في تلك الليلة، استُدعيت مارغريت من قبل كالتيز، فتوجّهت إلى مكتبه.

“هل استدعيتني، سموك؟”

“لقد دعوتك في هذه الساعة المتأخرة لأني أريد التحدث بشأن ما حصل البارحة.”

“إن كنت تقصد ما حدث البارحة…؟”

“أقصد ما جرى مع تلك الفتاة، فيفيان.”

ارتجفت مارغريت خلسة.

بالأمس، اتهمت سالي فيفيان بالسرقة.

لكن راشيل دافعت عنها، وأخذها كالتيز اليوم إلى ضريح إيسيلا.

كان من الواضح أن ما سيُقال لاحقًا لن يصبّ في مصلحة مارغريت وسالي.

“كان يجب أن أتناول الموضوع منذ البارحة، لكن بسبب الذكرى، تأخرت في الكلام. هل اعتذرت سالي لتلك الفتاة؟”

“آه…”

“ألم تكن سالي هي من اتهمت فيفيان بالسرقة؟ إن كان هناك خطأ، فلا بد من الاعتذار.”

كان كالتيز حتى وقت قريب ينظر إلى سالي بعين الرضى.

كانت سالي قاسية مع الخدم لأنها لا ترى ضرورة لمعاملتهم بلطف، لكنها كانت دائمًا ودودة مع كالتيز.

لكن الآن، كان كالتيز يدافع عن فيفيان.

وهذا، بمعنى آخر، يشير إلى أنه يشكّ في رواية سالي التي ادعت رؤية فيفيان وهي تسرق.

“سالي قالت إنها واثقة بأن الفتاة سرقت، ولذلك لن تعتذر.”

أحسّت مارغريت بالخطر، فحاولت تبرير موقف سالي.

“لم أرَى ما حدث بعيني، لذا لا أستطيع الجزم، ولكن كما تعلم يا سيدي، سالي ليست من النوع الذي يختلق الأكاذيب.”

“هل تشكّين بأن راشيل كذبت لتغطي على فيفيان؟”

“بـ… بالطبع لا أرغب في التشكيك في الآنسة، لكن أظن أنه من الأفضل إبقاء جميع ‘الاحتمالات’ مطروحة.”

“احتمالات، هاه…”

ضاقت عيناه قليلاً وهو يرد على كلمات مارغريت.

“لا بأس، كما قلتِ، من الجيد أن ننظر إلى الأمور من جميع الزوايا.”

بدا وكأنه يوافقها، لكن…

“ومن بين تلك الاحتمالات، احتمال أن تكون سالي قد لفّقت الأمر كله لطرد تلك الفتاة التي لم ترق لها.”

“……!”

“أليس من العدل أن نأخذ هذا الاحتمال أيضًا بعين الاعتبار؟”

كلماته ونظراته أصابت مارغريت في مقتل.

وكأنه يرى الحقيقة المدفونة بين مارغريت وسالي.

“لكن الاحتمال، يظل احتمالًا لا أكثر. لا ينبغي إيذاء أحد دون دليل واضح، فقط بناء على الظنون.”

كلماته التالية لم تكن فقط دفاعًا عن فيفيان، بل أيضًا توبيخًا مبطّنًا لسالي على افترائها.

شعرت مارغريت بجفاف في حلقها، وابتلعت ريقها بصعوبة.

تعرّق كفّاها المتشابكان فوق حجرها.

“وأنتِ، بصفتك امها، لا بد أنك تعرفين ذلك جيدًا.”

عندها فقط، أدركت مارغريت أن ثقة كالتيز بها بدأت تتزعزع.

وإذا استمرت في الدفاع عن سالي، فربما لا تضيع سُمعة سالي فقط، بل مكانتها هي أيضًا.

تماسكت وردّت بهدوء.

“إنه قرار حكيم، سموك. يبدو أن مشاعري الشخصية غلبتني للحظة، فأضعت قدرتي على الحكم السليم.”

“إذن، أعتقد أنكِ ستُحسنين شرح الأمر لابنتكِ.”

“سأتحدث إلى سالي، وأقنعها بالاعتذار والتصالح مع فيفيان.”

في تلك اللحظة، سُمع صوت الساعة الجدارية يدقّ خافتًا في الخلفية.

وقد حصل كالتيز على الإجابة والطاعة التي كان يريدها، فأومأ برفق.

“لقد تأخر الوقت. يمكنك الانصراف.”

خرجت مارغريت من المكتب، منحنية بكل أدب.

طَق.

بمجرد أن أُغلِق الباب، خيّمت على عينيها نظرة باردة قاتمة.

‘كم من الصعب أن أحصل على ثقة الدوق…’

اختيار مارغريت لتكون مربية راشيل كان بمحض الصدفة.

حين عادت إيسيلا إلى قصر الدوق برفقة راشيل، كانت مارغريت الخادمة الوحيدة التي لديها طفل بنفس العمر.

عادةً ما تكون المربيات في بيوت النبلاء من أسر نبيلة سابقة، لكن كالتيز اختار مربية من داخل القصر.

فهو لم يكن بحاجة إلى “مربية ماهرة”، بل إلى “مربية موثوقة” تحفظ أسرار راشيل.

لكن نيل مارغريت لثقة كالتيز وراشيل لم يكن حظًا.

راشيل جاءت إلى القصر بعمر يناهز الخامسة، وكان من الصعب كسب قلب طفل قد كوّن بالفعل رابطًا وثيقًا مع والدته.

ولأجل كسب قلبها، كم من الوقت والجهد بذلت مارغريت!

‘وكل ذلك يكاد يضيع بسبب فتاة تافهة…!’

عضّت مارغريت على شفتيها من الغيظ.

لكن لحسن الحظ، فيفيان ما زالت تجهل حقيقة أن راشيل فتى.

وسرّها هذا، الذي لا يعرفه أحد سواها، سيكون ذريعة جيدة تمنع كالتيز من التخلي عنها.

‘لا يزال هناك وقت.’

صحيح أن الطرق السابقة لم تنجح، لكن يمكن التفكير بخطة جديدة.

‘سأنتظر الفرصة بهدوء.’

وسارت مارغريت ببطء، متوارية داخل ظلام الرواق.

*

***

“إذن، و هكذا نكون قد أنهينا درس اليوم.”

خرج المعلم الذي أنهى الدرس الأخير لليوم، وبقيت أنا وراشيل في الغرفة وحدنا.

وكان ما تبقّى من الوقت هو وقتنا الحر.

عادةً ما كنّا نستمتع بشاي بعد الظهر تحت ظل الشجرة في الحديقة الخلفية، لكن اليوم لم يكن ذلك ممكنًا بسبب المطر.

وبينما كنت أفكر في ما يمكن فعله في هذا الجو الكئيب، لمعت فكرة في رأسي وسألت راشيل:

“راشيل، بما أن الجو ممطر، هل يمكننا اللعب في القبو؟ أريد أن أراكِ وأنتِ تتدرّبين على السحر!”

“حسنًا، هيا نذهب.”

خرجنا معًا من الغرفة.

كان صوت المطر يتساقط بقوة على النوافذ، ومن خلف الزجاج ظهرت الغابة الكثيفة بلونها الأخضر العميق.

كان مشهدًا صيفيًا بامتياز.

‘لقد مرّ بالفعل شهران منذ ذكرى وفاة والدة راشيل.’

شهدت علاقتنا العديد من التطورات خلال تلك الفترة.

ومن أهمها… القبو!

بعد عدة أيام من الذكرى، اصطحبتني راشيل إلى قبوها.

لم يكن قبوًا عاديًا، بل كان يقع أسفل غرفتها، تُنزلك إليه سلالم خفية، وكان واسعًا لدرجة يمكن تسميته بساحة تدريب.

هناك، كشفت لي راشيل عن قواها السحرية التي كانت تخفيها.

وأخبرتني أيضًا عن طبيعتها الخاصة التي تمكّنها من امتصاص المانا من محيطها.

بالطبع، بما أنني أعرف القصة الأصلية، لم اتفاجئ كثيرًا بهذه المعلومات.

‘لكنني كنت سعيدة.’

أن تثق بي راشيل لتخبرني بسرّها، يعني أنها أصبحت تثق بي أكثر.

وكان هناك أيضًا تغيير آخر…

“هل… حقًا تكرهين الأولاد؟”

بينما كنا نلعب معًا كعادتنا، سألتني راشيل أحيانًا بهذا السؤال وبجدية واضحة.

“نعم. لا أحب الأولاد. أريد اللعب معكِ فقط، راشيل.”

عندما أجبتها، أظلمت ملامح راشيل.

‘همم؟ هل هذا لم يكن الجواب الذي كانت تنتظره؟’

أخذت أفكر وتوصّلت إلى تفسير ممكن.

‘هل تخاف راشيل أن أتزوج فتى يومًا ما وأبتعد عنها؟’

وجدت خوفها هذا لطيفًا ومؤلمًا في الوقت ذاته.

وفي جانب آخر، كنت سعيدة لأني أصبحت شخصًا مهمًا في حياتها.

ولكي أُطمئن راشيل، قررت أن أصرّح بفلسفتي في الحياة.

“لن ألعب مع الأولاد، ولن أمسك أيديهم. ربما أحييهم أحيانًا، فقط هذا.”

“…”

“فلا تقلقي، راشيل!”

لم أفهم تمامًا لماذا بدا على وجه راشيل الارتباك بعد سماع تعهّدي…

لكن بعد ذلك، لم تتحدث عن الزواج أو الأولاد مرة أخرى.

‘أعتقد أنها اطمأنت الآن.’

وهكذا، أصبحت علاقتنا أوثق من ذي قبل.

آه، وبالمناسبة، حدث أيضًا أك

بر تغيير منذ ذلك اليوم…

“آميرة.”

في اللحظة التي كنت أسترجع فيها ذلك التغيير، بينما أحدّق في الغابة خلف النافذة…

ظهر كبير الخدم.

“يرغب الدوق في دعوتكما لشرب الشاي. وبالطبع، أنتِ مدعوة أيضًا يا فيفيان.”

ترجمة: لونا