4
4
[الفصل الأول: لا تتجاهل جارًا يحتاج إلى المساعدة]
ما إن قرأ هايدن الجملة الأولى حتّى أومأ برأسه بحماس.
كانت قريةً صغيرةً لا يعيش فيها سوى قلّةٍ من الناس.
أفضل طريقةٍ للتأقلم بسرعةٍ مع أشخاصٍ لا تعرفهم هي ألّا تتجاهل جارًا يحتاج إلى المساعدة.
كانت استراتيجيّةً رائعة.
خرج هايدن من المنزل الذي لا يزال يتمّ ترتيب أغراضه، وجلس على كرسيّ الشرفة ليواصل قراءة الكتاب.
كان الكتاب يسرد بدقّةٍ أنواع المساعدة التي يمكن تقديمها للجيران، مثل إصلاح مصباحٍ معطّل، إعارة آلةٍ لقصّ العشب، أو إعارة توابل أو مكوّنات الطبخ.
تمتم هايدن بالأمثلة المذكورة في الكتاب وهو يقرأ بعناية.
‘من يدري متى قد أحتاج إلى تطبيق هذا.’
فجأة، سمع صوتًا أزعج تركيزه وهو غارقٌ في القراءة.
بما أنّ المنزل المجاور لم يكن بعيدًا، كانت الأصوات الخارجيّة تصل بوضوح.
‘ما هذا؟’
حالةٌ تستدعي استدعاء الشرطة؟ أغلق هايدن الكتاب قليلًا وقام من مكانه.
“السيّدة إيلا، اهدئي قليلًا وانظري إلى الإشعار الذي قدّمناه بعناية…”
“اخرجوا من هنا فورًا!”
أدرك هايدن على الفور أنّ هذا الوضع هو بالضبط ما تحدّث عنه الكتاب.
‘لا تتجاهل جارًا يحتاج إلى المساعدة. أليس هذا هو الموقف المقصود؟’
“ما الأمر؟”
على الرغم من إرهاقه من السفر بالعربة طوال الليل، لم يرد تفويت فرصةٍ لترك انطباعٍ جيّد لدى جيرانه الذين سيقابلهم كثيرًا في المستقبل.
كان قد اعتاد على حضور مناسباتٍ عامّة لم يرغب بها، ممّا صقل مهاراته.
“آه، نحن محقّقون من البنك المركزيّ. هذه السيّدة ترفض تنفيذ سلطتنا العامّة، فحدثت بعض الضجّة…”
“ما الذي تقولونه! المحتالون وقحون حقًّا!”
كانت إيلا صغيرة الحجم، لكنّها لم تبدو خائفةً من مواجهة رجلَين بالغَين.
وجهها، طولها، وأطرافها لم تكن تتناسب مع قوّتهما.
‘بالمناسبة، يتحدّثون عن إشعارٍ وسلطةٍ عامّة، يبدو أنّها اقترضت مالًا من البنك.’
إذًا، هناك شيءٌ واحدٌ يجب فعله.
“هل يمكنني رؤية بطاقات هويّتكم؟”
“آه… نعم، نعم.”
كان هايدن معتادًا على التعامل مع الوثائق.
بعد أن تفحّص هويّاتهم وأوراقهم بسرعة، استنتج:
“أنتم محقّقون من البنك المركزيّ.”
“نعم، نعم! بالضبط. نحن لسنا أشخاصًا مشبوهين كما تعتقد…”
لم تظهر على الهويّات أيّ علامةٍ للتزوير، والوجوه كانت مطابقةً تمامًا.
شعر هايدن بخيبة أملٍ طفيفة.
للأسف، لم يكن هناك خطأ في الهويّات.
‘كنتُ أتمنّى أن أعيش حياةً ريفيّة هادئة مع الجيران أثناء النقاهة، لكن يبدو أنّ مدينةً تسكن بجواري.’
‘مدينةً.’
‘لا تبدو كذلك على الإطلاق…’
ألقى هايدن نظرةً سريعة على عينيها البريئتين، وشعر بالأسف فجأة، فمرّر يده على شعره دون سبب.
“وقّعي.”
“من أنتَ؟”
“انتقلتُ اليوم إلى المنزل المجاور. بما أنّ الهويّات سليمة، والوثائق التي يجب أن توقّعيها لا مشكلة فيها، وقّعي بسرعة وأعيديهم.”
بعد التأكّد من سلامة الهويّات، تذكّر هايدن إشعار البنك المركزيّ الذي ذكره العامل الذي كان يرتّب الأغراض في صندوق البريد.
شعر أنّ الأمور بدأت تتّضح بعد أن وجد المستلم غريبًا.
“وجدتُ بريدكِ في صندوق بريد منزلي.”
“ماذا؟”
“لم أعرف لمن هو، فتركته كما هو، لكن يبدو الآن أنّه بريدكِ.”
بينما كانت إيلا تقرأ البريد لوقتٍ طويل، بدأت ملامحها تتصلّب.
من وجهها، بدا أنّها اقترضت مالًا كما توقّع.
“إذا تسبّبتَ في أيّ ضررٍ ماليّ لي بسببكَ، سأرفع دعوى قضائيّة بكلّ ما أملك.”
كان تمسّكها بكبريائها لطيفًا بعض الشيء، لكن ذلك كان كلّ شيء.
“افعلي ما شئتِ.”
“انتظر، سأثبت بالتأكيد أنّ هذا المال ليس من اقتراضي. وإذا تأكّد ذلك، سيكون عليكَ أن تركع أمامي.”
ضحك هايدن بهدوء على جرأتها.
لم يكن هناك من يجرؤ على إجبار ماركيز لينغتونبير على الركوع، وبالأخصّ لم تكن فتاةً في بداية العشرينات لتقول كلامًا جريئًا كهذا.
‘لو عرفت من أنا، ستُصدم بالتأكيد.’
من الواضح أنّها عاشت طوال حياتها في الريف، فلم تتعرّف على أناقته النبيلة.
فوق ذلك، من الذي أخبرها عن موظّفي البنك المركزيّ وساعدها؟
‘ألستُ أنا، هايدن ريهير لينغتونبير؟’
كان من المنطقيّ أن تشعر بالامتنان.
‘لكنّ البداية جيّدة. يجب أن أكون متسامحًا.’
[الفصل الأول: لا تتجاهل جارًا يحتاج إلى المساعدة]
ابتسم هايدن بفخرٍ بعد أن أكمل الفصل الأول في أوّل يومٍ له بعد الانتقال.
* * *
كانت إيلا مستلقيةً على أريكةٍ بغطاءٍ مهترئ قليلًا، تحدّق في السقف لساعات، وأمامها فطيرة اللحم سيّئة الطعم.
كانت علبة البيرة الثالثة تتدحرج على أرضيّة الأريكة.
لم يكن هناك شيءٌ في هذا المنزل لم تمسّه يد إيلا.
غطاء الأريكة المصنوع يدويًّا من قطع قماشٍ متنوّعة، الجدران التي نظّفتها من بقع العفن بعناية وأعادت طلاءها، والأرضيّة الخشبيّة المصقولة حتّى لمعت.
وهل هذا كلّ شيء؟
الزهور في الحديقة، المحاصيل في الحقل، وحتّى شجيرات التوت الأسود المحيطة بالمنزل، كلّها كانت نتاج جهد إيلا وتفانيها.
كم تعبت لتجعل هذا المنزل منزلًا حقيقيًّا.
“هاه…”
خرجت تنهيدةٌ تلقائيّة.
سارت إيلا بجسدها الثقيل نحو الخزانة.
شعرت أنّ عليها التحقّق مرّةً أخرى من وثيقة المنزل الثمينة التي أخفتها بعناية.
صـريـر-
فتحت الدرج فوجدت الوثيقة محفوظةً كما تركتها.
أخرجت إيلا بطاقة تسجيل سكّان الإقليم ووثيقة المنزل، وعادت إلى الأريكة لتتفحّصها بعناية.
لفت انتباهها شهادةٌ تثبت أنّها ورثت هذا المنزل بشكلٍ قانونيّ.
المالك: لافييلا أونسيديوم.
كان المنزل بالتأكيد ملكها.
كان جدّ إيلا، الذي أمضى حياته يعمل في مستشفى ريفيّ لخدمة المرضى، قد حصل على لقب أونسيديوم.
لم يُمنح لقبًا نبيلًا أو إقليمًا كباقي النبلاء، لكنّه كان أعلى تكريمٍ يمكن أن يحصل عليه عاميّ.
بالطبع، كانت هذه قصّةً سمعتها إيلا.
جاء إليها إسكوك، تلميذ جدّها، قلقًا بعد أن فقدت إيلا الاتصال لفترة.
قال إنّ لافييلا هي الوحيدة المتبقّية من العائلة المباشرة.
بما أنّ جدّها عاش ببساطة، كان هذا المنزل هو الإرث الوحيد، لكنّه كافٍ لضمان عدم جوعها في المستقبل.
كان إسكوك لطيفًا لدرجة أنّه جلب لها الدواء عندما استيقظت بعد أيّامٍ من المرض.
‘آسفة يا عمّ إسكوك، لقد خُدعتُ وفقدتُ المنزل الذي ورّثه لي جدّي.’
تدحرجت علبة البيرة الرابعة على الأرض.
لم يتبقَّ لها سوى وقتٍ قليلٍ مع هذا المنزل.
الوحيدة التي كانت لتؤنسها هي فطيرة اللحم السيّئة من الجار…
‘ربّما أتناول بعض التوت الأسود.’
تذكّرت فجأة سلّة التوت التي رأتها عند دخولها المنزل.
نظّمت إيلا علب البيرة المتناثرة وقامت من الأريكة.
‘حسنًا، سأخرج إلى الفناء لأستفيق من الخمر.’
“هااه!”
عندما خرجت وتمطّت، شعرت ببعض الراحة.
كان الهواء البارد في الخارج منعشًا.
المناظر الريفيّة الهادئة الخالية من ناطحات السحاب وضوضاء السيّارات…
طق-!
ما هذا الصوت؟
طق-!
أدارت إيلا رأسها نحو الصوت الذي أزعج راحتها.
كان الصوت يأتي بدقّةٍ من فناء المنزل المجاور.
طق-!
عبست إيلا عند سماع صوت الطرق المتكرّر.
‘ماذا كان يفعل بالنهار حتّى يفعل هذا ليلًا؟’
ربّما بسبب تأثير الكحول، شعرت بفضولٍ وجرأةٍ غير معتادَين.
لم تكن مهتمّةً عادةً بالآخرين، ولم يكن التدخّل في شؤونهم من طباعها، لكنّها اليوم أرادت فعل شيءٍ غير معتاد.
بما أنّ المنزل المجاور لم يكن بعيدًا، كان بإمكانها رؤية ما يحدث ببضع خطوات.
طق-!
“اسمع!”
طق-!
“ماذا تفعل في هذا الوقت المتأخّر؟”
غطّى صوت الطرق على صوت إيلا، فلم يُسمع.
جمعت المزيد من الشجاعة واقتربت من الباب.
طق-!
كان صوت المطرقة يدوّي بقوّة، يضرب أذنيها.
“هل تسمعني؟!”
طق-!
“…المعذرة- آآه!”
“آآه!”
“يا إلهي، لقد أفزعتني!”
صرخ الجار فجأة، فتراجعت إيلا بضع خطوات.
ثم…
‘ما هذا؟ أنا من تفاجأت، فلمَ هو من سقط؟’
نظرت إيلا بحيرةٍ إلى الرجل الذي سقط، ثمّ هرعت لفتح الباب.
“هل أنتَ بخير؟!”
✧ تـرجـمـة: مـيـل ~☆
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 4"