وضعت مابيل سبّابتها على شفتيها بقلق، فالتزم كليك الصمت متأخرًا وهو يعضّ شفته ويتلفّت حوله.
لحسن الحظ، لم يظهر أحد.
“هوف، لقد كدت تُفضحنا، بحق…”
“آه… آسف…”
خفض رأسه وقد انكمشت كتفاه، وقال بصوتٍ واهن:
“لكني كنت قلقًا عليك يا مابيل…”
“أعلم، وأقدّر ذلك. لكن هذا الجرح أنا من صنعته.”
“هاه؟ أنتِ بنفسك؟”
“نعم، أبي أعطاني منوّمًا، فطعنت نفسي لأبقى مستيقظة.”
تفوّهت بالأمر كأنه لا يساوي شيئًا، لكن ظلًّا قاتمًا ارتسم على وجه كليك.
“كنتُ أظنها مجرد شكوك… لكنه حقًا أعطاك منوّمًا…”
غرز أسنانه بقوّة وهو يتذكّر وجه كيسار البارد حين أمر بإعطائها الدواء.
مدّت مابيل يدها تربّت على كتفه لتهدّئه:
“دعنا من هذا. قل لي، كيف جئت إلى هنا أصلًا؟ لا تقل إنك اختبأت في العربة مثل آسيلت.”
حين غادرت مابيل القلعة كان كليك يغطّ في النوم، ولم يخطر ببالها أن يكون قد تبعها.
هل جاء مع أحد البالغين؟ هكذا تساءلت، قبل أن يجيب كليك ببراءة:
“هربت من البيت!”
ارتجّ عقل مابيل للحظة، وكادت الدنيا تدور بها.
وضعت يدها على جبينها المصدوعة وأغمضت عينيها بقوة.
“مابيل، هل يؤلمك رأسك؟”
أما مسبب الصداع، فقد أخذ يقارن حرارة جبينه بجبينها بقلق.
“لم يكن أحد ينوي البحث عنك، فاضطررت للمجيء وحدي. ظننت أن آسيلت سيكون هنا أيضًا، أين هو؟”
“هاه… لقد عاد.”
“عاد؟ وحده؟ لماذا!”
“قال إنه لن يعود وحده، لكن عندما رأى أنك أُمسكت، رجع.”
تنهدت مابيل قائلة:
“بغيابه ستعمّ الفوضى في القلعة. فلا بد أن يشرح الموقف.”
“تسك، ومع ذلك… يتركك هنا وحدك… آه! لعلّه وثق بي؟”
انفرجت عيناه فجأة وهو يبتسم بحماسة:
“ربما ظنّ أنني أستطيع وحدي إنقاذك! أتعلمين؟ لم أخسر أمامه أبدًا في المبارزة بالسيف!”
رفع رأسه مزهوًّا وقال بثقة:
“فلتعتمدي عليّ!”
لكن مابيل ما إن سمعت كلماته حتى تذكّرت يومًا قديمًا حين تسللا من القلعة سرًّا؛ آنذاك وثقت به أيضًا، لكنهما كُشفا.
فأطرقت رأسها نافية.
“مابيل، ألستِ تثقين بأخيك هذا؟!”
هبّ كليك واقفًا، ممسكًا بدبوس الشعر كأنه سيف، مستعدًّا ليُثبت مهارته في الحال.
“انظري جيدًا يا مابيل! هذه ضربة نايتلي سورد الأولى، وهذه….”
“آه، أصدقك! أصدقك حقًا! لذا أرجوك فقط ابقَ هادئًا…!”
أسرعت مابيل بالتشبث بخصره قبل أن يبدأ كليك بإحداث فوضى حقيقية.
“شوووش، شوووش! أرأيتِ؟ ألا أبدو رائعًا؟”
لكن كليك، وقد أُسِر على يد العدو، ثم تلقى المساعدة من أخته التي كان يفترض أن يحميها، لم يتوقف بسهولة.
“حقًا!”
رفعت مابيل صوتها قليلًا ترجوه أن يهدأ.
ارتطمت خطوات ثقيلة على الدرج الموصل بالطابق الأرضي.
وفي تلك اللحظة، توقفت يد كليك الممدودة في الهواء استعدادًا لقطع خصمٍ وهمي.
وكذلك فعلت مابيل التي كانت تهمّ بتوبيخه ويديها على خاصرتها.
حبس الاثنان أنفاسهما غريزيًا، وتبادلا النظر بأعين متسعة.
كانت الخطوات الثقيلة تتجه مباشرة إلى السجن السفلي.
‘من تراه يكون؟’
ارتجفت عينا مابيل الصغيرة من الخوف، فابتلع كليك ريقه بصعوبة وهمس:
“لا تقلقي يا مابيل، سأحميك.”
أرادت أن تقول: “ما زلت تردد ذلك؟” لكن عندما رأت ظهره المنتصب وهو يخطو أمامها ليغطيها بجسده، أطبقت شفتيها.
كان كليك واقفًا بثبات لا يقل عن ثبات فارسٍ حقيقي، حتى لتساءلت مابيل: هل هذا هو الأخ المتهور الذي أحدث كل تلك الضوضاء قبل قليل؟
ورغم تماسكها، وجدت نفسها تختبئ وراءه من غير وعي.
أحس كليك بأخته وقد التصقت بظهره، فشد تركيزه كله على الدرج.
‘لا يهم من يكون ذاك الوغد. مابيل… أنا سأحميها.’
وما هي إلا لحظات حتى ظهر حذاء أسود عند زاوية الدرج.
وعندها، اتسعت عينا مابيل المرهقتان من التوتر إلى أقصى حد.
* * *
في الوقت نفسه، داخل مكتب كيسار.
“أما زلتم لم تجدوه؟”
قال كيسار بنبرة حادة متوترة.
“آ-آسفون يا سيدي. لكننا قلبنا القصر رأسًا على عقب ولم نجد أثرًا له. ربما… ربما تسلل إلى الخارج—”
“مستحيل!”
تحطم—!
طارت كأس زجاجية بجانب وجه الخادم وارتطمت بالجدار.
“ما زالت هنا في القصر! هنا، تسمع؟!”
“نـ-نعم! سنبحث مجددًا وبكل حرص!”
قال الخادم وهو شاحب الوجه، ثم أسرع يركض خارج المكتب.
لكن كيسار لم يستطع أن يهدأ.
فمجرد تخيل أن تلك الأفعى الحقيرة تتجول في قصره الجميل كان كافيًا ليشعل النار في أحشائه.
‘إن كان الوغد قد اكتشف شيئًا… وإن أوصل ذلك إلى مابيل….’
مابيل لم تفتح قلبها له حتى الآن.
ولا يعلم كم عليه أن يبذل من الجهد لتفعل.
لكن إن علمت بخططه، فلن تفكر أبدًا في الاقتراب منه.
بل ربما تحاول الهرب مرة أخرى.
الدجاجة التي تبيض بيضًا من ذهب وتكسر أنف أسكليد!
“اللعنة!”
صرخ كيسار وهو يطيح بكل ما على مكتبه.
ومع ذلك لم يهدأ، فأمسك حافة المكتب وبقي يتنفس بعنف لوقت طويل.
وبعد أن استعاد بعض رباطة جأشه، مرر يده بين خصلاته المبعثرة محاولًا التفكير بعقلانية.
‘مابيل الآن نائمة. حتى لو علمت الأفعى شيئًا، فلن يسهل إيصال الخبر إليها.’
لكن، لا يمكن أن يُبقيها نائمة إلى الأبد.
فهو يحتاجها من أجل الخيمياء.
بل وأكثر من ذلك، هناك دروس كثيرة يجب أن تتلقاها.
مابيل، بصفتها آنسة آشيلونيا، ستقف يومًا أمام المجتمع في مناسبات عدة.
ولهذا يجب أن تكون كاملة من جميع النواحي.
“آه… كم هي مرهقة هذه الأفكار. هل كان تربية الأطفال أمرًا شاقًا إلى هذا الحد؟”
تمتم كيسار وهو يتنهد، ثم نادى على لاندر الذي كان يفترض أن يكون في الخارج.
لكن على غير العادة، لم يدخل لاندر على الفور.
“لاندر! لاندر!”
فتح أحد الخدم الباب بحذر وقال بخوف:
“المعذرة يا سيدي. لاندر ليس هنا الآن.”
“ماذا؟ أتدري أين ذهب؟”
“في الواقع… لم يخبرني، لكن أظن أنه توجه إلى السجن السفلي.”
__تَرْجم بِكلِّ حُبٍّ مِنْ قَبْلِ سايومي إلى ميل ♡
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 38"