أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
لم أغلق باب مسكني حتى اختفى كارسون تمامًا عن الأنظار.
بسرعة، استدرت لأندسّ تحت الأغطية.
لكن كل فتاة في المهجع كانت تحدّق بي، وأعينهن تلمع ببريق مريب.
شعرت ببعض الإحراج، لكنني تمالكت نفسي وقلت بهدوء:
“لماذا تنظرن إليّ هكذا؟”
فتحت الفتيات أفواههن وبدأن يتمايلن بمرح.
“لين طيّبة جدًا!”
“هل رأيتِ كيف دفّأ الغرفة بلمسة واحدة من أصابعه؟”
“وماذا عن اللحاف؟ لم يكن شيئًا أحضره خصيصًا!”
“أكثر ما يُثير غيرتي هو رِقّة كارسون مع لين.”
“بالضبط! هذه هي النقطة… إنه دوق بارد من الشمال، لكنه دافئ مع فتاته…!”
تدحرجت عيناي في ضيق.
“في الواقع…”
تقنيًا، لم تكن أملاك دوق ليسيانثوس في الشمال أصلًا. كارسون لم يكن دوقًا كبيرًا، وأنا لستُ فتاته.
“لا تكنّ سخيفات. لقد رأيتنني أكثر من أي أحد آخر طوال أربع سنوات.”
كارسون زار صفّنا على الأقل مرة أو مرتين.
“لكن، مع أنني رأيت ذلك، كنت منشغلة جدًا بالنظر إلى كارسون فلم أستطع إخباركِ يا لين.”
“في الأكاديمية كنت معتادة على الأمر قليلًا، لكن هنا بالخارج، بدا الأمر أكثر إدهاشًا!”
ضحكت وهي تمسك يدي.
“أخشى أن الوقت قد فات عليكِ، لكن… ماذا لو تبادلنا بعض الأحاديث؟”
تبادلْن نظرات ماكرة. ترددت وحاولت سحب يدي، لكنها كانت ممسكة بي بإحكام.
“لا أعلم ما الذي تتوقعنه، لكن الأمر ليس كما تظنن.”
“حسنًا، سنعرف حين نسمع القصة، أليس كذلك؟”
كانت مصمّمة على السماع.
فكرت سريعًا في طريقة لتغيير الموضوع. فجأة، لفت انتباهي وسادة.
“مرحبًا يا بنات، ما رأيكن في معركة وسائد بدلًا من هذه الأحاديث السخيفة؟”
إحدى الفتيات رفعت وسادتها.
“هذه وسادتي، هل تصلح؟”
كانت وسادتها عبارة عن وسادة رقبة صلبة جدًا. أدركتُ أنه إن دخلت في معركة وسائد معها، ستكون نهايتي هنا.
خوفًا على حياتي، رفعت الراية البيضاء.
“…أمتأكدات أنكن تُرِدن سماع الأسرار؟”
“طبعًا!”
جلسنا جميعًا حول الطاولة بعدها.
الغرفة كانت ضيّقة، فجلسنا في دائرة، أشبه بحفرة مستديرة.
في البداية، كانت الأسئلة عادية. أسئلة جماعية أكثر من كونها فردية.
“من تعتقدن أنه الأجمل في صفّنا؟”
اتفق الجميع تقريبًا على نفس الاسم.
“كون.”
“كون.”
“لين.”
بينما صرخ الجميع “كون”، الوحيدة التي قالت اسمي كانت “جين”.
“جين…؟”
رفعت حاجبًا متحدية نظرات الدهشة.
“ماذا؟ لم يقل أحد إن الأجمل يجب أن يكون شابًا.”
“هذا صحيح…”
“لين رائعة.”
بشكل غير متوقّع، وُجد من يوافقها.
خاصة “نانسي” من نادي ليلي، التي صفعت الأرض نادمة.
“تبا، كيف رشحت كون بدلًا من لين؟!”
كنتُ أنا من ارتبك أكثر من ردة فعلهم. توقعت أن يسخروا.
“أنا؟”
أشرت إلى نفسي، فأومأوا جميعًا.
“في أي جانب؟”
“أنتِ جميلة…”
“وأنتِ من اخترعتِ العلاج الشهير لفرط التعرق.”
“ولا تخجلين أمام أصحاب المراتب العليا أو في المواقف الفردية.”
“تساعدين الآخرين دائمًا! حتى أنا، لين كانت لطيفة معي.”
“وأنكِ تحملين الزهور بيديك دائمًا مهما كان.”
“وأيضًا اثنان من أعلى التراتيب في المدرسة كلها معك.”
الأخيرة وضعت يدها على فمها معتذرة.
“أوه… هل كان يُفترض ألا أقول هذا؟”
“إنه أمر معروف. هل هناك أحد هنا لا يعرف من هما كون أو كارسون؟”
“لا.”
“تمام. إذن لا داعي للتظاهر.”
لم يهتموا بالألقاب كثيرًا.
“إذن، لين… من تفضلين، كارسون أم كون؟”
تنهدت بصوت منخفض. الإجابة كانت واضحة بالنسبة لي.
“كون لا يلاحقني إلا لأنني ساعدته مرة، لا أكثر.”
تبادلوا النظرات، ثم قالت إحداهن:
“لكن…”
“ألا تعتقدين أن قسوة كارسون على كون سببها أنه يحبكِ؟”
“بلى. من الطبيعي أن يكون حساسًا بشأن هذه الأمور إن كان معجبًا بك.”
أغمضت عيني قليلًا أفكر: هل كان كارسون يعرف أن كون يملك مشاعر تجاهي؟
لم يكن ذلك مستحيلًا. كارسون كان يضيّق عينيه كلما تحدّثتُ مع كون، لكن ليس مع فيورد أو هانز.
والأرجح، حين بدأت ألحظ تغيّر نظرة كون لي، صار كارسون أكثر عدوانية معه.
اليوم مثلًا، في تقسيم الفرق…
كارسون جمع كل أوراق المقرّبين مني. باستثناء كون.
كون أخذ ورقته وحده وكأن الأمر طبيعي.
سكتُّ طويلًا، بينما انسحبن خطوة للخلف.
“حسنًا، لين، إن كان هذا رأيك…”
“لا داعي لننشغل بأمر لا يعنينا.”
“فلنكمل بالأسئلة الحقيقية، أليس كذلك؟”
“بالتأكيد!”
بعد صمت قصير، تشجعت إحداهن وقالت:
“بما أنكِ قلتِ إن كون ليس كذلك… إذن، ماذا عن كارسون يا لين؟”
“كنت أنتظر هذا السؤال!”
“صحيح، لقد ظل يلاحقكِ لأربع سنوات، وأنتِ دائمًا تتظاهرين بالغباء، لين.”
كانت أعين الفتيات تلمع بالترقّب.
كنت على وشك أن أقول: لا يعجبني.
لكن فجأة… رغبت أن أكون صادقة لمرة واحدة.
“أنا… أعجب به. بشكل معقول، طبعًا.”
“أووووووووووه!”
اشتعلت الغرفة.
“لم أتوقع هذا! كنت أظن أنكِ لم تعودي ترينه رجلًا!”
“ظننت أن الأمر حب من طرف واحد، لكنه متبادل!”
“مستحيل! هل نحن أمام قصة حب تتجاوز الفوارق الطبقية؟”
“منذ متى إذن؟ ولماذا لم تواعدا بعضكما؟”
ضحكتُ بمرارة أمام حماسهن. تفهّمت اندفاعهن.
فكل فتاة تحلم بأمير على حصان أبيض. لكن الواقع ليس دائمًا هكذا.
“لأنني أعلم أنني، كعامية، لن أتزوج أبدًا من دوق.”
“…آه؟”
“لهذا أبعدته عني.”
ساد صمت ثقيل.
عيون الفتيات بردت فجأة، وكأنهن استفقن من حلم جميل.
فجأة، غيّرت إحداهن الموضوع بسؤال موجه إلى جين:
“جين، لقد كنتِ مع هانز لعامين الآن.”
“صحيح.”
“إلى أي مرحلة وصلتما؟”
على الفور، تلألأت أعين الجميع.
“…قبلة؟”
“واو!”
“كنتُ متأكدة أن الأمر أبعد من ذلك، جين!”
رفعت كتفها بابتسامة صغيرة.
“ربما فارق العمر بيننا هو ما جعلني أحميه حتى يبلغ. بعدها… أفكر جديًا بالأمر.”
م.م: الجرأة في بنات هذه الرواية رااائعه 🤣🤣
“كياااااه!”
اشتعل الجو من جديد. ومن هناك، بدأت الفتيات يروين تجاربهن.
وكانت أحاديث مسلية، مرّت بسرعة.
🍃
حلّ الفجر، والجميع غارق في النوم من شدة التعب.
جلستُ ببطء، أتأمل من حولي.
“أريد النوم أيضًا.”
لكن النوم جافاني الليلة. أنا التي أنام في أي مكان عادة.
كثرة الأفكار أثقلتني.
فبعد هذه الليلة، تبدأ عطلة الشتاء. ولم يتبقَ لي الكثير من الوقت.
كنتُ قد قررت بعد التخرج أن أقطع الاتصال بالجميع، ما عدا هانز، لأسباب عملية.
من أجل نفسي… ومن أجل أصدقائي الذين قد يتضررون إن ظلوا بجانبي.
لأخفف عن نفسي، أمسكتُ معطفي وخرجت لأستنشق بعض الهواء.
أول ما استقبلني حين فتحت باب النُزُل، كان تساقط الثلج الخفيف على الجبال.
مددت يدي، وبعد لحظات، استقرت ندف الثلج على كفي.
من بعيد أو قريب، كانت جميلة، بيضاء نقية.
لكنها سرعان ما ذابت من حرارة جسدي. نظرت إلى يدي الفارغة، وغمرني شعور غريب بالفراغ.
“ظننت أنني أمسكتها… لكن في النهاية لم يبقَ شيء.”
قبضت يدي ثم بسطتها. لم أرد الإمساك بها أساسًا.
كنت أعلم أنني لن أستطيع الاحتفاظ بها، ومع ذلك كنتُ غبية.
ومع ذلك، ظللت أقول لنفسي: لدي الكثير من الوقت… سيُحلّ الأمر بطريقة ما.
مسحت بقايا الرطوبة على ملابسي، تاركة بقعًا داكنة.
“…آه.”
لحظة إدراك صغيرة.
“لم يتبقَ شيء.”
لكن الحقيقة… أن شيئًا ما دائمًا يبقى. أثرٌ صغير، ذكرى… حتى الآن، ما زال يثقلني.
ثم سقطت ندفة أخرى في كفي. نظرت إليها مطولًا.
نعم، إن انتظرت، ستزورني أخرى. حتى لو لم ألتقِ هذه ثانية، فإن الذكرى تكفي.
إذن… هل كان خطأً أن أحاول الإمساك بها؟
لا. مجرد لمسها كان كافيًا. لحظة عابرة لكنها حلوة.
وهذا يكفي.
خفضت يدي وبدأت أمشي ببطء على طول المحيط.
كان الفجر، لكن الرؤية واضحة بفضل المصابيح الصغيرة التي تُبقي الوحوش بعيدًا.
لا أعلم كم مشيت…
فجأة، تلألأ ضوء أزرق بعيدًا.
“…مانا؟”
أحيانًا تتجسد طاقة المانا في أماكن الوحوش. ظاهرة نادرة، سببها تراكمها في نقطة واحدة.
لم يكن مشهدًا مألوفًا، لذا انجذبت عيناي إليه.
خطوة… خطوتان…
اقتربت من الضوء، مسحورة به.
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 96"