الحلقة 53
تفاجأت رويليا بردّ فعل ميليسا.
“حقًا، ليس هو؟”
شعرت رويليا بجفاف فمها.
يبدو أنّها تفهم سبب تردّد ميليسا في الإجابة.
“الشّخص الذي أحبّه ليس ذلك السيد.”
“إذًا، من هو؟”
بصراحة، كانت رويليا تظنّ أنّها تعرف الإجابة.
بدأت تدرك السبب الحقيقي وراء احمرار وجه ميليسا عند رؤية الفيكونت ليفينيل.
من بين الأشخاص المقربين من ذلك الفارس الوسيم، هناك شخص واحد فقط يمكن أن تعرفه ميليسا.
‘صحيح، زرّ الكمّ!’
يبدو أنّ وليّ العهد أدلى بتعليق غريب عندما زار منزلهما.
هل كان زرّ الكمّ الذي قالت ميليسا إنّها وجدته يخصّ شخصًا غير الفيكونت ليفينيل؟
وربّما لم يكن المكان الذي وجدته فيه متجر الدانتيل.
“لا تقلي إنّه وليّ العهد، اليس كذلك؟”
احمرّ وجه ميليسا عند سؤال رويليا.
“ليس كذلك. إنّه مجرّد إعجاب، أقسم! منذ زمن طويل، فقط وجدته رائعًا.”
أنكرت ميليسا بحماس.
كان هذا تأكيدًا لا يقبل التّأويل.
“أنتِ تعرفين من هو وليّ العهد، أليس كذلك؟”
“بالطّبع. كيف يمكنني أن أطمع في وليّ العهد؟ أنا لستُ بتلك الجمال، وأصلي متواضع، وتعليمي ناقص.”
“لا، لم أقصد ذلك. في عينيّ، ميليسا أجمل من أيّ نبيلة؟ وأنتِ تعرفين آداب النّبلاء أكثر منّي، وإن احتجتِ إلى المزيد، يمكنكِ تعلّمه الآن.”
حاولت رويليا تهدئة ميليسا، التي بدت كجروّ حزين، بكلّ جهدها.
لكنّها لم تجد كلمات تُواسيها بشأن مسألة الأصل.
“على أيّ حال! هناك شائعات تقول إنّ سموه زير نساء. لذا، من فضلكِ، كوني حذرة.”
“لا يصحّ الحكم على النّاس بالشّائعات، إيلي.”
فتحت رويليا فمها مندهشة من دفاع ميليسا عن وليّ العهد.
هل تأخّرت في منعها؟
“ميليسا، هل تعرفين مشاعر وليّ العهد؟”
“ماذا؟ كيف سأعرف؟”
تلونّت خدّا ميليسا بحمرة مشبوهة.
ليس مستحيلًا أن تُعترف بعامّية كحبيبة لوليّ العهد، لكنّ ذلك سيجلب الانتقادات الحتميّة.
‘إذا جعلها عشيقة رسميّة قبل أن يصبح إمبراطورًا، قد يتعرّض منصبه للخطر.’
حتّى الحبّ الذي يُكتسب بهذه الطّريقة ليس مضمونًا أن يدوم.
وبالطّبع، الحياة بعدها ستكون مروّعة.
لذا، تعارض رويليا ذلك بشدّة.
“أتمنّى أن تكوني أسعد شخص في العالم، ميليسا.”
“أعرف ذلك جيّدًا. شخص مثل انسة إيميل يناسب أن يكون إلى جانبه. لذا، لا داعي للقلق.”
كانت نظرة ميليسا حزينة جدًا، فشعرت رويليا بألم في قلبها.
لو كانتا من عائلة مرموقة مثل إيميل، لما اضطرتا إلى كبت مشاعرهما دون حتّى بداية.
نظرت رويليا إلى ميليسا بأسف وانزعاج.
فجأة، سُمع طرق على الباب الأمامي.
“رويليا، جئتُ لأصطحبكِ.”
كان صوت كايلس.
“آه، نعم، سيّدي الدّوق. لحظة فقط.”
التقت عينا رويليا بميليسا مجدّدًا.
اسفة ، لكنّها لا يمكن أن تترك أختها الثّمينة تسير في طريق مليء بالأشواك بسبب العواطف.
“ميليسا، وعديني.”
“بماذا؟”
“لا تكوني أبدًا بمفردكِ مع وليّ العهد. إذا أردتِ رؤيته، تأكّدي من وجود الفيكونت ليفينيل معكما.”
حتّى لطف الفيكونت ليفينيل بدا مشبوهًا. يبدو أنّه تابع لوليّ العهد.
لكن، وجودها أفضل من تركهما بمفردهما.
“لا، ربّما يجب أن أذهب معكِ؟”
“سأعدكِ، فلا تقلقي واذهبي مع سيّد الدّوق. ألم تقولي إنّ لديكِ شيئًا مهمًا اليوم؟”
في تلك اللحظة، سُمع كايلس يطرق الباب مجدّدًا.
لم تستطع إبقاءه ينتظر أكثر.
* * *
كان كايلس يحدّق بالفتاة الصّغيرة أمامه.
عادةً، تكون كطائر ثرثار مليء بالحكايات.
لكن، اليوم، أغلقت فمها بإحكام ونظرت إلى الخارج فقط. كانت تبدو مضطربة منذ صعودها إلى العربة.
“ما الخطب؟”
“لا شيء، لا شيء على الإطلاق.”
نظرت رويليا إلى النّافذة.
في تلك اللحظة، رأت عربة بيضاء متّجهة إلى منزلها.
من العلم المثبّت عليها، بدا أنّها تخصّ الفيكونت ليفينيل.
‘هل جاء بمفرده؟’
عندما ألقت نظرة سريعة على العربة المبتعدة، لاحظت أنّ شعر الراكب ليس فضيًا.
‘هل كنتُ أبالغ؟’
كانت تظنّ أنّ وليّ العهد قد يستخدم الفيكونت للاقتراب من ميليسا، لكن يبدو أنّها استبقت الأمور.
‘لكن، يبدو أنّ قلب الفيكونت يميل إلى ميليسا، أليس كذلك؟ أتمنّى أن تحبّه ميليسا أيضًا.’
للاطمئنان، طلبت من الفرسان الذين يحرسون ميليسا سرًا أن يكونوا حذرين، فلا داعي للقلق الزّائد.
‘لذا، يجب أن أركّز على هدف اليوم…’
“آه، سيّدي الدّوق!”
صرخت رويليا فجأة وتراجعت للخلف مذعورة عندما اقترب وجه الدّوق منها.
أمسكت يده الكبيرة مؤخّرة رأسها بسرعة.
“ستؤذين رأسكِ هكذا.”
“شـ، شكرًا.”
“لمَ أنتِ شاردة دائمًا؟”
“ربّما أنا متوترة.”
ابتسمت رويليا بإحراج.
لكن، كلّما فعلت، ازدادت نظرة كايلس المشبوهة حدّة.
“إذًا، ما نوع شخصيّة وليّ العهد؟”
حوّلت الموضوع.
“لمَ تسألين عنه فجأة؟”
“فقط كذلك. هو صديقك، لكنّني لا أعرفه جيّدًا.”
“لستُ صديقًا له.”
أجاب كايلس بنزق.
وفقًا لبيلين، هناك خلاف بسيط بين الدّوق ووليّ العهد مؤخّرًا.
“حقًا؟ لكن، كيف نشأت شائعة أنّه زير نساء؟”
“يحصد ما زرع.”
“آه، حسنًا… إذًا، ليس لديه امرأة أخرى، أليس كذلك؟”
“حاليًا، رسميًا، هي انسة إيميل.”
يعني أنّه لا يُعرف ما يفعله في الخفاء.
“ربّما نوع النّساء الذي يفضّله…”
“حسنًا، لم أره يميّز بين النّساء.”
كارثة. هذا يعني أنّه قد يستهدف ميليسا.
“آه، إذًا هو زير نساء بالفعل.”
عندما ارتفعت حاجبا رويليا بانزعاج، رفع كايلس زاوية فمه راضيًا.
* * *
وصلا إلى مقرّ الكونتيسة بيلونا.
كانت الحديقة الخارجيّة، حيث يُقام حفل الشّاي، مليئة بالطّاولات والنّاس.
أمسكت رويليا يد كايلس بقوّة أكبر، مصدومة.
‘ما هذا؟ لمَ أنا، العامّية، من وصلتُ في أخر موعد؟’
كان النّبلاء يرتبون مواعيد حفلات الشّاي بناءً على العلاقات أو الرّتب.
بالنظر إلى مكانتها في المجتمع، لم يكن يُفترض أن تكون آخر من يصل كبطلة الحفل.
“أوه، لقد وصلتما. إنّها مساعدة عائلة الدّوق أبير الحاليّة، وكبيرة مساعداتي التي أثق بها، رويليا.”
قدّمت الكونتيسة بيلونا رويليا بفخر.
فأطلق كايلس همهمة ساخرة.
أعجب ردّ فعل الدّوق رويليا، لكنّ الأنظار المسلّطة عليهما معًا كانت لا تزال ثقيلة.
خاصّة تلك هناك.
بينما كان الجميع يراقبون رويليا بفضول، كانت هناك امرأة وحيدة لا تستطيع النّظر إليها.
“تلك هي زوجة الماركيز غرين.”
همس كايلس في أذن رويليا بهدوء.
كان نفسه يُدغدغها لدرجة أنّها كادت تكشف عن مشاعرها أمام الجميع.
سارعت رويليا نحو طاولتها، ولحسن الحظّ، كان مكانها بجوار زوجة الماركيز غرين مباشرة.
لكن، وقف كايلس ، الذي وعد بالانتظار في العربة، خلف مقعدها.
“حفل شاي للنّساء، فما الذي يجلب الدّوق إلى هنا؟”
بالطّبع، عبّرت الكونتيسة بيلونا عن استيائها.
“سمعتُ أنّ قريبة من حاول إيذاء مساعدتي تُشارك هنا.”
تصرّف كايلس بوقاحة.
“إذًا، هل ينوي دوق أبير أن يكون فارس رويليا الحامي؟”
“ولمَ لا؟ يبدو أنّ حرّاس السّيّدات الأخريات ينتظرون خلفهنّ أيضًا، أيتها الكونتيسة.”
خاض كايلس معركة نفوذ مع الكونتيسة بيلونا.
فجأة، بدأت زوجة الماركيز غرين، التي بجوارهما، ترتجف.
ورويليا لم تبدأ حتّى.
“سيّدتي، هل أنتِ بخير؟”
تحدّثت رويليا أولًا.
أومأت زوجة الماركيز غرين برأسها مفزوعة.
“أعتذر، آنسة رويليا.”
ربّما بسبب وجود الدّوق، تحدّثت الماركيزة إلى رويليا، العامّية التي تلتقيها لأوّل مرّة، بأسلوب راقٍ كما لو كانت نبيلة.
“أعلم أنّه ليس خطأكِ، سيّدتي.”
عندما تحدّثت رويليا بلطف، ابتسمت الماركيزة غرين بهدوء.
هل كسبت ودّها بكلمة واحدة؟
إذا كان الأمر كذلك، سيكون من السّهل الانتقال إلى الموضوع الرّئيسي.
من ظلال وجهها، بدا أنّها تعاني من الكثير.
“لا مفرّ. أحضروا مقعدًا للدّوق أيضًا.”
في تلك اللحظة، أمرت الكونتيسة بيلونا خادومًا بإحضار كرسي.
لكن كايلس أوقفه على الفور.
“لا، لا حاجة. الوقوف يُسهّل المراقبة.”
استمرّ كايلس في خلق جوّ من التّرهيب.
كأنّه مصمّم على إفساد حفل شاي الكونتيسة بيلونا.
لم يكن هذا ما تريده رويليا.
‘هاها…’
بينما كانت رويليا تبتسم في داخلها، ضيّقت الكونتيسة بيلونا عينيها.
كانت بالتّأكيد خصمًا لا يُستهان به.
“حسنًا، لنبدأ حفل الشّاي إذًا؟ رويليا، دعوتكِ لأعرّف بكِ الجميع.”
“أنا؟”
“نعم، الجميع فضوليّون بشأنكِ. لقد رفضتِ كلّ الدّعوات، أليس كذلك؟”
أدركت رويليا نوايا الكونتيسة في داخلها.
التّاجرة تجذب النّاس، هذه وظيفتها.
حاليًا، رويليا هي محور اهتمام المجتمع.
ومع التّشكيك في علاقتها بالدّوق، فإنّ حضور كايلس بنفسه زاد من الإثارة.
شعرت رويليا أنّ الكونتيسة مبتهجة داخليًا.
“لذا، مجرّد نصيحة صغيرة منكِ ستُسعد الجميع.”
ارتفعت حاجبا رويليا.
‘آه، تريدني أن أكون كرة بلّوريّة؟’
بالطّبع، ما الذي جعل الكونتيسة تقدّرها غير ذلك؟
كلّ اختياراتها أتت بالمال.
بينما كانت تُمجّد المعبد، أهملت رويليا، لكن يبدو أنّ شيئًا ما سار بشكل خاطئ، لذا ندمت متأخّرة.
“بالطّبع، حان وقت ردّ جميل الكونتيسة. إذًا، نبدأ بكِ، أيتها الكونتيسة؟”
لكن، لم تكن رويليا تنوي الانصياع لما تريده الكونتيسة بسهولة.
فخلفها الآن أقوى دعامة تنتظر.
التعليقات لهذا الفصل " 53"