أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
كيف يمكن لأمي ولي، ونحن بلا أي قدرات قتالية، أن نجوب الجبل المليء بالوحوش؟
عادةً ما كنا نرش طارد الوحوش، لكنني أحيانًا كنت أخرج للصيد وحدي.
ذلك لأن إبرةً سامةً واحدة من صنعي كانت كفيلة بجعل أي وحش يلفظ أنفاسه فورًا. لكن يبدو أن كلاهما لا يصدق ما أقوله.
«لن نصطاد وحشًا هلاميًا يا لين.»
قال فيورد بوجه جاد طالبًا مني الانسحاب: «أنا أيضًا عضو في مجموعة التعذيب. من المزعج أن أجلس مكتوف اليدين وأحصل على النقاط.»
«أشعر بالغرابة، ألا يمكنك التوقف عن تسميتها مجموعة التعذيب؟»
حدّق بي فيورد بعينين متسعتين، لكنني رددت بسخرية:
«مهما حاولت، هذا لا يغيّر حقيقة أن اسم نادينا هو مجموعة تعذيب فيورد.»
«أجل. خطئي أنني تركت ذلك الوغد كارسن يختار الاسم.»
ومن خلف فيورد المتحسر على وضعه، دوّى صوت كارسن الحازم:
«على أي حال، لا يمكنك الخروج معنا في مهمة إبادة الوحوش. هذا خطر.»
«أوليس خطرًا عليكم أنتم أيضًا؟»
«…»
عضّ كارسن شفتيه متجنبًا نظراتي، كأنه يظن أن الخطر يهددني وحدي.
صحيح أنني طالبة غير قتالية، وكان من الطبيعي أن يقلقوا عليّ، لكن لا يمكنني مجاراتهم في التظاهر بالضعف.
نظرت إلى كارسن بابتسامة خفيفة وقلت: «لمَ القلق؟ ستحميني مهما حدث. أنا أثق بكما.»
تفاجأ كارسن، ثم رفع رأسه سريعًا وغطى فمه بكفيه.
ومن بين أصابعه التي عجزت عن حجب ابتسامته، ظهرت زوايا شفتيه المرتجفة من الفرح.
«صحيح. سأبذل حياتي لحمايتك مهما كان الثمن! فيورد لا يهتم إلا بسلامته، فلا تثقي به.»
(لا داعي لهذا كله.)
يمكنني حماية حياتي جيدًا، على الأقل بما يكفي. وبينما كنت أفكر، دوّى صوت فيورد المصدوم بيننا:
«أيّ وطنٍ تحاربون لأجله؟»
ꕥ
في اليوم الذي قررنا فيه الخروج لمطاردة الوحوش، استيقظت مبكرًا وتوجهت إلى مختبر الطهي.
كان اسم المهمة «إبادة الوحوش» ضخمًا، لكن بالنسبة لي، شعرت وكأنها نزهة.
وفي النزهات، بالطبع، لا بد من الطعام! أعددت شطائر بسيطة من مكونات اشتريتها بالأمس من السوق.
تأملت الشطيرة بعد انتهائي:
«لقد مضى وقت طويل منذ أكلت هذه الشطيرة.»
بدت شطيرة عادية، لكنها بالنسبة لي ذات معنى خاص.
فقد كان أبي يعدها دائمًا لي في الأيام التي أخرج فيها مع أمي لجمع الأعشاب. وكانت نكهتها فريدة بفضل صلصته السرية.
كنت ألحّ على أبي أن يخبرني وصفة تلك الصلصة، لكنه لم يخبر حتى أمي.
«فكري يا لين. إن أعطيت أمك الوصفة، فلن تأتي إليّ بعد اليوم إذا اشتهت الشطيرة.»
كان صحيحًا أن أمي تحب شطائر أبي أكثر من أي شيء. لكن إخفاء الوصفة كي يظل مطلوبًا منها؟
يومها بدت لي فكرة طفولية، لكنني الآن أفهم. لقد أراد أبي أن يكون ذا معنى خاص لدى أمي. ربما لا يليق بي كابنة أن أقول هذا، لكنهما كانا زوجين رائعين بحق.
بعد تلك الذكرى القصيرة، وضعت الشطائر في علبة صلبة، ثم خبأتها في أعمق زاوية من الحقيبة.
ونظرًا لأننا في عمر الشباب وأشهى الأطعمة لا تكفينا، أعددت كمية كبيرة حتى امتلأت نصف الحقيبة.
(هل بالغتُ قليلًا؟)
«إن بقي شيء فسأعطيه لكاون. وإن رفض… فلا بأس. أما كارسن، فسيأكلها بفرح حتى لو دسست له السم!»
ضحكت بخفة وأنا أتخيل كارسن يستمتع بالشطيرة. وشعرت بشيء ضاغط في صدري.
«أتمنى أن تستمتع بها!»
ꕥ
حين اجتمعنا في الوقت المحدد، انطلقنا مباشرة إلى الجبل.
وبعد اجتياز لافتة التحذير الأولى التي تحدد نطاق الوحوش، تكلم كارسن بحذر:
«لين. سندخل أعمق قليلًا. لن نصطاد وحوشًا ضعيفة، بل متوسطة إلى متقدمة.»
«هل سنعبر إلى ما وراء الحدود الثانية؟»
«أجل. النقاط الأعلى تأتي من الوحوش الأقوى.»
كلما توغلنا في الجبل، ظهرت وحوش أشد.
وكانت اللافتات تعمل كحدود، تحيط بها أسلاك شائكة معززة بالسحر حتى تمنع الوحوش من الخروج.
أما اللافتة الثانية فتعني أن الداخل موطن لوحوش متوسطة أو أقوى.
لم يسبق لي أن تجاوزت الحدود الثانية وحدي. فمهما كان السم قويًا، يظل الأمر محفوفًا بالمخاطر.
حتى بخاخ الطرد الذي صنعته بنفسي لم يكن يجدي مع تلك المستويات.
لكن مجرد التفكير بما قد أجده من أعشاب في الداخل جعلني أبتسم.
«يبدو الأمر ممتعًا.»
كارسن، الذي كان يأمل أن أرفض، قال بقلق: «هناك وحوش بشعة حقًا…»
«البشر هم الأكثر رعبًا.» أجبت بازدراء.
لم يجد ردًا. وبعد قليل وصلنا إلى مشارف الحدود الثانية. عندها توقف فيورد وقال:
«رفاقي. هناك شيء أردت فعله منذ زمن… هل يمكنني الآن؟»
«ماذا؟»
أخرج صورة من جيبه وحدّق بها بشجن. صورة له معنا.
«سألقاكما بعد هذه المعركة. فقط انتظرا قليلًا.»
…كلمات لا تُسمع إلا في مشاهد رفع راية الموت.
«أيها الأحمق…!»
اقتربت منه غاضبة، لكن ما إن رأيت الصورة حتى تذكرت أنها صورتنا الثلاثية منذ مدة.
«ولِمَ هذا الحزن وأنت معنا فيها؟»
ابتسم فيورد: «إنها ممتعة.»
ضحكت بخفة، لكن كارسن لم يدع الموقف يمر:
«لا تقلقي يا لين. عادةً من يرفع الراية هو أول من يموت. سنستعمل فيورد كطُعم ونهرب.»
(كما هو متوقع منهم…)
لاحظت أن الصورة ممزقة ومُرقّعة بالغراء.
التفت فيورد سريعًا نحو كارسن ثم أعاد بصره.
«هناك مجنون في سكننا يهوى جمع الصور.»
«حقًا؟ يا للجنون.»
«أجل. لو كنت أغلقت الباب… لنجت صورتي.»
رفع رأسه يائسًا، بينما تجاهله كارسن بابتسامة واسعة وهو يتطلع إليّ:
«لين. هل ندخل؟»
«لننطلق. لقد أضعنا وقتًا كافيًا.»
تركنا فيورد غارقًا في تأملاته، وتوغلنا.
مرت بعض الدقائق دون أن نصادف وحوشًا.
بينما بدا البقية ضجرين، كنت أتأمل الأعشاب المتناثرة بعينين تلمعان شوقًا.
(لين! تذكري، اليوم للمهمة لا لجمع الأعشاب!)
كان جسدي يتقدم لكن عيني تزوغان. ولحظت أن كارسن يراقبني بدقة، وكأنه يعرف بالضبط ما يشدني.
قررت أن أشتت أفكاري بسؤال: «هل تشعران بالذنب عند قتل وحش؟»
«لا.» أجاب الاثنان معًا.
«هذا جيد.»
«وأنتِ يا لين؟ لا أظنك قتلتِ من قبل.»
«بل فعلت. والوحوش لا تُثير شفقتي…»
فالوحوش بلا عقل ولا وعي، لا تولد إلا من انحراف المانا. إما طبيعيًا بتراكمها، أو صناعيًا بفعل البشر، وهو محرم في القارة كلها.
لهذا كان يُنظر للوحوش على أنها شر مطلق.
تحسست جيبي حيث أخفيت علبة الإبر السامة. وفجأة دوّى هدير وحش من بعيد.
اقتربت خطواته الثقيلة… دُب، دُب، دُب…
ابتسمت، وتهيأت لإخراج إحدى الإبر. سيُدهشون حين يسقط الوحش بضربة واحدة مني.
لكن ما إن ظهر الوحش من بين العشب، حتى جمده كارسن بسحر الجليد قبل أن أتحرك.
تصلب مكانه، ثم سقط برنين ثقيل.
…انتهى الأمر قبل أن أبدأ.
شعرت بإحراج يغمرني. لم أتوقع أن يكون بهذا الشكل. قررت أن أساعد في تنظيف الفوضى بدل القتال.
اقتربت لآخذ نواة الوحش كدليل على إنجاز المهمة. لكن فيورد تذمر:
«يا رجل! لا تستخدم الجليد. يصعّب استخراج النواة.»
رد كارسن بثبات: «لا يمكنني السماح لعينَي لين أن تريا دم الوحش القذر.»
كاد رأس فيورد ينفجر من الغضب.
«…أمنيتي الوحيدة أن ألكمك الآن.»
تطلع إليه كارسن ببرود وقال: «افعل.»
«حقًا؟»
أشرق وجه فيورد لحظة، لكنه سرعان ما تجهم حين أضاف كارسن:
«لكن… نتبادل الضربة واحدة بواحدة.»
«هل تسخر مني؟!»
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 40"