كان هذا هو الاستنتاج الذي وصلتُ إليه بعد أن قضيتُ يومًا كاملًا أبحث في أرجاء القرية بأكملها.
“هذا الرجل حقًّا…!”
لقد مضت عشرة أعوام منذ أن غادرت راشيل هذه القرية.
وهذا يعني أنّه قد حان الوقت تقريبًا لبدء أحداث الرواية الأصليّة.
في الرواية، تبدأ القصة عندما يختفي أبي، فأذهب أنا، فيفيان، إلى العاصمة للبحث عنه.
لكن فيفيان لا تعثر على أبيها قطّ، حتّى لحظة موتها… بل أدقّ، حتّى نهاية الرواية.
‘حتى بعد أن تزوّجت فيفيان الأصلية من آلان، وعاشت معه… لم يظهر أبي قطّ. هذا يعني أنّه على الأرجح…’
ربّما اختفى بإرادته في البداية، لكن من المرجّح أنّه تعرّض في منتصف الطريق لحادثٍ لم يكن في الحسبان.
أما أنا، التي أعرف ما سيحدث في المستقبل، فقد كنتُ أخشى فقدان أبي أكثر بكثير من خوفي من المصير البائس الذي ينتظرني في الرواية الأصلية.
لكن لا يمكنني أن أقيّد رجلاً بالغًا وأحبسه في غرفة حتى لا يذهب إلى أيّ مكان.
لذلك، ومنذ سنوات، كنتُ أعمل على “غسل دماغه” بطريقة لطيفة… أو لعلّها أقرب إلى “التهديد”.
“سأظلّ ملتصقة بك إلى الأبد يا أبي، أعيش معك وأعتمد عليك طول حياتي. لذا… أبي، لا تتركني وتذهب إلى أيّ مكان، أرجوك؟”
“إن متَّ يا أبي… فسأموت أنا أيضًا على الفور! لذا لا تتورّط في أيّ أمرٍ خطير، هل فهمت؟”
كنتُ أظنّ أنّني نجحتُ في غرس الخوف والقلق في قلبه… وإن كان أقرب إلى التهديد أكثر من كونه توجيهًا.
لكن بعد أن صرتُ صديقةً لراشيل، ووجدتُ “كامانغ”، وصرتُ مستدعِية للأرواح، وظننتُ أنّني استطعتُ قلب مسار الأحداث الأصليّة…
كنتُ أعتقد أنّه ربّما لن نصل إلى اللحظة التي أُفارق فيها أبي.
لكن يبدو أنّ هذا الرجل لم يُصغي مطلقًا إلى كلمةٍ واحدة مما قلتُه!
‘لو كنتُ أعلم أنّه سيختفي، لربطتُه جيدًا بالأمس وأخفيتُه في مكانٍ لا يراه فيه أحد.’
في الليلة الماضية، عاد أبي من القرية المجاورة، وكانت ملامحه غريبة بعض الشيء.
لكن لسوء الحظ، تزامن ذلك مع انتهاء المهرجان، وبما أنّني كنتُ أدير المخبز طوال تلك الفترة بدلًا عنه، فقد نال مني التعبُ حتى غلبني النوم.
وحين فتحتُ عيني هذا الصباح…
كان هناك مجرّد رسالة صغيرة على الطاولة:
> {أميرتي الصغيرة
لا تهملي طعامك لأنّني لستُ هنا، ولا ترتدي ملابس خفيفة في البرد، ولا تنسي إغلاق الأبواب جيّدًا ليلًا.
أعلم أنّ أميرتي أذكى وأكثر حكمة من أبيها، وستعرف كيف تعتني بنفسها.
لكن، إذا واجهتك أيّ صعوبة في إدارة المخبز، فهناك مكان أسفل سرير أبيك… افتحيه.
تذكّري، أينما كنتِ ومهما فعلتِ… اباك سيكون دائمًا في صفّك.
يحبّك ويدعو لك… إلى الأبد.﴾
رسالةٌ عاديّة مليئة بعاطفته وحرصه كعادته، لكن شيئًا ما كان مختلفًا هذه المرّة…
لم يذكر موعد عودته.
ثمّ، ما جعل قلبي يختنق أكثر… كان ما وجدته أسفل سريره.
‘…ذهب؟’
صندوقٌ مليء بقطع الذهب اللامعة، لا أعلم متى بدأ بجمعها.
مجرّد نظرة واحدة تكفي لأدرك أنّها تكفيني لأعيش حياةً مترفة بلا عمل لعشر سنوات على الأقل.
لكنّني لم أشعر بالفرح مطلقًا.
لأنّ هذا يعني شيئًا واحدًا فقط…
‘لقد بدأ بالاستعداد لتركي منذ زمن بعيد.’
شعرتُ بغصّةٍ حادّة، واجتاحني حزنٌ خانق.
رفعتُ صوتي بالصراخ، وكأنّ ندائي يمكن أن يصل إلى أبي:
“كيف تجرؤ على ترك ابنتك الوحيدة يا عديم المسؤولية!”
***
في وقتٍ متأخرٍ من الليل… بالقرب من العاصمة، داخل قصرٍ صغيرٍ مُنعزل.
كان قائد إحدى الفرق المرتزقة يراقب بحذر، حين رأى رجلاً يرتدي قناعًا فضيًّا يظهر خارج القصر، فابتلع ريقه بعصبيّة.
‘إنّه هنا…!’
ذلك الرجل… كان زعيم نقابة تيرلاك الغامضة، التي لا يُعرف عنها سوى الاسم.
تيرلاك هي نقابة معلوماتيّة بدأت نشاطها قبل عامين فقط، لكنّها حقّقت صعودًا صاروخيًّا حتى أصبحت الأكثر نفوذًا على الإطلاق داخل العاصمة.
كانت أعمالهم تبدو مشابهة لبقيّة النقابات، لكن ما جعلهم غامضين بحقّ…
هو أنّه لا أحد يعرف شيئًا عن زعيمهم.
لا عمره، ولا أصله، ولا من أي طبقة اجتماعية ينتمي، ولا حتى وجهه… لا شيء سوى أنّه رجل.
وهذا الغموض جعل بقيّة النقابات تستشيط غيظًا، خصوصًا تلك التي أمضت سنوات طويلة تتقاتل وتتنافس للسيطرة على العاصمة.
لذلك، انطلقت كلّ نقابة في محاولة العثور على نقطة ضعف زعيم تيرلاك.
وقيل إنّهم وجدوا ثغرةً أخيرًا…
“عندما يتعلّق الأمر بشراء المعلومات المرتبطة بالأمير المخلوع ليوبريد، يتحرّك الزعيم بنفسه.”
وبالفعل، ابتلع الطُعم هذه المرّة.
لقد جاء زعيم تيرلاك إلى هذا القصر بنفسه، برفقة اثنين من أتباعه… وكان أحدهما جاسوسًا زرعته النقابة بينهم.
‘اليوم… سنكشف وجهه أخيرًا.’
كان القائد يظنّ أنّ خطّته مُحكمة.
سيُعطي الزعيم الملفّات المزيفة، ثم يجعل الجاسوس يُسقط كيس الذهب عمدًا لتشتيته، ويستغلّ تلك اللحظة لينتزع القناع من وجهه.
الخطة سارت بدقة، حتى اللحظة الحاسمة…
لكنّ الأمور تغيّرت في طرفة عين.
حين مدّ الجاسوس يده نحو قناع الزعيم…
“آآآخ!”
بسرعةٍ لا يمكن للبشر إدراكها، أمسك زعيم تيرلاك يد الجاسوس، ولوى أصابعه حتى سُمع صوت كسرها، ثمّ دار حوله، وفي لحظةٍ خاطفة… كانت خنجر الجاسوس نفسه على عنقه.
‘ما… ما هذه السرعة!’
تجمّد المرتزقة في أماكنهم، ولم يجرؤ أحد منهم على التحرّك.
لقد كان عددهم يفوق عدد أتباع تيرلاك بكثير، لكنهم أدركوا للتوّ شيئًا مُخيفًا:
مجرد مواجهته تعني الهزيمة.
ساد الصمت القاتل المكان… إلى أن قطعه صوت الزعيم البارد المتهكّم:
“هل تعتقدون أنّ أحدًا قد نجا يومًا بعد أن رأى ما خلف هذا القناع؟”
لم يُجب أحد، لكنّ الإجابة كانت ممدّدة على الأرض أمامهم… حيث كان الجاسوس يتنفّس أنفاسه الأخيرة.
“الفضول… قد يقتلكم.”
أدرك قائد المرتزقة الحقيقة المروّعة.
زعيم تيرلاك كشف أمر الجاسوس منذ البداية، لكنه تركه حيًّا ليجرّه بنفسه إلى فخّه.
كان ذلك تحذيرًا صريحًا…
إذا حاولوا التجسّس أو التلاعب به مرّة أخرى، فعليهم أن يستعدّوا لحرب شاملة مع تيرلاك.
رمقهم بنظرةٍ أخيرة، ثم رمى خنجره أرضًا بلا اكتراث، وأدار ظهره.
غادر القصر مع تابعه الوحيد، وانتقل مستخدمًا الإنتقال الفوري إلى مكانٍ آخر، حيث كان بانتظاره بوّابة سريّة.
وفي لحظة، تغير المشهد أمام عينيه…
اختفى القصر المظلم ليحلّ مكانه قصرٌ آخر ذو جدرانٍ عميقة الألوان وإضاءة خافتة.
تقدّم نحوه أحد أتباعه وقدّم له منشفةً، فمسح بها الدم العالق على قفّازاته الجلديّة وقال بصوتٍ عميق:
“تخلّص من جثّته كما تشاء.”
دخل إلى جناحه الخاص، وأغلق الباب خلفه بهدوء.
هناك، في صمتٍ تام… مدّ يده إلى قناعه الفضيّ، ثم أزاله أخيرًا.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 45"