أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
رفعت رأسي إلى السماء بلا وعي. وما إن فعلت ذلك حتى تساقطت قطرات المطر على جسدي.
شعرت أنّ المطر سيشتدّ، فلففت الأعشاب التي جمعتها بقطعة قماش. كان هناك الكثير من الأعشاب التي يجب تجفيفها، لكن سيكون الأمر صعبًا إن ابتلّت بالمطر.
قلت:
“كاون، فلنَنزل قبل أن يشتد المطر.”
قررت النزول، وأخذت أبحث حولي عن كارسون. لكنّه لم يكن بالقرب حين أدرتُ رأسي. أين ذهب؟
وبالنظر إلى طبيعته، لا يمكن أن يكون قد سبقني بالنزول وتركَني.
“كاون؟”
ما إن ناديتُ اسمه مرّة أخرى، حتى ظهر فجأة أمامي.
“هل ناديتِني، لين؟ أعتذر، لقد تأخّرت قليلاً.”
رمشتُ بدهشة. لم أتوقع أن يظهر فجأة أمامي لمجرد أنني ناديته.
ولمّا فكرتُ بالأمر، أدركتُ أنّ المطر لم يبتلّني منذ أن ظهر كارسون.
نظرتُ إليه فرأيت طبقة شفافة تحيط بنا، تحمينا من ابتلال المطر. إنّه ماهر حقًا.
“أين كنتَ، كاون؟”
لم يُجبني، بل مدّ يده إليّ وفيها وردة ورديّة. ولأنها لم تُؤذِ يده، بدا واضحًا أنّه نزع أشواكها قبل أن يعطيني إياها.
قال بابتسامة خجولة ووجنتين محمرّتين:
“بحثتُ عن زهرة تُشبهك، لكن لم أجد شيئًا يُشبهك حتى لو جُبتُ الجبل كلّه… فاخترتُ وردة تُشبهني أنا بدلاً من ذلك. ما رأيكِ، بهذه الزهرة التي تُشبهني؟”
ارتبكتُ للحظة وأنا أتسلّم الوردة منه. هل يدرك كارسون أن لغة الزهور للوردة الوردية تعني الحب العاطفي؟ نظرتُ إليها مليًّا، ثم اضطررتُ للاعتراف في داخلي:
“نعم، إنّها تشبهك كثيرًا.”
بل إنه يُشبهها بشكلٍ مخيف.
ꕥ
بعد أن أنجزتُ الواجب الجماعي وحدي، سمعتُ خبرًا غير متوقّع: يوم الإثنين هو موعد التسليم.
كان ذلك من هانز، الذي قال لي سابقًا أن أتحمّل وأقوم بالواجب بمفردي.
قال بدهشة:
“إذًا… حبيبة جدّك السابقة كانت هي جدتك؟”
“هاه؟”
أومأ هانز وكأن ما قاله صحيح.
فكّرتُ بمرارة: إذن لماذا تقولها بهذا الشكل؟ أليس ذلك جريمة؟ التزمتُ الصمت، لكنه بدا محرجًا حين لاحظ عبوس وجهي.
“كنتُ في عجلة، فلم أشرح جيّدًا. على أي حال، جدي انفصل عن جدتي، لذا ليس خطأ تمامًا.”
“أيّ منطق هذا…؟”
ضحك قائلًا:
“هاها! المهم، يبدو أنّكما أنجزتما الواجب معًا؟ أحد الأعضاء قال إنه مريض.”
“أوه، لهذا السبب…”
“أنا آسف، وكما قلتُ من قبل، لا تضعوا اسمي في الواجب.”
“لا، ليس هذا… لقد أنجزتُ الواجب وحدي.”
“ماذا؟”
نظر هانز إلى المقاعد الفارغة لأعضاء الفريق الذين لم يأتوا بعد بحيرة.
“وأمّيلا؟ أين هي؟”
إذن اسمها أمّيلا.
“لم تحضر إلى المكان المتفق عليه. انتظرتها أكثر من أربعين دقيقة. أليس ذلك كافيًا؟”
قال وهو يزفر:
“آه، إنها هكذا دائمًا. لا بد أنكِ عانيتِ كثيرًا.”
رفعتُ حاجبيّ: وكأنك تعرف ما مررتُ به.
اعتذر هانز عن غيابه لأسباب قاهرة، كما لم يمانع إزالة اسمه من الواجب. بدا أفضل مما كنتُ أظن.
لكن بينما كنتُ أعيد تقييمي لهانز بشكل إيجابي، سألني باستغراب:
“بالمناسبة… ما معنى بلاّبر؟ أعرف البطاطا، لكن ما معنى بلاّب؟”
أجبته ببرود:
“بما أننا نتحدث عن البطاطا… فدماغ أمّيلا يشبه البطاطا.”
“هاه؟ كيف؟”
“مستدير، بلا أي تجاعيد.”
ضحك بصوت عالٍ قائلًا:
“هه! لا يمكن دحض ذلك. الجميع يعرف أن أمّيلا تتكلم دون تفكير.”
رفعتُ كتفيّ بلا مبالاة. ضحك أكثر وضرب ظهري بقوة.
“أنتِ أظرف مما توقعت. كنتُ أظن أنك بلا مشاعر لأنك دائمًا بلا تعبير.”
هل كان لابد أن تضربني؟ انكمشتُ غصبًا عني، ثم أبعدتُ يده بملل.
قلت ببرود:
“أضحك فقط مع من أرتاح إليهم. وفي درس الأعشاب لا يوجد ما يضحك.”
تلعثم قليلًا ثم قال:
“آه! تذكرت، الفتاة التي ترافقك دائمًا…”
“جين؟”
“قصيرة، بشَعر بلون الحليب.”
“أجل، إنها جين. لماذا؟ هل تهتم بها؟”
قال بخجل شديد:
“نعم، جين… حتى اسمها جميل. إنّها تمامًا فتاة أحلامي.”
رمقتُه بنظرة قاتلة.
“اخرج من وجهي حالًا.”
أسحب ما قلته، لم يكن طفلًا لطيفًا. كيف تجرؤ على استهداف ملاكي جين؟
جين لا بد أن تلتقي برجل شاب، ثري، طويل، ووسيم. أما هذا، فكل ما يملكه هو “شاب” فقط والباقي صفر.
“ماذا؟ ماذا فعلتُ؟”
لم أردّ، وتجاهلته كأنه غير موجود.
ꕥ
“أستاذ جورج، جئتُ لأقدّم الواجب.”
“ادخلي.”
دخلتُ مختبر الأستاذ جورج بهدوء. كان يرتدي نظّارات لم أره بها من قبل، ويبدو مرهقًا وكأنه نصف ميت.
أجل، هؤلاء الذين رأيتهم خارج المختبر بهيئة “طلاب”، لكن حقيقتهم “عبيد الأساتذة”.
فكرتُ: يجب ألّا أتابع دراسات عليا أبدًا. أبدا.
مدّ يده قائلًا: “أعطيني.”
أخذ نصف الأوراق، تصفّحها سريعًا، ثم رماها على الأرض قائلًا:
“انتهيت من التصحيح. درجتكم F.”
حدّقتُ في الأوراق على الأرض ثم إلى الأستاذ. ابتلعتُ كلماتي وقلتُ بهدوء:
“لماذا؟”
وضع نظّارته على المكتب بصوت حاد.
“ألستِ تعلمين؟ لقد فعلتِ أمرًا مثيرًا للريبة. كان أفضل لك أن تقتطفي أعشابًا من جانب الطريق!”
قلتُ ببرود:
“لم أفهم قصدك.”
تقطّب وجهه أكثر:
“ماذا؟ لم تفهمي؟”
“لقد اخترتُ عمدًا أعشابًا نادرة لهذا الواجب. ولم يكن أمامنا سوى دخول منطقة الوحوش. ألم يكن هذا ما طلبتَه كواجب جماعي؟”
“بلى. لكن قلتُ أن تعملوا معًا، لم أقل أن تستعينوا بطرف ثالث.”
طرف ثالث؟! صحيح أنني دخلتُ مع كارسون، لكنني جمعتُ كل الأعشاب بيدي، ورفضتُ أن يستخدم سحره ليقطفها دفعة واحدة.
قلتُ بجدية:
“هناك سوء فهم، لم يساعدني أحد.”
قال بحدة:
“إذن كيف تفسّرين تلك المعلومات المجنونة؟”
“ماذا تقصد؟”
“راننكولوس في الصفحة الثالثة.”
تفاجأتُ أنه تذكّر الصفحة. كنتُ أظنه لم يقرأها أصلًا.
قال:
“ذكرتِ تأثيره المهدّئ، وقد كُشف هذا الأمر للتو الأسبوع الماضي. لا يمكن لطالبة سنة أولى أن تعرف هذا.”
لكنني كنتُ أعرفه منذ زمن.
صمتُّ، فظن أنني ارتبكت. قال باستهزاء:
“وهذا ليس كل شيء. الأسفوديل؟ وأعشاب مارونيينا؟ من يصدق أن طالبة مبتدئة جمعتها؟”
لقد نشأتُ هناك أصلاً…
فكرتُ بسرعة، ثم التقطتُ الأوراق من الأرض ونظرتُ في عينيه.
قلتُ بجدية:
“لستُ طفلة غبية اكتشفت صدفة تأثير الراننكولوس… لا. أنا أعرف هذه المعلومة منذ صغري.”
قال محتدًا:
“تعرفينها منذ صغرك؟”
شعر أن كلامي سخيف، فزمّ حاجبيه أكثر.
لكنني واصلت ببرود:
“كل الأعشاب التي ذكرتُها في هذا الواجب جمعتها من خلف الأكاديمية. ليس لدي ما أضيفه، فهناك وجدتها.”
ارتبك جورج. نادرًا ما يُظهر الطلاب ثقة أمام وجهه العابس.
حقًا… هل يُعقل أنها تعرف هذه الأمور منذ البداية، ولذلك لم تلتفت أبدًا لدروسي؟
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 16"