أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
لم أُرِد أن أصدق ذلك. جين كانت تتجسس علي؟ بل وقالت إن صاحب العمل هو كارسون.
ووفقًا للتسجيل، فقد انتهى دورها كـ “مراقِبة”.
لكن هذا لا يغيّر حقيقة أنها كانت تكذب على الجميع طوال السنة الماضية.
انعكست الخيانة في عينيّ.
أولاً من عائلتي التي ظننتها عائلة بحق، ثم من أصدقائي القلائل.
ما الذي فعلته لأستحق هذا؟ هل اقترفت ذنبًا جعلني أستحق هذا؟
لكني غبية. غبية من النوع الذي لا يريد أن يبتعد عن أشخاص مثلك.
لذلك ابتسمتُ بأمل، ودموعي تكاد تسقط، وسألتها:
“أنتِ… لستِ كذلك، صحيح؟”
أرجوكِ قولي لا. أي عذر يكفيني، أي كذبة يمكن أن تخدعني.
فقط قولي لا.
لكن الكلمات التي خرجت من شفتيها صفعتني بقوة، صريحة أكثر مما أستطيع احتماله.
“آسفة. أنانيتي جرحتك.”
لا تعتذري، أرجوك.
فقط قولي إنها لم تكن أنتِ. قولي إنه ملفّق.
أو على الأقل أنكِ كنتِ مجبرة على ذلك بسبب تهديدات كارسون.
“الأمر حقيقي. كنتُ خادمة في خدمة دوق ليسيانثوس، وجيء بي إلى هنا بأمرٍ من كارسون.”
مع اعترافها، لمعت الحقيقة في ذهني. تلك الملاحظة كانت تحاول أن تخبرني بهذا.
“معرفتي بك لم تكن إلا وسيلة لتسهيل عملي. كل ما تحدّثنا عنه نُقل إليه.”
…أكان الأمر كذلك؟
عندما قابلتِني أول مرة، تحدثتِ وكأنك تعرفينني مسبقًا.
تلعثمك المتكرر، وكأنكِ قلتِ ما لا ينبغي.
سؤالك المباشر عن “نوعي المثالي”.
“آسفة. أعلم أن الكلمات لن تصلح كل شيء، لكني أردت فقط الاعتذار. يمكنكِ أن تلوميني، لين.”
جين…
لماذا تبكين بينما أنا من كنت أريد أن أبكي؟ لماذا يبدو وجهك مفعمًا بالألم؟
تحركت شفتاي دون إرادة مني.
“…أنتِ من حذرتِني من سيرا.”
تصلّبت ملامحي وأنا أحدّق بها.
“لكن كان عليكِ أن تحذريني من نفسكِ ومن كارسون.”
رؤية دموعها أشعلت غضبي.
“لا تنظري إلي هكذا. ماذا تفعلين، تبكين؟ أنا من تعرّض للخيانة، لا أنتِ!”
دفعتُ جين بعيدًا واستدرت لأغادر، غير قادرة على النظر إليها أكثر.
لكنها أمسكت معصمي.
“ابقي. سأغادر الغرفة.”
آه…
تراخت قبضتها. مسحت دموعها بكمّها، ربما لأنها تذكرت أني طلبت منها ألا تبكي، وابتسمت ابتسامة باهتة.
“الخطأ خطئي، وإذا خرجتِ أنتِ، فسيصعب علي أكثر أن أواجهكِ.”
كنت أريد أن أجادلها. هل من شيء أشد إذلالًا من هذا؟
“لن أطلب منكِ الغفران. لا، أنتِ محقّة أني لا أستحقه. لن أطلب الغفران لأني لا أستحقه.”
عن خيانة الأصدقاء مقابل المال.
رفعت رأسها لتنظر في عيني، ولم تُخفِ الاحمرار في أطراف عينيها.
“أنا آسفة.”
صرير الباب وهو يُغلق بدا أشد وقعًا من أي وقت.
لخيبة أملي، لم تتذرع جين بأي عذر هذه المرة.
كان بإمكانها أن تقول: “كنت محتاجة للمال، لم يكن بيدي شيء.” لكنها لم تفعل.
بعد خروجها، كان كارسون أول من خطر في بالي.
كارسون. ظننتك مختلفًا عن ريكس بيغونيا. لو كنت تحبني فعلًا، لما فعلت ما فعلت.
والمفارقة في كل هذا، أن غضبي من نفسي كان أشد من غضبي على كارسون وجين، وهما المخطئان الحقيقيان.
لقد أخبرتك أني لا أحب أن يُراقبني أحد. مجرد ذكرى ريكس بيغونيا وإرهان تجعلني أرتجف.
كان دافعي الأكبر أن أدفن القصة، أن أتظاهر بأنها لم تحدث أبدًا.
لقد أعطيتهم الكثير مني، أكثر من أن أقطعهم نهائيًا.
“جين، ماذا تتوقعين أن أفعل إذا اعترفتِ بخطئكِ بهذه السهولة…”
أعذارك جعلت مسامحتك أصعب.
جين. من دونك، من سأجد لأبوح له؟
فيورد، صديق طفولتي وكارسون؟ هانس، الذي يعجب بكِ؟
أخي لوكا؟ ربما أستطيع أن أثق بكون؟
لكن الحقيقة أني كنت أشعر بأكبر راحة وأنا أحدثك أنتِ.
يبدو أني كنت أعتمد عليك كثيرًا.
مضحك، أليس كذلك؟ لم أعرفك إلا منذ سنة، ورغم ذلك اعتمدت عليك بهذا الشكل.
قلبي يؤلمني كأنه يتحطم، لكن الغريب أني لم أبكِ.
رفعت يدي وصفعت وجهي. صوت الاحتكاك شق الهواء بقسوة.
آه… مؤلم. مؤلم جدًا.
لكن الألم أيقظني. دموع تجمعت في عيني من شدته. لا تكوني ضعيفة، لين، تماسكي.
“لقد خدعوكِ. هل ستسامحينهم بهذه السهولة؟”
كررت ذلك لنفسي كالتنويم.
لا، يجب ألا أفعل…
جلست والتففت على نفسي. أكثر من أي وقت مضى، فكرت في والديّ اللذين رحلا.
لو كانا حيّين، لكان عندي من ألجأ إليه.
وفجأة، قفز وجه في ذهني.
…أركاندوس.
معلّمي القديم وصديقي. أركاندوس. لو احتجت إليك، هل كنت ستربّت على كتفي مجددًا؟
كثيرًا ما كنت أفكر بك عندما كنت أنجو وحيدة في بيت الكونت.
أعرف أني أنانية لأني لا أبحث عنك إلا عندما أحتاجك.
لكنك كنت وما زلت. في النهاية، لم يتبقَ لي خيار سواك، أركاندوس.
لم تكن لتسألني لماذا أبكي، كنت فقط ستواسيني بصمت.
🍃
في اليوم التالي، استيقظت وذهبت إلى المدرسة كالمعتاد.
وعندما رأتني جين في الصف، انفجرت بالبكاء، متسائلة أين كنت طوال الليل. ثم هربت ولم تعد.
لا أعرف ما الذي ستفعله بعد الآن.
بعد الإعلانات الصباحية، وقفت كآلة وتوجهت إلى صف كارسون.
كان في صدري الكثير مما أريد قوله له.
كان كارسون جالسًا بملل، منحنياً على مكتبه، يعبث بشيء بين يديه.
وحين التقط نظراتي، رفع رأسه. وما إن رآني، حتى قفز من مقعده واندفع نحوي.
“لين، ماذا تفعلين هنا؟”
صوته كان مليئًا بالحماسة، سعيدًا برؤيتي بوضوح.
خفضت بصري ببطء لأرى ما كان يحمله. كان دمية صغيرة على شكل جرو، تلك التي أعطيتُه إياها في المهرجان.
مددت يدي وأخذتها منه.
لم يكن بحاجة إلى مقاومة.
بمجرد أن لامست يدي كفه، تركها بسهولة.
تأملتها للحظة، ثم مزقتها.
وبما أن الدمية كانت رديئة الصنع، لم يكن صعبًا فصل رأسها عن جسدها.
“…لين؟”
اتسعت عيناه من المفاجأة. التقت عيناي بعينيه وأنا أرفع أمامه الدميتين الممزقتين.
انتقلت نظراته بينهما وهما على الأرض، ثم عاد ينظر إليّ.
ملامحه مذهولة.
“لين، ما الذي حدث؟”
كان هذا السؤال ما انتظرته.
“يبدو أن جين لم تخبرك بما حدث البارحة.”
“…ماذا؟”
رفعت يدي وربّتُ بخفة على وجنته. شعرت بارتجافه تحت أصابعي.
“هل كنتَ تريد أن تعرف عني لهذه الدرجة؟”
انزلقت يدي من على وجنته وأمسكت بتلابيبه. شددت عليه بقسوة، مقربة وجهي منه.
ونفثت الغضب الذي كان يشتعل داخلي:
“إذن كان عليك أن تسألني مباشرة، لا بهذه الطريقة المقززة.”
ارتبكت عيناه، وشفتاه تحركتا كأنه يريد الكلام، ثم انغلقتا.
“أعرف. لا داعي لأن تقول شيئًا. ما سيخرج من فمك لن يكون سوى اعتذار أو عذر.”
قهقهت باستهزاء.
“أتساءل إن كانت المعلومات التي حصلت عليها منها كان لها معنى عندك أصلًا.”
وجهه بدأ يتلوى بتعابير بائسة.
“أنا… آسف.”
“اصمت. هل قلتُ أني أريد سماع اعتذارك؟”
عند كلمتي “اصمت”، عض شفته حتى خشيت أن ينزف.
أتمنى أن تتألم. أكثر مما أتألم أنا.
لا، في الحقيقة، لم أكن أريد له أن يتألم.
لكن إن لم أقلها، كنت أعلم أنه سيغرق في شعور العجز والذنب.
لذا ألقيت عليه ما لم أستطع أن أقوله لريكس بيغونيا.
“أنت تقول إنك تحبني؟ هل تصدق ذلك؟ لا، إنها مجرد هوس قذر.”
إن كنت تسمي هذا حبًا، فلا بد أن بك خللاً.
أفلتت قبضتي من فكّه، ثم أمسكت بكتفيه بقوة.
“أطلب منك…”
اشتدت قبضتي، وارتفع صوتي.
“أتوسل إليك… أن تخرج من حياتي.”
ريكس بيغونيا.
🍃
مضى أسبوع منذ ذلك اليوم.
انتشرت شائعات شجاري مع كارسون كالنار في الهشيم في أرجاء الحرم.
ولم يكن هذا غريبًا، فقد رفعت صوتي أمام صفه كله.
ذهبت إلى المدرسة كل يوم بانتظام. لكني لم أنضم لأي نادٍ.
لم يعد يهمني ما سيحدث لدرجاتي هناك. فقد كان ذلك سبب ابتعادي عن ريكس بيغونيا أساسًا.
وكما طلبت، لم يظهر كارسون أمامي مجددًا.
سوى زهرة زنبق بنفسجية تُترك أمام باب سكني كل صباح.
زنبق بنفسجي، رمز “الحب الأبدي” و…
“والاعتذار”.
لم أستطع احتمال رؤية تلك الزهرة صباحًا، والتفكير بك، والتألم من كلماتي القاسية.
من يهتم بمن؟
“هانس.”
“هـ… نعم؟”
تلعثم هانس بالكاد وهو يجيب. كان متفاجئًا أني كلمته، إذ ظل صامتًا منذ الحادثة.
“جين.”
اتسعت عيناه أكثر. يعرف أن بيني وبينها قطيعة.
“لا داعي لأن تبتعد عنها بسببي، لا داعي أن تتجاهلها…”
“أرجوك، واسِ جين بدلاً مني.”
طلبت منه هذا الطلب البسيط، ثم نهضت من مقعدي.
لقد فكرت كثيرًا هذا الأسبوع. يبدو أن جين قبلت عرض كارسون لتسديد دين عائلتها. وأنها حاولت الاعتراف لي بذلك مرارًا.
لم أسامحها، لكني فهمت وضعها.
دين والدها الذي خسر تجارته.
“أُجبِرتِ على ترك الأكاديمية من أجل المال. لم يكن لديك خيار، أليس كذلك؟”
م.م: مرحبا يا أحلى قراء، وصلنا تقريبا لنصف أحداث الرواية 🥰
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات