الحلقة 19

 

 

* * *

 

 

ابتسمت آيلا بشكل ملتوٍ لنبرة كايلس المهدّدة.  

 

 

دوق أبير رجل مثير للاهتمام.  

 

 

يتمسّك بأمور غريبة، أو ربّما لديه حدس قويّ؟  

 

 

‘لا يعجبني هذا الرجل.’ 

 

 

ألقت آيلا نظرة خاطفة على رويليا البعيدة.  

كانت الفتاة الجميلة تراقبهما بعيون متلألئة بالفضول.  

 

 

ابتسمت آيلا لها، فردّت رويليا بابتسامة ودودة.  

 

 

“حسنًا، ليس من الضروريّ أن تكون تحت إمرتي.”  

 

 

“لا تحاولي التهرّب، وتحدّثي بصراحة.”  

 

 

شعرت آيلا بانزعاج طفيف من حذر الدوق الفوريّ.  

 

 

لكن بما أنّهما اتّفقا، قرّرت أن تكون صريحة.  

 

 

“سمعت أنّ هناك اضطرابًا في المعبد مؤخرًا.”  

 

 

مالت رأس كايلس عند ذكر المعبد.

 

 

كان الجميع في الأوساط الاجتماعيّة يعلمون كراهيته للمعبد بسبب الدوقة السابقة.  

 

 

“ما نوع الاضطراب؟”  

 

 

“أُسكِت الأمر فورًا، فلا أحد يعرف الحقيقة. لكن يُقال إنّ تنبؤًا نزل.”  

 

 

“تنبؤ؟ هراء آخر لخداع الناس.” 

 

 

صرّ كايلس على أسنانه.  

 

 

كان ذلك عدم ثقة، أو ربّما نفورًا؟  

 

 

“لكن، من الغريب أنّ الكونتيسة بيلونا كانت في المعبد حينها.”  

 

 

تحمّلت آيلا هالة كايلس المرعبة حتّى الآن، لكنّها شعرت لأوّل مرّة بخوف يخنقها.  

 

 

* * *

 

 

بعد انتهاء التعديلات، أمسكت رويليا بآيلا التي كانت تستعدّ للمغادرة.  

 

 

“آنسة إيميل، ما دمتِ هنا، لمَ لا نشرب الشاي معًا؟”  

 

 

“أوه، حقًا؟”  

 

 

“نعم، إذا لم تكوني مشغولة.” 

 

 

“دعوة من الآنسة رويليا؟ حتّى لو كنتُ مشغولة، سأشرب الشاي.”  

 

 

وضعت آيلا يديها على خدّيها بسعادة.  

 

شعرت رويليا بقلبها يرفرف من فرحتها.  

 

“إنّه شرف أن أكون مع الآنسة إيميل.”  

 

 

“أنا من تشعر بالشرف. وقت نادر لشرب الشاي والحديث معكِ وحدنا.”  

 

 

وحدنا؟ 

 

 

يبدو أنّ آيلا تعتقد أنّ الدوق يكرهها ولن ينضمّ.  

 

 

صحيح أنّه كان قاسيًا بعض الشيء.  

 

 

‘هل تشاجرا للتو؟’ 

 

 

كان الجوّ ثقيلًا بعد التعديلات.  

 

 

نظرت رويليا إلى كايلس بعبوس.  

 

 

“هذا منزلي.”  

 

 

انحنى فم كايلس بشكل غريب.  

 

فهمت رويليا نواياه بسرعة.  

 

“بالطبع. كيف يمكن أن يغيب الدوق عن استقبال ضيف ثمين؟”  

 

 

أومأت كأنّها تقول: “ثق بي.”  

 

 

تحوّل وجه كايلس إلى تفاحة فاسدة.  

 

 

‘لا، دوق! لا يمكن تركهما بمفردهما.’

 

 

من يدري أيّ مشكلة قد تنشأ؟  

 

 

ستبقى لتشاهد وتغادر عندما يتحسّن الجوّ.  

 

 

غمزت رويليا لكايلس خفية من آيلا.  

تشوّش وجه كايلس أكثر.  

 

 

“ماذا؟ نحن الثلاثة؟”  

 

 

بدت آيلا مرتبكة أيضًا.  

 

“نعم، نعم. هيا بنا.”  

 

 

تقدّمت رويليا.  

 

 

كان وجها الاثنين خلفها كمن مضغا عشبًا سامًا.  

 

 

* * *

 

 

في حديقة قصر الدوق، وسط غابة الخزامى الجميلة في الربيع، أُقيمت جلسة شاي نادرة في الجناح.  

 

 

كان مقعد آيلا بجانب الدوق، ورويليا مقابلها.  

 

 

‘يبدوان متناسقين.’  

 

 

نظرت رويليا إليهما بسرور.  

 

 

*كانا يبدوان غريبين عندما ارتديا الزيّ معًا أمام المرآة، لكن هذه الملابس كانت لهم بالتأكيد.  

 

 

“بالمناسبة، متى يعمل السير بيلين؟” 

 

 

كان يمكن تحضير الحلويات حسب ذوق آيلا…  

 

 

نظرت رويليا إلى طاولة الحلويات بأسف، لكن عليها فعل ما تستطيع.  

 

 

“هذا شاي أُنتج في أراضي الدوق. الأكثر عطرًا في الإمبراطوريّة. وهذه دكواز تحتوي على دقيق اللوز من أراضينا. مهارة طهاتنا تجعلها ألذّ من تلك الإمبراطوريّة.”  

 

 

واصلت رويليا التباهي بقصر الدوق: جمال حدائق القصر في الربيع، عظمة القلعة في الأراضي، ثروة الدوق وقوّته العسكريّة. 

 

 

“كلّ ذلك بفضل قيادة الدوق المميّزة.”

 

  

“ههه، يبدو كذلك. لقد أدار الدوق وأنتِ الأراضي جيّدًا.”  

 

 

ردّت آيلا بحماس. 

 

 

كان ذلك مؤثرًا.  

 

 

أحبّت رويليا صمت الدوق المؤدّب.  

 

 

‘لو يستمرّ هكذا، سيكون رائعًا.’

 

 

كان عرض كايلس للحلويات لآيلا مرضيًا. 

 

 

“آمل أن تستمتعي.” 

 

 

“شكرًا، سيّدي الدوق.”  

 

 

تبادلا النظرات لوقت طويل.  

 

كادت رويليا تندم على حضورها.

 

 

شعرت بالراحة، فصفقّت كدمية خشبيّة. 

 

 

“آه، تذكّرت! لم أنهِ التقرير الذي طلبت إتمامه بالأمس.”  

 

 

نظروا إليها بغرابة.  

 

 

كان تمثيلها ضعيفًا.  

 

 

“سأذهب أوّلًا.”  

 

 

سحبت رويليا كرسيّها بهدوء.  

 

 

حاولت آيلا النهوض.  

 

 

“إذن، يجب أن أغادر أيضًا. أضعت وقت الآنسة رويليا.”  

 

 

‘لا، هذا ليس المقصود!’

 

 

مالت رويليا بسرعة وركلت قدم كايلس تحت الطاولة.  

 

نظر إليها كايلس بدهشة.  

 

حدّقت رويليا في الدوق الغبيّ بيأس. 

 

“سأذهب أوّلًا.”  

 

“لا، انتظري.”  

 

 

“سأرسل الفستان عند اكتماله. سيكون أجمل ممّا رأيتِ. ونلتقي يوم الحفل.” 

 

 

غمزت آيلا بعينيها الخضراء الجميلتين.  

شعرت رويليا بخفقان قلبها.  

 

 

بدت ملامح كايلس مشوّشة، وكأنّه…  

 

 

‘هل هو متحمّس؟’

 

 

ابتسمت رويليا، وهي ترى الدوق عاشقًا، لكن آيلا نهضت.  

 

 

“لا حاجة للتوديع.”  

 

 

“لا، هذا لا يصح. سيّدي الدوق، لمَ لا ترافق الآنسة إيميل إلى العربة؟”  

 

 

تحويل الأزمة إلى فرصة!  

 

 

أرادت رويليا أن يسيرا معًا ولو قليلًا.  

لكن كايلس، بلا حسّ وبلا شجاعة، أضاع الفرصة.  

 

 

“سينيور، رافق الآنسة.”  

 

 

“حسنًا، سيّدي.”  

 

 

غادر الخادم مع آيلا.  

 

 

جلست رويليا، مذهولة ومنهكة. 

 

“آه… هذا كثير…”  

 

 

“ألم تقلي إنّ هناك تقريرًا لإنهائه؟”  

 

 

“تذكّرت، لقد أنهيته. لا داعي للذهاب.”  

 

 

ردّت بنبرة وقحة قليلًا، جالسة بشكل مائل وتحدّق بكايلس.  

 

 

هزّ كايلس كتفيه.  

 

 

“إذن، أكملي شرب الشاي. لقد تعبتِ من التعديلات، استريحي.”  

 

 

“ألم يكن الفستان رائعًا؟”  

 

 

“نعم، بدا مناسبًا.”  

 

 

“وأنت أيضًا. كنت رائعًا بالزيّ الرسميّ.” 

 

 

مدحت رويليا بصدق.  

 

 

كان الزيّ أكثر ملاءمة له من ملابس الحفلات السابقة.  

 

 

كان ذلك دليلًا على مهارة آيلا.  

 

 

“يبدو أنّ المصمّمة أبدعت.”

 

 

“لم تكن سيئة.”  

 

 

يبدو خجولًا.  

 

 

كان مظهر الدوق الشابّ لطيفًا.  

 

 

لكن يجب تعويض الخطأ السابق. ألم تقل ميليسا. 

 

 

‘يجب أن يكون لطيفًا وودودًا.’

 

 

نظرت رويليا إلى كايلس بجديّة. 

 

 

“في هذا السياق، ماذا عن إهداء الآنسة إيميل هديّة؟”  

 

 

“هديّة؟”  

 

 

ارتفع حاجب كايلس.  

 

 

بدا متفاجئًا، كأنّه لم يفكّر في ذلك.  

 

 

 

“نعم، كتعبير عن التقدير. بعد ما حدث مع الكونت، إرسال هديّة سيعزّز العلاقة.” 

 

ارتعش عرق على صدغ كايلس. 

 

 

قال بنبرته القاسية المعتادة:  

 

 

“إذا أرادت العلاقة، فلتأتِ هي.” 

 

 

‘غبيّ!’ 

 

 

كيف يرفض حتّى عندما يُقدَّم له كلّ شيء؟  

 

هل يمكن لهذا الرجل أن يفوز بقلب امرأة ويحبّ؟ ربّما هي تضيّع وقتها.

  

تنهّدت رويليا بعمق.  

 

ضحك كايلس، وضمّ ذراعيه، وظهرت ابتسامة لطيفة على شفتيه.  

 

 

“وهناك شخص آخر يستحقّ هديّتي.”  

 

 

اتّسعت عينا رويليا بدهشة.  

 

‘ماذا؟ هل هناك مرشّحة أخرى لدور الدوقة؟’