أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
“بفف، بواههاها!”
“توقفي عن الضحك!”
“بففف، آسفة. لا أستطيع التحكم، لا أستطيع… بواهها!”
صرخ فيورد، الذي احمرّ وجهه من كثرة ضحكي المتواصل، بجنون:
“توقفي عن الضحك!”
لم أكن الوحيدة التي تضحك.
كارسون كان يحدق في وجه فيورد، وينفجر بالضحك بين الحين والآخر، وكأنه يتخيل شيئًا ما.
الوحيد الذي بقي هادئًا ومتزنًا هو كون، الذي لم يأتِ منذ فترة.
أمال كون رأسه ببطء وكأنه مستغرب.
“الحبوب لم تتغير، فما المشكلة إذن يا فيورد؟”
ردًا على ذلك، حدّق فيورد بكوهن بعينين متقدتين.
“إذن اخرج مكاني بدلاً مني!”
“من المستحيل أن أحلّ محلك، يا فيورد.”
“ربما يمكننا التظاهر أنك مجنون، وأنك أنا؟”
ارتفع حاجب كوهن بصمت.
“هل ستفعل؟”
“آآآغ!”
صرخ فيورد بألم وهو يمسك رأسه، مدركًا أنه لا يوجد مفر.
بعد أن ضحكتُ طويلاً، تمالكت نفسي أخيرًا وشاركت فيورد خبرًا جيدًا.
“في حال لم تسمع بعد، كون جاء إلى غرفة النادي بعد الحصة مباشرة، وهو رئيس صفّنا.”
“…حقًا؟”
توقف فيورد، الذي كان يتلوى على أرضية غرفة النادي، عن الحركة وحدّق في كون.
كانت عيناه مليئتين بالألفة العميقة والقليل من الشفقة.
انفجرتُ بالضحك مجددًا من تصرفات فيورد.
“فيوو.”
كيف يُختار اثنان من أصدقائي كمندوبين بينما أنا حتى لا أملك دائرة أصدقاء واسعة؟
كنت في مزاج رائع، فقلت بنبرة عالية غريبة:
“أراهن على رقعة شطرنج فيورد أن أحدكما سيفوز بلقب الآنسة أرينا مهما كان!”
“…لماذا تراهن برُقعتي!” عضّ فيورد على أسنانه وعانق رقعة شطرنجه بحنان.
مهما تظاهر بالتعلق بها، الجميع يعرف أنها كانت مرمية على الأرض قبل لحظات.
الآنسة أرينا.
كانت مسابقة تُقام في يوم المهرجان الأكاديمي، وتُعتبر جوهرة الحدث.
منافسة لتحديد أكثر الطلاب جاذبية في أكاديمية أرينا.
لكن الشرط الوحيد هو أن يسمح فقط للطلاب الذكور المتنكرين في زي الفتيات بالمشاركة.
ضحكت بخفة وأنا أهدّئ فيورد: “حسنًا، سأتوقف عن الضحك، وعليك أن تهدأ، ولنستمر في العمل بينما نتحدث.”
كنّا نزيّن باب غرفة النادي ليتناسب مع أجواء “بيت الأشباح”.
حتى وإن كنا سنستخدم سحر كارسون الوهمي، لا بد أن يكون المظهر الخارجي مقنعًا.
لكن وسط الزينة، سمعت عن إجبار فيورد على دخول مسابقة الآنسة أرينا، ولم أستطع التوقف عن الضحك.
“بالمناسبة يا كون، أنت أيضًا تم ترشيحك رغماً عنك، أليس كذلك؟ أنت طيب أكثر من اللازم.”
عبث كون بورقة مقصوصة على شكل خفّاش.
“أمي كانت تحب أن تلبسني أشياء، لذا كنت أرتدي الفساتين وأنا صغير.”
“رغماً عنك؟”
“لم تكن لتجبرني لو رفضت… لكن لأنها كانت تحب ذلك.”
ابتسم كون ابتسامة باهتة وكأنه يتذكر والدته.
ابن بار.
بينما بدا كون هادئًا، كان فيورد كالكارثة.
تحولت عيناي نحوه من غير وعي. وجهه ما زال محمرًا من الغضب.
“فيورد. لا تكن قاسيًا. إنه مهرجان، ونحن فيه معًا.”
لكن بدلاً من أن يُواسيه ذلك، نظر إليّ بحدة.
“لين، هل كنتِ ستتحدثين بهذه السهولة لو كنتِ أنتِ من سيتنكر؟”
توقف كارسون، الذي كان يرسم دائرة سحرية في الخلف، وتمتم:
“لكن ذلك سيكون رائعًا…؟”
في تلك اللحظة، فكرت باقتحام مكتب الرئيس للمطالبة بإضافة مسابقة “مستر أرينا”.
وضعت يدي بقوة على رأس كارسون لأوقفه عن التفكير، ثم ابتسمت بخفة وأنا أنظر إلى فيورد.
“بالطبع، لا علاقة لي بالأمر.”
“كنت أعلم ذلك.”
ضرب فيورد جبينه بالحائط، مستسلمًا لكل شيء.
ثم، وباندفاع غاضب، رفع أكمامه ليكشف عن عضلاته وهو يصرخ:
“كيف اختاروني ممثلاً؟ انظروا إلى عضلاتي التي قسّتها المبارزة!”
التفت كارسون إليه بوجه متجهم.
“انزل من برجك العاجي.”
بصمت، أنزل فيورد أكمامه وأعاد ذراعه.
ابتسمت بمكر وربّت على كتف كون: “لكن أليس كون طويلًا بعض الشيء ليصلح كمتنكر؟”
كان الثلاثة الذين معي طوال القامة بشكل مبالغ فيه.
وبما أنه لم يتوقف عن النمو، فالأرجح أن كون سيتجاوز المتر وثمانين قبل التخرج.
“بالمناسبة، لين هي…”
توقف كون قليلًا وهو ينظر إليّ، ثم التقت عيناه بعيني كارسون وفيورد.
“لطيفة.”
“قصيرة.”
على عكس الاثنين اللذين نطقا بسرعة، فكّر كون قليلًا قبل أن يسأل بجدية:
“متى قررتِ ألا تكبري أكثر؟”
… هل يُعتبر هذا سؤالاً؟
وقفت مصدومة، بينما ارتجف فم فيورد وكأنه اصطادني.
“واو، لين، تستطيعين التحكم في طولك، هذا مذهل. آه، لو كان لدي هذه القدرة. قولي، هل تتركين مفاتيحك في المنزل أم هي قابلة للفك؟”
بدأ يسخر مني بلا توقف وكأنه ينتقم من تعليقي السابق.
لكن فيورد نسي شيئًا: أنا لا أتأذى من هذا النوع من السخرية.
إنهم فقط عمالقة، وأنا بمتوسط الطول.
ثم من يهتم إذا كنت طويلة أو قصيرة، طالما أنني راضية عن نفسي؟
عقد كارسون حاجبيه باستغراب، وكأنه يرى مخلوقًا صغيرًا لأول مرة.
“لين الصغيرة لطيفة…”
أما أنا فارتعشت حاجباي بضيق.
أنا لست صغيرة!
تمتمت متضايقة: “كارسون. هل أنت لئيم قليلًا الآن؟”
اتسعت عينا كارسن بدهشة من كلماتي.
نظرت إليه بجدية وطلبت منه التفكير.
“أنا لا أقول إنك لن تكون لطيفًا لو كنت أطول.”
“…!”
أطلق كارسون تنهيدة إدراك: “لين الكبيرة.”
وفجأة، غطى فمه بيديه واحمرّ وجهه.
“أنا أعشقها…”
… لم يكن هذا التفاعل ما قصدت.
لم تسر الأمور كما خططت، فتمتمت ببرود وأنا أغير الموضوع:
“على كل حال، هذا ما أردت قوله، يا فيورد.”
“ماذا؟”
سرت إليه وربت على كتفه.
“في حال لم تكن تعرف، التنكر هو أكثر ما يثبت رجولة الرجل.”
“أوو…!”
اتسعت عينا فيورد، ثم أبعد يدي عنه بسرعة متصنعًا الرفض.
“أتظنين أن هذا سيواسيني؟ آخ!”
“بفف، بففف.”
آه، كم هو أمتع أن أُضاحك أحدًا بدل أن أُضاحك عليه.
بعد جولة أخرى من الضحك، التقطت قلمي مجددًا.
كانت مهمتي كتابة الشروط والتحذيرات قبل الدخول.
وأثناء الكتابة، نظرت إلى كون وسألت: “بالمناسبة، لماذا أنت هنا؟ كنت تعمل بجهد كبير سابقًا حتى أنني لم ألاحظك.”
“ألست أساعد؟”
“بل تساعد، لكن…”
أمال كون رأسه باستغراب.
“إذن ما المشكلة؟”
“لديك ناديك الآن، ألا يمانع أعضاؤه من قضائك الوقت هنا؟”
ابتسم كون بخفة، وكأنه لا مشكلة.
“أنا الآن في منتصف نادٍ.”
“…هل أنت نوع من الأندية الطفيلية التي تتسلل إلى غيرها؟”
رمقني كون بنظرة غامضة وقال:
“ستعرفين عاجلاً أم آجلاً.”
حسنًا، شعرت بالفضول، لكن بما أنه استخدم عبارة “عاجلاً أم آجلاً”، قررت ألا أستعجل.
“صحيح. سأعرف يومًا ما.”
أجبته ببساطة وعدت إلى قلمي.
<تحذير النادي غير مسؤول عن أي مشاكل قد تحدث بالداخل، لذلك يُرجى من أصحاب المعدة الحساسة، أو كبار السن، أو النساء الحوامل… توخّي السلامة!>
شعرت بفخر يغمرني وأنا أنظر إلى العبارة المكتوبة.
مثال: كبار السن والحوامل يجب أن يكونوا أصحّاء أكثر من أي شخص آخر.
تباهيت بها، وطلبت منهم النظر. فحصلت على مديح من كارسون، نظرة فارغة من فيورد، وصمت من كوهن.
كانت لحظة ممتعة من التحضيرات.
🍃
بدأ مهرجان أكاديمية أرينا الأكاديمي.
فتحت الأكاديمية، التي كانت مغلقة على الغرباء، أبوابها للزوار.
كاريدينيس بوتيتوا.
كان يسافر إلى بلد أجنبي، أكاديمية أرينا، ليرى الطفل الذي ربّاه كحفيده.
رجل مسن بشعر أسود حالك وعيون حالكة السواد.
حاجباه الكثيفان وشفاهه المشدودة أعطته هالة من الهيبة، وجسده القوي المليء بالعضلات دلّ على تدريبه في شبابه.
حتى التجاعيد التي تدل على عمره لم تكن إلا لتعزيز هيبته.
نظر إلى وجوه الطلاب المبتسمة وتذكّر ابنه.
“…أشتاق إليك، رود.”
كان كاريس أسطورة حية في إمبراطورية أباسكانثوس.
سيفًا عظيمًا، دائمًا في الصفوف الأمامية للمعارك.
في بلده الأصلي “لاغراس”، عُرف أيضًا بـ”النسر القاتل”، أو “كابوس ساحة المعركة”.
لكن ذلك كان قبل أكثر من عقدين.
بعد معاهدة السلام بين لاغراس وأباسكانثوس، وضع السيف الذي رفع إمبراطوريته.
تم منحه لقب دوق عظيم لخدماته في الحرب، لكنه لم يتبق له شيء.
والداه وإخوته. زوجته الحبيبة. صديقه المقرّب.
ماتوا جميعًا في الحرب.
ولو كان قد تبقّى له شيء واحد…
فهو طفل. ابنه الذي يشبه زوجته الراحلة.
بعد أن قضى عقودًا في ساحة المعركة، لم يكن يتذكر الكثير من طفولة ابنه.
لذا عندما تقاعد، بقي بجواره، يغدق عليه حبًا لا ينتهي.
بحلول نهاية الحرب، كان ابنه رجلاً ناضجًا بالفعل، لكن لم يهم.
كان الاثنان سعيدين.
لم يكن هناك شيء يعوض الوقت الضائع، لكنها كانت فترة سعيدة جدًا.
لو لم أكن عنيدًا، لاستمر ذلك.
“كنت غبيًا. خسرت كل شيء في لحظة انفعال.”
لم يكن شيء أهم عند كاريس من ابنه.
لذا افترض أنه سيكون الأمر نفسه بالنسبة لابنه. لكن ذلك كان فقط في عقله.
فقد اختار ابنه المرأة التي يحبها.
كانت المرأة من أهل لاغراس.
— “رود، لا يهمني إن أحضرت معك شحاذًا يعيش في الأزقة، أو معاقًا فاقدًا لأحد أطرافه.”
تسرب غضب الرجل من جسد كاريس في لهاث يائس، غير مكتمل.
— “…أبي؟”
— “لكن ليس من لاغراس. لا أقبل لاغراسيًا!”
كانت لاغراس هي الدولة التي سلبت منه كل شيء.
ما زالت الدموع تترقرق في عينيه كلما تذكر أحباءه الذين صاروا ترابًا بيدهم.
جسده يحمل ندوب حربهم التي لن تُمحى. كان يبغضهم ويعارض اتحاد ابنه بها بكل قلبه.
من كان يعلم… أن ذلك سيصبح أكثر أفعاله ندمًا في حياته.
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 71"