصات في فرقة الباليه.
كانت كارين شانير جميلةً بشكلٍ فريد.
سواء كان ذلك في مظهرها أو في رقصها.
مع كلّ خطوةٍ تخطوها بحذاء الباليه، كانت الأزهار تتفتّح، و يحلّ الليل، و تطير الفراشات.
الأزهار الجميلة تميل إلى جذب العديد من الحشرات.
كان هناك العديد من الرجال الأقوياء الذين رغبوا في كارين. لكنّها لم ترتدِ أبدًا القلادة السوداء التي ترمز إلى راقصة باليه تتلقّى رعاية شخصٍ ما.
على الرّغم من كونها الراقصة الأبرز في العاصمة، لم يكن هناك حتّى تلميحٌ لمقابلتها رجالاً، ناهيك عن الفضائح، ممّا جعل تجعل الأقوياء يتقدّمون نحوها أكثر إصرارًا وعنادًا.
لكن ذلك كان خطأ الرجال الوحوش الذين يحاولون أخذ امرأة بالقوة، و ليس خطأ كارين.
أراد توني أن يعضّ لسانه لقوله شيئًا بدا وكأنّه يلومها، على عكس نيته.
“لا بأس، يا كارين.”
كما لو أنّها رأت مباشرةً من خلال أفكار توني، ابتسمت كارين بلطف و نظرتْ إلى وجهه المنعكس في المرآة.
“أعلم أنّكَ دائمًا قلقٌ عليّ.”
“أنا آسف…”
“أعلم أنّكَ لم تقصد ذلك بطريقةٍ سيئة. لذا لا تعتذر عن أيّ شيء.”
المرأة التي كانت عادةً تبتسم بإحراجٍ من باب الأدب عندما تُمدح على جمالها، كانت الآن تبتسم بشكلٍ أكثر طبيعيّة من أيّ وقتٍ مضى لتعزية الطرف الآخر.
تقريبًا مثل تعابير وجهها على المسرح.
كان توني غالبًا يجد كارين مدهشة في أوقاتٍ كهذه.
أحيانًا بدت و كأنّها تفتقر إلى المهارات الاجتماعيّة، لا تختلط بالناس، لكن في أوقاتٍ كهذه، بدت و كأنّها تفهم الأفكار الداخليّة للآخرين أفضل من أيّ شخص.
على الرغم من العمل معًا لفترةٍ طويلة، كان توني لا يزال يشعر أنّه يعرف القليل جدًا عن كارين.
“سأعدّل مكياجكِ على الفور!”
حاول توني بنشاط إحضار لوحة ظلال العيون لتغيير الجو.
طرق طرق طرق طرق─
في تلك اللحظة، طرق شخصٌ ما باب غرفة الانتظار بعجلةٍ شديدة.
“ادخل.”
ما إن سقط صوت كارين حتّى فتح الباب و دخلَ الشخص، ولم يكن سوى المخرج مارك.
“المدير…؟”
“هل أنتِ جاهزة بالكامل؟”
“نعم، أنا جاهزة.”
بالنظر إلى السّاعة، لم يتبقَ وقتٌ كبير. للأسف، لن يكون هناك وقتٌ لتعديل مكياج العينين.
“إنّها فوضى في الخارج الآن.”
“ما الذي يحدث؟”
هذه المرّة، كانَ توني هو من أجاب على كلمات المخرج مارك، و ليس كارين. كانت كارين مشغولة بوضع أحمر الشفاه، ممّا يجعل شفتيها أكثر احمرارًا.
“لقد وصل الدوق كلوين!”
و مع ذلك، عند كلمات المخرج مارك التالية، تجمّدت يد كارين، التي كانت تضع أحمر الشفاه، في مكانها.
“بسبب ذلك، هناك فوضى تامة في الخارج. جميع بجعاتنا متحمّسات، يفكّرن أنّهن قد يتمكّن من اصطياد راعٍ جديد.”
تسبّب توني بضجةٍ بجانبها، لكن نظرة المخرج مارك كانت مثبتةً على كارين. قبل أيام، كان قلقًا عندما أظهرت كارين اهتمامًا بأركتوروس كلوين في مقالة الصحيفة أثناء التدريب.
رئيس عائلة نبيلة معروفة بتاريخها العريق و هيبتها، رجل أعمال ثري يُقال إنّه يجمع كلّ الأموال الموجودة، و كارين التِي لم تظهرْ اهتمامًا بأيّ شخص من قبل.
لكن إذا كان أركتوروس كلوين، ألن يكون الأمر مختلفًا بالنسبة لها؟
بصرفِ النّظر عن ثروته و قوّته، كان مظهره وحده كافيًا لسرقة قلوب النساء.
إذا كانت ستقابل رجلاً قويًا، ألن تريد واحدًا حسن المظهر أيضًا؟
“كارين، هل يمكن أن تكوني أنتِ أيضًا…”
“لم يتبقَ وقتٌ كثير.”
لكن ، هل كان سوء فهم أن كارين بدت مهتمّة بأركتوروس كلوين؟
“يجب أن أذهب إلى الكواليس الآن.”
لم تذكر كارين شيئًا عن أركتوروس كلوين.
’صحيح. لم أعرفها لسنة أو سنتين فقط…‘
لقد عرفها لمدّة خمس سنواتٍ كاملة.
على الرغم من أنّ شهرة أركتوروس كلوين بدأتْ قبل ذلك بكثير، لم تظهر كارين أبدًا اهتمامًا بذلك الرجل.
لا، لم تلقِ كارين حتّى نظرةً علَى أيّ رجل.
أومأ المخرج مارك، و هو يشعر براحةٍ غريبة من تصرّف كارين الذي بدا دون تغيير.
“شكرًا لكَ اليوم أيضًا، يا توني.”
كارين، التي حيّتْ توني كالعادة، تقدّمت إلى منطقة الانتظار في الكواليس.
الآن، لم يتبقَ سوى بضع دقائق حتّى يتعيّن عليها الصعود إلى المسرح.
استعدّت كارين للعرض القادم بتدوير كاحليها و رقبتها.
كان هناك العديد من الأشخاص إلى جانب الراقصات في الكواليس. أشخاص يجهّزون المسرح، أعضاء الأوركسترا، و حتّى الموظّفين الذين يديرون الإضاءة…
“هل أنا أتخيّل، أم أنّكِ تبدين أكثر توترًا من المعتاد اليوم؟”
أن تجد الفراغ لاستفزازها قبل هذا المسرح حيث ينتظر العديد من الأشخاص…
ابتلعت كارين تنهيدة و هي تنظر إلى أليس، التي كانت تحدّقَ بها بذراعين متقاطعتين.
في الأصل، قبل أن تنضمّ كارين إلى فرقة باليه البجعة، كانت أليس هي المتوقّع أن تكون الإيتوال التالية.
لكن الآن، بعد أن طغت عليها كارين لسنوات دون الحصول على الدّور الرئيسيّ على المسرح، كان لديها أسبابها المبرّرة لكره كارين.
“حتّى أنتِ، التي كنتِ دائمًا تتصرّفين بتعالٍ، تريدين الآن جذب انتباه الدوق كلوين بما أنّه هنا، أليس كذلك؟”
“…..”
“كنتِ دائمًا تتصرّفين كما لو كنتِ مختلفةً عنّا.”
أولاً، لم تتصرّف كارين أبدًا بشكلٍ مختلف عن الراقصات الأخريات. لم تنظر أبدًا بازدراءٍ إلى الزملاء الذين تلقّوا رعاية من الأشخاص الأقوياء. كانت تحترم اختياراتهم.
و مع ذلك، بقدر ما احترمت زملاءها، لم يبدُ أنّ لديهم أيّ نية لاحترامها.
رأت كيف كانوا ينتقدون كلّ شيءٍ صغير.
لم يكن لدى كارين نية لتفسير نفسها لأليس أو محاولة إقناعها.
“أليس. أنتِ دائمًا تحاولين التقليل من شأني، لكن…”
أشار المخرج مارك، الذي كان قريبًا، فجأة إلى كارين.
خفتت الأضواء، وبدأت الموسيقى الناعمة تعزف. لقد حان وقت الصعود إلى المسرح.
“الحقيقة هي، أعلم أنّكِ تعجبين بي.”
كانت تعلم أنّ هذا النوع من المواقف المزعجة سيؤذي أليس، التي كانت تحسدها وتغار منها، أكثر من أيّ سخريةٍ لاذعة.
لم تهتمّ كارين بالنظر إلى وجه أليس. كان وجهها المزيّن بالمكياج بالتأكيد أحمرًا من الغضب، لذا لم تكن هناك حاجة للالتفات.
صعدت كارين السّلالم للذهاب إلى المسرح.
ما كان مهمًا لكارين الآن لم يكن أليس، التي كانت تغرق في عقدة النقص لديها.
أكثر من أيّ شيءٍ آخر، كان هذا المسرح هو الأهمّ.
***
“أنا متحمّس جدًا لمشاهدة عرضٍ بعد وقتٍ طويل.”
ضحك الرّجل العجوز ذو الأيدي المجعّدة وهو يمسك بيد حفيده و يجلس بجانبه، بابتسامةٍ لطيفة. كان جود كولين، مؤسّس “أركتوروس”، ممثّل صناعة الأسلحة، و جدّ أركتوروس كلوين من جهة الأم.
في الأصل، كان أركتوروس قد خطّط لمشاهدة هذا العرض مع جدّه فقط.
“ألا تعتقد ذلك، يا كايترو؟”
لو كانَ يعلم أنّ جدّه سيحضر أخاه غير الشقيق و خطيبته، مما يجعل الأمر نزهةً عائليّة، لما جاء لمشاهدة هذا العرض من الأساس.
“أنا آسف، يا جدّي. في الواقع، أنا و سييرا قد ذهبنا إلى عدّة عروضٍ بالفعل.”
“هاها، هذا صحيح. نسيتُ أنّكما، أيّها الشباب، في سنٍّ تكونان فيه مشغولين بالتجوّل، على عكس هذا العجوز.”
بالنسبة لأركتوروس، قد يكون كايترو أخًا غير شقيق، لكن بالنسبة لجدّه، كان كايترو غريبًا تمامًا. من منظور جود كولين، كان كايترو طفلاً أنجبه صهره من امرأةٍ أخرى، تاركًا ابنته وراءه.
و معَ ذلك، قبِل حتّى هذا الحفيد الذي لا يشاركه قطرة دم. بعد أن فقد ابنته و صهره، قرّر أن يعتني بكايترو، الذي كان لا يزال بحاجة إلى حماية شخصٍ بالغ، بحبّ.
و نتيجةً لذلك، تمكّنوا من الحفاظ على مظهر عائلةٍ متناغمة و مترابطة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 3"