أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
لين رفعت نظرها فجأة.
كان كارسون، الذي صادفته في طريقها إلى غرفة النادي، واقفًا هناك متباهياً كعادته.
إنه أطول مني بالفعل…
كنت أعرف ذلك، لكن ما زال يفاجئني أنه يزداد طولًا كل يوم.
وكأنه لا يتوقف عن النمو أبدًا.
هز كارسون رأسه أمام نظرات لين المكثفة.
قال:
“لين، هل هناك شيء تريدين قوله؟”
أجابت ببساطة:
“أنت طويل جدًا.”
احمر وجه كارسون وحكّ مؤخرة عنقه عند سماعه هذا “الإطراء” غير المتوقع.
“شكرًا على المجاملة.”
لكن يبدو أنه الوحيد الذي اعتبرها مجاملة.
نقرت لين بلسانها بضجر وأكملت طريقها ببرود، ثم رمت الكلمات بحدة:
“سيكون من الصعب عليك أن تقبّل حبيبتك لاحقًا…”
“…!”
تسمرت شفتا كارسون من الصدمة، إذ لم يفكر في الأمر من قبل.
بعد ثوانٍ، بدا وكأنه استوعب الفكرة فجأة، وسرعان ما خطا ليقف بجانب لين.
“أن تجلسي أو أمشي أنا على ركبتي؟ الأمر ليس صعبًا، خاصة عندما نطير بالسحر.”
توقفت لين عن السير وحدقت فيه. ثم دفعت وجهه بعيدًا بعدما اقترب أكثر من اللازم.
“لا تقلق، لن أفعل شيئًا كهذا معك.”
في اليوم الذي سامحت فيه لين كارسون وجين، قطعت وعدًا لنفسها:
أن تظل مجرد صديقة لهما.
م.م: اكيد رح تحافظ على الوعد 🤣
يا لغبائها، كيف فكرت للحظة أنها قد تصبح حبيبته؟
ومع ذلك، ما زالت تحبه بشدة.
وإن تقاربت معه أكثر الآن، فلن تستطيع التخلي عنه أبدًا.
وبعد التخرج، ستراه يتزوج شابة أخرى، وستغرق بالندم حتى الموت…
ندمًا على حبها له، وعلى بناء علاقة أعمق مما ينبغي.
لم تكن لتجازف بحياتها كلها من أجل شعور طفولي.
قالت له ببرود:
“ونصيحة لحبيبتك المستقبلية، فقط لتنحني قليلًا.”
انحنى كارسون بعمق، وجهه متوهج بحمرة التفاح، وهمس بخجل:
“كنت آمل أن تفعليها أنتِ أولًا، لين…”
“قلت لك لن أفعل شيئًا كهذا معك.”
وانتهى الأمر عند ذلك.
لكن فجأة، ظهرت أمامهما فتاة أخرى.
كانت سيرا، تلك التي كانت مهووسة بكارسون.
تجمد وجه لين باستياء عند رؤيتها. لم تكن وجهًا ترغب برؤيته.
خصوصًا بعد القصص التي سمعتها عنها…
فمن بين أفعالها، كانت سيرا تبتز وتؤذي أي فتاة من عامة الناس تدخل “نادي محبي كارسون”.
وقد ضبطت عدة مرات وهي تحاول التسلل إلى مسكن كارسون وتمت معاقبتها.
سمعت أنها تركت الأكاديمية… فكيف عادت؟ هل لا تزال تحت المراقبة؟
بينما كنت أحاول استيعاب الأمر، لاحظت شيئًا غريبًا.
بياض عينيها كان محمرًا متورمًا، وجسدها كله يرتجف بعنف، كأنها شهدت ما لا ينبغي أن تراه.
تجمدت في مكانها أمامنا، فعقد كارسون حاجبيه وقال بحدة:
“ما الذي تفعلينه؟”
صرخت سيرا، تدكّ الأرض بقدميها:
“لماذا… لماذا أنتما معًا؟!”
“تشاجرتما وكأنكما ستفترقان للأبد، تصرفتُما وكأنكما لن تريا بعضكما ثانية، فلماذا أنتما معًا أمامي الآن؟!”
راقبتها لين بهدوء، ثم أجابت بكلمات واضحة:
“لأننا تصالحنا.”
اتسعت عينا سيرا غضبًا، وكادت تنفجر من نبرة لين الهادئة.
“هل أنتِ غبية إلى هذا الحد؟ أم تظنين نفسكِ قديسة؟ كيف تسامحينه وهو الذي جعل جين خادمة لدوق ليسيانثوس؟!”
في لحظة خاطفة، تجمدت ملامح لين كليًا.
تابعت سيرا، وصوتها يقطر حقدًا:
“كارسون أرسل جين لتتجسس عليك، هل تعلمين ذلك؟”
سألتها لين ببرود:
“وكيف عرفتِ أنتِ ذلك؟”
ارتسمت ابتسامة مشوهة على فم سيرا وهي ترى ملامح لين تتصلب.
ثم انفجرت بضحكة هستيرية:
“كياهاهاهاها!”
ضحكت بجنون طويلًا، ثم شهقت وسط نوبات ضحك متقطعة.
“هل دفنتِ الشيطان الذي ربيتيه جيدًا؟ إنه شيطان، لكنه يبدو كحيوان، حقًا مقزز.”
قالت لين بهدوء متوتر:
“…أأنتِ من جعل دوبي بتلك الحالة؟”
غطت سيرا فمها بمرح زائف، وردت بسخرية:
“يا إلهي، حتى أعطيتِ الشيطان اسمًا! يا للشفقة.”
قالت لين بحدة:
“أجيبي بوضوح يا سيرا. سألتك إن كنتِ أنتِ من جعل دوبي هكذا.”
قهقهت سيرا باستهزاء:
“ها! وما هذا الوجه وكأنني ارتكبت جريمة؟ لقد جننتِ لأنك منحتِ شيطانًا اسمًا!”
كانت خيوط عقل لين على وشك الانقطاع، لكن صوتًا هادئًا، مختلفًا كليًا عن الجو المشحون، اخترق الموقف.
“آها… كنت أتساءل من أين أتيتِ، لكنك نفس الفتاة من قبل، أليس كذلك؟”
تقدم كارسون أمام لين، عينيه نصف مغمضتين، ثم التفت نحو سيرا وسألها برفق:
“كيف حالكِ؟ هل تشعرين بتحسن؟”
كانت لين هي الأكثر ذهولًا من كلماته وتصرفه.
كارسون يوجه كلمات قلق لطيفة لشخص آخر غيري؟ حتى لها؟
أما سيرا فقد خدشت ذراعيها بعنف، وكأن صوته الحنون يثير قشعريرة في جسدها.
صرخت سيرا بأعلى صوتها:
“أتسألني إن كنت بخير؟! أتسألني كيف أشعر الآن؟! بسبـبك… بسبـبك أنت!!”
أمال كارسون رأسه ببطء، وكأنه لا يفهم ما الذي تعنيه.
قال بهدوء:
“ماذا فعلت أنا؟”
“آآآهـــ!!!”
شدّت سيرا على شعرها بعنف وكأن خيالها يعذبها.
لقد زحف كابوس ذلك اليوم إلى عقلها.
ذلك اليوم…
اليوم الذي حاولت فيه تخريب موعد كارسون مع لين، عاشت سيرا كابوسًا مرعبًا لم تنسه أبدًا.
حتى الآن، ذكريات ذلك اليوم تجعلها عاجزة عن العيش طبيعيًا.
كانت تصرخ من الألم، تتشبث بالحياة بيأس.
صوت غريب منخفض ارتجّ له جسدها وأقام شعر عنقها، اخترق أذنيها:
— “لا تقلقي كثيرًا.”
كان الصوت مرعبًا لدرجة أنه رغم الألم ظل عالقًا في ذهنها.
— “سحري في مستوى معيّن، ويمكنني أن أرجع أي شيء كما كان في لحظة.”
وما إن أنهى كارسون جملته حتى تلاشى الألم وكأنه لم يكن.
تحسست سيرا يديها بعدم تصديق.
كل شيء كان سليمًا، حتى ثوبها الملطخ عاد نظيفًا كأنه لم يُمس.
رفعت رأسها مرتجفة، لتصطدم بعيني كارسون، بجمالهما المخيف.
— “ما هذه النظرة؟ هل حدث شيء للتو؟”
ارتسمت ابتسامة شيطانية على شفتيه، وانكمشت زوايا عينيه.
— “…ألا تعرفين؟ نعم، لقد حصل ذلك الآن!!!”
— “آه، تقصدين هذا؟”
وبمجرد أن أنهى كلامه، انفجرت صرخة سيرا مرة أخرى.
كرر كارسون التعويذة مرات عديدة بعدها.
…
بعد أن أنهت ذكرياتها، اندفعت سيرا بجنون نحو كارسون.
“عليك أن تتذوق هذا الألم!!!”
وفي يدها المرفوعة، قبضت على خنجر قصير مسنون.
لم يكن أحد ليوقفها، اقتربت أكثر فأكثر، وأخيرًا…
طعنة—
انغرس خنجرها قرب قلب كارسون.
شعرت سيرا بانتشاء الانتقام من خلال الاهتزاز الذي انتقل عبر مقبض الخنجر.
اختفى عذابها العقلي في لحظة.
لبرهة، لم ترَ شيئًا أمامها.
لم يهم أنها طعنت الابن الوحيد لدوق ليسيانثوس، أو ولي عهد الإمبراطورية.
ما دام قد مات على يدي، فلا يهم ما سيحدث بعد ذلك.
وهكذا كان…
بدأت يدها التي تمسك بالخنجر تتحرك مرة أخرى.
“هاهاها! هل يؤلمك؟!”
طعنة أولى… ثانية…
مع كل طعنة، كانت دموعها تتناثر كالرماد.
كان يجب أن أفعل هذا منذ زمن.
هكذا… لأُشعره بمدى الألم الذي سببه لي…!
“سيرا.”
استدارت برأسها نحو الصوت الذي ناداها.
كانت لين تحدق بها، عيناها ضيقتان ووجهها متجهم.
بدت مذهولة، وهو ما لم تتوقعه سيرا، مما زاد من حنقها.
صرخت:
“ماذا؟! هل تريدين أن أفعل بك هذا أيضًا؟!”
ردت لين ببرود:
“أنتِ مجنونة.”
شبكت ذراعيها وهزت رأسها.
“تماسكي… وانظري أمامك.”
أدارت سيرا رأسها ببطء، وعلى وجهها تعبير عدم تصديق.
وما إن رأت ما أمامها حتى ارتسمت على ملامحها علامات الذعر.
“ماذا… ماذا حدث…؟”
المكان الذي وجهت نحوه خنجرها… كان فارغًا.
لا شيء هناك.
“إذًا ما الذي طعنته؟!! ما الذي طعنته!!!”
سيطر الارتباك.
حتى لو كان ما رأته مجرد وهم، فماذا عن الإحساس الواقعي القوي الذي شعرت به؟
هل جُننت حقًا؟ فكرت سيرا.
انهارت جالسة على الأرض، ممسكة رأسها.
وقف كارسون فجأة بجانب لين، عاقدًا حاجبيه، وقال بنبرة أسف:
“يا للأسف. لقد كنتِ محقّة يا لين، لقد فقدت عقلها.”
سألته لين:
“ألا يجب أن نفعل شيئًا بشأنها؟”
فقال:
“لين، ابقي هنا، سأأخذها إلى مجلس التأديب.”
تلاقى نظره بعيني سيرا الغاضبتين، فارتسمت في عينيه ابتسامة لئيمة.
“حتى لو لم يكن هناك ضحايا، مجرد التلويح بخنجر داخل الأكاديمية… هذا ليس طبيعيًا، أليس كذلك؟”
ترنحت سيرا على قدميها، ثم اندفعت نحوه مجددًا.
“أرجوك! أرجوك!!! أتوسل إليك!!!”
لكن قبل أن تقترب منه، ارتطمت بقوة غير مرئية.
“آآآخ!”
ركل كارسون الخنجر بعيدًا عن قدميه وقال بهدوء:
“رائع… هذه المرة هاجمتِني وكأنكِ لن تخطئي. ما الذي فعلته لأستحق أن تلوحي بشيء مخيف كهذا؟”
صرخت سيرا:
“لقد أفسدتَ يدي… بسببك أنت…!”
ضحك بسخرية:
“همف. لا أعلم ما الذي تتحدثين عنه. اخفضي رأسكِ وانظري إلى جسدك، إنه سليم.”
هزت سيرا رأسها بجنون، ونزعت القفازات التي كانت ترتديها.
لم يكن هناك أي أثر… يداها ناعمتان بلا خدش واحد.
“لا! هذا مستحيل! إذا نظرت جيدًا، لا بد أن هناك علامات…!”
تأملها كارسون قليلًا، ثم اقترب منها بخطوات بطيئة.
تراجعت إلى الخلف برعب، تحاول النهوض.
“ابتعد عني! لا تقترب!”
كانت تلوح بيديها وقدميها بلا سيطرة.
تقدم كارسون أكثر، غير مبالٍ باحتجاجاتها، وجثا على ركبتيه أمامها.
ثم حرّك شفتيه بلا صوت، قائلاً:
لقد كان حقيقيًا جدًا، أليس كذلك؟ سحري…
اتسعت عينا سيرا رعبًا وهي تقرأ حركة شفتيه.
كم كان وهمًا؟ وكم كان حقيقة؟ هل كان الألم الذي عانته مجرد خدعة؟
لا… لقد كان حقيقيًا. لا يمكن أن يكون مجرد وهم.
تحولت عينا كارسون الزرقاوان الصافيتان نحو سيرا.
شعرت برغبة في الصراخ.
قال ببرود:
“كان مجرد حادث، أما أنتِ فقد حاولتِ طعني عمدًا، وليس عن طريق الخطأ، لذا لن تفلتي من العقاب.”
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه.
“هيا… لنذهب لتنالي جزاءك.”
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات