أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
احمرّ وجه كارسن قليلًا وابتلع ريقه، وقد ظهر بوضوح تفاحة آدم في عنقه وهي تتحرك صعودًا وهبوطًا.
قال متلعثمًا:
“ما- ما الذي ستفعلينه؟”
رفعتُ حاجبيّ بمكر وقلت:
“لا تفكّر بطريقة غريبة. أنا فقط طلبت منك أن تنتقل سحرًا إلى غرفة النادي. هذه هنا مهجع الفتيات، ولو رآك أحد وأنت تخرج فستكون كارثة، وستقع في مشكلة.”
فانكشافه لن يزيد الأمر إلا سوءًا ويؤكد الشائعات. كانت غرفة النادي المكان الوحيد الذي يمكنني أنا وكارسن أن نلتقي فيه بلا قلق من أعين الآخرين.
نظر كارسن إلى طرف القميص الذي كنت أمسكه، وفجأة ارتسمت على وجهه ملامح ألم غريب.
تمتم بصوت منخفض:
“يا لها من يدين صغيرتين لطيفتين، يا لين…”
قلتُ منزعجة:
“كفّ عن الهراء. هل كان من الصعب أن ننتقل معًا؟”
بدا الارتباك على ملامحه، لكنّه أجاب بهدوء:
“ليس الأمر كذلك.”
“إذن ماذا؟”
أملتُ رأسي باستفهام، فرمش بعينيه ثم أخذ نفسًا عميقًا وكأنّه حسم قراره.
قال بهدوء:
“لين، لقد طلبتِ مني أن أسبقك بالانتقال.”
وفجأة، وقبل أن أستوعب، أحاطني بذراعيه بقوة.
وجد وجهي نفسه مدفونًا في صدره، وحجبت رؤيتي تمامًا. وبينما تملّكني الارتباك، سمعت خفقان قلبه العنيف، فضحكت دون إرادة.
اتضح أن الانتقال السحري لشخصين معًا يتطلب تلامسًا جسديًا.
لا أعلم إن كان هذا القدر من القرب ضروريًا، لكن هذه كانت المرة الثانية التي أشم فيها عن قرب عبير جسده الساحر.
وبدافع غريزي، انكمشت في أحضانه أكثر لأستمتع بالرائحة أكثر.
فجأة، قُطع الموقف بصوت مزعج:
“ما الذي تفعلانه…؟”
كان صوت فيورد. ارتجفت، ثم دفعت صدر كارسن بسرعة.
‘لا بد أن فيورد قد رأى كل هذا بعينيه!’
يا للمصادفة التعيسة. حتى وإن كان ما فعلته محض غريزة، فالعناق بدا واضحًا جدًا.
تلعثمتُ قائلة وأنا أحاول التبرير:
“ا- الانتقال السحري يحتاج إلى تماس جسدي. لم أكن أعلم أننا سنصل بهذه السرعة… هاها!”
لكن فيورد لم يبدُ مقتنعًا، ظل يرمقنا بنظرة مليئة بالشك.
قال ساخرًا:
“…أرجوكما، واصلا ما تفعلانه في الخارج. هل أنتما على علاقة؟ كما ترون، أنا أدرس.”
اعترضت بسرعة:
“هذا! ليس كذلك.”
لم أنفِ بشدة ولم أوافق؛ لأني خشيت أن يُفسَّر النفي الحادّ على أنه إقرار ضمني.
فتحت كتابًا أمامي كما لو لم يحدث شيء وقلت:
“لكن، فيورد، لماذا تذاكر بهذا الجِد؟”
رفع رأسه متجهّمًا:
“…ألستِ تعلمين أننا في فترة الامتحانات؟”
ضحكت بسخرية:
“أشعر وكأن طفلًا لم يفتح كتابًا من قبل قرّر فجأة أن يبدأ الدراسة.”
وبينما كان الجو يتوتر بالنقاشات الصغيرة، ظلّ كارسن بعيدًا، واقفًا كأنما تحوّل إلى حجر.
حتى حين عانقني أولًا، لم أتخيل أنه سيتيبّس هكذا خجلًا.
اقترب فيورد وصفق أمام عينيه محاولًا إعادته إلى وعيه. وبحركة متخشبة، أدار رأسه نحو فيورد، وتمتم بشيء خافت لم أسمعه، ثم خرج من الغرفة كآلة تتحرك.
سألتُ فيورد فورًا:
“ماذا قال؟”
أجاب بلا تردّد:
“قال إنه ذاهب ليستحم بماء بارد، وطلب مني ألا أتقرّب منك أثناء غيابه.”
نظرتُ إليه بدهشة:
“استحمام؟ لماذا فجأة؟”
هزّ فيورد كتفيه متصنّعًا الجهل، لكن بعد لحظة بدا وكأنه استوعب السبب، فابتسم ابتسامة محرجة:
“لا بد أنه توتّر كثيرًا عندما عانقك… فعرق، وأنتِ فتاة نظيفة جدًا، فشعر بالحرج.”
تساءلتُ بيني وبين نفسي: (هل هذا صحيح؟) ثم عزمت أن أعطيه في المرة القادمة بعضًا من مزيل العرق الذي صنعته بنفسي.
ꕥ
في غرفة النادي، لم يُسمع سوى تقليب الصفحات وحكّة الريشة على الورق.
وبعد وقت، قال فيورد فجأة وهو ما يزال يحدق في كتابه:
“لين.”
“نعم؟”
“الحق أن الأمر غير منصف قليلًا. قد يبدو أنني ألهو هنا، لكنني أدرس بجد.”
رفعت حاجبيّ باستغراب:
“من قال غير ذلك؟”
قال متذمّرًا:
“…أنتِ قبل قليل قلتِ إن طريقتي في الدراسة لا تشبهني.”
كان صوته حزينًا قليلًا، فرفعت رأسي أنظر إليه. رفع هو الآخر عينيه عن الكتاب ونظر إليّ مباشرة.
تابع قائلًا بجدية:
“أنا أعمل بجد، بخلاف كارسن. وخصوصًا في فنون السيف، فأنا أبذل جهدي حتى لا أتأخر، خاصة وهي تخصصي.”
قلتُ متفاجئة:
“هذا غريب، ظننتك موهوبًا مثل كارسن.”
ضحك قائلًا:
“شكرًا لأنكِ وضعتِني في مصافّ ذلك الوحش. على كل حال، لستُ سيئًا كما تتوقعين.”
“ترتيبك إذن مرتفع؟”
ابتسم:
“لم أغب يومًا عن المراتب الخمسة الأولى.”
فتحت عينيّ بدهشة، فالطلاب المتخصصون في فنون السيف كُثر، وأن يحافظ على مكانه بين الخمسة الأوائل يعني أنه موهوب فعلًا.
تملّكني شعور بالدهشة وقلت ساخرة:
“ألا تفخر بنفسك كثيرًا؟ هل تعلّمني بعضًا من مهاراتك إذن؟ لعلّ كارسن يسدد عنك أقساطك بعصاه الغليظة.”
ابتسم وقال بهدوء:
“لم أكن أتفاخر.”
“بلى، كما تقول.”
عُدتُ إلى كتابي، لكن يدي دفعت القلم خطأً ليسقط أرضًا ويتدحرج بعيدًا. زفرت بضيق، لكن فيورد نهض ووضع القلم أمامي.
نظرت إليه بابتسامة غامضة، فقال متسائلًا:
“ما بك؟ هل انكسر شيء؟”
أجبته:
“لا، لكنني فكّرت أنني كنت محظوظة بلقائكما، أنت وكارسن، في هذا النادي.”
ضحك ضحكة عالية، ثم فجأة صمت، وتغيرت ملامحه:
“انتظري، لين… لا تقصدين أنكِ ترين كارسن فعلًا شخصًا صالحًا، أليس كذلك؟”
قلتُ ببساطة:
“ما المشكلة في كارسن؟ صحيح أنه يبدو خشنًا وحساسًا، لكنه طيب القلب.”
ارتسمت علامات الاستفهام على وجه فيورد. بدت عليه الصدمة وكأنني نطقت بما لا يُقال.
‘يا إلهي… أهي فعلًا لا تشك أبدًا في شخصيته الحقيقية؟’
ظلّ فيورد حائرًا يفكر في صديقه كارسن الذي يخفي حقيقته، بينما أنا كنت أقاوم النعاس وأفكّر في النوم قليلًا.
تمدّدت على الأريكة وقلت لفيورد:
“أيقظني بعد نصف ساعة.”
ضحك بدهشة:
“ستنامين الآن؟!”
“نعم. لكن انتبه، إن أيقظتني أبكر فسأغضب.”
أغمضت عينيّ، فتأملني فيورد وهو يبتسم بتردد. بدا أنني نائمة، لكنه تمتم في نفسه:
‘وجهها جميل فعلًا… وبشرتها ناصعة، وملامحها جذابة. رغم برودتها، إلا أنها مرحة وطيبة القلب.’
ثم أطرق رأسه بخوف:
‘أرجو ألا تتطور مشاعري تجاهها أكثر من اللازم…’
أما أنا، فقد خطر لي فجأة:
‘ترى… لماذا لم يعد كارسن من حمامه بعد؟ ألن يظن أنني كنت ألهو بدلًا من الدراسة؟’
فتحت عينيّ وجلست، فصاح فيورد مندهشًا:
“ألستِ نائمة؟”
نظرت إليه بجدية:
“لقد أيقظتني، فكن مسؤولًا الآن.”
احمرّ وجه فيورد، وكأنه أدرك أنني شعرت بنظراته طوال الوقت.
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 19"