ليس من السهل أبدًا أن تتجاهل وجود شخص يتبعك بإصرار، خاصة إذا كان ذلك الرجل يجذب أنظار الناس.
“إلى متى ستستمر في هذا؟!”
عندما لم تعد كارين قادرة على التحمل، استدارت وصاحت.
رفع أكتوروس كتفيه بنوع من اللامبالاة المزيفة.
“ماذا فعلت؟”
“أنت تتبعني باستمرار.”
“إنها مجرد مصادفة أن طريقينا يتطابقان.”
“هل تعتقد أنني غبية؟”
“لم أعاملك كغبية أبدًا …”
إذا أردنا الدقة، فأنا من يتصرف كالأحمق.
أتبع امرأة تقول إنها لا تريدني.
ابتلع أكتوروس كلماته الأخيرة، واكتفى بابتسامة ماكرة تجاه كارين. بالطبع، لم ترد المرأة بابتسامة.
ومع ذلك، شعر أكتوروس بالسعادة لأن كارين، التي كانت تبدو وكأنها ستمضي قدمًا دون التفات، استدارت لتنظر إليه.
ظهرت ابتسامة رقيقة على وجهه تلقائيًا. لكن عندما رأت كارين تلك الابتسامة، عبست وكأنها رأت شيئًا مزعجًا.
“إلى أين أنتِ ذاهبة؟”
“هذا ليس من شأنك.”
“من الأفضل أن تخبريني.”
“ماذا تعني؟”
“إذا لم تفعلي، أعتقد أن طريقينا سيظلان يتطابقان.”
كان يعني بوضوح أنه سيستمر في تتبعها.
قد يبدو تصرفه وكأنه بلا كرامة، لكن أكتوروس لم يبدُ صغيرًا أبدًا. بل بدا واثقًا، كما لو كان يقوم بشيء طبيعي تمامًا.
رفعت كارين عينيها إلى السماء، فوجدت أن الشمس قد غربت، وأن الليل قد حلّ.
“ألا يجب أن تعود إلى البيت مبكرًا؟ هناك …”
دون وعي، كادت كارين أن تقول شيئًا، لكنها أغلقت فمها بسرعة واستدارت.
كانت تحاول تجنب ذِكر وجود معين عن عمد. لكن أكتوروس، بسرعة بديهته، عرف من كادت كارين أن تذكره.
“إنها تصر على أن أحضر أمها”
“…”
“إذا عدت وحدي، ستشعر بخيبة أمل كبيرة …”
“…”
“هل تريدين حقًا أن تجعليني أبًا فاشلاً يخيب أمل طفلته؟”
كان بينهما طفلة محبوبة.
تم سجن كارين وهي حامل، وبمجرد أن أنجبت في السجن، اضطرت للانفصال عن طفلتها. لم تتمكن حتى من احتضانها بشكل صحيح.
في كل مرة كان أكتوروس يحضر الطفلة الرضيعة لزيارتها في السجن، شعرت كارين بالغرابة.
لم يكن المكان المليء بالروائح الكريهة يناسب طفلة صغيرة و محبوبة. شعرت أن من الأنانية أن تجعل لينا تأتي إلى هناك فقط لأنها تشتاق إليها.
منذ أن فكرت بذلك، طلبت كارين من أكتوروس ألا يحضر لينا مجددًا.
قالت إنها تريد، بعد أن تكفر عن ذنوبها وتخرج من السجن، أن تقف أمام طفلتها بكل فخر.
لكن تلك النسخة من كارين اختفت.
على الرغم من خروجها من السجن، لم تكن لدى كارين أي نية لزيارة طفلتها. و لم يكن أكتوروس يعرف ما الذي تفكر به كارين الآن.
لم تذكر اسم الطفلة، لكن مجرد الإشارة غير المباشرة إليها جعلتها غير قادرة على إخفاء مشاعرها …
فلماذا ترفض مقابلته هو ، و حتى طفلتها؟
“توقف عن تتبعي الآن.”
“هل هذا كل ما تريدين قوله؟”
كان أكتوروس يأمل أن تتأثر كارين و لو قليلاً. إذا لم يكن هو كافيًا، كان يأمل أن تضعف مشاعرها تجاه ثمرة حبهما.
لكن كارين كانت باردة.
اختفى الاضطراب اللحظي الذي أظهرته عند ذكر الطفلة ، ودفعته بعيدًا بوجه خالٍ من العاطفة.
“أنت تعيقني. أحتاج إلى إيجاد منزل وعمل، وإذا استمررت في تتبعي هكذا …”
“إذًا، أنتِ مصرة على عدم العودة إلى ‘بيتنا’؟”
“ذلك ليس بيتي.”
“إذا أردتِ، يمكنني نقل ملكيته إلى اسمك.”
“لا حاجة لذلك.”
نظرت كارين إلى الرجل الذي يتظاهر بأنه لا يعرف ما تريده بوضوح، ثم أطلقت زفرة عميقة.
“إذا استمررت في هذا، لن أتمكن من البقاء هنا. سأضطر إلى الهروب إلى مكان لا يستطيع أحد العثور علي فيه. هل هذا ما تريده؟”
للمرة الأولى ، ظهرت شقوق على وجه الرجل الذي حافظ على وقاحته رغم رفضها المتكرر.
كان هذا الوجه هو الأقل رغبة في رؤيته من بين كل تعابيره.
لقد رأت بالفعل مرات كثيرة كيف ينهار بسببها.
لا ينبغي أن يعاني أكثر بسببها. لقد تحمل ما فيه الكفاية.
“عد إلى البيت.”
“…”
“إلى المكان الذي يجب أن تكون فيه.”
بعد هذه الكلمات، استدارت كارين بعيدًا عنه مرة أخرى.
كانت قلقة من أن يتبعها مجددًا، لكن لحسن الحظ، لم يعد أكتوروس يتبعها.
حقًا، كان ذلك للأفضل.
لأنه تخلى عنها أخيرًا.
***
في اليوم الأول، قضت الليل في مكان إقامة صغير.
كانت تواجه الرفض في كل مرة تحاول فيها إيجاد منزل.
الأسباب كانت دائمًا واحدة من اثنتين.
إما أن المال الذي تملكه كارين لم يكن كافيًا، أو أن الناس تعرفوا عليها كالجاسوسة الشهيرة بـ”المرأة القاتلة”.
تمكنت من قضاء ليلة في مكان الإقامة فقط لأنها أخفت وجهها بباروكة و قبعة.
كانت تأمل في إيجاد عمل يوفر السكن والطعام …
لكن، بالنظر إلى وضعها، لم يكن من السهل العمل في مصنع مع الكثير من الناس. وبالتأكيد، العمل في متجر يتعامل مع العملاء سيكون أصعب …
مع الكثير من الهموم، خرجت مجددًا للبحث عن منزل.
مثل اليوم السابق، اتجهت نحو ضواحي المدينة، حيث كانت أسعار المنازل أرخص بكثير.
لكن قبل أن تصل إلى الضواحي تمامًا، لفتت انتباهها منشورة.
“هذا …”
كانت منشورة تحدد موقع المبنى وإيجاره بدقة.
عندما نظرت حولها، لم تجد منشورات مماثلة على الجدران القريبة. بشكل غريب، كانت موجودة فقط في الطريق الذي تمر به كارين دائمًا.
نظرت كارين إلى العنوان المكتوب على المنشورة لفترة طويلة، ثم استدارت بهدوء إلى الاتجاه المعاكس للطريق الذي كانت تنوي الذهاب إليه.
***
كانت مالكة العمارة الصغيرة امرأة في أواخر الستينيات قدمت نفسها باسم ليندسي جينر.
قالت إنها ورثت المبنى مؤخرًا بعد وفاة زوجها.
في ظل ظروف كارين الحالية، كان إيجاد منزل وحده أمرًا تستحق الامتنان له، لكنها لم تستطع منع الشكوك من التسلل إلى ذهنها.
أولاً، على الرغم من أن المنزل يقع في الضواحي، كان الإيجار رخيصًا بشكل مبالغ فيه.
وكان المكان واسعًا وفي حالة جيدة.
لكن الشيء الأكثر إثارة للريبة كان شيئًا آخر.
“أليس هناك مستأجرون آخرون في هذا المبنى غيري؟”
لم تكن هناك أي علامات لوجود أشخاص آخرين.
“كان زوجي شخصًا مهووسًا بالنظافة …”
لاحظت السيدة جينر نظرة الشك في عيني كارين، فلوحت بيدها وابتسمت بإحراج.
“في الحقيقة، توفي زوجي بسبب مرض …”
“…”
“كان الأشخاص الذين يعيشون هنا من نوعية سيئة. ربما كان قلقًا عليَّ، فقبل وفاته، قام بإخلاء المبنى بالكامل، فأصبح فارغًا تقريبًا.”
كانت تقول إن زوجها المتوفى طرد الأشخاص ذوي السلوك السيء الذين كان من الصعب عليها التعامل معهم بمفردها.
كان هذا تفسيرًا مقنعًا.
“قد يبدو الأمر مخيفًا بعض الشيء لأنه لا يوجد أحد، لكنني سأستقدم مستأجرين جدد، وأيضًا …”
“سأوقّع العقد.”
كان التفكير قصيرًا، والقرار سريعًا.
في الحقيقة، لم يكن لديها خيارات من الأساس. أن تجد مكانًا لتعيش فيه في غلوريتا، أيًا كان، كان أمرًا تستحق الامتنان له.
“هل يمكنني الانتقال اليوم؟”
“بالطبع! أنا سعيدة بهذا الارتباط … صحيح ، ما اسمك؟”
“هل يجب أن أخبرك الآن؟”
“الاسم؟ لا داعي لإخباري الآن. سأحضر عقد الإيجار غدًا، فأخبريني حينها. إذا احتجتِ إلى شيء، ناديني في أي وقت. هذا المفتاح. تأكدي من إغلاق الباب جيدًا في الليل، حسنًا؟”
وهكذا بدأت حياة كارين الجديدة.
كانت السيدة جينر، التي بدت ودودة بشكل مبالغ فيه، تزورها من حين لآخر، قلقة على امرأة تعيش بمفردها في مبنى فارغ.
لم تكن زيارات السيدة جينر مزعجة.
ففي كل مرة تأتي، كانت تجلب الحظ الجيد لكارين.
كانت تقول إنها لن تأخذ إيجار الشهر الأول كهدية للمستأجرة الأولى، أو تحضر طعامًا قائلة إنها كانت تطهو غالبًا لسكان العمارة سابقًا، أو توظف كارين، التي كانت تبحث عن عمل، كعاملة في مخبزها.
كان المخبز في زقاق نائي لا يمر منه أحد تقريبًا، مما جعل كارين لا تضطر لمواجهة الناس.
إضافة إلى ذلك، كانت السيدة جينر تتعامل مع كارين كما لو كانت تسمع اسمها لأول مرة، وتعاملها بأريحية.
كان ذلك حظًا هائلاً.
هل كان هذا ترتيبًا من الحاكم الذي أشفق عليها؟
أم أن السيدة جينر كانت بطبيعتها شخصًا طيبًا يقوم بأعمال خيرية بهذا الشكل؟
إذا أردنا الدقة، فالاحتمال الثاني كان أكثر ترجيحًا.
لكن، من المؤكد أن هناك من دفع السيدة جينر لتكون بهذا الطيب مع خائنة للوطن.
و إذا كانت توقعاتها صحيحة ، فإن الشخص الذي يقف وراء ذلك هو …
***
رن الهاتف بصوت عالٍ.
بينما كان الخادم يمد يده ليرفع السماعة، ركضت لينا، التي كانت تلعب لعبة الغميضة مع عمها، نحوه.
“أنا! أنا! لينا سترد!”
لينا، ذات الشخصية القوية، ضربت صدرها بيدها وطالبت بالهاتف.
تردد الخادم للحظة.
كان يعلم أن هذه الفتاة العنيدة ستبكي إذا لم يحقق رغبتها.
لكن تردده لم يدم طويلاً.
كان عدد الأشخاص الذين يتصلون بالمنزل قليلًا جدًا.
وفي هذا الوقت، كان من المرجح أن يكون الدوق هو المتصل. كان من عادته أن يتصل بابنته ليخبرها إذا تأخر في العودة إلى البيت.
رفع الخادم السماعة بسهولة إلى يد لينا، التي كانت تمد ذراعيها وترفع كعبيها.
كان من الواضح لأي شخص يستمع بقليل من الانتباه أن الصوت يخص طفلة. لكن الشخص الذي اتصل ، و الذي احتاج إلى شجاعة كبيرة ليجري المكالمة، لم يدرك ذلك وبدأ يتحدث مباشرة.
[أنا ، أكتور. هل تستمع؟]
عند سماع صوت غريب، أغلقت لينا، التي كانت دائمًا ثرثارة، شفتيها في خط مستقيم.
[إذا سمعت صوتكَ ، أخشى أنني لن أتمكن من التحكم بمشاعري، لذا استمع إليّ أولاً.]
“…”
[إذا كنتَ تعرف شخصًا يُدعى ليندسي جينر ، و إذا كان سبب معاملتها الطيبة والودودة معي هو أنتَ …]
“…”
[لن أسامحك أبدًا. إذا كان لديكَ أي تبرير، تعال إلى مخبز ليندسي في شارع لورنسيا، الرقم 10!]
انتهى كلامها، ولم يُسمع من الطرف الآخر سوى أنفاس غاضبة.
“امم …”
في حياة لينا القصيرة، كانت هذه المرة الأولى التي تسمع فيها شخصًا يتحدث بصوت غاضب وبسرعة.
كان الجميع يتحدثون معها بلطف يناسب مستواها، لكن المرأة على الطرف الآخر من الخط لم تفعل.
لكنها تعرف شيئًا واحدًا.
يجب تهدئة الشخص الغاضب.
مثلما كان الجميع يحاولون تهدئتها عندما تغضب.
“أنا لينا!”
أولاً، من الأدب أن تُعرف بنفسها.
“أبي ليس في البيت. لكن من أنتِ؟”
[…]
“لماذا أنتِ غاضبة؟ هل أعاقب أبي نيابة عنكِ؟”
لكن، كان الأمر غريبًا.
المرأة التي كانت تصرخ دون إعطاء فرصة للرد في البداية، أصبحت فجأة صامتة.
لم تفكر لينا أبدًا أن المرأة ربما صُدمت وفقدت الكلام.
هزت لينا السماعة، لكن في تلك اللحظة، أدرك الخادم أن المكالمة لم تكن من الدوق، فأخذ السماعة منها، مما جعلها غير قادرة على مواصلة الحديث مع المرأة الغامضة.
نادى الخادم على الطرف الآخر عدة مرات، ثم أغلق الهاتف بتعبير متعجب.
“يبدو أن المتصل أغلق الخط أولاً … يا آنسة، مع من كنتِ تتحدثين؟”
“لا أعرف. لكن صوتها كان جميلًا. كانت غاضبة بصوت يشبه من يقرأ القصص، ودعت أبي إلى مخبز!”
تعبيرات الأطفال غالبًا ما تحير الكبار.
كانت الحقيقة أنها كانت غاضبة بصوت ناعم وهادئ، وأنها دعت من لديه تبرير للحضور إلى مكانها، لكن …
كان من الصعب تفسير ذلك فقط من كلام لينا الصغيرة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 122"