“إذا كان التحوّل إلى حجر يحدث فقط عند التقاء العيون، أليس من الأفضل تجنّب النظر إليها؟”
“فلماذا لا يخلع الغطاء؟”
“نعم؟ آمم… هذا صحيح، لكنّ السيّد آسيلت…”
نادرًا ما تركت إيلا جملتها ناقصة.
عندما شعرت مابيل أنّ إيلا تخفي شيئًا، غيّرت إيلا الموضوع قليلًا.
“وأيضًا، هناك بعض الخدم الذين يخافون إذا تجوّل السيّد بدون الغطاء!”
“آه…”
لكن، بعبارةٍ أخرى، كان الفتى يتحمّل الألم من أجل مراعاة أهل القلعة الدوقيّة.
كانت صوفيا قد دمّرت هذه القلعة الدوقيّة التي يحبّها آسيلت.
لا بدّ أنّ آسيلت لا يزال يكره صوفيا بشدّة.
“لكن، ألا تخافين منه، آنستي؟ من السيّد آسيلت؟”
“نعم؟ آمم، حسنًا… لأكون صادقة، هو مخيفٌ قليلًا.”
كان آسيلت شريرًا.
وإذا فكّرت في هالته المهيبة، لم يبدو أنّه يحبّها.
لكن مع ذلك…
“أشعر بالأسف تجاهه.”
“بالأسف؟”
جلست إيلا بشكلٍ أكثر جديّة وكرّرت السؤال بدهشة.
شعرت مابيل بالحرج فجأة، وخدشت خدّها وهي تقول:
“نعم، كان بإمكانه ألّا يكترث بخوفهم، لكنّه يغطّي عينيه.”
“… يا إلهي!”
أصدرت إيلا صوتًا خافتًا من الدهشة.
في الوقت نفسه، بدت عيناها غارقتين قليلًا.
بصرف النظر عن قلقها على آسيلت، كان الجميع يعتبرون تضحيته أمرًا مفروغًا منه.
لأنّ آسيلت بازيليسق، ولأنّ له تلك القدرة.
لذا، كان هناك من يلومونه بدلًا من توخّي الحذر.
“السيّد آسيلت… شجاعٌ جدًّا.”
“نعم؟ لماذا تعتقدين ذلك، آنستي؟”
“لأنّني… لو كنتُ مكانه، لكنتُ بقيتُ في غرفتي.”
“لو كنتُ أملك تلك القدرة، وكان الناس يخافون منّي دون أن أفعل شيئًا…”
أطرقت مابيل رأسها وهي تلعب بكوب الحليب الدافئ، متمتمة:
“لا بدّ أن أتأذّى.”
لولا أنّها تمسك بالكوب، لكانت قد قضمت أظافرها التي رتّبتها إيلا بعناية.
“أن تُعامل كوحش…”
عندما نطقت بالكلمات، شعرت أنّها تشبه آسيلت قليلًا.
الأميرة الشبح التي يتجاهلها الناس،
والسيّد الوحش الذي يخاف منه الناس.
‘كنتُ دائمًا أختبئ لأنّني كنتُ خائفةً من أن يُعاملني الناس كأنّني غير موجودة.’
لكن آسيلت لم يكن كذلك.
كان يرتدي الغطاء حتّى يلتهب جلده، فقط ليظهر أمام الناس.
من لم يختبر ذلك لن يعرف.
كم هو مؤلمٌ ومخيفٌ أن يتجنّبك الناس.
لذا، كان ذلك بالتأكيد فعلًا يتطلّب شجاعةً عظيمة.
وأكثر من ذلك…
“جرح وجهه شديدٌ بسبب ارتداء الغطاء لفترةٍ طويلة، أليس كذلك؟”
“آه، نعم! صحيح، السيّد لا يخلع الغطاء حتّى عندما يكون بمفرده!”
أضافت إيلا أنّ هذا هو سبب هلع الخدم عندما مدّت مابيل يدها نحو الغطاء.
تجنّبت بحذرٍ ذكر حادثة الهيجان.
“حتّى لو كان مؤلمًا جدًّا؟”
“ربّما لأنّه شيءٌ ثمينٌ جدًّا تلقّاه من سمو الدوق!”
أجابت إيلا ببساطة، لكن مابيل كانت لها رؤيةٌ مختلفة.
لم يبدو أنّ هذا هو السبب الوحيد.
بل، لو كان ثمينًا، ألن يحرص على عدم تلطيخه بالدم؟
نظرت مابيل إلى يديها الممسكتين بالكوب.
قبل أن تأتي إلى القلعة الدوقيّة، كانت مابيل تُجرح نفسها أحيانًا عمدًا لتتأكّد أنّها على قيد الحياة.
كانت دموعها تنهمر، ولم يهتمّ بها أحد، لكن مع ذلك.
كان عليها أن تفعل ذلك لتشعر بوجودها في هذا العالم ولتتنفّس.
‘ربّما جروح آسيلت هي من هذا النوع؟’
ربّما يشعر بالألم كنوعٍ من الإذن.
إذنٌ بأن يبقى بجانب الآخرين.
بالطبع، لأنّ مابيل ليست آسيلت، فهي لا تعرف الحقيقة.
“ما تريدين قوله، آنستي، إنّ السيّد آسيلت يراعي أهل القلعة الدوقيّة؟”
“نعم…”
أومأت مابيل برأسها قليلًا وشربت الحليب.
نظرت إيلا إلى يدي مابيل وغرقت في التفكير.
كانت يدا مابيل، التي كانت متشقّقتين وملطّختين، قد أصبحتا ناعمتين في غضون أيام.
جلد الأطفال يتأذّى بسهولة، لكنّه يلتئم بسرعة.
لكن منطقة عيني آسيلت كانت دائمًا مليئةً بالجروح الملتهبة.
والأكثر من ذلك، خلال الأيام القليلة الماضية، لم يظهر آسيلت في قاعة الطعام، ربّما بسبب مابيل.
ومع ذلك، كانت منطقة عينيه التي رأتها اليوم حمراء.
هذا يعني أنّه لم يخلع الغطاء حتّى عندما كان بمفرده.
‘ربّما، كما قالت الآنسة، السيّد ينتظر بالفعل أن نقترب منه.’
فكّرت إيلا أنّ مراعاتهم ربّما عزلت الفتى، فشعرت بألمٍ عميقٍ في صدرها.
في الماضي، ذهب سيغموند بالصدفة لتفكيك سوقٍ سرّيّة لتجارة السوين في إقليم الدوقيّة، والتقى بطفلين.
آسيلت، سوين من فصيلة البازيليسق الأسطوريّة.
كليك، سوين من فصيلة الثعلب الأحمر الوحشيّة.
على الرغم من أنّ سيغموند أطلق العديد من المشاريع الخيريّة للسوين، إلّا أنّه لم يتبنَّ أحدًا من قبل.
لكن، بسبب نزوةٍ ما، قرّر فجأة أن يتّخذ الطفلين تلميذين له.
عندما رأتهما إيلا لأوّل مرّة، كانا يحملان جروحًا عميقة.
‘جروحًا في الجسد والقلب.’
لكن ما آلم قلب إيلا أكثر لم يكن لامبالاة الطفلين بجروحهما المتقرحة، بل نظراتهما المتعطّشة للناس.
على الرغم من الأذى الكبير الذي تلقّياه من البشر، كانا لا يزالان يتوقان إليهم.
‘كلّ هذا الوقت، جعلناهم يشعرون بالوحدة بحجّة المراعاة.’
غرقت إيلا في التفكير للحظة، ثمّ فتحت فمها بهدوء:
“آنستي، ربّما… ربّما كنتُ أنا أيضًا خائفةً من السيّد آسيلت.”
“نعم؟”
تحوّلت نبرة إيلا المرحة دائمًا إلى جديّة.
“في الحقيقة، كنتُ أعرف لماذا يصرّ السيّد آسيلت على ارتداء الغطاء.”
“بسبب تلك الحادثة.”
روت إيلا بإيجاز حادثة الهيجان التي تجنّبت ذكرها سابقًا.
“بعد تلك الحادثة، كان يجب أن نطمئنه أكثر، لكنّنا لم نفعل.”
“بحجّة التفكير به، لم نقترب منه. ربّما شعرتُ سرًّا بالارتياح لابتعادنا.”
اتّسعت عينا إيلا الضيّقتان قليلًا، وظهرت نظرةٌ مضطربة في عينيها السوداوين.
“لم نفكّر في ما يشعر به، أو ما هي مشاعره، أو مزاجه…”
“آمم، آه…”
مع الجوّ الذي أصبح مظلمًا فجأة، لم تعرف مابيل ماذا تفعل.
ثمّ وضعت كوب الحليب على الطاولة ومدّت يدها لتربّت على إيلا.
“آنستي…؟”
اتّسعت عينا إيلا أكثر عند مواساة مابيل الخرقاء.
لم تقل مابيل شيئًا، واستمرّت في التربيت بهدوء على إيلا.
لم تستطع قول “لا بأس”، لأنّها ليست آسيلت.
تلقّت إيلا تربيتات مابيل الصغيرة لفترة، ثمّ أغلقت عينيها.
“إذًا، آنستي، ماذا لو…”
استعادت إيلا نشاطها وتحدّثت بنبرةٍ مرحة، مبتسمةً:
“في المرّة القادمة التي نرى فيها السيّد، نطلب منه خلع الغطاء بينما نتجنّب النظر إليه؟”
انتشرت الابتسامة على وجه مابيل، الذي كان متشنّجًا قليلًا، عند رؤية ابتسامة إيلا.
أجابت مابيل بابتسامةٍ عريضة، وفمها ملطّخ بالحليب:
“نعم!”
* * *
لم يكن هناك شيءٌ خاطئ في محادثة مابيل وإيلا.
لكن المكان الذي تحدّثتا فيه كان غرفة نشاط تُستخدم كغرفة معيشة.
مكانٌ يمرّ منه الناس كثيرًا، ويظلّ بابه مفتوحًا دائمًا.
لم يكن مناسبًا للحديث عن أسرار.
لذا، لا يمكن القول إنّ آسيلت ‘تنصّت’ على حديثهما.
“……”
لم يكن آسيلت ينوي التنصّت من البداية.
بينما كان يمرّ، سمع سؤال إيلا:
– لكن، ألا تخافين منه، آنستي؟ من السيّد آسيلت؟
على الرغم من أنّه منعهم من الحديث عنه، يبدو أنّها كانت قلقةً على تلك الفتاة لهذه الدرجة؟
سحب آسيلت زاوية فمه بابتسامةٍ ساخرة، وكان على وشك المغادرة.
– نعم؟ آمم… حسنًا، لأكون صادقة، هو مخيفٌ قليلًا.
بالطبع.
كان يعلم أنّ مابيل، التي خافت منه كثيرًا، ستجيب هكذا.
لكن الكلمات التالية كانت غير متوقّعة.
– أشعر بالأسف تجاهه.
– ما تريدين قوله، آنستي، إنّ السيّد آسيلت يراعي أهل القلعة الدوقيّة؟
– نعم…
كانت هذه المرّة الأولى.
المرّة الأولى التي يفهم فيها أحدهم أفكاره.
شعر بأطراف أصابعه دافئة للحظة، ثمّ قبض آسيلت يده.
‘لكن لماذا كان عليكِ أنتِ أن تكوني من يفهمني؟’
مابيل آشيلونيا، كانت ابنة صوفيا آشيلونيا.
شعر آسيلت أنّ كبرياؤه قد جُرح.
من بين كلّ الناس، كانت ابنة اللصّة التي خانت سيغموند هي من فهمته أوّلًا.
‘ومع ذلك، تخافين منّي لأنّني قبيح.’
إذا كانت ستتصرف بتميّز ضده، أليس من الأفضل أن يكون ذلك بسبب جنسه بدلًا من مظهره؟
تشوّهت زاوية فم آسيلت، ثمّ غادر المكان.
لهذا السبب، لم يسمع آسيلت أبدًا عن حادثة هيجانه.
التعليقات لهذا الفصل "17"