داخل العربة التي كانت تعود إلى القصر بعد أن امتلأت بالهدايا.
كانت راشيل غارقة في أفكارها وهي تنظر من النافذة إلى المناظر الطبيعية المارة، حينها شعرت فجأة بثقل على كتفها فانتفضت.
“أمم…….”
كان رأس فيفيان الصغير التي غفت على كتفها.
الطفلة التي كانت تأكل الحلوى بنهم بجسدها الصغير، كانت تُصدر صوتًا وكأنها تتذوق شيئًا حتى في نومها.
ضحكت راشيل بخفة من هذا المشهد، ثم انتبهت أن فيفيان لا تزال تمسك بيدها حتى وهي نائمة، فأخذت تحدق فيها بصمت.
“سأظل بجانبكِ، آنستي.”
لقد كانت المرة الأولى.
‘كانت المرة الأولى التي يمسك فيها شخص آخر غير أمي أو مربيتي بيدي.’
لا، ليس بالضبط…
لأول مرة، لم يرفض تلك اليد التي امتدت نحوها، خوفًا من أن يُكشف سره الذي كانت تخفيه دومًا.
كانت فيفيان هي الأولى.
لسببٍ غريب، لم يستطع رفض يد هذه الطفلة.
في تلك اللحظة، كانت عيناها العسليّتان المتلألئتان تشعان بشكل مدهش وهي تنظر إليها.
وكانت يدها الصغيرة دافئة وناعمة، لدرجة أنها لم ترد أن تفلتها أبدًا.
لكنه لا يزال يخاف ويكره أيدي الآخرين.
فنسى أن يرفض يدها.
فقط فيفيان كانت الاستثناء.
لأن هذه الطفلة كانت إلى جانبه.
ومهما حدث، لن تهرب وتتركه.
لكن…
“وهل تحبينه أيضاً؟”
“طبعاً، لأنه صديقي.”
ضاقت عينا راشيل عندما تذكرت المشهد مع فيفيان وبيتر في المتجر العام في وقت سابق.
“أنا لست مميزة بالنسبة لفيفيان.”
مجرد واحد من العديد من الأصدقاء
والفرق الوحيد، أنه من طبقة لا يستطيع الأطفال الآخرون الاقتراب منها بسهولة.
وهذا ليس ما يجعله مميزا، بل ما يشكل حاجزًا.
صحيح أنه سمح لـفيفيان بتجاوز هذا الحاجز والدخول، لكن… ذلك لا يكفي.
‘لا أريد أن أكون مثل أي صديق آخر.’
‘لا أريدها أن تحبني بنفس الطريقة التي تحب بها الأطفال الآخرين.’
‘أريدها أن تنظر إليّ فقط وتمسك بيدي.’
‘لا أحد آخر.’
‘أحبيني أكثر.’
‘لا، بل… حتى هذا لا يكفي.’
‘… أريد أن تحبيني وحدي.’
أتمنى أن أكون الشخص الوحيد بالنسبة لك، تمامًا كما أنت الشخص الوحيد بالنسبة لي.
بينما كان راشيل يفكر في كيفية جعل نفسه مميزًا أمام فيفيان، تذكر شيئًا قالته له فيفيان ذات يوم.
“يتشارك الأصدقاء الأسرار، حتى تلك التي لا يستطيعون البوح بها، وهذا ما يجعلهم أصدقاء أفضل.”
مشاركة الأسرار تجعلك صديقًا أفضل.
وبينما كان يفكر في هذا القول، أدرك فجأة أنه لم يخبر فيفيان بأي من أسراره بعد.
الأول كان…
“فيفيان لا تعرف طبيعتي بعد.”
إن المرض الذي يؤلمكِ، يهدأ فقط عندما تمسكين بيدي.
‘هل ستبقين بجانبي إذا أخبرتكِ بذلك؟’
بالطبع، أعلم أن استغلال مرض فيفيان فكرة سيئة.
لكن على الرغم من أن عقلي يقول ذلك، لا أستطيع إلا أن أشعر بالسعادة لأن لدي عذرًا للاحتفاظ بها.
وثانيا.
“إذا اكتشفت أنني رجل… هل ستكرهني؟”
شعر راشيل بالقلق لبعض الوقت، ثم قرر أن كل شيء سيكون على ما يرام.
إنها تعلم أن الإمبراطور يراقبني، وهي تبقى بجانبي، على الرغم من أنها تعلم أن الأمر محفوف بالمخاطر.
“سأخبرها عندما تستيقظ.”
وبينما فكر بذلك، أمسك راشيل بيد فيفيان النائمة بإحكام.
* * *
فتحت عيني بعد غفوة قصيرة، فوجدت أننا قد وصلنا إلى الفيلا.
طلبت من الفرسان أن يحملوا الهدايا التي جلبناها، ثم صعدت مع راشيل إلى الغرفة بهدوء.
“يا ترى، هل ستعجب الهدايا الخادمات؟.”
ثم سيكونون قريبين من راشيل في أي وقت، أليس كذلك؟
صعدت الدرج، وكان قلبي ينبض بقوة من الترقب، وتمكنت من رؤية وجه راشيل خلفي.
حدقت بي راشيل، وكان وجهها غارقًا في التفكير.
حركت رأسي وسألت.
“ما الخطب يا راشيل؟”
ترددت راشيل للحظة ثم قالت بنظرة تصميم.
لديّ شيء أريد أن أقوله لاحقًا.”
“شيء تريدين قوله؟”
“نعم. قبل أن تغادري.”
ما هذا؟ عندما تقوله هكذا، أشعر بالفضول.
“لم لا تقولينه الآن؟ أنا فضوووولية!”
“ليس الآن.”
نظرت حولها إلى الخدم المارين بالقرب منا، ورفضت بحزم..
كنت أموت من الفضول، لكن طالما أنها قالت لا، فقد قررت ألا أضغط عليها.
‘لدي أشياء أكثر أهمية للقيام بها الآن!’
وحين وصلنا أمام الغرفة، رأينا اثنتين من الخادمات تقفان في الانتظار.
“أهلًا بعودتك، آنستي!”
راحيل، التي كانت على وشك دخول الغرفة دون تلقي تحيات من الخدم كالعادة، توقفت عندما أمسكت بيدها ولم تتحرك.
لقد ضغطت على يد راشيل، في إشارة لها.
“الآن، هيا يا راشيل، افعلي ما قلته لك في القرية!”
المرحلة الأولى في الخطة للتقرب من الخادمات!
ترددت راشيل بوجه لا يُخفي عدم ارتياحها، ثم قالت بصوت خافت وهي تنظر إلى الأسفل:
“…نعم، لقد عدت.”
أحسنتِ، هذا رائع.
الخطوة الأولى في تكوين الصداقات هي دائمًا التحية، أليس كذلك؟
وبطبيعة الحال، سواء تجاهلت الأميرة النبيلة خادماتها أم لا، فإنهن سوف يطيعن راشيل.
“لكن العلاقات الإنسانية لا تنجح إلا إذا كانت متبادلة.”
ما حدث للتو كان أول خطوة من طرف راشيل لبناء علاقة متبادلة بدلًا من علاقة طاعة فقط.
نظرت إلى وجهي الخادمتين بفخر.
وكما توقعت، كانتا تنظران إليها بدهشة
لكن راشيل خجلت كثيرًا، فلم تلتفت إليهما حتى، ودخلت الغرفة مسرعة.
‘كان عليها أن تدعوهم للدخول وتقول إن هناك هدايا أيضًا.’
حسنًا راشيل ما زالت تشعر بعدم ارتياح تجاههن، لذا لا بأس.
ابتسمتُ بسعادة وقلت بدلًا عنها.
“أيمكنكما تخصيص بعض الوقت؟”
هل تحتاجين إلى شيء؟”
“لا لكن، الأميرة لديها هدية لكما.”
“هدية؟”
أدخلتهما الغرفة وهما في حالة ذهول، ووجدنا راشيل تقف أمام الصناديق التي سبق أن وضعها الفرسان.
اقتربت من الصناديق وأخرجت زجاجتين تحتويان على سائل شفاف.
ناولتهما للخادمتين واحدة لكل منهما.
“ما هذه يا آنسة؟”
الخادمتان، وقد فوجئتا بهذه الهدية غير المتوقعة، نظرتا إليّ و إلى راشيل بتعجب.
لقد شرحت نيابة عن راشيل.
هذا منتج تجميلي مشهور في قريتنا مؤخرًا. تغسلين وجهكِ وتضعينه بعد ذلك، سيجعل بشرتكِ ناعمة كالحرير.”
“آه، سمعت عنه، وكنت أفكر في الذهاب لشرائه!”
كان من الواضح أن الخادمتين تأثرتا بالهدية.
حسنًا، كان من المتوقع حدوث ذلك.
صحيح أن راشيل هي من دفعت الثمن، لكني أنا من اخترت الهدية بعناية.
نظرت إلى راشيل بفخر.
حين اخترت هذه الهدية، لم تفهم لماذا اخترت هذا بالذات.
“بالطبع، الطعام هو هدية أكثر فعالية للغرباء، ولكن هناك الكثير من الطعام في الدوقية، وأنا متأكدة من أنه لن يعني أي شيء للخادمات.”
“ماذا عن المنتجات المحلية؟”
“نعم، إنها لذيذة لكن الطعام يُستهلك سريعًا.”
“هذا صحيح.”
“أما الهدايا التي تُستخدم لفترة طويلة، فتجعل الشخص يتذكركِ في كل مرة يستخدمها؟”
وقد أصبتُ تمامًا.
الآن، في كل مرة تستخدم الخادمتان هذه الزجاجات صباحًا أو مساءً، ستتذكران راشيل.
وهكذا، نجحنا في المرحلة الأولى من خطة التقرب.
مم، الجو مناسب لأخذ خطوة أخرى!
أضفت بذكاء.
“قالت آنستي إنها آسفة لأنها لم تستطع العناية بكما منذ أن وصلت من العاصمة.”
نظرت إليّ راشيل بعينين مصدومتين.
“متى فعلت…؟”
كأنها تسأل.
لكن الخادمتين، غير المدركتين لما يحدث بيننا، تأثرتا جدًا ووجهتا لها الشكر.
“لا داعي لأن تهتمي بكل هذا من أجلنا… نحن ممتنات جدًا. سنبذل جهدًا أكبر من الآن فصاعدًا!”
تغيرت نظرات راشيل قليلاً، بدت متوترة بعض الشيء.
لقد حصلت على الهدايا لأنني دفعتها للقيام بذلك، لكنها لم تتوقع أن هدية صغيرة كهذه ستغير علاقتهما.
ولأنها لم تكن متأكدة مما يجب أن تقوله، نظرت إلي.
‘أشعر بالمرارة عندما أرى راشيل مندهشة.’
هذا الوجه المتفاجئ يعني أنها لم تكن تملك ذرة أمل.
وهذا يعني أنها كانت وحيدة… إلى هذه الدرجة.
ترجمة:لونا
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 20"