‘بعد أن تلقّيتِ معاملة السّيّدات عدّة مرّات، يبدو أنّكِ أخيرًا فقدتِ صوابكِ.’
رويليا لعنت قلبها الذي كان ينبض بجنون.
كما توقّعت، فإنّ المجتمع الرّاقي مكانٌ مُحفّزٌ للغاية بالنّسبة إليها. أن تنجرف في مثل هذه الأمور وتتوهّم أنّ الدّوق يحبّها بدلاً من آيلا، أليس ذلك أمرًا مثيرًا للشّفقة؟
في تلك اللّحظة، رأت آيلا من بعيد تتحدّث مع شخصٍ ما.
نظرت آيلا إلى رويليا وابتسمت بلطف، ثمّ حرّكت شفتيها.
كأنّها تقول: ‘ألم أقل لكِ؟’
“لا عجب، كنتُ أتساءل لمَ أحضر الدّوق سيّدةً لم يُصطحبها من قبل قط…”
“أن تروّض ذلك الدّوق البارد الشّرس، يا لها من سيّدة مذهلة!”
“لكنّها من عامّة الشّعب، هل سيسمح القصر الإمبراطوري بذلك؟”
“حسنًا، سيكون طريقًا صعبًا بالتّأكيد.”
“حبٌّ لا يعترف بالطّبقات، أليس ذلك رومانسيًّا؟ أنا سأدعمهما!”
“والحمد لله أنّه ليس صراعًا عاطفيًّا مع وليّ العهد، أتذكرون كم كانت الأجواء متوترة بعد خسارة الدّوق في القصر؟ كدتُ أظنّ أنّ ثورةً ستقوم!”
كانت الأمور تتّجه نحو تثبيت رويليا كحبيبة الدّوق بشكلٍ نهائيّ.
استدارت رويليا بسرعة في حالةٍ من الذّعر.
“عذرًا، أنا لست حبيبة الدّوق، بل دُعيتُ بصفتي المساعدة السّابقة لعائلة الكونت بيلونا.”
“آه، يا إلهي!”
“والدّوق سيختار بالتّأكيد سيّدةً أكثر تميّزًا لتكون شريكته، لذا أرجوكم التّوقّف عن الإدلاء بتعليقات قد تُسيء إلى سمعته.”
قالت رويليا ذلك بابتسامةٍ مشرقة.
في تلك اللّحظة، وضع أحدهم يده على كتفها.
“رويليا، ما زلتِ كما أنتِ، لا تتغيّرين.”
كانت الكونتيسة بيلونا.
” الكونتيسة.”
“أتمنّى أن يعتذر الجميع عن الإساءة التي ارتكبوها بحقّ الآنسة رويليا. ألا ترون أنّها تشعر بالإحراج لأنّها ليست الشّخص المعنيّ؟”
قالت الكونتيسة بيلونا بوجهٍ ودود.
“آه، نعم، نعتذر. كنّا فقط نرى المشهد جميلاً…”
“بالطّبع، يستحقّ العشّاق الشّابّون التّبريك دائمًا، لكن رويليا والدّوق ليسا على هذه العلاقة.
ومع ذلك، فإنّ كفاءة رويليا اللاّفتة تجعلها محبوبةً أينما ذهبت.”
“نعم، يبدو الأمر كذلك. عذرًا، آنسة رويليا.”
“لا بأس، شكرًا على اعتذاركم.”
“إذن، إن لم يكن هناك المزيد لقوله، سأستأذن.”
أخرجت الكونتيسة بيلونا رويليا من بين السّيّدات، ثمّ اصطحبتها إلى الشّرفة.
أغلقت باب الشّرفة وقامت بتغطية الستائر.
“هل لديكِ شيء تريدين قوله على انفراد؟”
سألت رويليا بعد أن أدركت نواياه.
“نعم، لديّ الكثير من الأحاديث المتراكمة خلال هذه الفترة.”
تجعّدت زوايا عيني الكونتيّسة. مشت نحو الأريكة وجلست، ثمّ ربتت على المقعد بجانبها برفق.
كأنّها تدعو رويليا للحضور والجلوس بسرعة.
نظرت رويليا نحو قاعة الحفل المغطّاة بالستائر.
‘يجب أن أزيل سوء تفاهم آيلا.’
بينما كانت رويليا مشتتّة، أمسكت الكونتيّسة بيلونا يدها لتلفت انتباهها.
“إذن، كيف تسير الأمور في عملك مع الدّوق؟”
“نعم، الدّوق يعاملني جيّدًا، وأعمل بشكلٍ جيّد.”
“وهل هذا هو السّبب في أنّكِ لم تزوري نقابة بيلونا ولا مرّة؟”
“كنتُ منشغلة.”
لم تتلقَّ أيّ دعوة على أيّ حال.
بل إنّ الكونتيّسة هي من رفضت زيارتها عندما عرضت رويليا القدوم قبل عيد ميلادها الأوّل بعد استقالتها.
“شعرتُ أنّي كنتُ أعاملكِ جيّدًا، فشعرتُ بالأسى.”
كانت كلماتٌ غير متوقّعة.
بل كان ينبغي أن تقول رويليا مثل هذا. ألم تُحقّق الكونتيّسة أرباحًا طائلة بفضل نصيحتها، ثمّ نسبت كلّ الفضل إلى معبد؟
“سواء حينها أو الآن، أنا راضية بحياة مستقرّة تُمكّنني من العمل بأجرٍ ثابت ورعاية أختي.”
عند سماع إجابتها، رفعت الكونتيّسة حاجبها متعجّبًا كما لو أنّ ذلك غير متوقّع.
“حقًّا؟ ظنّتُ أنّكِ انضممتِ إلى عائلة الدّوق لتُقيمي علاقات مع وليّ العهد للدخول إلى القصر، رغم تحذير الجميع.”
سدّت هذه الكلمات فم رويليا.
تساءلت عمّا رأته فيها بالضّبط. لهذا، تغيّر وجهها فجأة إلى تعبيرٍ قاتم.
“ما هذا؟ لماذا تغيّرتِ هكذا؟”
كانت الكونتيّسة بيلونا شخصيّةً كانت رويليا تطمح للاقتداء بها.
المرأة الوحيدة في الإمبراطوريّة التي ورثت لقبًا، وقادت تجارةً ضخمة ببراعة.
‘منذ وفاة زوجها؟’
سمعت رويليا أنّ زوج الكونتيّسة توفّى في حادثٍ بعد مغادرتها بوقتٍ قصير.
كانت آخر مرّة رأت فيها وجه الكونتيّسة في مراسم جنازة زوجها.
“سيّدتي الكونتيّسة، إذا لم يكن لديكِ شيءٌ آخر لتقوليه، هل يُمكنني المغادرة أوّلاً؟”
شعرت رويليا بشيءٍ غير مطمئنّ، فحاولت النهوض بناءً على غريزتها.
كما كان عليها أن تُزيل سوء التّفاهم مع آيلا قبل أن يزداد.
فجأة، أمسكت الكونتيّسة بيدها.
“في الحقيقة، بعد مغادرتكِ، عانيت أنا و نقابة بيلونا كثيرًا.”
ظهرت عيني الكونتيّسة حزينتين.
في تلك اللّحظة، أدركت رويليا.
‘تريد شيئًا منّي.’
تضيّقت عينا رويليا.
كانت دائمًا تتذكّر تعليم والدها بالتبنّي بألّا تكون إنسانًا ناكرًا للجميل.
لكنّ والدها كان له تعليم آخر أيضًا.
– حتّى لو كان شخصًا أنقذكِ، إذا عاملكِ كأداة، تخلّصي منه. لا تدرين متّى سيطعنكِ من الخلف.
لم تكن كلمات والدها تخطئ أبدًا.
كانت الكونتيّسة بيلونا شخصًا بخيرًا مع رويليا في رفع أجرها حتّى عندما كانت تُجهد نفسها في العمل.
كم مرّة أقرّت بإنجازاتها أو كافأتها عندما حقّقت أرباحًا كبيرة للتجارة؟
الدّوق كان يُكافئها بمكافأة صغيرة حتّى على إعداد ميزانيّة فقط. لهذا، غادرت رويليا عائلة الكونت دون تردّد عندما عرض عليها الدّوق الانضمام إليه.
“تعلّمتُ الكثير، وبفضلكِ أعمل الآن في مكانٍ أفضل.”
أجابت رويليا بمرح.
عندما حاولت النهوض، أمسكت الكونتيّسة بيدها مجدّدًا. ربّما بسبب العجلة، خدشت أظافر الكونتيّسة ظهر يدها.
“آخ!”
“آه، أسفة جدًّا.”
عندما ظهر الدّم الأحمر على ظهر يدها، أخرجت الكونتيّسة منديلاً من صدرها ومسحته بسرعة.
“لا بأس، لا عليكِ. لكن إذا كان لديكِ شيءٌ لتقوليه، هل يُمكنكِ قوله بسرعة؟ أشعر أنّني ابتعدتُ عن الدّوق لوقتٍ طويل وأريد الذّهاب إليه.”
تعمّدت رويليا ذكر سيّدها الحاليّ أمام سيّدتها القديمة.
عندها، بدت ملامح الكونتيّسة أكثر برودةً.
“حسنًا، لكن هل اقتربتِ من وليّ العهد؟”
كان سؤالاً غير متوقّعٍ على الإطلاق.
“بفضل علاقة الدّوق به، يكتفي سمّوه بمناداتي باسمي فقط.”
“حقًّا؟ هذا مؤسف جدًّا. كنتُ أنوي مساعدتكِ بأيّ طريقة إذا كنتِ تطمحين إلى أعلى منصبٍ في القصر.”
يبدو أنّ الكونتيّسة التي بالكاد تجاوزت الخمسين قد بدأت تهذي.
* * *
بعد أن مغادرة الكونتيّسة بيلونا، كانت رويليا تقضي وقتًا بمفردها.
كانت أكواب الشّامبانيا تتراكم على الطّاولة.
“هه، لقد أخطأتُ في تقييم النّاس.”
كانت تُفرغ زجاجات الشّامبانيا الأغلى التي تبيعها نقابة بيلونا في فمها، كأنّها تنتقم.
بهذا، كانت تنوي الانتقام من الكونتيّسة ولو بهذه الطريقة.
– ‘يبدو أنّكِ نسيتِ أنّني من عامّة الشّعب، سيّدتي الكونتيّسة.’
– ‘بما أنّكِ يتيمة، يُمكننا خلق هويّة جديدة بسهولة. ماذا عن أميرة مخفيّة من مملكةٍ مجاورة؟’
“مجنونة، حقًّا!”
كيف تجرؤ على اقتراح خداع الإمبراطوريّة؟
وهي ليست مسؤولة عن حياتها حتّى!
وعدت على مساعدتها لتصبح زوجة وليّ العهد، لا موعدًا، لتكون دميةً للكونتيّسة؟
من سيُقبل بذلك؟
– ‘إذا أردتِ، يجب أن تحلمي بالصّعود إلى أعلى المراتب. أنا توقّفتُ هنا، لكن…’
– ‘نظًرًا للنّعم التي منحتنّي إيّاها، سأتظاهر أنّي لم أسمع هذا الحديث.’
ربّما كان عليها أن تُبلغ عنها مباشرةً.
أفرغت رويليا الشّامبانيا في حلقها دفعةً واحدةً. رغم أنّه نبيذ خفيف، إلّا أنّ الكميّة الكبيرة جعلت وجهها يحمرّ تدريجيًّا.
في تلك اللّحظة، دخل وليّ العهد إلى الشّرفة، برفقة آيلا.
“سموّه؟ الآنسة آيلا؟”
نطقت رويليا بالأسماء التي كانت تُردّدها في سرّها بألفة.
عندما نادتها رويليا بالاسم بطريقةٍ مختلفة عن المعتاد، اقتربت آيلا بسرعة، أمسكت بيديها، وجلست بجانبها.
“أنا سعيدة جدًّا، آنسة رويليا!”
لم تفهم رويليا السّبب، فنظرت إلى آيلا بعينين متوتّرتين. فجأة، أصبحت الأجواء من حولها صاخبة.
“امسكوه!”
هل هذا صوت بيلين؟
“لا تدعوه يفلت!”
كان صوت كايليس أيضًا يُسمع.
يبدو أنّهم يطاردون شخصًا ما… لكن، هل يجوز فعل ذلك في منزل كونتٍ آخر؟ وفي يوم حفلٍ تكريميّ؟
تضيّقت عينا رويليا، فقال غاليون وهو يهزّ كتفيه:
“لا داعي للقلق، ليس أمرًا كبيرًا. دعينا ننتظر.”
أغلق غاليون باب الشّرفة.
بدا من بعيد أنّ حرس وليّ العهد يحرسون أمام الشّرفة. وكذلك تحتها.
في مثل هذه الحالة، الإجابة واحدة.
‘محاولة اغتيال.’
لا شكّ أنّ الذي هاجم عربة غاليون موجودٌ هنا.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 30"