أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
عند وصولي إلى مختبر البروفيسور جورج، وجدت ورقة ملصقة في فتحة الباب بينما كنت على وشك الطرق.
〈خرجت قليلًا، لذا ادخل أولًا.〉
‘أظن أنه كان ينتظرني.’
لو أنني نسيت وجئت غدًا لكان الأمر كارثيًا. تنفست الصعداء وفتحت باب المختبر. الجو في الداخل كان أدفأ مما توقعت.
هل قام بتدفئته مسبقًا؟
…لا يمكن أن يكون البروفيسور جورج من يفعل هذا.
هززت رأسي أطرد هذه الفكرة السخيفة، ثم بدأت أتأمل المكان.
لم تكن هذه أول مرة أزور فيها مختبر البروفيسور جورج، لكنني لم أره بتمعن من قبل، إذ كنت دائمًا برفقته.
أعشاب متناثرة على الطاولة، وما حولها بدا غير مرتب.
“لقد رأيت هذا من قبل…؟”
كان المشهد شبيهًا بمختبر الأعشاب الخاص بي في منزل الكونت. شعرت وكأن قربًا ما بيني وبين البروفيسور جورج ازداد بنسبة 0.1%.
على الجدار، كانت هناك أدراج كثيرة لحفظ الأعشاب. شعرت بالفضول، لكنني لم ألمس شيئًا.
لست من يتفقد الأدراج خلسة، أليس كذلك؟ بينما أتجول بنظري، لفت انتباهي شيء ما.
كانت نظارات البروفيسور جورج ذات العدسة الواحدة.
“أوه…”
اجتاحتني هواجس ورغبات قوية في لحظة. كأن أصوات ملائكة وشياطين تتجادل في أذني.
لا يا “لين”.
ㅡ ماذا سيحدث لو أمسك بك البروفيسور جورج متلبسة؟ تجاهلي الأمر وكأنك لم تريه!
لا، افعليها.
ㅡ كيف سيعرف البروفيسور ما فعلتِ؟ حتى إن شك، هل لديه دليل؟ انظري إلى تلك النظارات، ألا تبدو مغرية؟ إن لمسيها الآن، هل ستظلين ترتجفين قبل النوم؟
ترددت بين الرأيين قليلًا. لم يطل الأمر، وانتصرت الشياطين. لم أستطع مقاومة الإغراء.
بمجرد أن اتخذت القرار، شعرت براحة غريبة. مددت يدي وأمسكت بالنظارة بلا تردد.
ثم بدأت بجدية أترك بصمات أصابعي عليها. آه، يا لها من متعة! نعم، كان قرارًا صائبًا.
تصورت وجه البروفيسور جورج المصدوم حين يرتدي النظارات دون أن يدرك شيئًا، وشعرت كأن همومي كلها ذابت.
هذه عقوبة على جرائمه: جرّنا إلى أعمال جماعية كأنها وجبة يومية! ثم مطالبي بجلب كل أنواع الأعشاب كأنه يختبرني!
وأخيرًا، جريمته الكبرى: محاولته استدراجي للبقاء معه بعد التخرج! كنت منهمكة بابتسامة مظلمة حين—
“أوه لا، كان يجب أن تضعي زيتًا على يديك قبل فعل ذلك.”
فجأة، دوى صوت ضاحك من خلفي، فتصلبت في مكاني. لم أسمع خطوات ولا فتح باب.
هل سأواجه الآن نظرة البروفيسور الجليدية؟
ماذا عن الإحراج؟ ماذا لو استغل الأمر ليجبرني على العمل معه بعد التخرج؟
في خضم وساوسي، أمسكت بخيط أمل.
إذا فكرت بعناية، فإن الصوت “نصحني” أن أستخدم الزيت، لا أن أتوقف.
انتظري… هذا الصوت مألوف. صارم، لكنه لطيف، وحتى يجلب النعاس أحيانًا…
لا يمكن!
استدرت بسرعة تكاد تُصدر فرقعة.
كما توقعت، كان هو… “أركاندوس!”
تلاشت ابتسامته شيئًا فشيئًا حين التقت عيناه بعيني. نظر إليّ فارغًا، لم يصدق.
“لين…؟”
“نعم! أنا، لين!”
ظهرت ابتسامة على وجهي وسط دهشتي. شعر كستنائي فاتح يميل إلى الذهبي، وعينان نصف مغمضتين.
باستثناء بعض علامات التقدم بالعمر، بدا كما هو في ذاكرتي.
“لقد مر وقت طويل. كنتَ شابًا وقتها، والآن تكاد تصبح عجوزًا.”
“…آسف. سامحيني، لين. كبرتِ كثيرًا حتى إنني لم أتعرف عليكِ فورًا. الطفلة الصغيرة أصبحت هكذا؟”
غطى فمه بدهشة، وعيناه امتلأتا بالدهشة والحنان.
“الأمر مفهوم. لقد كبرتُ لدرجة لم تتعرف عليّ فيها، وفوق ذلك مرت أكثر من خمس سنوات منذ آخر لقاء، يا أركاندوس.”
كان معلمي في علم الخيمياء. صحيح أن الأمر كان مدفوعًا من والدتي…
لكنني كنت ممتنة له لأنه ساعدني في دراستي حين مرض والداي، وواساني حين ماتا.
“لم أتخيل أن ألقاك في مكان كهذا.”
نظر إليّ بوجه كئيب وقال: “ولا أنا…”
كنت على وشك الرد، فتذكرت لحظة فراقنا، فأخرجت اعتذارًا دفينًا. لطالما أزعجني الأمر منذ ذلك الحين.
“كنت آسفة… وقتها، صدمت لوفاة والديّ…”
عندما ماتا…
بعد جنازتهما، انتقلت إلى بيت عمتي. انفصلت عنه بلا وداع يليق، حتى لم أشكره.
ابتسم أركاندوس بلطف وربّت على ظهري.
“أعرف شعورك. فقدت والديّ في صغري. الحزن عميق، والصعوبة الكبرى أن تتقبل موتهم حتى لو توقعت حدوثه.”
“أركاندوس…”
“آسف لأنني لم أبق بجانبك وقتها. ظننت أن أحضان العائلة أدفأ من وجودي. لم أدرِ أنه سيكون آخر لقاء.”
تصلبت عند سماع اعتذاره ورددت بحزم: “لا تقل ذلك! لا ذنب لك في شيء!”
“هاها، حسنًا. لم نلتقِ منذ زمن، فلا تعقدي وجهك هكذا.”
ضحك وجلس على كرسي.
“من الجيد أن نلتقي مجددًا. كيف حالك؟”
“ما دمت على قيد الحياة.”
تغير وجهه فجأة وقد أدرك المعنى الخفي، فحوّلت بصري وقلت: “لكن لا بأس الآن. ماذا عنك، أركاندوس؟ يبدو أنك غادرت القرية بعد فراقنا.”
ابتسم بمرارة: “كان عليّ إيجاد عمل آخر لأعيش. من سيستأجر خيميائيًا عاجزًا عن صنع دواء سوى والدتك؟”
“أوه…”
كان عبقريًا في الخيمياء، ووالدتي كانت متأكدة أنه لا يُضاهى في معرفته.
لكن مشكلته الكبرى أن طاقته السحرية ضعيفة جدًا، ما جعله يعاني كثيرًا في صنع أي شيء.
“أركاندوس… هل يمكنني أن أعوضك عن الأجور التي لم أدفعها لك وقتها؟”
كنت قد صرفت كل مالي على علاج والديّ، ثم سرّحته لعجزي عن دفع راتبه.
ومع ذلك، بقي بجانبي حتى وفاتهما. كان منقذًا بالنسبة لي.
هز رأسه رافضًا.
“لم أطلب مالًا. ولست معدمًا إلى درجة أن آخذ نقودًا من طالبة صغيرة.”
“لكن…”
قاطعني وهو يبعثر شعري ضاحكًا: “ربما تظنين أنني تأخرت بسببك، لكنني نلتُ من والديك أكثر مما تتصورين. ما فعلته لم يكن سوى واجب.”
أيقنت أنه سيرفض أي عرض، فسألته ما حيّرني منذ رأيته:
“لكن كيف دخلتَ مختبر البروفيسور جورج…؟”
حينها، فُتح الباب فجأة، ودخل البروفيسور جورج. توقفنا عن الحديث ونظرنا إليه.
“كلاكما وصل بالفعل.”
سأله أركاندوس بصرامة: “أليس متأخرًا لاستدعائنا؟”
ضغط جورج على جبينه بإرهاق وقال: “لديّ تلميذ وقح يريد أن يراك.”
“ماذا؟”
فجأة ظهر شخص خلف جورج.
“…والتر.”
كان البروفيسور والتر. الأجواء بينهما كانت غريبة. صمتُّ أراقب.
نهض أركاندوس بسرعة، متجاوزًا والتر، لكن الأخير أمسك بمعصمه.
“أتمنى…”
“دعني!”
ارتد صوته الغاضب في أرجاء المختبر، وعيناه تشعان بالاشمئزاز وهو يحدق بوالتر.
ارتخت قبضة والتر وهو يواجه ذلك النظر. خرج أركاندوس كأنما لم ينتظر لحظة.
…ما الذي يحدث بحق؟
وقف والتر مذهولًا وهو يراقب الباب. قبض كفيه وأرخاهما مرارًا.
اعتدت على ملامحه العابسة، لكن هذه أول مرة أرى وجهه هكذا.
“هل يمكنني أن أسأل… هل حدث شيء بينكما؟”
سألت بخجل، فتغيرت ملامحه سريعًا.
“لا أعرف.”
“آه…”
كان عليّ أن أصمت. نظرت حولي ثم اعتذرت: “آسفة، لم يكن يجدر بي التدخل.”
“لا، لم أقصد إخفاء الأمر. أنا حقًا لا أعرف.”
“ماذا؟”
بدا وجهه مشوشًا وممزقًا بين مشاعر متناقضة.
“كنا صديقين منذ السنة الأولى. كان كأخ لي. لكن فجأة…”
قهقر جورج بلسانه وانتقده: “فكر جيدًا فيما فعلت. أتعرف أن ردة فعله ليست بلا سبب؟”
“اعتقدت ذلك أولًا. لكن في النهاية، لم يخبرني بما جرى. يبدو أنه لا يريد التحدث إليّ أبدًا.”
رد والتر بحدة، ثم أضاف: “لقد تضررت أيضًا. هل تظنني أردت أن نصل لهذه الحال؟”
بين جدالهما، سألت جورج: “بروفيسور جورج، كيف تعرف أركاندوس؟”
“أركاندوس؟”
قطب جبينه مستغربًا، قبل أن يتدخل والتر بفتور:
“من الشائع أن يستخدم الخيميائي اسمًا مستعارًا.”
“…أتقصد ذلك الرجل؟”
لم أصدق أذني. هل يعني أن “أركاندوس” لم يكن اسمه الحقيقي؟
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات