الحلقة 13

 

 

* * *

 

 

تبادلت عينان باردتان كالجليد النظرات مع بيلين. أومأ بيلين برأسه كأنّه يؤكّد أنّ الشخص الذي فكّر فيه الدوق هو نفسه توقّعه. 

 

تشوّهت زاوية فم كايلس.  

 

 

“يا لها من أحلام سخيفة.”  

 

 

“بالضبط! مساعدتنا مخلصة لسيّدي الدوق فقط.”  

 

 

“هل هذا كلّ ما لديك لتقريره؟”  

 

 

“لا، سيدي. في تلك الليلة، التقت تلك الآنسة سرًا بسموّ ولي العهد .”  

 

 

ازدادت عينا كايلس الزرقاوان قتامة.  

 

 

مع ازدياد برودة الأجواء، ابتلع بيلين ريقه. كلّما قلّ كلام الدوق، شعر أنّ عمره ينقص.  

 

 

إذا استمرّ الأمر هكذا، سيكون هناك تدريب جهنميّ آخر.  

 

 

حاول بيلين تهدئة كايلس من أجل البقاء.  

 

 

“بما أنّ المساعدة لا تنوي مغادرة قصر الدوق، أليس من الأفضل ألّا نقلق؟”  

 

 

يبدو أنّ استراتيجيّة بيلين نجحت.  

 

 

“هل وُجدت أيّ استقالات أخرى من رويليا بعد ذلك؟”  

 

 

“تحقّقت من الخادمات اللواتي ينظّفن المكتب اليوم، ولم يجدن شيئًا.”  

 

 

“حسنًا، إذن انتهى الأمر.”  

 

 

لحسن الحظّ. بدا أنّه يمكن المضيّ في التقرير التالي.  

 

 

“لكن، سيّدي الدوق، ماذا عن المشروع الذي تديره المساعدة؟”  

 

 

“أيّ مشروع؟ هل لديك عمل مع رويليا؟”  

 

 

“التقيتها في طريقي، وطلبت منّي حضور اجتماع ‘لجنة ترويج زواج الدوق’.”  

 

 

تعمّقت التجاعيد بين حاجبي كايلس.  

 

أدرك الخادم السريع البديهة أنّه خسر للتوّ النقاط التي استعادها.  

 

 

“مئة لفّة حول ساحة التدريب. بقي تسعة أيّام.”  

 

 

يا للأصوليّ المتمسّك بالقواعد.  

 

 

عضّ بيلين على أسنانه وجرى حول الساحة.  

 

 

* * *

 

 

“السيّر بيلين، مرحبًا بك.”  

 

 

رحّبت رويليا بـ بيلين بحرارة في شرفة الحديقة بقصر الدوق. كانت المرطّبات جاهزة بالفعل.  

 

 

“لكن، هل أتيت مباشرة بعد التدريب؟”  

 

 

بينما كانت تدله على مقعده، لاحظت مظهره وأرسلت أنفها بحركة خفيفة.  

 

 

وجه شاحب، ملابس مبلّلة بالعرق، وبشرة مغطّاة بالغبار. كان يبدو كمن عاد من الجحيم.  

 

 

“أعتذر. أتيت مسرعًا بعد التدريب الصباحيّ دون أن أغتسل.”  

 

 

“لا، أنا من يجب أن تعتذر! كان ينبغي أن ترتاح بعد التدريب، لكنّني سرقت وقتك.” 

 

 

“لا، لا. أنا سعيد جدًا بالمشاركة في خطتكِ! سأحضر الاجتماع التالي بكلّ سرور. لا تستثنيني أبدًا!”  

 

 

ابتسم بيلين بضعف، وعيناه الغائرتان السوداوان تتألّقان.  

 

 

 

“لكن رئيس الخدم هنا أيضًا.”  

 

 

“بالطبع. السيّد سينيور هو أقرب المقرّبين للدوق، فلا يمكن استثناؤه من لجنة الترويج.”  

 

 

“صحيح…”  

 

 

كانت عينا بيلين مليئتين بالإحباط والإرهاق.  

 

 

“اجلس في مكان مريح.”  

 

 

جلس بيلين بتردّد مقابل رويليا، متجاهلًا النظرات الحادّة القادمة من الطابق الثالث للقصر.  

 

 

– أسمح لكما بالتحدّث هذه المرّة. لكن، إذا بدا أنّ رويليا سترتكب حماقة، أبلغني. استجب باعتدال دون إزعاجها.

 

 

كان طلبًا صعبًا.  

 

 

كان تعريف “الحماقة” غامضًا. هل يقصد شيئًا يهدّد الحياة أم شيئًا شخصيًا؟  

 

 

كان عليه تخمين نوايا الدوق.  

 

 

وإلّا، فقد يجرّ الدوق، الذي كان في مزاج سيّء مؤخرًا، ملاك الموت نفسه من الجحيم.  

 

 

“حسنًا، لنبدأ الاجتماع؟”  

 

 

صفقّت رويليا بيديها بابتسامة مشرقة، معلنةً بدء الاجتماع.  

 

 

شرحت أوّلًا نظرة عامّة على لجنة الترويج.  

 

 

“التقيت بسموّ ولي العهد مؤخرًا. يبدو أنّ الإمبراطوريّة ستتدخّل قريبًا في زواج قصر الدوق.”  

 

 

“تدخّل الإمبراطوريّة في شؤون قصر أبير غير مقبول.”  

 

 

عضّ بيلين على أسنانه، بنبرة عدائيّة كأنّه يواجه عدوًا.  

 

 

لم يكن الوحيد الذي أبدى استياءً.  

 

 

“صحيح. الأميرة الإمبراطوريّة، على وجه الخصوص، لا تتناسب مع تقاليد قصر أبير. تاريخيًا، لم يكن هناك زواج مع أميرة أدّى إلى نهاية جيّدة.”  

 

 

حتّى سينيور، الخادم الذي لا يبدي النميمة عادةً، أبدى اشمئزازًا.  

 

 

على عكس علاقة كايلس الجيّدة بالأمير، كان لدى أهل قصر الدوق استياء من عائلة الإمبراطوريّة.  

 

 

كان ذلك بسبب أفعال دوقة السابقة من العائلة الإمبراطوريّة: علاقتها السيئة بزوجها، تجسّسها لصالح عائلة الإمبراطوريّة، وكونها شخصًا لا يحترمه خدّام القصر.  

 

 

حتّى ابنها الوحيد كان كذلك.  

 

 

تذكّرت رويليا تاريخ القصر، فبدت ممتعضة تلقائيًا.  

 

 

“أتّفق معكما. تدخّل الإمبراطوريّة في شؤون القصر يعني فقط مراقبتنا وتقييدنا.” 

 

 

تقييد عدد الجنود الخاصّين بالإمبراطوريّة كان إجراءً بنفس المعنى.  

 

 

عدم ثقتهم بولاء أبير.  

 

 

لذا، كانت عائلة الإمبراطوريّة تسعى لتحالفات زواج عند كلّ فرصة.  

 

 

في هذا الجيل، لم يطرحوا الموضوع بعد لصغر سنّ الأميرة. لكن إذا تأخّر زواج كايلس، قد يدفعون بخطوبة.  

 

 

لقد أبدى الإمبراطور بالفعل نيّة التدخّل.  

 

 

“لذا، يجب تسريع زواج الدوق.”  

 

 

أمسكت رويليا قبضتها بحماس، ونظرت إلى الاثنين طالبةً موافقتهما.  

 

 

“صحيح. أتّفق تمامًا!”  

 

 

لحسن الحظّ، أومأ بيلين بحماس أوّلًا، لكن سرعان ما بدا مرتبكًا.  

 

 

“هل هناك شخص في الاعتبار؟”  

 

 

“أوه، ألم تلاحظ بعد؟ أنت أقرب المقرّبين للدوق، فكّر جيّدًا.”  

 

 

بعد تفكير عميق، أضاء وجه بيلين كأنّه اكتشف شيئًا.  

 

 

“آه! أعرف! أنا أعرفه أفضل من الجميع!” 

 

 

ضحك سينيور بلطف، ونظر إلى رويليا كأنّها حفيدته، مهدّئًا إيّاها.  

 

 

“هذا أمر يقرّره الدوق بنفسه. إنّه شخص لن يتزعزع وسيختار شريكة بحكمة.”  

 

 

قبل أيّام، كانت رويليا لتوافق.  

 

 

“لا، بعد ما رأيته بالأمس، أنا متأكّدة أنّه مخطئ.”  

 

 

“ماذا حدث في صالون الأزياء؟”  

 

 

“لا تعرفون مدى حدّته هناك. أعتذر عن التعبير، لكنّه كان كارثة.”  

 

 

تنهّدت رويليا بعمق، حتّى ارتجفت القهوة في فنجانها.  

 

 

“ماذا؟ هل كشف الدوق عن مشاعره هناك؟”  

 

 

عبس بيلين متعجّبًا.  

 

 

“نعم، كان قاسيًا جدًا. كنت كمن يجلس على وسادة مليئة بالأشواك.”

 

 

“إنّه ليس بارعًا في التعبير عن المشاعر. سيتغيّر قريبًا، فقط انتظروا.”  

 

 

كان سينيور يثق بالدوق ثقة عمياء.  

 

 

حسنًا، الدوق جيّد مع أتباعه، فمن الصعب تخيّل تصرّفه بطريقة سيئة.  

 

 

إذا لم ينجح الإقناع، فقد حان وقت تغيير الاستراتيجيّة.  

 

 

“أقترح أن نساعد الدوق قليلًا حتّى لا يعاني.”  

 

 

“كيف؟”  

 

 

“أوّلًا، أطلب منك، السيّد بيلين، التحقيق عن تلك المرأة. تفضيلاتها، خططها التجاريّة، أيّ معلومات مفيدة للدوق. فرسان القصر أسرع من أيّ نقابة في جمع المعلومات، أليس كذلك؟”  

 

 

مع لمسة من المديح، أعطت تعليماتها. نجحت استراتيجيّة رويليا تمامًا، فابتسم بيلين بحماس.  

 

 

“بالطبع، هذا سهل جدًا.”  

 

 

“إذا جمعت المعلومات، سأقدّم نصائح مفيدة للدوق بناءً عليها. هذا مقبول، أليس كذلك، سيّد سينيور؟”  

 

 

لحسن الحظّ، لم يعترض. أومأ سينيور بلطف.  

 

 

خطوة إلى الأمام.  

 

 

لكن كان هناك عقبة أكبر.  

 

 

‘كيف أتخلّص من ولي العهد ؟’  

 

 

لم يُذكر في اليوميّات سبب اختيار ابنة الكونت إيميل للأمير في النهاية.  

 

 

لو تذكّرت ذلك، لاستطاعت مساعدة الدوق…  

 

 

بينما كانت رويليا تفكّر بجديّة في الخطوات القادمة، سعل بيلين.  

 

 

“ما الأمر، سيّد بيلين؟”  

 

 

بنظرة جديّة، سألها:

 

  

“متى تنوين الزواج، مساعدة، ومن أيّ نوع من الرجال؟” 

 

 

كانت عينا بيلين مليئتين بالترقّب وهو ينتظر إجابتها.