⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
بعد مغادرة إرهان الغرفة، التحفت بالبطانية على السرير.
ظننت أن هذا قد يهدئ ارتجافي ولو قليلًا. أمسكت البطانية بإحكام وكأنها أصبحت درعًا يحميني.
كان الأمر محزنًا… أن أعتمد على بطانية رقيقة وأنا أعلم أنها لا تستطيع حمايتي.
ما إن أغمضت جفني حتى انفتحت أمامي الذكريات التي لم أرغب في استعادتها، كأنها شريط بانورامي. كان لدي شعور قوي أنها حتمية.
كل ما استطعت فعله هو الأمل أن تمر هذه الذكريات بسرعة.
حين استسلم جسدي مسترخيًا، انزلقت ببطء إلى كابوس الماضي.
●●●
انتهت الجنازة بسرعة وكأنها مرّت في طرفة عين.
لقد حاولت إنكار الأمر طويلًا. الفراق لم يكن سهلًا، لكنه جاء سريعًا. كنت أحدّق بذهول في قبر والديّ.
فشلت تجربة تطوير العلاج الذي عملت عليه مع أركاندوس. لا، الأدق أنه كان غير مكتمل. فقد رحل والداي قبل أن يُستكمل الدواء.
لو أن معرفتي بالأعشاب كانت كاملة، ألم أكن سأتمكن من إنجازه في الوقت المناسب؟
ماذا لو أخبرت عمتي بمرض والديّ وحصلت منها على دعم مالي؟ على الأقل كنت سأشتري بعض الوقت ليتناولوا الدواء.
لم تعلم عمتي بمرض والدي إلا بعد وفاة أمي. كل ذلك لأنني كنت عنيدة، مصرّة على ألا أزعجها.
لكن في النهاية، لم أحرم نفسي فقط، بل حرمت عمتي أيضًا من فرصة الوداع الأخير لأمي.
لو كنت أعلم أن الأمر سينتهي هكذا…
اجتاحتني الندمات كأمواج البحر، ورأسي يدور.
أصابتني صداع رهيب… لكن الندم لم يغيّر شيئًا. لم يتبقَّ لي سوى واقع بارد مُرّ.
قالت عمتي:
“نحن عائلتك من الآن، لين.”
نظرت إليها بعينين فارغتين.
أظن أنها قالت شيئًا للتو.
لا أعلم…
في الحقيقة، لم أكن أريد أن أعلم.
كل ما أردته… أن أستلقي على السرير وأنام.
فكلما فتحت عيني، واجهت حقيقة قاسية. ما زلت غير قادرة على تصديق أن والديّ قد ماتا.
على الأقل، لم يكن النوم مؤلمًا كما هو الاستيقاظ. النوم كان يتيح لي أن أنسى كل شيء. وإذا حالفني الحظ، ربما رأيت والديّ بصحة جيدة في حلمي.
ابتسمت عمتي وقالت:
“لا. كنا دائمًا عائلة، لذا أظن أن ما قلته للتو كان خطأ.”
ابتسمت شفتاها، لكن عينيها الغارقتين في الحزن كانت تفضح الألم بوضوح.
رغم أنها شقيقة أمي، لم أرَ بينهما شبهًا لا في الشكل ولا في الطبع.
لكن فجأة، ملامح أمي تداخلت مع ملامحها، فأصبح من الصعب عليّ النظر إليها. في النهاية، خفضت رأسي وتمسكت بأكمامها.
“أريد أن أبقى وحدي.”
“…حسنًا.”
لم يأتِ الجواب من عمتي الباكية، بل من الكونت. ضمّني بصمت، ويد دافئة استقرت على عينيّ الجافتين. كان الأمر غريبًا ومتلعثمًا.
قال:
“ستشعرين بتحسن بعد أن تنامي.”
أردت أن أسأله:
“وهل يمكن أن يزول الألم بالنوم؟”
لو كان الحل بهذه البساطة، لماذا لم أرغِم نفسي على النوم من قبل؟
إنه يؤلمني…
إنه مؤلم جدًا.
لماذا؟
لم يطل الأمر حتى أدركت السبب. لأن كلمات الكونت كانت كذبة صريحة.
فمهما نمت، لم أشعر يومًا بتحسن. ومع ذلك، واصلت النوم. فبالنسبة لي، اليقظة كانت جحيمًا وكابوسًا.
فاستسلمت للنوم هكذا. ولحسن الحظ، لم يعلق أحد على ذلك.
الجميع في بيت الكونت تعاطفوا معي ورثوا لحالي. وعندما أستيقظ، أبكي طويلًا. وبعد بكاء مرير، أنهك وأعود للنوم.
عشت على هذا الحال سنة تقريبًا. تعودت على العاطفة المتعفنة، وأصبحت مشاعري باردة، خالية من الألم. لم أعد أبكي عند الاستيقاظ. ربما كان الأصح القول إنه لم يعد في داخلي دموع لأذرفها.
م.م: مسكينة لين الفراق صعب و الصدمات العاطفية و التأقلم معها أصعب بكثير 💔
إلى أن جاء ذلك اليوم. حين طرق أحدهم بابي المغلق.
“أختي، لنلعب.”
كان لوكا، ابن عمتي الثاني، يصغرني بعام واحد.
وكالعادة، تجاهلت الطرق. فقد اعتدت أن تعود عمتي والكونت أدراجهم بعد أن أطرقوا ولم أتجاوب.
ولوكا لم يكن مختلفًا. أيقظني طرقه، لكن النوم من جديد لم يكن صعبًا بعد أن قضيت اليوم بأكمله نائمة.
سمعته يقول:
“أظن أنك لستِ في مزاج للعب الآن. سأبقى عند الباب حتى تتحسني.”
كان كأنه صوت عابر في حلمي.
…ولم يكن يخصني.
لكن في وقت لاحق، صحوت فجأة على صوت خادمة تقول بحدة:
“لماذا تجلس متكورًا هنا؟ يا إلهي! انظر كم أنت بارد! كم من الساعات قضيت هنا؟”
فأجاب لوكا:
“لم يطل الأمر.”
“أعرف أنك تكذب!”
“إنها فترة قصيرة مقارنة بالوقت الذي لم تغادر فيه أختي غرفتها.”
قالت الخادمة معتذرة:
“سيدي لوكا، آسفة، لكن حتى لو انتظرت أيامًا أخرى، الآنسة لين…”
“شش… احذري كلامك. لا يمكنك أن تعرفي.”
“معذرة. لقد زلّ لساني. لكنك بارد جدًا. ألا يجب أن تذهب لمكان دافئ…؟”
“فقط قليلًا بعد.”
“إذا مرضت، سيحزن الكونت وزوجته.”
ساد الصمت بعد كلماتها. ثم اقترب لوكا من الباب وقال بصوت أعلى:
“أختي، سأعود غدًا.”
سمعت خطواته تبتعد، وغرق المكان في هدوء.
…فتحت عيني قليلًا.
كانت كلماته تتردد كالصدى في أذني، تعكر نومي.
“سأبقى عند الباب حتى تتحسني.”
ظننت أنني لم أسمع.
لكن ربما كنت فقط أتظاهر بأني لم أسمع. لم أستطع إغماض عيني حتى اختفى صوته تمامًا.
ذلك كان أول يوم أعجز فيه عن النوم منذ أن صدقت كذبة الكونت.
●●●
منذ ذلك اليوم، صار لوكا يأتي كل يوم كما لو كان يسجل حضورًا.
لم يكن يزعجه أن الباب يظل مغلقًا. قبل أيام فقط، جاء ومعه كتاب حكايات أطفال، يقرأه بصوت مرتفع وكأنه يريدني أن أسمع.
عُدت للنوم راضية بذلك. وبعد أسابيع قليلة، بدأت أستيقظ تلقائيًا مع موعد قدومه.
وبينما أتهيأ لتوبيخه بكلمات حادة، سمعت جملة من قصته تقول:
“الفتى الذي جرحته كلمات الفتاة لم يعد يبحث عنها.”
كانت لحظة غير مناسبة. ألم تبدُ كأنها رسالة موجهة إليّ؟
…نعم. لم يكن من الجيد أن أكون قاسية مع أخي الأصغر، حتى لو كان فارقنا عامًا واحدًا فقط.
زفرت بعمق وأسندت جبيني إلى عتبة الباب وقلت ببرود:
“إذا أردت أن تقرأ بصوت عالٍ، فلتقرأ كتاب أعشاب بدلًا من قصص الأطفال.”
ربما لأن صوتي خرج بعد غياب طويل، بدا غريبًا قليلًا. لكنه كان مفهومًا بما يكفي.
ربما فاجأه ردي، فلم يرد لبرهة.
ثم قال:
“…هه. ومن سيقرأ شيئًا مملًا كهذا؟”
ذلك كان جوابه الوحيد بعد انتظار طويل.
“لا تأتِ مجددًا.”
عدت للفراش وسحبت الغطاء فوق رأسي. لم أكن مستعدة للتعامل معه.
●●●
ومنذ أن قلت له ألا يعود، لم يطرق بابي مجددًا.
ومع مرور الوقت، ربما شعرت بندم صغير.
لكن ما فات قد فات… مضت شهور عدة هكذا.
حتى جاء يوم، ظهر لوكا فجأة أمامي مبتسمًا كالمعتاد.
كنت قد ذهبت للأكاديمية بعد العطلة الصيفية. وما إن حلّ الشتاء وعدت، جاء إليّ من جديد.
كان يمكنني أن أقول شيئًا قبل ذهابي… لكنني لم أفعل. ورغم غضبي، كنت ممتنة أنه لم يتوقف بسبب كلامي السابق.
جلس مجددًا يقرأ كتاب قصص أطفال، تمامًا كما فعل منذ أشهر.
لو طلبت منه، ربما كان سيقرأ كتاب أعشاب. لكن عنادي السخيف منعه.
حين اقتربت القصة من نهايتها، حيث العبارة المعتادة: “وعاشوا في سعادة أبدية”…
سمعت صوتًا آخر يقول:
“لوكا؟”
فأجاب:
“أنت هنا مجددًا؟”
“نعم، كنت أتحدث مع أختي.”
كان ذلك صوت إرهان، وقد بدا عليه الارتباك.
“ألا تعتقد أن حديثك لنفسك لا يُسمى محادثة؟”
“لا، لقد تحدثت مع أختي من قبل!”
“ماذا؟ حقًا؟”
استطعت أن أتخيله وهو يحدق في بابي بدهشة. لا بد أنه تساءل عن السبب.
“لكن، أليس مملًا أن تبقى وحدك في الممر يا لوكا؟”
“كيف أكون وحدي؟ أختي هنا معي.”
“لين لا ترد.”
“إذن ابقَ معي أنت يا أخي. بما أنني التحقت بالأكاديمية، لم نعد نقضي وقتًا كالسابق.”
“…همم.”
تردد قليلًا، لكنه سرعان ما أجاب:
“حسنًا، إذا كان طلب أخي الصغير، فلن أرفض.”
“واو!”
“لكن تعلم أن وقتي محدود، لدي جدول يومي ثابت.”
“أعرف!”
زفرت بعمق.
لقد انضم شخص مزعج آخر. كلمات إرهان لم تكن مجرد مجاملة، بل وعد.
منذ ذلك الحين، صار يزور غرفتي مع لوكا يوميًا. والفارق الوحيد أنهم استبدلوا قصص الأطفال بأحاديث عادية.
قال لوكا بحماس:
“إرهان، هل رأيت شيئًا مدهشًا هذا الصباح؟ أراهن أنك تتساءل ما هو.”
“نعم! ما هو؟”
“أمي دخلت المطبخ لتخبز بسكويتًا!”
“ماذا؟! واكتفيت بالمشاهدة؟!”
“هههه! ما هذا الوجه وكأن العالم انهار؟ ستغضب أمك إن رأتك هكذا.”
“إذن كل ما ستخبزه سيكون لك.”
“…آسف. لكنني أوقفتها قبل أن تبدأ، لذا سامحني.”
“أوف… حسنًا، يبدو أنك نادم فعلًا، لذا سأتساهل هذه المرة!”
ضحكة صغيرة خرجت من إرهان، ربما لأن لوكا بدا مضحكًا وهو يتصنّع الجدية.
كانت محادثة كافية لتُظهر عمق العلاقة بينهما. ومع ذلك، شعرت بشيء يلسع معدتي…
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 55"