كانت السّخرية اللّاذعة تتطاير من كلا الجانبين بقدر ما كانت اللّكمات تُوزّع.
نسى الجميع آداب الفروسيّة. كانوا يرشّون التراب، ويتبادلون الرّكلات، بل وتطايرت الحجارة أيضًا.
بكلمة واحدة: فوضى عارمة.
لم يكن هذا القتال ناتجًا عن مواجهة مفاجئة، لأنّهم لم يحملوا سيوفهم. لكنّه بالتّأكيد لم يكن تدريبًا مشتركًا، فلم يكن هناك أيّ ضابط لمراقبة الموقف أو التوسّط.
“تبًا، هل نُنهيهم تمامًا؟!”
“يا رجل، لا ترحم! اكسر ساقًا واحدة فقط!”
“الدّوق ليس هنا، أليس هذا مقبولًا؟”
“يجب أن نجعل فرسان أبير المتغطرسين يركعون أمام سموّه!”
إذا استمرّوا هكذا، فقد يتسبّب أحدهم في كارثة في لحظة انفعال.
وإذا أصبح الطرفان أعداءً لا يُمكن التوفيق بينهم، فمن الواضح أنّ فرسان أبير هم من سيتّهمون بأيّ ذريعة.
الإمبراطور، الذي يرغب في كبح جماح عائلة الدّوق، سيُرقص فرحًا بالتأكيد.
كانت هذه نهاية شائعة في كتب التّاريخ.
“مستحيل! كيف يُسبّبون مثل هذا الإزعاج للدّوق؟!”
لم تستطع رويليا البقاء مكتوفة الأيدي تُراقب.
اشتعلت عيناها البنفسجيّتان بحماسة تفوق الشّمس.
ألقت نظرة أخرى حول السّاحة، فلاحظت منصّة يمكنها الصّعود إليها.
ركضت رويليا إلى هناك على الفور، والتقطت في طريقها ورقة سميكة ملقاة، فلفّتها ووضعتها عند فمها.
“توقّفوا جميعًا!”
صرخت بكلّ قوّتها، لكن صوتها ضاع وسط الضّجيج.
“حقًا! ما الذي تفعلونه؟!”
صرخت بوجه غاضب، فنظر إليها فارس أواثنان.
تجاهل الحرس الإمبراطوريّ صراخها تمامًا، بينما تردّد فرسان أبير للحظة قصيرة، لكنّهم لم يتوقّفوا عن تبادل اللّكمات.
من يتوقّف أوّلًا سيُعتبر الخاسر أو سيتأذّى بشدّة، لذا كانوا مضطرّين للاستمرار.
‘ربّما من الأفضل أن يُضربوا ويصبحوا ضحايا!’
تزايد صوتها من شدّة الأسف.
“سأوقف إمدادات اللحوم المجفّفة عالية الجودة التي طلبتم إدراجها في ميزانيّة هذا العام!”
حاولت التّهديد.
“سأستبدل جميع الأسلحة الاحتياطيّة إذا توقّفتم عن القتال!”
حاولت التّراضي أيضًا.
لكن القتال لم يهدأ، حتّى كادت رويليا أن تفقد صوتها من الصّراخ.
أنزلت الورقة المللفّة من فمها، وأطرقت رأسها، مُتمتمة بهدوء.
التعليقات لهذا الفصل " 61"