1
الفصل الأول
“كوكو، تكلّمي قليلًا… من فضلك…”
في الحديقة التي كنا نسير فيها معًا كل يوم بسعادة، كانت أختي تبكي.
شعرت بيدها الدافئة وهي تمسح على فروي الأبيض.
حاولت أن أرفع رأسي لأميله نحوها كعادتي، لكن جسدي لم يتحرك.
لماذا لا أستطيع تحريك جسدي؟
كان عليّ، ككلب رائع، أن أهزّ ذيلي فرحًا قرب أختي،
أن أعضّ أصابعها بخفة دون أن أؤلمها
لكنني لم أستطع الحراك كعادتي.
لا، لا يجب أن يكون الأمر هكذا… عليّ أن أداعب أنفها، لتبتسم لي كالعادة.
جاهدت جسدي الثقيل الذي بدا وكأنه لم يعد يستجيب.
كانت أختي جالسة على مقعد في الحديقة، وكنت أريد أن أقطف لها زهرتها المفضلة،
لكن… لا أستطيع تحريك جسدي.
بدلًا من أن أقطف الزهرة، رفعت رأسي بصعوبة على ركبتيها.
نظرت إلى عينيها البنفسجيتين الممتلئتين بالدموع.
“كوكو… لماذا لم تقل لي إنك تتألم…؟”
وسقطت دموعها قطرة بعد أخرى.
استنشقت برائحتي اليابسة عبير جسدها… تنبعث منها رائحة الحزن.
لماذا حزينة؟
كانت دقات قلبها دومًا سعيدة عندما نكون معًا.
هل ضاقت بي لأنني أصبحت ضعيفًا؟ لأن فروي تساقط وصرت قبيحًا؟
وبينما أفكر بكلبٍ غبيّ الرأس مثلي، احتضنتني أختي بشدة وهمست بخفوت:
“كوكو…”
كان دفؤها مألوفًا،
ذلك الدفء الذي لم أعرفه من قبل، منذ ولدت ككلبٍ مشرّد.
انكمشت أكثر في صدرها، وهمست بصوت خافت:
“…مـونغ…”
تابعت وهي تمسح على فروي:
“لو كنت تستطيع الكلام حين تتألم… لربما عشنا معًا أكثر من خمس سنوات.”
“……..”
“ولو كنت كلبًا سيئًا لا يُحب، ربما لما كان فراقك يؤلمني هكذا.”
سقطت دمعة أخرى على خدها.
لم أفهم نصف ما كانت تقول،
لكني كنت أعلم، أسرع من أي شبح، متى تكون حزينة.
لا يجب أن تبكي… يبدو أنها حزينة بسببي. عليّ أن أواسيها.
رفعت قدمي الأمامية بصعوبة،
تلك القدم التي كنت أخفيها دائمًا بعد أن فقدت فروها وصارت قبيحة،
لمست بها خدها ثم سقطت بخفة.
نظرت إلى قدمي المرتجفة وكتمت شهقتها بصعوبة.
“أحبك.”
“أختك تحب كوكو كثيرًا.”
كل مرة كانت تقول “أحبك”، كانت رائحتها تفوح بحبٍ
دافئ كأيامنا،
لكن اليوم… كانت تفوح برائحة دموع مالحة.
أردت أن أضمها بقوة، أن أواسيها…
لكن جسدي لم يعد يستجيب، أخذ يتصلّب ببطء.
“كوكو… كوكو… صغيري… لا تمت، أرجوك، ما زال هناك أشياء كثيرة أريد أن أفعلها معك…”
لم أكن أعرف ما هي “الموت”،
لكن حين سمعت صوتها الحزين هكذا، عرفت أنه أمر مؤلم للغاية.
لم أعد أرى وجهها بوضوح، بدأت رؤيتي تبهت،
وقبل أن تغيب، مرت في ذهني ذكرياتٌ واضحة…
ذكريات منذ أن وُلدت ككلبٍ مشرّد.
كانت حياتي صعبة، بل قاسية جدًا.
كنت أعيش في معسكر حرب، آكل بقايا الطعام التي يسمّونها “طعام الجنود”،
وكان هناك كثير من الناس يكرهونني.
“تبًّا، أبعدوا هذا الكلب القذر! شعره يتطاير في كل مكان!”
وحين انتهت الحرب، قال أحدهم إنه سيأكلني. حبسوني في غرفة صغيرة أترقب فيها موتي…
لكنني تمكنت من الهرب مع أصدقائي في منتصف الليل!
“هل سمعت؟ بعض الجراء هربوا من مزرعة التكاثر.”
“دعوهم، لا بد أنهم ماتوا.”
تسللت بين الناس الذين كانوا يدخنون السيجار في
الساحة،
ضحكت بصوتٍ خافت.
“لا، لم أمت!”
هربت بشجاعة مع رفاقي.
وهكذا صرت كلبًا شجاعًا لكنه متسخ المظهر.
ومع ذلك، لم أكن سعيدًا ككلبٍ مشرّد.
كان الناس يبصقون عليّ ويطردونني بلا سبب.
لكن تلك الأيام المؤلمة مضت. الآن أدرك أنني كنت كلبًا محظوظًا جدًا.
أتذكر يومًا وصلت فيه إلى شارعٍ مزدحم بالبشر والسيارات
كانت الأصوات والروائح كثيرة، فوقفْت في مكاني لا أعرف أين أذهب.
حينها توقّفت أمامي عربة فاخرة،
ورأيت من نافذتها وجه أختي لأول مرة.
لن أنسى تلك اللحظة أبدًا.
“ما الأمر، يا سائق؟”
“آنسة كلوي، هناك كلب مشرّد أمام العربة، سأبعده فورًا.”
“كلب مشرّد؟”
“مووونغ!”
حين نظرت إليّ بعينيها، شممت منها رائحة وحدةٍ عميقة، تمامًا مثل وحدتي القديمة.
“أحضره إلى الداخل.”
“ماذا؟ لكنه كلبٌ ضالّ، قد يكون خطرًا يا آنسة…”
“قلت أحضره الآن.”
كلوي… أول إنسانة صارت أختي.
قالت إن عينيّ تشبهان حبوب الفاصوليا السوداء وأحبتها
سألتني لماذا أنا صغير هكذا رغم أنني أبدو كبير السن،
وحين غسلت فروي المتسخ قالت إنني أبيض وجميل.
وأعطتني اسمًا… كوكو.
كنت معها عندما أحبت خطيبها للمرة الأولى، كنت أراها تكتب له الرسائل الغرامية
وكنت أهزّ ذيلي فرحًا وهي تأكل ، رغم أنني كنت أتلقى العقاب حين أسرق من طعامها.
كنت أدفئها حين تبكي ، وأشاهد الزهور تتفتح خمس مرات ونحن معًا…
كنت سعيدًا جدًا.
لهذا الآن…
ما أريد قوله هو…
أنا سعيد لأنني استطعت أن أقول وداعًا لأحب إنسانة في العالم.
رفعت ذيلي بصعوبة وهززته، مطلقًا نباحًا صغيرًا.
أحبكِ كثيرًا أيضًا… هل فهمتِ؟
لا أدري إن وصل صوتي إليها،
لكنها كانت تمسح على جسدي بلا توقف.
“صغيري… أرجوك، إن وُجدت حياةٌ أخرى، فلتولد ابنتي في تلك الحياة، نعم؟”
ومع آخر كلماتها… متُّ.
حلّ الظلام الكامل، وبدلًا من أختي، ظهرت أمامي جسر قوس قزح.
عبرت الجسر بهدوء، ووصلت إلى “نجمة الكلاب”
جنة الكلاب.
(“تحذير” التالي فيه بعض كفر .وذي معتقدات خاطئه زي ما نعرف وان مافي ذا كله فديننا اسلام)
فيها مسارات للمشي، وألعاب كثيرة، وكميات لا تحصى من البطاطا الحلوة ، التي كنت أُمنع منها خوفًا أن أسمن.
لكن… ما الفائدة من المكان الجميل إن لم تكن أختي هنا؟
كنت أجلس هناك، أطوي فروي الأبيض بيديّ.
أراقب عالم البشر أحيانًا مع كلابٍ أخرى.
كنت أرى أختي تُهان وتُظلم، يصفها الناس بـ “الشريرة”،
ويبتعد عنها الجميع، وخطيبها يؤذيها بلا رحمة.
لكنها لم تدافع عن نفسها قط، كانت فقط… تستلقي بلا حراك.
الظلام يحيط بها… لو كنت هناك، لربّتُ على كتفها وملأ المكان بالنور…
لكنني لست بجانبها الآن… وهذا ما يخيفني.
امتنعت عن الأكل واللعب، وعشت عامًا كاملًا كأكثر كلبٍ حزنًا في نجمة الكلاب.
حتى جاءني إله الكلاب — كلب لابرادور بلونٍ ذهبي لامع — وقال:
“لماذا لا تفعل شيئًا؟ اخرج، تنزّه، كل بطاطا!”
قلت: “لقد قررت… أريد أن أولد إنسانًا هذه المرة!”
“إنسانًا؟”
“نعم! أختي قالت إنها تريد أن أولد ابنتها في الحياة القادمة!”
“لا يمكن. أختك تلك لا تقوم بما يجعل الأطفال يولدون.”
“وما الذي يجعل الأطفال يولدون؟”
أملت رأسي بفضول، وأذناي تتحركان.
“لا أدري. على كل حال، لا يمكن أن تولد كابنتها!”
“هممم؟ إذًا سأصير قريبة منها مجددًا فحسب!”
“لكن اعلمي، سواء عرفتْك أم لا، عليكِ أن تعودي بعد خمس سنوات.”
“خمس سنوات؟! سأعيش معها خمس سنوات أخرى؟!”
“ستكون العودة مؤلمة أكثر من الآن، هل أنتِ مستعدة؟”
“حتى لو كانت مؤلمة، سأقبل!”
لو استطعتُ فقط أن أجعلها سعيدة لخمس سنوات أخرى… يكفيني ذلك.
ابتسم إله الكلاب وقال:
“البشر مختلفون عن الكلاب… أحيانًا يكونون قساة وسيئين، هل ستتحملين؟”
“أنا سيئة جدًا أيضًا! كنت أسرق الحلوى رغم أنها منعتني، ومزقت المناديل الورقية!”
ضحك الإله. ربما ظنّ أنني أبالغ.
“لهذا الكلاب دائمًا أنقى من البشر. لذا سأمنحك قدرات خاصة.”
“قدرات؟”
“أولًا: القدرة على التحدث مع الحيوانات.
ثانيًا: التنبؤ بالمستقبل.
وأخيرًا… ذكاءٌ متألق يزدهر كلما تعلّق الأمر بأختك.”
ولما لمسني، أضاء جسدي الأبيض كأنه نجم.
“هذه هي بركة الإله الكاملة.”
وبعد أن مسح على رأسي، شعرت بدوار، وتجمّع حولي أصدقائي الكلاب يودّعونني.
“بلّغ أخي أنني أحبه!”
“أخبري أمي أنني آسف لأني لم أبقَ معها طويلًا!”
“
قولي لأبي أن يحلق ذقنه دائمًا!”
هززت رأسي وأذناي تتراقصان.
“أعدكم جميعًا، سأبلّغهم!”
وهكذا… انطلقت من جديد إلى العالم، مزوّدة بقدرة على رؤية المستقبل لأقابل من جديد الإنسانة التي أحبّها أكثر من أي شيء في هذا العالم
أخـتي.!
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

عالم الأنمي عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!

إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"
حلوووو