تساءل كليك متى ستطلب مابيل وضع وشم التبعيّة.
في البداية، ظنّ أنّها نسيت الأمر.
لكن بعد يوم، يومين، وحتّى بعد مرور أسبوع، لم تقل مابيل شيئًا.
لماذا؟ لماذا لا تتحدّث مابيل عن ذلك؟
في إمبراطوريّة غرين هيرست، كان السوين يُعتبرون سلعًا تُباع وتُشترى.
في الواقع، تمّ إنقاذ كليهما من السوق السوداء.
هل يُعقل أنّها لا تعرف عن وشم التبعيّة؟
إذا كان الأمر كذلك، فكّر في أنّ عليه إخبارها، فاحتار عقله الصغير.
لكن الآن، يبدو أنّها كانت تعرف ولم تتحدّث عن قصد.
“مستحيل! لماذا سأفعل ذلك بأخي؟”
“أ، لا، أقصد، بما أنّكِ الآن أختي الصغرى، ربّما إذا وضعنا الوشم سأستطيع حمايتكِ بشكل أفضل-”
“مطلقًا لا!”
قاطعت مابيل كلام كليك بحزم.
“أكره هذا النوع من الأشياء، أكرهه حقًّا. لذا، مهما حدث في المستقبل، لا تضعا وشمًا كهذا، وعيشا حياتكما.”
بنظرة حازمة جدًّا، نظرت مابيل إلى الاثنين بالتناوب وقالت:
في الحقيقة، كان آسيلت وكليك يعتقدان أنّ سيغموند سيضع وشم التبعيّة عليهما يومًا ما.
بالطبع، لم يكونا يتجاهلان زعم عائلة الدوق إسكليد بأنّ الخيمياء لا تحتاج إلى سوين.
لكن لتجنّب وضع وشم التبعيّة من قِبل شخص آخر، كان عليهما وضعها مسبقًا.
الآن، بفضل الأداة التي صنعها سيغموند لإبطال وشم التبعيّة، كانا يستخدمانها، لكنّ ذلك لم يكن آمنًا تمامًا.
فالأداة المبطلة لها حدّ استخدام معيّن.
ماذا لو وضع وشم التبعيّة مرّات عديدة في حالة لا يستطيعان مقاومتها؟
عندها، سيصبح وشم التبعيّة حتميًّا.
والأكثر من ذلك، أليس البازيليسق من “الأنواع الأسطوريّة” والثعلب الأحمر من “الأنواع الوحشيّة” من أعلى مكونات الخيمياء؟
لكن مابيل كانت تخبرهما بعدم التخلّي عن أنفسهما مهما حدث.
كان هذا الكلام يكسر أفكار آسيلت وكليك اللذين كانا يعتقدان أنّهما سيصبحان يومًا ما ملكًا لشخص ما بأيّ شكل من الأشكال.
“لا يجب أن تُسلب حياتي، حياتكما، من قِبل أي شخص آخر. يجب أن نعيش. هل فهمتما؟”
وضعت مابيل يديها على خصرها، نفثت من أنفها، وقالت.
بسبب إمساكها بغزل البنات الناعم، بدا وكأنّ ذيل أرنب يبرز منها.
“نـ، نعم! سنفعل ذلك!”
“صغيرتنا مذهلة. تعرف حتّى الكلمات الصعبة.”
ضحك آسيلت بخفّة وهو يربت على رأس مابيل.
شعرت مابيل بالإحراج فجأة، ظنّت أنّها ربّما بالغت، لكنّها لم تندم.
سعلت مابيل مرّة بلا داعٍ، ثمّ قضمت قطعة من غزل البنات وقالت:
“عندما يعود ربّ الأسرة، دعونا ندرس معًا كيفيّة تعزيز الأداة.”
“إيه، أكره الدراسة!”
“ومع ذلك، يجب أن نفعلها، مابيل تبذل جهدًا من أجلنا.”
عندما حاول كليك التهرّب، ضربه آسيلت على رأسه برفق.
“آه، أخي يكرهني فقط…”
أمسك كليك رأسه بيده التي تحمل سيخ الدجاج وحدّق بآسيلت.
لكن آسيلت لم يبالِ ومسح غزل البنات عن فم مابيل.
“بالمناسبة، عودة السيّد تأخّرت قليلًا. عادةً، كان يجب أن يخبرنا بأنّه في الطريق الآن.”
“هل حدث له شيء؟”
سألت مابيل بقلق، فضحك كليك بسخرية.
“هه، لا داعي للقلق! سيّدنا قوي جدًّا!”
“صحيح، إنّه أصغر سيد خيمياء. من المؤكّد أنّه منغمس في نقاش حامٍ حول صيغة استدعاء روح القرن التي اكتشفتها، مابيل، ونسي الوقت.”
حسنًا، إذا كان سيغموند مهووسًا بالخيمياء، فقد يكون ذلك صحيحًا.
أومأت مابيل برأسها مقتنعة، فقال كليك بعد أن أنهى سيخ الدجاج بسرعة:
“وفي الحقيقة، الآن من يجب أن نقلق بشأنه هو نحن.”
“نحن؟”
“نعم، بحلول الآن، ربّما اكتشف أهل القصر أنّنا هربنا.”
“أوه، صحيح، لقد خرجنا خلسة.”
“وربّما وجدوا الحفرة التي حفرتها وأغلقوها.”
“إذن، كيف كنتم تعودون عادةً؟”
“كيف؟ حسنًا، هكذا-”
بينما كان كليك يجيب على سؤال مابيل كما لو كان واضحًا، قاطعه صوت أحدهم:
“بالضبط هكذا!”
“واه!”
ظهر جاك فجأة من الخلف وأمسك كليك من قفاه ورفعه.
“العم جاك؟!”
رفعت مابيل رأسها متفاجئةً.
انزلقت القلنسوة التي كانت ترتديها، فانسكبت خصلات شعرها الأرجوانيّة التي كانت مدسوسة بعناية.
هرع أهل القصر، الذين كانوا يبحثون عن الأطفال هنا وهناك، نحوهم دفعة واحدة.
“آه! اتركني، جاك!”
حاول كليك التملّص، لكنّه لم يستطع التغلّب على جاك، قائد المرتزقة السابق.
“اهدأ، سيّدي! أين السيد آسيلت؟”
“لا أعرف! لقد اختفى!”
“همم؟ هل هذا صحيح، آنسة؟”
بينما كان جاك يهزّ كليك ويستجوبه، نظر إلى مابيل فجأة.
ابتلعت مابيل أنفاسها مفاجأة.
قالا إنّنا لن نُكتشف أبدًا!
أغلقت مابيل عينيها بقوّة وفتحتهما، وهي تتذمّر داخليًّا من الاثنين اللذين تعهّدا بذلك.
في تلك اللحظة، التقت عيناها بعيني آسيلت الذي كان مختلطًا بين الناس.
متى وصل إلى هناك؟ لوحده، هذا غير عادل!
حدّقت مابيل بغضب، فأومأ آسيلت برأسه معتذرًا وهو يبتسم.
أشار إلى ظهره ووضع إصبعه على شفتيه.
كأنّه يقول إنّه سيُعاقب بشدّة إذا اكتُشف أنّه خرج وجرحه لم يشفَ بعد، ويطلب المساعدة.
لم تستطع مابيل، التي خرجت للتجوّل في السوق رغم علمها بألم آسيلت، رفض طلبه.
“آنسة؟”
عندما لم تجب مابيل بسهولة، حرّك جاك شاربه الأنيق وهو يحثّها.
“أ، أنا…”
تردّدت مابيل طويلًا، ثمّ أغلقت عينيها بقوّة وقالت:
“لا أعرف حقًّا…”
وتعهدت ألّا تتسلّل مجدّدًا أبدًا.
* * *
“حقًّا!”
ما إن وصلا إلى القصر الكبير، حتى وبّخت إيلا كليك ومابيل بشدّة.
“جمعتُ كلّ أدوات التنكّر وخبّأتها، فمتى أخذتموها؟ ومن أين حصلتم على أحجار السحر؟”
“آ، آمم… سرقناها من مكتب السيّد…”
“آه! كنت أعلم!”
هدرت إيلا على كليك، ثمّ حدّقت بمابيل بنظرة حادّة.
“وأنتِ أيضًا، آنسة! يقولون إنّ الفأس التي تثق بها هي التي تقطع قدمك، كيف يمكنكِ فعل هذا؟”
كانت إيلا الغاضبة مخيفة جدًّا.
عيناها، اللتان كانتا دائمًا مغلقتين بنعومة، اتّسعتا، وتحوّل أسلوبها الغنائي إلى صراخ مدوٍّ.
لكن لأن مابيل عرفت أنّ هذا يعني قلق إيلا، شعرت بالذنب أكثر.
جمعت يديها وخفضت رأسها، وقالت بصوت خافت:
“أخطأت… لن أفعلها مجدّدًا…”
“صحيح، مابيل نادمة بالفعل.”
فجأة، ظهر آسيلت ودافع عن مابيل.
كان آسيلت، الذي خلع تنكّره، يرتدي ملابسه العاديّة ونظّارات مابيل الشمسيّة.
“آه، أخي! متى عدت؟ هربت لوحدك مجدّدًا!”
اتّهم كليك آسيلت وهو يشير إليه، لكن آسيلت تظاهر بالجهل.
“لا أعرف عمّا تتحدّث. كنتُ في القصر طوال الوقت. اشتقت للسيّد، فقرأت كتابًا في غرفة نومه وغفوت. لا أحد يدخل غرفة السيّد بحريّة، لذا لم يجدني أحد.”
كذب آسيلت دون أن يرفّ له جفن.
يبدو أنّه في كلّ مرّة كان كليك يُقبض عليه، بينما يهرب آسيلت بسهولة.
نظرت مابيل إليه بوجه مليء بشعور التعرض للخيانة وفمها مفتوح، فضحك آسيلت بخفّة واستمر في الدفاع عنها:
“إيلا، توقّفي واغفري لمابيل. أليس من الجيّد أن تكون فضوليّة؟”
لم تبدُ إيلا مقتنعة بكلام آسيلت، لكن لم يكن لديها دليل.
في النهاية، أغلقت إيلا عينيها كالمعتاد وقبلت الاعتذار.
“هيو… حسنًا، يكفي أن تعرفوا ألّا تكرّروا ذلك.”
“أنا آسفة…”
عندما اعتذرت مابيل مجدّدًا، جلست إيلا على ركبتيها لتواجه عينيها.
“آنسة، السيد كليك سوين، لذا يمكنه التنكّر بأداة، لكن أنتِ لستِ كذلك. ماذا لو تعرّف عليكِ أحدهم وكان له نوايا سيئة؟ كم كنتُ قلقة!”
قالت إيلا إنّه إذا أرادت مابيل التجوّل في السوق، فعليها إخبارها، ثمّ عانقتها وهدّأتها.
عانقت مابيل إيلا ووعدت بإخبارها في المستقبل، وأغلقتا الوعد بتشابك الأصابع.
بدا الأمر وكأنّه انتهى بشكل دافئ، لكن…
“والسيد كليك، اليوم عليك تعويض الدروس التي فاتتك.”
“ماذا؟!”
لم تكن إيلا متساهلة.
– ترجمة: مـيـل ~★
التعليقات لهذا الفصل "28"