أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
بعد تهدئة لوكا، دخلتُ إلى السكن.
كانت سلسلة من المشاعر تتزاحم في رأسي بلا توقف. الأمس واليوم كانا مرهقين عاطفياً.
رميت حقيبتي جانباً وكنت على وشك التوجه مباشرة إلى السرير.
لكن جين، التي أدركت حالتي، اقتربت مني بحذر.
قالت:
“لين، هل حدث شيء مع لوكا؟”
“…أم، لا شيء…”
لم أرغب أن تعرف. لكن عندما نظرت إلى وجهها اجتاحني شعور بالحزن. كان من الصعب التحكم في ملامحي.
وحين رأت دموعي، أمسكت بيدي بحنان.
“ماذا قال لكِ لوكا؟ هل تريدين أن أتعامل معه بدلاً عنكِ؟”
ابتسمتُ بضعف، حتى وإن لم يكن لديّ ما يكفي من القوة لأضحك.
“هاها، ما هذا الكلام.”
“أنا لا أمزح. حتى لو كان من عائلتك، إن كان يعبث برأسك فلن أسمح له بذلك.”
كانت عيناها تحملان قلقاً عميقاً.
شعرتُ بالذنب لأنني أخفيت عنها الحقيقة. هي تهتم بي كثيراً، بينما كنت أفكر في قطع التواصل معها.
ربما لهذا السبب…
تحرك فمي من تلقاء نفسه:
“جين، هناك شيء لم أخبرك به.”
لم أستطع أن أبوح لها بالقصة كاملة، لكن على الأقل لم أرد أن أقطع التواصل فجأة بعد التخرج.
لذلك اعترفتُ لها بخططي بعد التخرج؛ أنني سأنتقل إلى بلدة بعيدة عن العاصمة.
وأنني سأفقد الاتصال بجميع أصدقائي، بما فيهم الكونت.
بعد أن استمعت جين إلى القصة كاملة، سألتني:
“هل أنتِ بخير؟”
ماذا تعني “بخير”؟
توقعتُ أن تسألني لماذا حاولت قطع التواصل، أو الأسوأ، أن تعبر عن خيبة أملها بي.
لماذا لم أتحدث أبكر؟ لماذا لم أخبرها؟ لماذا كنت مستعدة لخسارتها إلى الأبد؟
كنت واثقة أنها ستصرخ عليّ.
لكن جين كانت أكثر قلقاً عليّ.
“أنتِ تحبينه. هل أنتِ متأكدة أنكِ لن تريه مجدداً؟”
لا. لم أكن متأكدة.
نظرت إليّ جين مباشرة وقالت وكأنها تريد أن أوصل رسالتها بوضوح:
“سأكون صريحة معكِ، لين. سأشفق حقاً على كارسون إن قيل لي إنه سيتزوج.”
جين عادة ترتجف كلما قلت شيئاً لطيفاً عن كارسون، لذا كنت أعرف أنها لم تكن تمزح.
“لكن إن كنتِ أنتِ، فلن يكون الأمر كذلك. أنا متأكدة أن كارسون قادر على إسعادك.”
جين لا تتكلم إلا إذا كانت واثقة. وغالباً ما تكون محقة.
“إن كنتِ تتخذين هذا القرار بسبب مكانتك، فأنا أريد أن أمنعك.”
ربما كان السبب ما قلته للبنات ليلة البارحة. فقد ظنت جين أنني أبعد كارسون عني فقط بسبب الفارق الطبقي.
ضغطت على يدي وقالت:
“لماذا لا تثقين به؟”
لكنني لم أستطع سوى أن أنظر إليها وأهز رأسي.
“الأمر ليس متعلّقاً بالمكانة، وإلا لما اضطررت للابتعاد إلى هذا الحد.”
لو كان الأمر متعلقاً بالمكانة فقط، لكان مجرد رفضه كافياً. بل ربما كان بإمكاني أن أحلم بمستقبل معه.
قطّبت جبيني بمرارة، لكن ابتسامة ارتسمت على شفتي.
“لأنك أنتِ جين، يمكنني أن أخبرك… أنا أحاول إغواء كاون.”
“…إغواء؟”
نعم، بدا غريباً أن أقول “إغواء كاون”، خاصة بعد أن قطعنا التواصل. لكنني لم أكن أمزح.
“نعم. سأغوي كاون في حفل التخرج.”
كنتُ آمل أن أنقش معه ذكرى أعمق. أردتُ أن أملك كل ما لديه، ولو لمرة واحدة.
كنتُ أعرف أن هذا جشع أناني. لم أستطع قبول قلبه. لكنني شعرت أنني إن ضيّعت هذه الفرصة فسأندم طوال حياتي.
اتسعت عينا جين قليلاً عند إدراكها معنى كلامي، لكنها ما لبثت أن ضحكت معي.
“توقيت مناسب. الفستان الذي صنعته لمشروع تخرجي صممته وأنتِ في بالي كعارضة.”
“صممتيه من أجلي؟”
لم أكن أعرف ذلك.
“سأجعلك نجمة الحفل. ستكون كل العيون عليكِ.”
“أه… همم. لكنني فقط أحتاج إلى إغواء كارسون…”
“آسفة، هذا غير ممكن، سأجعلكِ في أجمل صورة يمكن أن تكوني عليها.”
أدرتُ عينيّ بتململ للحظة، ثم فضّلت الصمت.
“حسناً، كارسون، أتمنى أن تسامحني إن حاولتُ أن أغريك حتى تقع في العمق…”
هزّت كتفيها قائلة:
“إنه يومك الكبير، بالطبع سترغبين أن تظهري بأجمل صورة.”
“…شكراً يا جين.”
لكنها ردّت قائلة:
“بل أنا من يجب أن أشكرك. لأنكِ وثقتِ بي أولاً. لابد أنه كان صعباً أن تبوحي لي.”
“ألستِ ستسأليني لماذا حاولت قطع التواصل؟”
نظرت إليّ بعينيها وقالت ببساطة:
“أعني… لديك أسبابك، أليس كذلك؟”
كانت هذه نفس الكلمات التي قلتها أنا ذات يوم وأنا أحاول أن أفهمها. كان الأمر مؤثراً. يبدو أن مقولة الأصدقاء يشبهون بعضهم صحيحة.
“…حتى وإن لم نلتقِ مجدداً؟”
“ذلك سيؤلمني كثيراً.”
كانت جين تبتسم ابتسامة ضعيفة، كما لو أنها على وشك البكاء.
ببطء، نهضتُ من مقعدي. ذهبتُ إلى مكتبي وسحبت بعض الأوراق التي كنت قد أخفيتها في الدرج السفلي.
“لدي هدية لكِ أيضاً، كنت سأعطيكِ إياها كهدية وداع…”
مددتُ بالأوراق نحو جين، التي نظرت إليّ باستغراب.
“لكن الآن بعدما عرفتِ، أعتقد أنه من الأفضل أن أعطيك إياها الآن بدلاً من أن تكون هدية وداع.”
أخذت جين الأوراق بدهشة، وقرأت ما عليها.
“سند ملكية؟”
حدّقت بي بفم مفتوح.
“لين، ما هذا بحق السماء…!”
“إنه مجموعة بوتيكات في العاصمة. من الصعب إيجاد محل للبيع، أليس كذلك؟”
بالطبع، كان هانز هو من عانى في إيجاد المكان، لا أنا.
“عيشي حلمك هناك، يا جين.”
“ليس هذا… إنه كثير جداً لأخذه…”
تظاهرت بأني لم أسمع اعتراضها.
“على فكرة، تركتُ الزخرفة لهانز، فأنا لست جيدة في ذلك.”
“لين!”
حتى وهي تعترض، كنت أعلم أنها ستقبل هديتي في النهاية.
جين فتاة طموحة. بدلاً من رفض ما أعطيها الآن، ستضاعفه مرات عديدة.
وفوق ذلك، كانت تعرف أنني طوّرت عدة أدوية، بما في ذلك المسكنات.
ستدرك بسرعة أن هذا المبلغ معقول بالنسبة لي.
ابتسمتُ ابتسامة باهتة وقلت:
“إذن إن لم يعجبكِ، فاللوم يقع على حبيبك، لا عليّ.”
م.م: صديقة مثل لييين ياجماعة 🥹
🍃
مضى الوقت وجاء اليوم الكبير.
حفلات التخرج تكون للخريجين فقط. رقص، شرب، وأخيراً إطلاق العنان.
أقيم الحفل في بداية العام الجديد، بعد تغيير السنة مباشرة، لذا فإن الطلاب الذين وُلدوا في 31 ديسمبر لم تكن لديهم مشكلة بالاستمتاع كراشدين.
فقط الحذر من الإفراط في الشرب.
لكن الحفل لم يكن هو الهدف الحقيقي.
“جين، ألا تعتقدين أن الوقت حان لنذهب؟”
كنتُ أنا وجين مستعدتين تماماً. رغم أن الحفل في وقت متأخر من المساء، إلا أنني بدأت التحضير منذ الصباح الباكر بمساعدة جين.
وبينما أدركتُ أنني طلبت منها معروفاً، بالكاد انتهيت من التجهيز.
قالت إنها لم تجد وقتاً لتجهز نفسها بسببي…
لكنني شعرت بالإحباط حين ظهرت بمظهر كامل في 30 دقيقة فقط. بل ربما كانت قادرة على فعلها أسرع، لكنها لم تفعل..!
نظرت إليّ جين وكأنها تفحص تحفة فنية وسألت:
“نعم. يجب أن نذهب الآن. هل أنتِ جاهزة، لين؟”
“تماماً.”
لكن جين لم تتوقف عند هذا، بل حدّقت بعينيها الحادتين:
“ماذا عن مكان المبيت؟”
“حجزتُ الأفضل.”
“والحاجة الطارئة؟”
“توقيت مثالي، وأخذت بعض الحبوب تحسباً.”
“الاستعداد النفسي؟”
“تمام.”
ألقيت نظرة أخيرة في المرآة، وابتسمت ابتسامة واسعة. المرأة الجميلة في المرآة ابتسمت لي بدورها.
راجعت صورتي في المرآة مرات عدة، لكن الأمر ما زال يبدو غريباً.
ذلك الجمال كان أنا.
كان الأمر شاقاً، لكن جين بارعة في إخفاء الشكاوى.
أما فستانها الذي صممته بيدها؟
نظرتُ بإعجاب متجدد إلى الفستان الأبيض الخالص، بفتحة أكتاف عارية وقصة جرسية.
التطريز على شكل أوراق وكروم لا تُحصى بدا وكأنه يحيطني.
“من أول ما رأيته، ظننت أنه يشبه فستان زفاف.”
أمالت جين رأسها وكأنها لاحظت الأمر:
“إنه بالفعل فستان زفاف.”
“هاه؟”
“إنه الفستان الذي كنت سأقدمه لكِ يوم زواجك بكارسون. أجريتُ بعض التعديلات لتتمكني من ارتدائه في الحفل.”
…كان فعلاً فستان زفاف؟
ومعدّ حتى يكون هدية يوم زفافي من كارسون؟
“هاه…”
ضحكتُ ضحكة صغيرة على حماسها الزائد.
“لم أدخل حتى في علاقة عاطفية مع كاون، ألا تذهبين بعيداً؟”
“لا أعلم. البشر بشر، لا يمكنكِ التنبؤ. فكرت أنه ربما يحدث.”
كانت نظرتها الجدية تقول إنها لا تمزح.
“على أي حال، لا تقلقي بشأن فستان زفافك الحقيقي. سأعد لكِ شيئاً أكثر كمالاً.”
“هاها، هذا لطف منك، لكن ذلك لن يحدث.”
اكتفت بهز كتفيها بإيماءة عارفة لضحكتي.
“إذاً، هيا لنرى عريسك الآن؟”
“حسناً.”
وصلنا بالعربة، وكان المكان يعج بالناس.
وقفنا عند المدخل، فنظرت إليّ جين. أومأتُ برأسي إشارةً أن علينا الدخول.
وما إن دخلنا حتى شعرتُ بالأنظار. سمعتُ شهقات وانبهاراً.
جلستُ سريعاً في الزاوية مع جين، متجاهلة تلك النظرات.
الجميع كان مرتدياً ملابس أنيقة للحفل. لم يكن هناك من بلا فستان أو بدلة، لحسن الحظ.
أما من لم يستطع تحمّل التكلفة، فقد تعاونت الأكاديمية مع قسم تصميم الأزياء لتوفير الدعم.
أدركتُ احتراماً جديداً للرئيس، الذي لم أقابله من قبل.
لابد أن الأمر صعب أن يضع الطلاب في حسبانه بهذا الشكل.
بينما كنتُ شاردة، لاحظت دخول كارسون مع فيورد، كما لو أنهما قد وصلا للتو.
كان يرتدي زياً من تصميم جين نفسها. بدا أكثر إشراقاً هذه الليلة.
بل وكان شعره مصففاً بشكل غير معتاد، نصفه مرفوع ونصفه منسدل.
انجذبت عيناي إليه للحظة، ثم تذكرت أن هذه ليست اللحظة التي أُفتن فيها.
أشرتُ إلى ظهر جين لأوضح أنني ذاهبة إليه، ثم توجهت مباشرة نحو كارسون.
دق، دق، دق—
لقد استعددتُ جيداً، والآن حان وقت رؤية رد فعله.
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 98"