أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
لم يكن فيورد يرتدي سدادات أذنه حين يكون معنا. حتى دخول كُن، لم يكن في أذنيه شيء. ولعل السبب أنّ المكان كان صاخبًا.
«إنه يضع سدادات الأذن، لذلك سيكون بخير. انظروا، إنه لا يلتفت حتى لما نقول.»
في تلك اللحظة، التقت عيناي بعيني فيورد الذي رفع بصره عن الكتاب للتو. التفتُّ بخفة نحو كارسون ثم عدت أنظر إلى فيورد.
وما إن أعَدت النظر حتى تجعّد وجهه.
(لماذا رفعت عينيك عن الكتاب الآن؟)
احتج فيورد أيضًا بتعبير ساخط، وكأنه يقول: (ولماذا لا أستطيع النظر إليك بحرية؟)
أوه! لم أكن أعلم أننا نستطيع التحدث بتعابير الوجه.
خطت لين خطوة مبتعدة وهي تواصل محادثتها الصامتة معه.
«سأعود بعد قليل.»
لكن هذه المرة، أمسك كارسون بكمّي. «إن لم تفعلي ذلك هنا، فخُذيني معك.»
«…؟»
حدّقت فيه، متسائلة هل قلتُ شيئًا خاطئًا عن خروجي.
«لم أقل إنني لن أعود. سأخرج لبرهة فقط.»
اعترض كُن طريقي فجأة، فوقف بيني وبين كارسون.
«كل هذا الضجيج لمجرد خروجنا لوقت قصير؟ كارسون، أفعالك لا توحي إلا بمحاولة تقييد لين.»
ارتفعت نظرات كارسون إلى كُن، فقابله كُن بعينين ثابتتين وهو يتابع:
«تبدو كزوج بائس…»
«ماذا؟ زوج بائس؟»
كادت مشاجرة تندلع بينهما، وهممت بالتدخل، فإذا بكارسون يبتسم فجأة ويصفع كُن على ظهره.
«شكرًا لأنك اعتبرتني زوجًا. لم نتزوج بعد، لكن هل نبدو كذلك؟»
كان ذلك أشبه بطريقة كلبٍ عنيد لا يسمع سوى ما يريد سماعه. نظر كُن إليه وكأنّه يقول: (ما خطب هذا الرجل؟)
«أي زواج؟ ليس بينكما أي علاقة.»
«وكيف تتيقّن أنه ليست هناك علاقة بيني وبين لين؟» ـ كارسون.
«هل أنتما على علاقة سرّية؟»
«لا.» ـ كارسون.
«إذًا، هل أنتما في مرحلة ما قبل المواعدة؟»
«لا.» ـ كارسون.
«إذن، لا يبدو أن بينكما شيئًا.»
قال كُن الحقائق ببرود، لكن بدلاً من أن يغضب، ابتسم كارسون.
«أنتَ على الأرجح لا تعني شيئًا. أليس كذلك يا لين؟ بالنسبة لك، هو مجرد مريض، لا أكثر.»
لم يستطع كُن الرد، واكتفى برفّة حاجبيه.
(حسنًا… لقاؤنا الأول لم يكن لطيفًا أصلًا، فلماذا سأميل إليه؟) ـ لين.
حتى بعد زوال سوء التفاهم، لم ينشأ شعور جيد.
رفع كارسون زاوية شفتيه. «أما أنا، فقد تأكدت أنّ مرتبتي عند لين تعادل الرمش السابع والعشرين لديها… وربما أعلى.»
(ولماذا تفخر بهذا؟) ـ لين.
قال كُن: «هذا… يجعلني أشعر ببعض الغيرة.»
التفتُّ إليه بذهول. (غيرة؟ على ماذا؟)
وبينما سئمت من الأجواء الغريبة، قطعت الحديث:
«حسنًا، هذا يكفي الآن. أظن أنّ كارسون بخير، وبالنسبة لفيورد…»
نظرت إلى فيورد، فإذا به ينزع سدادات أذنه ويشير بيده قائلاً:
«أنا أيضًا بخير. لكن الأمر أكثر رعبًا إن خرجتما معًا وتركتاني وحيدًا مع كارسون.»
«…طالما وافقت، فلنجري الفحص هنا.»
علا وجه كُن شيء من الامتعاض، لكنه سرعان ما مسحه وأومأ.
«نعم.»
أحضرت كرسيًا وأجلسته. ثم مددت يدي وقلت، بمعنى أن يضع يده:
«اليد.»
آه! ألستُ بذلك أعطي أمرًا لكلب؟
«آسف، لم أسمع ما قلتِ للتو…»
كنت سأعيد كلامي، لكن فجأة وُضِع شيء في يدي. كانت يدًا، لكنها ليست يد كُن. التفتُّ إلى صاحبها.
«كارسون؟»
لماذا؟ نظرت إليه مرتبكة، فالتقت عيناي بعينيه. ابتسم بعينيه حتى انحنتا بسحر، كأنه لم يفعل شيئًا خاطئًا.
ذلك الوجه… بمجرد أن التقت عيناي به، فقدت قدرتي على الكلام. بهدوء، أمسكت يده وأبعدتها.
«كارسون. لا تنظر هنا. عد إلى ما كنت تفعله.» ـ لين.
ارتسمت الدهشة على محيّاه.
«ماذا لو نظر إليك حين لا أنظر؟»
«لن يحدث شيء مما يقلقك. فافعل ما أقول.» ـ لين.
«…حسنًا.»
استسلم سريعًا، ثم جلس وأخرج كتابًا في السحر، متظاهرًا بالقراءة، مع أنّ أذنيه منصتتان إلينا.
على الأقل، خفّ عني بعض التوتر. عدت إلى كُن وأشرت مجددًا:
«اليد.»
تردّد قليلًا ثم مد يده.
«هل تعاني من رجفان اليدين؟»
كان مدمنًا على الشراب في الإمبراطورية، لكنه لا يستطيع الشرب في الأكاديمية، فبدأت أعراض الانسحاب تظهر.
«لا…»
«إذًا لماذا أنت متوتر؟»
لكن لم يجب كُن، بل قاطعنا كارسون:
«ما هذا؟ توتر؟ إنه متوتر لأنه أمام لين…!»
«كارسون!»
أطبقتُ على صوته حالًا. إن استمرّ الوضع هكذا، سيتحوّل الفحص السريع إلى ساعات.
فتّشت في حقيبتي وأخرجت شيئًا: سدادات الأذن التي أهداني إياها كارسون حين صنع فيورد سداداته. لم أستخدمها من قبل، لذا لا بأس.
اقتربت من كارسون بلا تفكير.
«ابقَ هكذا حتى أنزعها.»
ثم وضعت السدادتين في أذنيه مباشرة. احمرّت أذناه من لمستي. راضية بذلك، عدت إلى كُن.
نظر كُن إلينا، وقال بنبرة مرتعشة: «كارسون يطيع لين كثيرًا.»
«حسنًا… شيء من هذا القبيل.» ـ لين.
ثم واصلت عملي.
«ما زال عرقي يتصبّب… أليس هذا قذرًا؟» ـ كُن.
أمسكت يده المبتعدة وأجبت ببساطة: «ليس قذرًا.»
كان صادقًا؛ كفاه رطبتان، لكني عرفت أنه ليس شيئًا مريعًا. لقد رأيت مرضى في حالة أسوأ بكثير في الماضي.
حين أنهيت فحصه، قال كُن: «…مقابل العلاج.»
«لا حاجة.» ـ لين.
«أخشى أن يكون رفضك المتكرر عبئًا عليّ. فهل هناك شيء آخر تريدينه؟»
أمعنتُ التفكير. (حسنًا، أحتاج يدًا إضافية لإعداد الدواء.)
«إذن، ساعدني حتى أتمكّن من علاجك نهائيًا.» ـ لين.
انفرجت ملامحه وقال بحماس: «بكل سرور. بما أنّ الأمر يتعلّق بالأعشاب الطبية، سأكون عونًا كبيرًا. فأنا نصفُ إلف.»
«…حقًا؟» ـ لين.
تأملت أذنيه، لكنهما بدتا عاديتين. ابتسم وهو يشرح: «ملامحي تشبه جلالة الإمبراطور أكثر… لكنني ورثت قوى والدتي وأتعامل مع الأرواح.»
(لهذا غضب كثيرًا حين قطفت الزهرة. فالإلف يعاملون الطبيعة كصديق.)
أخذت أتخيل شجرة عائلته. كُن، الأمير الثاني لإمبراطورية أباسكانثوس، لم يكن ابن الإمبراطورة، بل ابن الملكة التي قيل إنها اختفت حين كان في الثالثة.
لكنه قال: «للتوضيح، والدتي لم تختفِ. ما زالت تلتقيني سرًا. والدي منحها الحرية بعدما ضاقت ذرعًا بالقصر.»
«أليس ذلك سِرًّا؟» ـ لين.
أجاب ببساطة: «أسرار المحسن لا تُخفى.»
(إن أصبحتُ محسِنته مرتين، سيقصّ عليّ أسرار الإمبراطورية كلها!)
ضحك وأضاف: «في الحقيقة، معظم النبلاء يعرفون، لكن لا يذكرونه علنًا.»
«على كل حال، بما أنكِ وافقتِ، فبعد انتهاء وقت النادي غدًا… آه، بالمناسبة، في أي نادٍ أنتِ؟»
«…»
ضحك كُن: «كما ترين، أنا مريض. سلّمت شهادة طبية، فأعفوني من الأنشطة.»
(واو! هناك من يستفيد أكثر مني.)
«وماذا عن علامتك في نشاط النادي؟»
«تُحسب ضمن المعدّل العام.»
«…مريض مزيّف.»
مريضو النايلون = مرضى زائفون.
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 38"