أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
تم تسليم سيرا إلى المحكمة المركزية الإمبراطورية، لا إلى لجنة الانضباط في الأكاديمية، ليُحاكَم أمرها رسميًا.
تهمة: الشروع في القتل.
محاولة قتل وريث دوقية ليسيانثوس لم تكن أمرًا يمكن التغاضي عنه.
قد يكون هناك شهود، لكن كون الحادثة وقعت في مكان عام، أمام مرور الطلاب، جعل من المستحيل التملص منها.
ترددت شائعة أن عائلتها، آل ماركيز براندي، حاولوا رشوة أحد المفتشين في أحد بيوت القمار الكبرى بالعاصمة، لكن من يدري؟
على أية حال، لم يبدُ أن ذلك قد نفع، فقد حُكم على سيرا بالنفي.
الأكاديمية، وكل الدوائر الاجتماعية، لم تكفّ عن الحديث عن سيرا، الابنة الثانية لماركيز براندي.
لقد سقط شرف الماركيز أرضًا.
كان ذلك ثمن فقدان السيطرة على لحظة غضب.
— “أتساءل لماذا فعلت ذلك فجأة؟ تقول إن معصمها مكسور. يقال إن السبب كارسون، وهي تلعنه.”
يا للسخرية…
خطر لي فجأة أنها ربما كانت من نفس طينة ريكس بيغونيا.
— “هل هو عقلية الكل أو لا شيء؟”
ليس من شأني ما هي دوافع المجرم.
هززت كتفيّ، وأسرعت الخطى. كان علي أن أقطع مسافة طويلة اليوم، فحصصي كانت في مبنى بعيد عن قاعة النادي.
بينما كنت أعبر حدائق الأكاديمية مسرعًا باتجاه النادي، وقعت عيناي على يعسوب يستريح على نافورة.
— “إنه مبكر جدًا لظهور اليعاسيب…”
أتذكر أنني سمعت يومًا أن اليعاسيب تعيش على أكل البعوض والحشرات.
شعرت بالغباء فجأة، ثم ابتسمت بفخر وأنا أنظر إلى اليعسوب، ومددت يدي بلطف وأمسكت به.
— “قبل أن أذهب إلى غرفة النادي، سأمرّ على نادي موتو (MoTo-Club: Mosquito Torture Club) وأعطيه لهم.”
م.م: نادي موتو اسمه اختصار لجملة نادي تعذيب البعوض 🙃🤣
سيعرف نادي موتو كيف يملأ بطن اليعسوب.
كانوا يربّون بعوضهم الخاص لضمان الإمداد الفعّال، هكذا سمعت.
لم يستغرق الأمر طويلاً للوصول إلى نادي موتو.
ما إن طرقت الباب حتى اتسعت عينا العضو الذي فتح لي.
— “ألستِ لين، التي قدمت طارد البعوض مع هانز في مشروع الأعشاب المرة الماضية؟”
يبدو أن نادي موتو يعرفني.
— “نعم، هذا صحيح.”
— “ماذا؟ من؟!”
— “لين؟ ألم تقل لين؟!”
وبمجرد أن سمع بقية الطلاب الحديث، اندفعوا من الداخل نحو الباب.
أطرقت بعيني ببطء وسط هذا الاهتمام المفاجئ.
ظننت لوهلة أنني أصبحت أشبه بمغنية شعبية مشهورة!
كنت أعلم أن نادي موتو سيحب طارد البعوض، لكن لم أتوقع ردة الفعل هذه.
أول طالب خرج من الغرفة نظر إليّ بتوقع وقال:
— “إذًا، لماذا أتيتِ إلى نادي موتو؟ هل ترغبين بالانضمام إلينا المرة القادمة؟”
كانت نظرته أشد تخويفًا حتى من نظرات أعضاء نادي “مُعجَبي لين” (Leli-Club).
تجاهلت كلامه، ومددت لهم اليعسوب الذي بيدي.
— “ليس هذا… بل هذا.”
كما توقعت، استقبل أعضاء النادي اليعسوب بفرح.
— “لقد جئتِ لتعطينا يعسوبًا!”
— “رائع! إنه مبكر جدًا على خروج اليعاسيب، ومع ذلك وجدته.”
— “أجل، ربما كان يمكنني فعل شيء آخر اليوم، لكن موسم البعوض بدأ.”
— “لا أصدق أنهم سيتحولون إلى طعام له! سأجعلهم يشعرون برعب حقيقي!”
…يا إلهي.
بينما كنت أستمع لحماسهم، أدركت أنهم جادون حقًا في تعذيب البعوض.
— “حسنًا، سأرحل الآن.”
كنت على وشك العودة إلى ناديّ بعد أن أنجزت مهمتي.
لكن عيني وقعت فجأة على اللوحة المعلقة في الغرفة:
[والتر & باليومون، المؤسسان الأوائل لنادي موتو.]
— “…والتر؟”
الاسم بدا مألوفًا، فنطقت به دون وعي. عندها تقدم أحدهم بفخر وشرح:
— “ألم تعلمي؟ الأستاذ والتر أحد المؤسسين المشاركين للنادي، لهذا لدينا تقليد طويل كهذا.”
تساءلت إن كان الاسم الآخر صديقه. كان ناديًا لا يبدو لائقًا أبدًا بشخص مثل الأستاذ والتر.
هززت رأسي بقوة، رافضة الغوص في الأمر.
شكرتهم على التوضيح وغادرت مسرعة.
بقي عامان ونصف حتى التخرج من الأكاديمية.
زمن طويل… وقصير أيضًا. لكنه ليس كافيًا لتجنّب الأستاذ والتر.
— “آمل ألا يحدث شيء حتى التخرج.”
🍃
مضى الصيف، تلاه الخريف والشتاء.
تعاقبت الفصول واحدًا تلو الآخر.
تغيّر العام الدراسي، لكن منهاج الأكاديمية لم يتغير.
مع بداية العام، تُقام المهرجانات الأكاديمية، يليها الامتحانات، ثم عطلة الصيف. بعد العطلة، امتحانات أخرى، ثم عطلة الشتاء… دورة حياة رتيبة.
ومع ذلك، كنت أستطيع القول: كنت سعيدة.
فمنذ التحاقي بالأكاديمية، تجمعت أحداث كبيرة وصغيرة في فترة قصيرة، ومرت الأيام العادية بسرعة.
— “هممم.”
أسندت وجهي على كفيّ، أحدّق في المشهد الغريب أمامي.
أينما نظرت، لم أرَ طالبًا يتصرف بشكل طبيعي.
أحدهم رفع دواته وقال لزميله بجانبه:
— “انظر، إنها سوداء تمامًا، لا أرى شيئًا… ألا يشبه هذا مستقبلي؟”
— “رائع، صحيح! لا أرى شيئًا أيضًا!”
ثم أمسكه الطالب من ياقة قميصه وقال مبتسمًا:
— “هاها، فلنقاتل يا غبي!”
— “فكرة رائعة!”
وانقض الاثنان على بعضهما بضحكات عريضة وضربات عشوائية، وكأنهما يستمتعان.
المفاجئ أن أحدًا لم يهتم. لم يكونا الوحيدين.
أمام طاولة الصف، أحدهم يمسك عصًا ويتظاهر بالعزف عليها كناي.
آخر يعزف على مكنسة ككمان.
وثالث رسم لوحة مفاتيح بيانو على ورقة وبدأ يعزف عليها بأصابع وهمية.
والبقية ينظرون إليهم بجدية.
وعندما نظرت إلى زاوية الصف، رأيت طالبة تسقي نباتًا.
شعرت أن عيني تخدعاني: كانت تسقي زهرة صناعية!
…ومن أين حصلت على تلك الإبريق الفضي الكبير؟
— “هيهي، كلي جيدًا وازدهري.”
ضحكت ببراءة. لقد مضت أربع سنوات على وجود تلك الزهرة، فلا بد أنها تعرف أنها ليست حقيقية.
عندها سألتها طالبة عابرة بوجه متجهم:
— “لماذا تسقينها؟”
— “حاولت لمس أوراقها، فكانت صلبة جدًا، فطلبت من بستاني الأكاديمية إبريق ماء.”
حدقت بها الطالبة لبرهة، ثم ابتسمت وقالت:
— “آها، فهمت. هل تمانعين إن شاركتك في ذلك؟”
— “بالطبع لا!”
صفعت جبيني بيدي وأنا أستمع لحديثهما. كنت أتوقع أن تنهيها بكلمة منطقية.
لكن يبدو أنني لم أتأقلم بعد مع جنون ما قبل التخرج.
نعم… السبب وراء تصرفاتهم الغريبة هو الضغط النفسي من الامتحانات النهائية واقتراب التخرج ودخول عالم البالغين.
والحقيقة أنه لم يكن صفنا وحده الذي فقد عقله.
فقط بالأمس، في حصة تخصصي…
— “آآآه!”
قفزت “الثرثارة” فجأة من مقعدها، وهي تمزق شعرها.
— “أستاذ! اسمعني جيدًا! أنا طالبة في السنة الرابعة، لا أفهم شيئًا من المادة، أنا مجرد طالبة في السنة الرابعة، مجرد رأس يتكلم، حسنًا؟!”
واجهت الأستاذ جورج مباشرة، مما أربكه للحظة.
لكن الأكثر إدهاشًا كان ردة فعل الأستاذ جورج. أجاب بلا أي تغيير في ملامحه، كأنه معتاد على الأمر:
— “اجلسي.”
— “…نعم.”
يبدو أن فقدان الطلاب لصوابهم قبل الامتحانات النهائية أمر يتكرر سنويًا.
حتى وأنا في صفوف أخرى، كان يسهل تمييز طلاب السنة الأخيرة.
سلوك غريب = عقل مختل.
من كان يتجول مرتديًا زيًا رياضيًا فضفاضًا وبطانية على كتفيه ووجهًا عابسًا، كان على الأرجح خريجًا مرتقبًا.
— “الأستاذ والتر وصل!”
صرخ أحدهم، فانتبهت إلى الباب. هرع الطلاب إلى مقاعدهم وكأنهم مارسوا ذلك من قبل.
دوووم!
فتح الأستاذ والتر باب الصف بعنف، ثم سقط أرضًا على وجهه.
— “أسمع ضجيجكم من آخر الممر!”
أخرج لسانه وضغط زر إنارة سحرية في الصف المظلم.
— “يا أطفال الظلام، إن كنتم هنا فأشعلوا الأنوار.”
كان هذا روتينه السنوي.
جلس متكئًا على مكتبه كأنه نبات مريض، وحدق بنا بنظرة مثيرة للشفقة.
— “مرةً تتصرفون وكأنكم ستتخرجون، ومرة تبكون لأنكم رسبتم، واللوم دائمًا عليكم، أنتم أيها الأطفال.”
التخرج.
كنت أعلم أنه قادم، لكن فكرة أنني على وشك التخرج خلال أيام قليلة جعلت قلبي يخفق. كيف مر الوقت بهذه السرعة؟
رغم وعدي بتجنب الأستاذ والتر، انتهى بي الأمر إلى رؤيته طوال سنتي الثالثة والرابعة تقريبًا.
كان معلم فصلي.
طوال هذا الوقت، راقبته ولم ألاحظ أي شيء مريب.
تثاءب الأستاذ والتر بصوت عالٍ وقال:
— “كنت أموت من الكسل صباح اليوم قبل المجيء للمدرسة.”
ظننته كأي موظف عادي، يكره الذهاب للعمل أكثر من أي أحد آخر.
لكن، أليس هذا بالضبط كلام الطلاب؟
وللتأكد أنني لست الوحيدة التي شعرت بذلك، رفع أحدهم يده وقال له:
— “بالتأكيد تكره القدوم أكثر منا، فنحن على وشك امتحاناتنا النهائية.”
رد والتر:
— “وما المشكلة في الامتحانات النهائية؟ فقط اخرجوا من حيث تعلمتم.”
“بوووو—!”
تعالت صيحات الاستهجان في الصف.
— “أليس الأغرب أن نخرج من مكان لم نكن فيه أصلًا؟”
— “بالضبط!”
سدّ والتر أذنيه وألقى عليّ نظرة عارفة.
— “لو كنت أستاذًا في تخصص المبارزة بدل مادة اللياقة البدنية العامة، لكنت قضيت عليكم منذ بدأتم الصياح.”
ثم قلب دفتر الحضور ورفع حاجبه.
— “لم تسجلوا الحضور حتى. من المسؤول اليوم؟”
وبقدرة قادر، ساد الصمت التام في الصف.
لمّا لم يرد أحد، قال الأستاذ ببرود، وكأنه لم يعد يكترث:
— “حسنًا، سأفعلها بنفسي. فليرفع يده من لم يحضر اليوم.”
؟؟؟
ارتسمت علامات الاستفهام على وجوهنا جميعًا.
بالطبع، لم يكن أحد ليرفع يده.
بعد ثوانٍ من الصمت، أومأ الأستاذ والتر راضيًا وقال:
— “جيد. لا أحد غائب. يسعدني أن أرى حضوركم ممتازًا رغم تأخركم.”
عذرًا يا أستاذ، لكن هناك أكثر من مقعد فارغ…
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات