الفصل50
عندما دخلنا، شعرتُ مباشرةً بنظرات الزائرين الآخرين التي كانت تتجه نحوي ونحو الدوق بشكل واضح.
بالنسبة لي، كان الدوق مجرد جد لصديقتي المقربة، لكنني أدركت فجأة أن الجميع ينظرون إليه بإعجاب لأنه شخصية مشهورة.
“أهلاً وسهلاً بكم، سمو الدوق.”
حتى عيني المدير الذي استقبلنا كانتا تحملان فضولًا نحوي، لكنه، بصفته مديرًا مُحنكًا، وضع مشاعره جانبًا وأرشدنا نحو الداخل.
“سأرشدكم إلى الطاولة المحجوزة.”
عندما أومأت برأسي باستغراب على كلام المدير، سألت الدوق:
“هل حجزت طاولة؟”
“نعم. سيكون محرجًا لو لم نجد مكانًا بعد أن وصلنا.”
“وكيف علمت أنني سأأتي اليوم؟”
“منذ أن سمعتُ بخبر قدومك، حجزتُها.”
يبدو أن الدوق حذف عبارة ‘ من راشيل’ متفاديًا سماع المدير لها.
كون راشيل على قيد الحياة سر نعرفه نحن فقط.
‘لكن إذا كان ذلك اليوم هو اليوم الذي سمعت فيه راشيل بأخباري…’
لابد أنّ الدوق يمتلك دفتر يوميات للتواصل مع راشيل، وربما سمع الخبر في نفس اليوم، أو قبل أسبوع.
إذاً، ربما تلقى أخباري منذ أسبوع.
“…منذ ذلك اليوم؟”
“نعم.”
“إذن، ماذا عن الدفعة مقدمة؟ سمعتُ أنه يجب دفع دفعة مقدمة عند الحجز…”
“كان لا بد من إبقاء الطاولة خالية، لذا دفعت للمقهى ثمن الحجز مسبقًا.”
“يعني… كنت تدفع كل يوم لأنك لم تعرف موعد وصولي؟”
عندما سألت بدهشة، نظر إليّ الدوق بعين مليئة بالتعجب من سؤالي الواضح.
“رائع. حقًا، الدوق هو الأفضل.”
ضحك الدوق بإعجاب لتقلب موقفي السريع.
“كنت أظنّ أنّك ستتحدثين عن شعورك بالحرج و تعتذري.”
“لكن رفض مشاعرك الكبيرة تجاهي لن يكون أمرًا مهذبًا، أليس كذلك؟”
“أخيرًا يبدو أنك تخليت عن ذلك الشعور بالحياء الغريب.”
“ههه.”
“إذن، اختاري ما تشائين.”
وصلنا إلى الشرفة المخصصة، وألقيت نظرة على قائمة الطعام وطلبت ما رغبت به.
عندما أخذ المدير الطلب وغادر، سألني الدوق عما إذا كنت سأذهب لشراء ملابس بعد ذلك، لكن فجأة…
“مياو!”
سقط كامانغ الذي كان يجلس على كتفي بلطف على الطاولة، وبدأ يقفز وكأن لديه شيئًا ليقوله.
“مم؟”
ارتبكتُ من سلوك كامانغ الغريب ونظرت حولي، ثم لاحظتُ ظل شخص خارج باب الشرفة.
وبالتزامن، انفتح الباب ودخل رجل إلى الداخل.
عينا باردتان كالثلج، زرقاوان، وشعر أسود يتطاير مع نسيم الخريف، ذكّرني بشخص في ذكرياتي الباهتة.
عندما التقت عيناي بعينه، توقف شعوري فجأة قبل أن أسترجع وجهه في ذاكرتي.
توقف بصره البارد في لحظة محددة، حاملاً شعورًا غامضًا، ثم اختفى ذلك الإحساس.
“لقد جئت.”
قال الدوق بعدما شعر بحضوره، واختفى ذلك الشعور الغامض بسرعة.
“…آسف على التأخير.”
تقدمتُ خلف الدوق لننظر إلى الرجل مباشرة.
بالتأكيد لأنه وسيم، لكن الأهم…
‘لماذا ينظر إلي هكذا؟’
أدركتُ أنه يراقبني دون معرفة السبب، وكنت أتابع ذلك بصمت.
لاحظ الدوق فضولي، وقدم الرجل قائلاً:
“فيفيان، هذا الرجل سيكون حارسك مؤقتًا.”
“أوه، لا حاجة لذلك…”
“بسبب ما حدث سابقًا، شعرتُ بالقلق.”
لم يذكر الدوق التفاصيل، لكنني فهمت أنه يشير إلى حادثة محاولة اختطاف راشيل من قبل الأشرار.
‘لكن رجل غريب يظل مزعجًا.’
ربما قرأ الدوق شعوري، فأضاف:
“لقد أرسلته لك راشيل، يمكنك الوثوق به. سيكون عونًا لك.”
“راشيل؟”
“نعم، أرسلته لأنها كانت قلقة عليك.”
تلك الكلمات جعلتني أثق به بسرعة، حتى وإن بدا غريبًا قليلًا في البداية.
شعرت أن مشاعر صديقني ما زالت كما عهدتها عند شجرة تيرلاك.
وبينما كنت أزيل الحذر من قلبي تجاهه، تذكرت ما شعرت به عند أول نظرة الي له وابتسمت له و قلت.
“أعتقد أنّك تشبه الدوق كثيرًا.”
توقف كل من الدوق والرجل عند سماع كلامي.
لكن لم يكن هناك وقت للتفكير طويلًا، لأن المدير دخل حاملاً الشاي والحلوى.
بعد أن خرج المدير، أجاب الرجل عن تساؤلي نيابةً عن الدوق:
“لأنني من الفرع الجانبي للعائلة.”
“آه، فهمت.”
وافقْتُ ومددت يدي نحوه.
نظر إلي لحظةً مرتبكًا، ثم أمسك بيدي برفق.
كانت يدًا كبيرة ودافئة، مثل يد ذلك الطفلة التي أمسكت بيدي يومًا ما.
ابتسمت له بابتسامة مشرقة، شاكرة مشاعره الصادقة.
“أتمنى أن نكون على وفاق من الآن فصاعدًا.”
***
بعد الخروج من محل الحلويات ومرورنا بمتجر الملابس، حلّ الغسق.
رغم محاولتي رفض المساعدة، شاهدت الدوق يحمّل الملابس التي اشتراها على العربة، وقلت:
“سمو الدوق، سأذهب إلى النزل لأحضر أمتعتي.”
“يمكنك ارسال شخص لذلك، فلماذا بنفسك؟”
“أود التجول قليلاً في الساحة وأفكر وحدي.”
“سأرافقها.”
كان الدوق غير مرتاح لفكرة تركي وحدي، لكن الفارس تدخل قائلاً.
ابتسم الدوق خفيفًا وأقرّ:
“حسنًا، احرصي على عدم التأخر، سأجهز العشاء.”
“نعم!”
تابعت العربة حتى ابتعدت، ثم التفتُ نحو الفارس بجانبي.
قبل أن أتكلم، قال هو أولًا:
“يمكنك مخاطبتي بطريقة غير رسمية.”
‘قبل أن أجيب، كسر رسميّة الحديث!’
صوته جميل…
على الرغم من سرعة تكيفه، كان يُفترض أنه من النبلاء من فرع دوقية ايدبلين، فلا مجال للرد.
“كما تريد.”
ابتسم الفارس قليلًا، ثم تبعني على بعد خطوات قليلة.
تحت أشعة الغروب الحمراء، ظهر ظلّان طويلان.
بين الناس المتنزهين مع أحبائهم، شعرت بالإحراج للمشي وحدي.
ومع شعوري بهذا، لاحظت فجأة أن الكائن الصغير على كتفي مفقود.
“آه! كامانغ؟”
“مياو!”
ادرت رأسي بسرعة، فرأيت كامانغ على رأس الفارس النبيل.
‘متى ذهب إلى هناك؟!’
ركضت نحوهما مسرعة.
‘ماذا لو انزعج من أنه روح الظلام؟’
قلت معتذرة:
“آسفة، عادةً لا يذهب لأي شخص بهذا الشكل…”
لكنه، بلا اكتراث، رفع كامانغ برفق ووضعه على يدي.
لكن كامانغ قفز مجددًا على كتفه، ملوحًا وكأنه يريد أن يقول شيئًا.
“مياو!”
ترجمة:لونا
لو تبون فصول زيادة دي القناة تبعي في التيلي
https://t.me/+lXB1x4Toq6UzNGU0
التعليقات لهذا الفصل " 50"