قال الحارس، الذي كان يراقب كارين بوجه متجهم طوال الوقت، كلامًا ودودًا نسبيًا.
في الحقيقة، لو سمع مواطنو غلوريتا هذا الكلام، لثاروا غضبًا، لكن كارين كانت من بين الأفضل حالًا داخل السجن.
كانت الحياة المنتظمة تناسب كارين إلى حد كبير.
صحيح أن هناك، في بعض الأحيان النادرة، سجناء آخرين كانوا يشيرون إليها بأصابعهم ويتصرفون معها بتعالٍ، لكنها لم تتأثر بمضايقاتهم.
في ظل الأجواء التي تُبرز فيها الوطنية، كانت كارين شخصية يجب الحذر منها، سواء بالنسبة للحراس أو حتى بالنسبة لباقي السجناء، الذين كانوا ينظرون إليها بنظرات أكثر حدة.
لكن عندما نفكر في اليوم الذي دخلت فيه كارين إلى هذا السجن لأول مرة، وفي السنوات الخمس التي قضتها بعد ذلك في هذا المكان البائس، فإن تصرفاتها خلال تلك الفترة تجعل من الصعب اعتبارها مجرد جاسوسة خبيثة و دنيئة.
كان هدوؤها و قلة كلامها يُعتقدان في البداية كصورة للبؤس الذي يليق بخائنة للوطن.
فالمرأة في الصورة التي كانت تُهينها كانت ترفع تنورة زي المسرح وتغري الرجال بطريقة فاحشة.
لم يُظهر الحراس ذلك علنًا، لكنهم كانوا ينظرون إليها ببرود أكبر، والسجناء لم يترددوا في البصق عليها ونبذها.
حتى اجتهادها في أداء عملها كان يُقابَل بتعليقات مثل: “ماذا كانت ستفعل غير العمل بجدية؟”
في ذلك اليوم المشؤوم، استغلت إحدى السجينات، التي كانت تُضايق كارين بشكل خاص، غياب مراقبة الحراس.
كانت تلك السجينة سيئة السمعة بما يكفي ليخافها السجناء الآخرون ويتبعوها.
أثناء عملها في النجارة، أمرت السجناء الآفيين بجلب كارين وهددتها. تظاهرت بقطع معصم كارين بأداة تصقل الخشب.
لا يعلم سواها ما إذا كانت تنوي فعلًا قطع معصمها أم مجرد تخويفها.
لكن، ربما كان ذلك عقابًا لعنفها غير المبرر.
حدث الحادث بطريقة سخيفة.
فقد أخطأت السجينة وهوت بالأداة على إصبعها هي بدلاً من كارين.
بما أن ذلك حدث بعيدًا عن أعين الحراس، لم يكن هناك من يقدم الإسعافات الأولية على الفور.
بينما هرع البعض لاستدعاء الحراس في حالة ذعر، وبينما كان آخرون يتخبطون في حيرتهم، كانت كارين هي من تحركت.
لفّت المنطقة النازفة بمنشفة لوقف النزيف، وغلّفت الإصبع المقطوع بمنديل.
بفضل ذلك، تمكنت تلك السجينة من إجراء عملية جراحية ناجحة. لفترة، كانت تتجنب كارين بحرج، لكن كارين لم تعبر عن استياء أو انزعاج.
“إذا تعافت بسلام، فهذا يكفي.”
بدت وكأنها حقًا راضية بهذا، ولم تذكر الحادث بعد ذلك بكلمة واحدة.
وفي مرة أخرى، حدث شيء مشابه.
كانت هناك سجينة توقفت عن الأكل والشرب بعد أن سمعت أن ابنها الصغير يعاني من مرض خطير ويكافح من أجل حياته.
بجانب تلك السجينة التي كانت تلوم نفسها لعدم قدرتها على رعاية ابنها أو حتى زيارته، قضت كارين الليل تسهر معها وتواسيها.
«ماذا تعرفين حتى تشفقي عليَّ؟ إذا كنتِ تشعرين بأي تعاطف معي، فاخرجي من هنا الآن! على الأقل طفلكِ … لا يزال على قيد الحياة!»
«نعم، إنه على قيد الحياة. رغم أنني لن أراه مجددًا»
«…»
«و ابنكِ أيضًا لا يزال على قيد الحياة»
على الرغم من نبذها وعدم وجود من تتحدث إليه، كانت هذه المرة الأولى التي تكشف فيها كارين عن مشاعرها الداخلية.
«لذا، تحملي»
كان الحراس، في بعض الأحيان، يلتقطون شيئًا من أحاديث كارين عندما كان دوق كلوين يزورها، لكنها منذ زمن طويل رفضت زياراته. كانت كلماتها مليئة بشوق عميق لـطفلها.
«لا يزال لديكِ فرصة لملاقاة ابنكِ مجددًا. ابنكِ يصمد، فكيف يمكن لأم أن تنهار قبل ذلك؟»
على الرغم من أنه لم يكن هناك أحد في هذا السجن، بين كل أنواع المجرمين، ينظر إلى كارين بعين الود، إلا أنها لم تتردد في مد يد العون لمن حولها عند الحاجة.
وفي النهاية، بدأ الناس في السجن يرون كارين ليس كخائنة للوطن، بل كإنسانة عادية.
إنسانة ارتكبت ذنبًا، وتندم عليه، وتشتاق دائمًا لعائلتها.
مجرد إنسانة عادية.
“ألن تعودي إلى أحضان ‘عائلتك’؟”
للمرة الأولى، طرح الحارس، الذي كان دائمًا رسميًا، سؤالًا شخصيًا على كارين. نظرت إليه كارين بعيون متسعة للحظة ، ثم ابتسمت بلطف وتجنبت الإجابة.
الحارس ، الذي كان يعرف كل ظروفها من خلال مراقبتها، لم يحاول إجبارها على الإجابة.
“شكرًا على كل شيء خلال هذه الفترة.”
“…”
“منذ اليوم الأول الذي دخلت فيه، وحتى بعده … على كل شيء.”
أومأ الحارس برأسه بوجهه المعتاد الخالي من التعبير.
كانت كلمات الشكر من سجينة شيئًا غريبًا بالنسبة له.
“لقد قمتُ بواجبي فقط.”
مخفيًا شعوره بالحرج، ردّ الحارس على الشكر ببرود و غادر المكان للحظات.
“…”
بقيت كارين وحدها، تنظر إلى ملابسها اليومية العادية، ثم مدّت يدها أخيرًا كأنها اتخذت قرارًا.
في صمت هادئ، خلعت ملابس السجن الرمادية لأول مرة منذ خمس سنوات، وارتدت بلوزة بيضاء. شعرت بالغرابة والألفة في آن واحد وهي ترتدي الملابس المألوفة.
شعرت بملمس البلوزة الغريب، ثم ارتدت تنورة تصل إلى كاحليها، وجوارب بيضاء، وأحذية منخفضة الكعب، ثم وقفت أمام المرآة.
كانت قد قصت شعرها الأشقر مؤخرًا، فلم يعد يصل إلى خصرها بل إلى كتفيها. ربطته بعناية ثم فكته عدة مرات.
بعد لحظة تفكير، قررت كارين ترك شعرها منسدلاً.
كانت صورتها في المرآة مطابقة لكارين شانير قبل دخولها السجن، لكن تعبير وجهها كان أخف بكثير مما كان عليه آنذاك.
***
“اللعنة …”
تمتم أكتوروس بالشتيمة وهو يضع حلوى بين أضراسه.
كانت تلك الحلوى، المصنوعة من إذابة السكر وتشكيله مرة أخرى، زائرًا متكررًا لفمه هذه الأيام.
بسبب الضغط النفسي الذي كان يعاني منه، كان أكتوروس يشعر برغبة قوية في التدخين، لكن المرأة التي كانت تقضي معه معظم الوقت هذه الأيام كانت تمده بالحلوى يوميًا.
“لينا” ، الاسم الذي يتدحرج بلطف على اللسان ، كانت على الأرجح تنتظره الآن بقلق.
لأن اليوم …
صرّ الباب القديم و هو يُفتح ، و ظهرت امرأة.
امرأة طال انتظارها ، و في الوقت ذاته كان يخشاها.
لحظة لا يمكن وصفها ، جاءت دون سابق إنذار.
على عكس آخر مرة رآها فيها، عندما كانت نحيفة بشكل مقلق، كانت الآن تبدو بصحة جيدة.
المرأة التي جعلته يشتاق إليها كل ليلة بدت وكأنها عاشت بشكل جيد داخل السجن.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 121"