━━━●┉◯⊰┉ الفصل 1 ┉⊱◯┉●━━━
صوفيا.
كانتْ حياةُ صوفيا مثاليّةً وسعيدةً.
تزوَّجتْ منَ الرَّجلِ الذي تحبُّه، وأخيرًا أصبحتْ حاملًا بالطِّفلِ الذي طالَ انتظارُه.
كانتْ تعتقدُ أنّها ستعيشُ بسعادةٍ أبديّةٍ كبطلاتِ القصصِ الخياليّةِ.
“أنتِ حاملٌ بطفلي؟ مستحيلٌ.”
حتّى سمعتْ تلكَ الكلماتِ.
في عينيْ زوجِها، الذي كانَ يصغي إليها قبلَ لحظاتٍ، ظهرتْ خيانةٌ عميقةٌ، وازدراءٌ، بل واشمئزازٌ.
“منْ هو الأبُ؟”
“ماذا…ماذا تقولُ؟”
“منْ هو الوغدُ الذي حملتِ منهُ؟”
كانتْ هذه كارثةً وقعتْ خلالَ حفلةٍ مفاجئةٍ
للاحتفالِ بحملها.
تحوّلتْ الدّوقةُ المحبوبةُ في لحظةٍ إلى امرأةٍ خائنةٍ اتّهمتْ بالزّنا.
لمْ تستطعْ صوفيا فهمَ ردَّ فعلِ زوجِها.
وكمْ كافحتْ لتحملَ بطفلِه ولكن أنتهى بِها
المطاف بأن توصفَ بكونها خائنةً زانية!
وأخيرًا، تشكّلَ ثمرةُ جهودِها وحبِّها في رحمِها.
فلماذا لا أحدٌ يباركُها بثمرةِ حُبها هي وزوجها؟
لماذا يُشكّكونَ في عفتِها؟
‘أنا أحببتُ رجلًا واحدًا طوالَ حياتي، وهو أنتَ وحدَكَ فقط.’
“يا عزيزي، دعنا نتحدَّثُ. هذا الطِّفلُ حقًّا طفلُنا!”
توسَّلتْ صوفيا بصدقٍ إلى زوجها الحبيب كايسر، الذي عادَ إلى البيتِ بعدَ غيابٍ طويلٍ.
لكنَّ ما عادَ إليها كانَ…
“ألمْ تتخلَّصي منهُ بعدُ؟”
“ماذا؟”
آهٍ، يا لصوفيا السَّاذجةَ الغبيّةَ.
منَ البدايةِ، لمْ يكنْ كايسر مهتمًّا بصدقِها ولا بِــ عفتها.
“لا أفهمُ كيفَ تكونينَ واثقةً هكذا وأنتِ حاملٌ بطفلِ رجلٍ آخرٍ.”
كانَ الجوابُ محدَّدًا سلفًا.
“كما يُقالُ، العامّيةِ تبقى وضيعةً في النِّهايةِ.”
مرَّ كايسر بجانبِ زوجتِه بملامحَ تعلو محياهُ جاعلةً إياه كضحيّةٍ تعرَّضتْ لأمرٍ مروّعٍ.
بعدَ أيامٍ، انتشرتْ شائعةٌ أنّه سيتزوَّجُ زوجةً ثانيةً.
وعلى عكسِ صوفيا، الابنةَ غيرَ الشَّرعيّةِ، كانتْ زوجةُ كايسر الثانية ابنةً شرعيّةً منْ عائلةٍ نبيلةٍ ذاعَ صيتها.
في ذلك الوقت…لم تتحمل لا صوفيا ولا جسدها ما تراهُ أمامها…فأنهارت بعجزٍ ووهن.
“آه، أغهه….بطني…”
كانتْ لحظاتٌ مؤلمةٌ لدرجةِ أنّها تمنَّتْ الموتَ فيها فهو بالنسبةِ لها أقلُ إيلامًا مما تقاسيه.
في عزلةٍ قاسيةٍ، أنجبتْ طفلَها وحيدةً دونَ قابلةٍ حتى، متمنّيةً بحرارةِ الأمل وسحابةُ الحُبِّ التي أظلّت على عقلها:
‘أتمنى أن يعود كلَّ شيءٍ كما كان…’
طفولتُها التي اقتربتْ فيها منْ كايسر بسببِ شعورِها بالقربِ منهُ كونهُ ابنَ عامّيّةٍ.
جمُّ ما فعلتهُ كانَ فقط لتجعلَ كايسر الدّوقَ متخطّيةً الأبناءَ الشَّرعيّينَ لعائلة الدوق.
حبُّها لهُ كانَ حُبًّا جمًّا يملؤه الوهن والعجز
أمامَ مَن تُحب.
وحتّى حملُها بهذا الطِّفلِ!
أرادتْ أنْ يعود كلَّ شيءٍ كما كان.
لكنَّ الإلهَ لمْ يحقّقْ أمنيتَها.
“واء، واء…”
وُلدَ طفل في غرفةِ الدّوقةِ الباردةِ كالثَّلجِ وأتضحَ أنها فتاةٌ بريئةُ الوجه ممتلئةُ الخدين.
وبعدها…
“…ماذا كانَ بعدَ ذلكَ؟”
مالتِ الطِّفلةُ برأسِها متعجّبةً.
كأنَّها تشاهدُ فيلمًا، توقَّفتْ أحداثُ الرِّوايةِ التي تذكَّرتْها فجأةً في ذهنِها.
حاولتِ التَّفكيرَ أكثرَ، لكنْ للأسفِ، لمْ تستمرَّ القصّةُ.
“على الأقلِّ، لحسنِ الحظِّ، أتذكَّرُ معظمَ التَّفاصيلِ.”
تمتمتِ الطِّفلةُ وهي تربطُ شعرَها الأشعثَ بعنايةٍ، ثمَّ نظرتْ إلى مرآةٍ مكسورةٍ.
انعكستْ صورةُ فتاةٍ ذاتِ شعرٍ بنفسجيٍّ أشعثٍ وعينيْن بلونٍ أحمرَ.
اسمُ الطِّفلةِ مابيل آشيلونيا.
ابنةُ صوفيا، البطلةُ التي هربتْ، وابنةُ كايسر، البطلُ الذي سيصابُ بالندم لاحقًا.
‘والآنَ، هي طفلةٌ أدركتْ أنَّ هذا العالمَ داخلَ روايةٍ!’
قبلَ حوالي ثلاثِ ساعاتٍ منَ الآنَ.
ظهرَ معجزةٌ أخيرًا لمابيل، التي صمدتْ ثماني سنواتٍ في العلّيّةِ دونَ أحدٍ يعتني بها.
تدفَّقتْ أحداثُ الرِّوايةِ في ذهنِها الصَّغيرِ.
بالطَّبعِ، لمْ تتذكَّرْ شيئًا سوى الرِّوايةِ، لكنَّها فكَّرتْ:
‘ربَّما أنا مُتجسّدةٌ.’
على أيِّ حالٍ، وفقًا لتيّارِ الرِّوايةِ، سيتعانقُ البطلُ النادمُ والبطلةُ الهاربةُ قريبًا معًا.
‘أمامَ شاهدِ قبري.’
هلْ هذا منطقيٌّ؟
ثماني سنواتٍ!
‘خلالَها، عوملتُ كشخصٍ غيرِ مرئيٍّ…’
عندما بدأتْ مابيل تتعلَّمُ المشي، هربتْ صوفيا، ومنذُ ذلكَ الحينِ، عاملَها أهلُ عائلةِ آشيلونيا كأنّها ‘غيرُ موجودةٍ’.
يتجاهلونَها وهم يرونَها، ويتغافلونَ عنها وهم يسمعونَها.
تصرَّفوا كأنَّ ‘مابيل آشيلونيا’ لمْ توجدْ أبدًا في هذا العالمِ.
كبرتْ مابيل وحيدةً في تلكَ الأوقاتِ
القاسيةِ دونَ فهمِ السببِ.
أحيانًا، كانتْ تتساءلُ: ‘هلْ أنا شبحٌ حقًا؟’ فتجرحُ نفسَها لتتأكَّدَ.
عندما شعرتْ بألمٍ يدمي عينيْها
ورأتْ دمًا أحمرَ قاني اللون، اطمأنَّتْ:
‘أنا إنسانةٌ.’
‘ما زلتُ إنسانةً.’
وكانتْ تأملُ أنْ ينظرَ والداها إليها يومًا ما معًا بحبٍ.
لكنّني سأموتُ، وأمامَ قبري، سيقولانِ: ‘كانَ سوءَ تفاهمٍ!’ ‘أحببتُكِ وحدَكِ فقط!’ ثمَّ يحقّقانِ نهايةً سعيدةً…
“لا… لنْ أدعَ هذا يحدثَ أبدًا!”
سواءً كانتْ روايةً أمْ لا، يجبُ أنْ أبقى على قيدِ الحياةِ منْ أجلِ العدالةِ تجاه نفسي.
على الرَّغمِ منْ أنَّ مابيل لمْ تملكْ قدراتٍ استثنائيّةً أو أسرارَ ولادةٍ، وكانتْ مجرَّدَ شخصيّةٍ إضافيّةٍ ببساطة…
“حتّى لو لمْ يكنْ لديَّ والدانِ، ألا يمكنُني استغلالُ العائلةِ؟”
كانَ منَ الحظِّ أنْ يكونَ لدوقيّةِ آشيلونيا أعداءٌ كثيرونَ.
بالطَّبعِ، لمْ تكنْ تنوي اقتراحَ صفقاتٍ معَ الأشرارِ، أو عقدَ اتّفاقياتٍ، أو مساعدتَهم لكسبِ ودهم.
تذكَّرتْ للتوِّ أنَّ هناكَ دارَ أيتامٍ جيّدةً في القصةِ الجانبيّةِ.
‘إذا حصلتُ على بعضِ المالِ، سأذهبُ إلى دارِ الأيتامِ. تلكَ المذكورةُ في القصةِ الجانبيّةِ، التي يديرُها شخصٌ رائعٌ.’
على أيِّ حالٍ، لمْ تكنْ مابيل تخطّطُ لتحدٍّ متهوّرٍ.
كلُّ ما أرادتْه هو البقاءُ على قيدِ الحياةِ…
“والتَّأكّدُ منْ إفسادِ النِّهايةِ السَّعيدةِ لوالديَّ!’
جهَّزتْ مابيل حقيبةً صغيرةً بعنايةٍ، وفتحتْ بابَ العلّيّةِ.
في اللحظةِ التي أطلَّتْ فيها برأسِها، التقتْ عيناها بعينيْ خادمتيْن تمرَّانِ في الرّواقِ.
“آه…”
تجمَّدَ جسدُ مابيل.
‘إذا سألوني لمَ خرجتُ، ماذا أقولُ؟ إذا حاولوا حبسي، هلْ يمكنُني الهروبُ؟’
أمسكتْ مابيل بحبلِ الحقيبةِ عبرَ صدرِها، وكتمتْ أنفاسَها.
كانَ قلبُها يدقُّ بسرعةٍ.
“هلْ سمعتِ تلكَ القصّةَ؟”
“ماذا؟ أيَّ قصّةٍ؟”
لكنَّ الخادمتيْن استمرَّتا في الحديثِ معَ بعضِهما دونَ أدنى اكتراثٍ بمابيل.
“…”
حينها أنزلتْ مابيل عينيْها إلى الأسفلِ.
‘بالطَّبعِ، كيف نسيت أنهم لا يهتمّونَ بي…’
الأميرةُ الشَّبحُ في دوقيّةِ آشيلونيا. كان هذا لقبًا يليقُ بها.
الوجودُ الذي لا يجبُ أنْ تلتقي عيناهُ بعينيْ أحدٍ، أو يتحدَّثَ إليهِ، أو يُصغي إليهِ أحد.
هذهِ هي مابيل.
‘كانَ كايسر عقيمًا علنًا، أو بالأحرى، يعاني منْ انعدامِ النُّطفِ.’
كانَ هذا سببَ عدمِ اعترافِ البطلِ بمابيل كابنتهِ الحقيقيّةِ.
لكنَّ حقيقةُ أنَّ مابيل هي ابنتهُ الحقيقيّةُ ستُكشفُ بعدَ زمنٍ طويلٍ.
في الوقتِ الحاليِّ، تُعتبرُ مابيل ابنةً غيرَ شرعيّةً ولدت منْ خيانةِ الدّوقةِ.
“…”
أمسكتْ مابيل بحبلِ الحقيبةِ بقوَّةٍ وجالتْ في القصرِ.
أحيانًا، كانتْ أعينُ الخدمِ تلتقي بها، لكنَّها سرعانَ ما تتحوّلُ بعيدًا.
بفضلِ ذلكَ، تمكَّنتْ مابيل منْ مغادرةِ القصرِ دونَ أنْ يوقفَها أحدٌ.
“يا… ياهو!! عاشَ التَّجاهلُ! هيهي!”
صرختْ مابيل بحماسٍ متعمَّدٍ بعدَ نجاحِ هروبِها.
كانَ عليها أنْ تفعلَ ذلكَ، وإلّا انفجرتْ بالبكاءِ منَ الحزنِ.
في الحقيقةِ، كانتْ على وشكِ الانهيارِ الآنَ.
“أغهه…”
اهتزَّتْ رؤيتُها بسببِ الدُّموعِ التي ملأتْ عينيْها.
‘ليسَ هناكَ وقتٌ للبكاءِ. أعرفُ أنَّه ليسَ هناكَ وقتٌ ومع ذلك أنا…’
لكنَّ الدُّموعَ الحارَّةَ تدفَّقتْ على خدَّيْها النَّحيليْن.
كانَ تذكّرُ أحداثِ الرِّوايةِ بالنِّسبةِ لمابيل دواءً وسُمًّا في آنٍ واحدٍ.
دفعَها لاتّخاذِ قرارِ الهروبِ، لكنّه جعلَها تدركُ مدى بؤسِ حياتِها.
لماذا كانَ عليَّ أنْ أعيشَ هكذا؟
لماذا أنا غيرُ مهمةٍ للجميعِ؟
أنا هنا.
أعيشُ هنا هكذا لذلك…أنظروا إليّ قليلًا أيضًا…
وفجأةً، خطرتْ فكرةٌ مخيفةٌ:
‘ماذا لو لمْ يصدّقَ الأشرارُ أنّني مابيل آشيلونيا؟’
بلْ، ماذا لو لمْ يعرفوا حتّى بوجودِ شخصٍ يُدعى مابيل آشيلونيا؟
‘الآنَ عندما أفكّرُ في الأمرَ، هلْ كانَ هناكَ وصفٌ في الرِّوايةِ يذكرُ أنَّ أبنةً غير شرعية لعائلة الدوقية تُعرف بــ مابيل؟’
وعلى غرار هذا…أدركتْ أنَّها هربتْ دونَ خطَّةٍ.
‘ماذا أفعلُ؟ هلْ أعودُ الآنَ؟ أمْ…’
بينما كان الواقعُ المظلمُ يجعلُها عاجزةً عنِ الحركةِ،
سمعتْ صوتًا:
“…مابيل؟”
انتفضتْ مابيل ورفعتْ رأسَها بدهشةٍ.
__تَرْجم بِكلِّ حُبٍّ مِنْ قَبْلِ كَارِيبِي إلى ميل.♡
التعليقات لهذا الفصل " 1"