2
<تُورث الألقاب والأراضي للابن الأكبر. في حال عدم وجود وريث ذكر شرعي، تنتهي الألقاب وجميع الحقوق المرتبطة بها.>
<لا يُعترف بحقوق المرأة في المِلكيّة. تُصبح ممتلكاتُ المرأة المتزوّجة مِلكًا لزوجها بالكامل>
قوانين الميراث و الزّواج سيئة السّمعة في ماتيلا، بتاريخها العريق، أنتجتْ العديد من العيوب. كانت لوتي واحدةً من ضحاياها.
الأمير باتريك، الذي أغوى ابنة الكونت إيكس الوحيدة الذي لم يُنجب أبناء ذكور، و نجحَ في الزّواج منها، استغلّ القانون ببراعةٍ ليصبح هو الوريث للعائلة بصفته زوجها.
بعد تحقيقِ هدفه، ماذا بعد؟
“لو أنّه أكملَ إجراءات الميراث بعد الزّواج مباشرة و تخلّى عنّي، لكنتُ ممتنّة.”
في القطار المتّجه إلى العاصمة رونبيرنون مع بداية موسمِ التّعارف.
من حفل زفاف فخم، إلى الطّلاق، ثمّ سلب البيت و الأرض، و أخيرًا السّجن في قلعة بولتون القديمة، و الموت برصاصةٍ واحدة…
تنهّدت لوتي فجأةً و هي تتذكّر ماضيها المؤلم.
بعد يومٍ و نصف، ستقابل زوجها السّابق الذي تتمنّى لو تستطيع سحقه.
أوّل فكرة خطرت لـلوتي، التي عادتْ إلى ما قبل لقائها بِزوجها السّابق، كانتْ بالطّبع تجنّبَ الزّواج الذي كانَ بداية كلِّ تعاستها.
للقيام بِذلك، كانَ عليها قطع أيّ فرصة للقاء زوجها السّابق مِن الأساس.
لكن عندما أصرّتْ لوتي على عدم الذّهاب إلى رونبيرنون، جاءها تهديد عمّتها الكبرى إيزابيل بإرسالها إلى الدّير ، مَع دموع والدها الذي يُحبّ ابنته.
فِي حياتها السّابقة، أدّى زواجها الخطأ إلى دفعها هي و والدها إلى هاوية اليأس. كانت دموع والدها أكثر رعبًا مِن فكرةِ أنْ تصبح راهبة.
اضطرت لوتي، التي أغلقتْ الباب بإحكام، إلى رفع الرّاية البيضاء بعدَ أيّامٍ قليلة.
وهكذا، كانت لوتي الآن على متنِ القطار المتّجه إلى رونبيرنون، مصدر كلّ الشّرور، برفقة عمّتها الكبرى كحامية لها.
“عندما نصل إلى الفندق، ستجدين زينة ريش النّعام التي ستستخدمينها قد وصلت مسبقًا. إنّها قطعة خاصّة اشتريتُها بثمنٍ مرتفع.”
تحدّثت عمّتها الكبرى، التي كانتْ تجلس مُقابلَ لوتي، بنبرةٍ غير راضية.
“لستُ معجبة بفكرةِ أنّ عليكِ التّزيّن كمزهريّة مكتظّة بالزّهور، لكن ماذا نفعل إذا كان الشّباب اليوم مهتمّين فقط بالمظهر الخارجي؟ يفترض بالسّيدة أن تكونَ جميلة من الدّاخل…”
لا تتذكّر لوتي بوضوح، لكن زينة الرّيش التي ارتدتها عندما كانت في العشرين كانت، حتّى بأفضل تقدير، “ريشًا ريفيًا مميّزًا”.
‘حتّى لو لمْ أتذكّر شكلَ الرّيش الذي ارتديته ذلك اليوم… فإنّ ظروف لقائي الأوّل مع ذلك الرّجل لا تزال حيّة حتّى رائحتها.’
مسرحيّةٌ دبّرها زوجها السَّابق بعنايةٍ ليستحوذَ على قلبها، متظاهرًا بأنّها صدفة.
“عمّتي الكبرى، أنا…”
“إذا كنتِ ستقولين شيئًا سخيفًا عن العودة إلى البيت، اكتبيه في مذكّرتكِ.”
أجابت عمّتها الكبرى بنبرةٍ مرحة، و أدارت رأسها بسرعة نحو النّافذة. ثم أضافت بهدوء، كأنّها قرأت ضيق لوتي:
“لوتي، قد يستطيعُ الرّجل العيش بمفرده، لكن المرأة لا تستطيع العيش بدونِ زوج في هذا العالم القاسي.”
‘لكن إذا ذهبتُ إلى حفلة القصر الملكيّة، ستنهار حياتي….’
كانتْ ترغب بالصّراخِ بذلك، لكنّه كانَ بلا جدوى. حتّى هي نفسها لم تكن تصدّق المعجزة التي حدثتْ لها بعد.
وهكذا، في يومِ الحفلة الملكيّة التي تُعلن بداية موسم التّعارف…
“ريش ريفي مميّز، أليس كذلك…”
مع ثلاث زينات ريش أرجوانيّة نادرة، يُصعب العثور عليها إلّا في منطقة ديمبيس، مثبّثة في شعرها، دخلتْ لوتي قاعة الحفلات الضّخمة في القصر برفقة إيزابيل.
كانَ أوّل ما رحّب بها أرضيّة رخاميّة لامعةٌ قد تنزلق إذا لم تخطُ بحذر.
ثمّ ثريّا كريستاليّة معلّقة في السّقف، و زخارف ذهبيّة، و لوحات جميلة معلّقة على الجدرانِ البيضاء…
لولا الحماس المتصاعد للشّباب والشّابات في القاعة، لظنّت لوتي أنّها عادتْ إلى أيّام كونها ملكة ماتيلا.
“عمّتي الكبرى، أنا…”
“لا.”
“….. ”
“أوه، أليس هذا السيّد مونس؟ هذه ابنة أخي الكبرى، شارلوت، الابنة الوحيدة للكونت إيكس.”
صدّت إيزابيل تمرّد لوتي الخجول بسرعة، و قدّمتها بسلاسةٍ إلى رجلٍ ما. كانَ رجلًا طويلًا ذا شعر بنيّ مرتّب بعناية.
“أنا فيليب، الابن الأكبر لعائلة مونس. لقد التقيتُ بزوجة الفيكونت دونشيستر و الكونت إيكس في مناسبات خيريّة، لكنّ هذه أوّل مرّة ألتقي بالآنسة.”
آه، فهمتُ. لكنّني لا أعتقدُ أنّني مهتمّة.
اسم فيليب مونس بدا مألوفًا لأنّه كانَ على قائمة إعادة زواج لوتي في حياتها السّابقة. كان رجلًا شهوانيًا مدرجًا على القائمة السّوداء، لكنّها اضطرت للتّعامل معه في النّهاية، و تمّ رفضها بقسوة!
“هل تمنحينني شرفَ طلب رقصة من الآنسة الجميلة؟”
“لا؟”
رفضتْه بحنق من حياتها السّابقة، لكن بسببِ نظرات إيزابيل النّارية، اضطرت لقبولِ طلب فيليب للرّقص.
كانت الأغنية الأولى فالسًا ناعمًا.
“كنتُ أتوقّع ذلك، لكن لم أكن أعلم أنّكِ بهذا الجمال. خاصّة شعركِ الذي يشبه ضوء الغروب…”
كبحت لوتي رغبتها في الرّد بسخريةٍ على شعره البنيّ الباهت، و بدلاً من ذلك، ألقت نظرة من فوق كتف فيليب لتتفقّد المكان.
لم يصلْ زوجها السّابق إلى قاعة الحفلات بعد، و كانتْ إيزابيل، التي تتلهّف لتزويجها ، قد بدأتْ بالفعلِ في البحث عن شريكُ رقص آخر.
“الآن!”
“إذا سمحتِ لي بفرصةٍ للحديث معكِ بشكلٍ أكثر خصوصيّة بعدَ انتهاء الحفلة…”
“مَن هنا.”
“ماذا؟ آه…”
سحبت لوتي فيليب و بدأت تتحرّك عكس تيّار الرّاقصين نحو الجهة اليسرى.
كادتْ تصطدم ببعض الأزواج في الطّريق، لكنّها تفادت بمهارة كالسّنجاب الطّائر، فلم يُلاحظ أحد تصرّف الزّوجين العكسيّين.
عندما وصلت لوتي إلى هدفها، انتهت الأغنية تمامًا.
“رقصة أخرى…”
“كانَ ممتعًا. إلى اللّقاء.”
انحنى فيليب بحيرةٍ أمام رفض لوتي البارد، بعد أن استُخدم كدرعٍ للهروب من المراقبة.
“قد يكون ذلك خسيسًا، لكن رفض الرّجل الذي رفضني سابقًا ليس سيّئًا.”
هدّأت ابتسامتها المرتعشة، و هرعت لوتي بعيدًا بخطواتٍ سريعة قبل أن تجدها إيزابيل.
إذا كان هناك شيء جيّد من أيّامها كملكة، فهو معرفتها التّامّة بالهيكليّة المعقّدة للقصر.
مِثلَ القصور الأخرى، كانت قاعة الحفلات الكبرى، المبنيّة للمناسبات الملكيّة، تحتوي على أماكنَ سريّة لا يعرفها الغرباء.
كانَ المكان الذي خطّطت لوتي للاختباء فيه غرفة صغيرة مخفيّة في القاعة الفرعيّة.
دخلتْ إلى زاوية مغطّاة بستارة، و تحسّست لوحة معلّقة على الحائطِ حتّى وجدت مقبضًا بدا جزءًا من اللّوحة.
فتحته بحذر و انسلّت إلى الدّاخل أسرع من الرّيح.
عندما أغلق الباب، امتلأت الغرفة الصّغيرة المغطّاة بستارةٍ سميكة بظلام دامس.
‘سأختبئ حتّى تنتهي الأغنية الرّاقصة السّابعة.’
عند انتهاءِ الأغنية السّابعة، ستنتشر شائعة عن شاب و فتاة أحمقين تسلّلا إلى الحديقة الخارجيّة المحظورة للاستمتاع بلذّة محرّمة.
عندما صرخَ الحارس، هربَ الاثنان بسرعة، فلم يُرَ وجهاهما، لكن المشكلة أنّهما تركا دليلًا في الموقع.
وكانَ هذا الدّليل…
ابتلعت لوتي تنهيدة و نظرت إلى زينة الرّيش الأرجوانيّة المتدلّية فوق رأسها.
ثلاث قطع، كلّها موجودة.
لا تعرف كيفَ انتهى الرّيش، الذي ثبتته بإحكام، في الحديقة الخارجيّة التي لم تطأها قدماها.
لكن لوتي اتّهِمت بأنّها بطلة الفضيحة دون فرصة للتّبرير، و بالنّسبة للوتي آنذاك، التي آمنت أنّ الزّواج هو سعادة المرأة، كانَ ذلكَ بمثابة حكم بالإعدام.
“من غير أفراد العائلة الملكيّة يمكن أن يدخل ذلك المكان؟”
في تلك اللحظة، ظهرَ زوجها السّابق.
أميرٌ وسيم من قصّة خياليّة، جاءَ لإنقاذ الأميرة المحبوسة في قلعة الفضيحة.
كانَ الأمير الذي اشتهرَ بعدم إلقاء نظرة على أيّ امرأة عاديّة.
مجرد اختياره لها حوّلَ نظرات الازدراء التي كانت تطارد لوتي إلى نظرات حسد.
في لحظة، أصبحت لوتي بطلة قصّة حبّ القرن، تنظر إلى الأمير بدهشة.
كانَ شعورها بالحيرة من دفاع أميرٍ لم تلتقِ به من قبل يفوق خفقان قلبها.
“لماذا… دافعتَ عنّي؟ سموّك شخصٌ نبيل لا تُقارن بشخصٍ مصلي، من أنا…”
بعد انتهاء الضّجة، بينما كانت ترقص مع الأمير، سألت لوتي بصوتٍ مرتجف.
“لا تشعري بالعبء. كنتُ سأفعل الشّيء نفسه لأيّ شخص.”
أجابَ الأمير وهو ينظر إليها بابتسامةٍ غامضة.
“بالطّبع.”
سخرت من نفسها داخليًا.
‘من أنا؟’
الحبّ الذي أزهر دون أن تدري انتهى دون أثر. هكذا اعتقدت.
“كنتُ سأفعل الشّيء نفسه لأيّ شخص، لكنّ هذا لم يكن صادقًا.”
على الشّرفة المغمورة بضوء القمر.
“كنتِ أنتِ. المرأة الوحيدة في العالم التي تستطيع جعل أمير ماتيلا رجلًا أعمى بالحمّى.”
قبلة على ظهرِ يدها تبعت تلك الكلمات العذبة.
“هل تتزوّجينني، يا آنسة؟”
لو أنّه كانَ أقلّ وسامة.
لو أنّ نسيم تلكَ اللّيلة لم يكن دافئًا جدًا.
لو أنّ كلماته لم تجعل دموعها تنهمر فجأة.
لو أنّ تلكَ الفتاة السّاذجة لم تردّ على اقتراح الزّواج بقسمٍ بإعطاء كلّ شيء.
لو أنّها لم تُمسك بحبّ كاذبٍ و خادع لسنوات، لما سقطت في الجحيم.
“لوتي، أنتِ لصّة. سارقة وضيعة تبيع الحبّ مقابل المال.”
‘هل أنا خائفة من أنْ أقع ضحيّة كما حدث آنذاك؟’
قرّرت لوتي، التي عادت من الجحيم، أن تتجاهل سبب حدوث هذه المعجزة.
كانت تخشى أن يتلاشى هذا الوقت الحالم إذا حاولت البحث في تفاصيله.
لكن السّبب الذي جعلَ هذا الأمر السّحري يحدث لها بالذّات كانَ واضحًا حتّى مع إغماض عينيها.
إنّها إرادة الحاكم لتصحيح حياتها التي أفسدتها اختياراتها الخاطئة.
الخطوة الأولى هي عدم اختيار زوجها السّابق الماكر، و هذا أمرٌ بديهيّ.
‘لكن، إذا لم أتزوّج زوجي السّابق، ماذا بعد؟’
ضربت فكرة لم تخطر لها من قبل، وهي منشغلة بتجنّب زوجها السّابق، جبهتها.
من شدّة ارتباكها، تراجعت كأنّ الفكرة دفعتهما.
طقطقة.
لامست ساقها شيئًا ذائبًا في الظّلام.
شيء صلب و بارد. ربّما قطعة أثاث. ربّما تمثال لم يُعرض.
أو ربّما هيكل عظمي مهجور منذُ سنوات.
كانَ يجب أن يكون كذلك. حتّى لو كان ما لامسته ناعمًا كجلد إنسان، و كانت أنفاسه منتظمة تدخل و تخرج.
“من الأفضل ألّا تتحرّكي.”
كانت لوتي تأمل أن يكون الشّخصُ الذي اكتشف المكان السريّ حيوانًا ضالًا، لكنّها صرخت بصمت عند الصّوت المنخفض القادم من خلفها.
و فعلتْ ذلكَ مرّةً أخرى عند كلماته التّالية
“حتّى الآن، لا تزالين تلمسين مكانًا غير مرغوب فيه.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 2 2025-07-01
- 1 - البحث عن زوج 2025-03-01
التعليقات لهذا الفصل " 2"