كان في الاعتراف المفاجئ صدقٌ واضح. لكنه لم يكن كلامًا قيل بعفوية للتعبير عن مشاعر صادقة. كان بمثابة تذكير كارين لنفسها، وتعهد داخلي.
لقد كانت تحاول كبح رغبتها في اتباع قلبها والتصرف كما يحلو لها، متجاهلة الأشخاص الذين يجب ألا تنساهم، فكانت تعيد تهيئة قلبها باستمرار.
“لولاكِ، لما تمكنتُ من الصمود.”
كان وجود شخص يجب حمايته هو ما جعلها تتحمل.
وجود شخص يمكنها أن تكرس له التفاني الذي لم تستطع تقديمه لأخيها هو ما جعلها تصمد حتى الآن.
“الأمر نفسه بالنسبة لي.”
أجابت نينا و هي تحك خدها بإحراج.
“لا تعلمين كم أنا سعيدة لأنكِ أصبحتِ أختي. بالطبع، لو لم يكن لوي موجود ، لما كنتِ تهتمين بي بهذا الشكل الآن …”
احتضنت نينا كارين بقوة وهي تواصل كلامها بتردد.
“على أي حال، شكرًا.”
منذ زمن بعيد، كانت نينا هي من أبقتها على قيد الحياة.
حتى في خضم التعاسة، كانت هناك لحظات قصيرة من الهدوء والسعادة تشاركتاها معًا.
لكن ، لماذا …
لماذا يشعر قلبها بهذا الفراغ؟
حدقت كارين بعينين مفتوحتين على مصراعيهما لتمنع نفسها من البكاء في حضن نينا، وهي تنظر إلى “لوي”، الشجرة التي تهتز أغصانها الجافة في رياح الشتاء من بعيد.
***
عندما عادت إلى المنزل، قبل أن تخلع نينا معطفها، سعلت بصوت “كح”.
بدت كطفلة مشاغبة، فضحكت كارين دون أن تشعر.
“سأعد لكِ الكاكاو، فاصعدي إلى الطابق العلوي …”
توقفت كارين فجأة عن الكلام وهي تدفع ظهر نينا برفق نحو الدرج.
لقد لاحظت شيئًا أثناء حديثها.
‘ما هذا …’
رأت كارين آثار أقدام ملطخة بالطين. كان لون الأرضية داكنًا، فلم تلحظها نينا على الإطلاق لأنها كانت يصعب ملاحظتها للوهلة الأولى.
“أختي، ما الأمر؟”
“اصعدي إلى الأعلى.”
كان صوتها تجاه نينا لا يزال رقيقًا، لكنه حمل نبرة حازمة.
لاحظت نينا، من انخفاض صوتها، أن شيئًا غير طبيعي، فلم تقل شيئًا للحظة. ثم أجابت بهدوء “حسنًا” و صعدت الدرج بسرعة بخطوات خافتة.
تبعت كارين آثار الأقدام ببطء.
‘من يكون؟’
دافيد؟ أم …
عندما فكرت كارين في الشخص الأخير في ذهنها، رأت بخارًا يتصاعد من غلاية موضوعة فوق الموقد عند مدخل المطبخ.
أمسكت كارين بقطعة زخرفية، كانت على شكل هلال حاد الأطراف بما يكفي لإيذاء شخص ما إذا أرادت ذلك.
عندما وصلت أخيرًا إلى المطبخ، رأت ظهرًا مألوفًا.
“ها…”
أنزلت كارين ذراعها التي كانت تمسك بالقطعة الزخرفية كسلاح، وشعرت بالفراغ. أطفأ الرجل النار ووضع الغلاية الساخنة على الطاولة.
“عدتِ؟”
“…”
“يبدو أنكِ ذهبتِ إلى التلة مع نينا مجددًا.”
أشار الرجل إلى المقعد المقابل له وهو يصب الماء في كوب شاي.
“هل تريدين كوبًا من الشاي؟”
“ما الذي جاء بالعقيد بيرشوانت إلى هنا …؟”
“لا أحتاج إلى سبب لزيارة منزلي.”
كان كلام العقيد بيرشوانت صحيحًا.
كانت هذه الفيلا ملكًا له. تلقت كارين ، كأسيرة تُدرَّب كجاسوسة، دعم العقيد بيرشوانت كواحدة من المتفوقين.
‘متفوقة، يا لها من كلمة لطيفة.’
كانت تعرف جيدًا النوايا التي دفعته لتبنيها ومساعدتها لتجنب التخلص منها.
لم يكن ذلك مختلفًا كثيرًا عن النبلاء الذين يدعمون راقصات جميلات بحجة الرعاية لإقامة علاقات معهن.
في الماضي، كانت تعتبر “ثروة وطنية” لكوستيا، لذا لم يتمكن من لمسها.
لكن الآن، انتهت جميع العمليات، وفشلت كارين فشلاً ذريعًا في مهمتها.
في هذه الحالة، لم تكن تعرف كيف سيعاملها العقيد بيرشوانت بعد أن أصبحت بلا قيمة.
شعرت كارين بقبضتها تضغط على الكرسي تلقائيًا، لكنها أجبرت نفسها على استرخاء يدها وسحبت الكرسي وجلست مقابله.
“لم أرَكَ منذ زمن.”
“تحية متأخرة جدًا. أظن أنني لو شعرتُ بالإهانة، لن تجدي عذرًا.”
“…أعتذر.”
لم يكن العقيد بيرشوانت يحاول تخويفها حقًا.
كان يمزح بصوت مليء بالضحك، لكن كارين لم تشعر بالراحة معه على الإطلاق.
كان هناك خط خفي يفصل بينهما.
“ما زلتِ تخجلين مني.”
كان العقيد بيرشوانت يردد هذا الكلام كثيرًا عندما يكون مع كارين، خاصة عندما لا تستجيب له كما يريد أو عندما تحاول تجنبه بشكل واضح.
كان يحاول تهدئة نفسه بقوله إنها تخجل منه.
حاولت كارين أن تكون لبقة قدر الإمكان، لكن مع العقيد بيرشوانت، كان ذلك صعبًا.
كان شخصًا يثير الضيق وترغب فقط في تجنبه.
“هل لديك شيء تريد قوله لي؟”
“ما زلتِ تحبين الدخول في الموضوع مباشرة.”
“…”
“أنا مطمئن لأنكِ لم تتغيري.”
لم ترد كارين على كلام العقيد بيرشوانت هذه المرة أيضًا.
ولم يبدُ أنه يتوقع ردًا، إذ انتقل مباشرة إلى الموضوع الرئيسي.
“ستُقام حفلة في منزل أخي وزوجته. ستكونين شريكتي هناك.”
“حسنًا.”
“الفستان والحذاء ومستحضرات التجميل التي ستحتاجينها ستصل بحلول المساء.”
“حسنًا.”
كررت كارين كلمة “حسنًا” كآلة مهما قال العقيد بيرشوانت.
ففي النهاية، رأيها لا يهم، وأي رد آخر غير ضروري. لكن بدا أن ردودها لا ترضي العقيد.
توقف عن الكلام للحظة وحدق فيها.
نظر إليها طويلاً وهي تنظر إلى كوب الشاي الذي خفت بخاره دون هدف، ثم غيّر العقيد بيرشوانت الموضوع.
“سمعتِ عن أخبار ماريان لوفون، أليس كذلك؟”
“…”
“اكتُشف أنها جاسوسة وأُلقي القبض عليها. حُكم عليها بالإعدام.”
رفعت كارين رأسها لتنظر إلى العقيد بيرشوانت، التي كانت حتى تلك اللحظة تحافظ على وجه خالٍ من التعبير وموقف رسمي.
ابتسم العقيد برضا عندما رأى تعبيرًا يظهر على وجهها لأول مرة.
كانت ماريان لوفون شخصًا تعرفه كارين. لقد تدربتا معًا.
كونها جاسوسة اكتُشف أمرها، كان مصيرًا متوقعًا، لكن …
عندما سمعت أنها حُكمت بالإعدام، شعرت كارين باضطراب داخلي.
‘في النهاية، مصير الخائن للوطن هو الموت فقط.’
كان أمرًا متوقعًا. لا شك ولا شكوى.
لكن، كونها في نفس الوضع، لم تستطع إلا أن تشعر بالشفقة تجاهها.
“لكن تلك الفتاة … تسببت في مشكلة مزعجة.”
ألقى العقيد بيرشوانت جريدة كانت على الطاولة أمام كارين.
نظرت كارين إلى الجريدة ثم إلى العقيد بحذر قبل أن تفتحها ببطء.
“…”
كانت هناك مقابلة مع جاسوسة خانت وطنها. كان المحتوى صادمًا لدرجة أنه لا يمكن استهلاكه كمجرد إشاعة.
كانت أسماء جميع الجواسيس المرسلين إلى الدول المختلفة مدرجة.
وبالطبع، كان من بينهم اسم “غلوريتا ، كارين شانير”.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات