لم تكن كلوحة السهام الثابتة، ففي مركزها لم تُحتسب نقاط، كما كان مجال العشر نقاط ضيّقًا جدًّا، في حين توسّع نطاق النقاط المنخفضة أقلّ من خمسة.
وبدأ اللوح بالدوران.
كانت ملامح راشيل هادئة كالعادة، لكنّ عينيها امتلأتا بالتركيز.
“راشيل، لا تضغطي على نفسك. أنا لا أريد دمى.”
لكن على الرغم من كلماتي، بدا أنّ الحماسة التهمت قلبها.
‘كنتُ أظنّ أنّها ستجد هذا سخيفًا.’
في تلك اللحظة، بدت حقًّا طفلة في العاشرة من عمرها.
‘لا بأس، المهم أن تستمتع راشيل.’
بينما كنتُ أراقبها، رمت راشيل سهمها الرابع.
فاخترق الهواء ليستقرّ بدقّة في نطاق العشر نقاط!
ثم لم تمهل أنفاسها لحظة، إذ أطلقت السهم الأخير.
ليصيب منطقة الخمس نقاط.
تمامًا خمس وأربعون نقطة.
النقاط الكافية للفوز بالدمى.
“واو! هذا رائع!”
صرختُ بفرح، مصفّقةً بحرارة، وقد انزاح القلق من صدري.
لكن في اللحظة ذاتها……
قووووووعـــ!
صرخت معدتي بالجوع.
‘يا لهذا الجسد عديم الشعور بالتوقيت!’
التفتت إليّ راشيل بجانبي، وحتى المربية التي كانت تراقب من الخلف نظرت نحوي.
ابتسمتُ بخجل، واضعةً يدي على بطني.
“هاهاها… يبدو أنّ اللعب أنساني الجوع.”
فقالت المربية، كأنّها كانت تنتظر تلك اللحظة:
“ما رأيك أن نشتري بعض الوجبات الخفيفة؟ فلا شكّ أنّ الآنسة والسادة الفرسان قد شعروا بالجوع أيضًا.”
“إذن، سأدلّكم على مطعمٍ مشهور هنا.”
وافقتُ بسرور، فاقتربت راشيل من جانبي تلقائيًّا، وكأنّ الأمر طبيعي.
لكن المربية منعتها بلطف.
“آنستي الصغيرة، انتظري هنا من فضلك. لا يليق أن نطلب من جلالتك أن تقوم بمثل هذه الأمور.”
“لا بأس، سأذهب معكم.”
“كلا، آنستي. سنذهب أنا وهي بسرعة ونعود. ابقي هنا واستمتعي بالجوّ واحصلي على جائزتك.”
كان المطعم مكتظًّا بالناس، والطوابير طويلة.
وراشيل، التي لا تحبّ الازدحام، لم يكن من اللائق أن أحمّلها ذلك العناء.
لذا أضفتُ بنبرةٍ مقنعة:
“صحيح، ابقي هنا راشيل. سنعود بسرعة.”
اومأت برأسها، وكأنّها استسلمت للأمر.
“إذن عُدوا بسرعة، يا مربية.”
وانطلقتُ مع المربية نحو المطعم، دون أن أدري أيّ نظرةٍ ارتسمت على وجهها وهي تلتفت خلفها نحو راشيل.
***
في زحام المهرجان، اختفت صورة راشيل بسرعة عن الأنظار.
مارغريت، التي ظلّت تحدّق في الاتجاه الذي كانت فيه راشيل، بلعت ريقها وهي تسترجع الخطة.
“تنفيذ الخطة سيكون يوم المهرجان.”
كان هذا ما قاله لها المفتّش حين اقترب منها قبل مدّة.
فقد اختار يوم الاحتفال ليكون موعد التخلّص من راشيل.
يومٌ يملؤه الضجيج، ويختفي أثر الطفلة كما لو لم تكن موجودة.
لم تكن مارغريت تحبّ راشيل، لكنها لم تربِّها أيضًا بمشاعر الأمومة.
ومع ذلك، فكرة أن تكون هي من يودي بحياتها جعلت قلبها ينقبض.
لكنّها في النهاية مدت يدها للمفتّش.
فإن لم تفعل، سيفضح أمرها أمام كالتس، ويكشف أنّها هي من باحت لسالي بسرّ راشيل.
وحينها، لن يرحمها كالتس أبدًا.
لقد صار عليها أن تترك ذلك الحبل البالي.
“سيكون لها حارس ملازم، أليس كذلك؟”
“……نعم، عادةً يرافقها اثنان.”
“إذاً، أشغليهم بجوّ الاحتفال، ليسترخوا. وعند الساعة التاسعة، حين يبدأ عرض المسرح في الساحة…”
“التاسعة……”
“حينها، خذي تلك الطفلة العاميّة بعيدًا. يجب أن تظنّ أنّ الأميرة وقعت في حادثٍ مؤسف.”
كان كالتس سيدرك أنّ وراء الأمر يد الإمبراطور المتربّص، لكن ذلك لا يهم.
فالمهم أن يبدو الموقف في أعين الآخرين وكأنّ راشيل توغّلت صدفةً في الغابة الغربيّة المحرّمة، وهناك، قُتلت على يد وحشٍ مع حراسها.
بهذا، لن يجد كالتس مبرّرًا ليثور غضبًا لوفاتها.
‘يكفي أن نشتري ثلاث وجبات ونعود، سيكون الوقت كافيًا.’
في الأزقّة القريبة، ينتظر الفرسان المختبئون ليتخلّصوا من الحرس أولًا، ثم يختطفون راشيل.
هكذا كانت خطة المفتّش.
الوقت لم يكن العائق، بل السرعة والمهارة في التنفيذ.
“صحيح أنّ جلالتها تخفي قوّتها السحريّة، لكن عند الخطر ستستخدمها. لذا، يجب أن تتمّ السيطرة عليها بضربةٍ واحدة، وإلّا أثارت ضجّة.”
“لا ينبغي الاستهانة بها إذن.”
“فإن فشلنا، سيُشدد الحذر حولها، وربما لا نحظى بفرصة أخرى أبدًا.”
كانت مارغريت قد أعطت تحذيراتها للمفتّش، والباقي صار بيده.
أعادت بصرها إلى الأمام، بعد أن سحبته من الخلف بقلق.
“هممم.”
كانت فيفيان تمشي أمامها بخفّة، تدندن بمرح.
مارغريت شعرت بالغضب يشتعل في صدرها عند رؤية براءتها الغافلة عمّا يُحاك.
‘كلّ هذا بسبب تلك الصبيّة الوقحة… لو لم تصبح رفيقة لعب جلالتها، لما شعرت سالي بالغيرة وأفشت السرّ للمفتّش!’
نعم، كان كلّ شيء نتيجة وجودها.
حتى خططها التي أرادت بها تزويج سالي، وحتى شعورها بالذنب لاضطرارها لقتل راشيل بيدها… كلّه بسببها.
“آه!”
فجأة، توقّفت فيفيان مصدومة.
توجّهت أنظار مارغريت إليها، فرأت الصغيرة تُشير بحزنٍ إلى أحد الباعة.
“لقد نفدت المكوّنات! مع أنّي ظننت أنّ الناس قليلون هذا العام.”
كان البائع بالفعل يلمّ حاجاته، بعد أن فرغ من كلّ ما جلبه.
فاتجها إلى بائعٍ آخر، لكنّه بدوره أنهى عمله باكرًا.
اقتربت فيفيان من البائع تسأله بلهفة:
“عمي، بعتَ كلّ شيء؟”
ابتسم الرجل وقال:
“آه، فيفيان! إن كنتِ تبحثين عن أسياخ الدجاج، فقد جئتِ متأخّرة. لقد بيعت بسرعة اليوم. إن أردتُ البيع غدًا، فعليّ الذهاب حالًا لجلب المزيد.”
لكنّ ابتسامته كانت مشرقة.
“آه، يا للأسف! كنتُ أريد أن أجعل الأميرة تتذوّقها.”
أجابها البائع وهو يخرج سيخًا مخبّأً:
“خذي هذا. لم أُبعه لأني احتفظت به لعشائي، لكن يمكنك أن تأخذيه. أعطِ منه للأميرة، ودَعيها تعرف أنّه من دكّاني. حسنًا؟”
التقطت فيفيان السيخ بعينين متلألئتين.
“أنتَ تاجر بارع حقًّا!”
ضحك الرجل:
“أهذا مدح؟”
“بالطبع! أن يُقال لتاجر إنّه بارع، فذلك أعظم المدح. سأُري جلالتها كم هو لذيذ.”
ثم ودّعته بمرح.
المحطّة التالية كانت البطاطا بالجبن، ولحسن الحظ، كان الكشك ما يزال مفتوحًا، لكن الطابور كا
ن طويلًا.
أسرعت فيفيان إلى الصفّ، بينما تباطأت مارغريت خلفها.
التفتت الصغيرة إليها قائلة:
“يا مربية، سأذهب أنا الآنسة لأعطيها السيخ، لا بدّ أنّها جائعة.”
تجمّدت خطوات مارغريت، متردّدة.
‘لا أعلم بعد… هل نجحوا في خطفها أم لا.’
ترجمة:لونا
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 36"