أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
«آه، حقاً!»
ركلت الغطاء الذي كان يغطيني. عندها نظر إليّ كارسن الذي كان يقرأ كتاباً وهو مستند إلى الأريكة التي كنت مستلقية عليها، وقد بدا عليه الارتباك.
اتسعت عيناه، سواء من الدهشة أو القلق. «لين، ما الأمر؟»
«…قدماي تؤلماني فجأة.»
في الحقيقة، تذكرت على حين غرّة الموقف الذي أبداه أعضاء الفريق بعد أن فزت بمنصب القائد، ولهذا ركلت الغطاء فجأة.
لقد انفجر أعضاء الفريق فرحاً وهم يشدّون قبضاتهم.
قد يظنّ أحدهم أنّهم أنهوا الواجب بالفعل. أو لعلّهم اعتبروا أن العمل الجماعي لم يكن سوى رهان، لا مجرد اختيار قائد عبر لعبة السلّم.
حتى البطاطس الثرثارة، التي كانت تصرخ مثل الحوت، ضحكت عليّ كأنها تستمتع بالمشهد.
لا مفرّ… سأتناول البطاطس على العشاء الليلة.
وبينما كنت أقرر جعل البطاطس طبق العشاء، سمعت صوت كارسن، الذي بدا مرتبكاً:
«يا إلهي، هل يؤلمك كثيراً؟ هل تريدين أن أدلّك قدميك؟»
«ماذا؟» حدقت فيه متسائلة إن كنت قد سمعت خطأ.
عندها فقط غطّى كارسن فمه بكلتا يديه وكأنه أدرك ما تفوّه به. وفي لحظة صار وجهه وجسده كلّه أحمر.
«آسف! لم أقصد شيئاً سيئاً… كنت فقط قلقاً!»
«أشعر أنني سأتقيأ…» لكني لم أقلها أنا، بل كان فيورد، الذي شتم بكلمات بذيئة خوفاً من سوء الفهم…
لقد كان ينظر إلى كارسن وكأنه يحدّق في دودة تتلوى. أي أنه رآه مقززاً للغاية.
وليس الأمر جديداً عليّ؛ فقد اعتدت سماع تبادل الشتائم بينهما. تجاهلت كلمات فيورد وتبسّمت بمكر.
«ماذا؟ تريد أن تدلّك قدمي؟ واو، يا لك من رائع، كاون. لقد قلتها بشكل طبيعي لدرجة أنني كدت أومئ بالموافقة دون وعي.»
«ماذا؟! ليس كذلك…»
«وما الذي كنت تنوي فعله وأنت تتظاهر بتدليك قدمي؟ هلّا شرحت لي بالتفصيل وفق المبادئ الستة؟»
«لا! ليس المبادئ الستة، أنا فقط…!»
«كاون… ظننتك بريئاً، لكن يتضح أنك ماكر في داخلك، أليس كذلك؟»
«لا، أنا…»
«آه، سأكون أكثر حذراً معك لاحقاً. لا أدري متى ستفعلها ثانية.»
وفي النهاية، غطّى كارسن وجهه بيديه وهو يكاد يبكي: «لين…»
ظللت أُمازحه طويلاً حتى شبعت، فقد اعتدتُ مضايقته في كل مرة.
وحين اكتفيت من ذلك، غيّرت الموضوع لأمنحه فرصة ليلتقط أنفاسه:
«بعيداً عن هذا، هناك إشاعة غريبة منتشرة هذه الأيام.»
مع كلماتي المتعبة تغيّرت ملامح كارسن سريعاً على نحو جاد لم أتوقعه.
«أي إشاعة؟»
«إشاعة تقول إنك تحبني.»
ساد صمت قصير.
«لين، أنا…» رمش كارسن ببطء.
«هل تضايقك تلك الإشاعة؟»
نبرته الحذرة بدت وكأنه يتوجّس.
في الحقيقة، لم يكن الأمر بهذا السوء. لكن مجرّد التفكير بما قد يحدث لاحقاً بسبب تلك الإشاعات كان متعباً.
ولو أنّ الإشاعة قالت إنني أنا من أحبّ كارسن، لما أقلقني الأمر. لامست شفتَي بلا وعي، كأنني سأصارحه بما يجول في خاطري.
كنت سأقولها بسهولة… لو لم أرَ عينَي كارسن المبللتين. كنت ضعيفة أمام الدموع.
لقد بدا بائساً وضعيفاً، وكأنه سينهار في أي لحظة.
ربما لأنني تذكرت الماضي حين تركت والديّ وكنت أعيش في يأس ودموع.
لذلك، قلت شيئاً لم أكن أرغب في قوله أصلاً، فقط لأمنعه من البكاء:
«ما يقلقني أكثر هو أن تعلَق في منتصف زواجك، لا تلك الإشاعات.»
كنت أعرف جيداً طريق زواجه. سيتزوج سيدة نبيلة جميلة من عائلة جيدة ويعيش حياة هانئة.
وربما فهم قصدي، فقد أشرق وجه كارسن فجأة، ابتسم ابتسامة واسعة وربّت على صدره:
«الحمد لله أنك لم تنزعجي. ولا تقلقي، فسأكون معك على أي حال لاحقاً…»
طرق، طرق—
بينما كان يتكلم مبتسماً، جاء طرق على الباب. تبادلنا النظر أنا وكارسن، ثم وقع بصرنا معاً على فيورد. عندها ارتبك فيورد وتذمّر:
«لماذا تنظران إليّ؟»
«من الطبيعي أن يكون الطارق قد جاء من أجلك، فيورد.»
«ولماذا تجعلون الناس يطرقون الباب دائماً؟ ألم توقظ لين مرتين من قبل بسببكم؟»
فانهلنا أنا وكارسن على فيورد بالتوبيخ.
كان فيورد محبوباً جداً بين الناس لصراحته وطيبته، ولهذا كان الكثيرون يقصدونه.
ابتسم كارسن بمكر وقال: «هاها، فيورد، تذكر ما قلته سابقاً عمّا سأفعله إن جاء صديقك مرة أخرى في وقت النادي؟»
«ماذا؟ لقد حذّرتهم مراراً ألا يأتوا! ربما جاءوا من أجل لين هذه المرة. لماذا تلومونني دائماً؟»
ابتسم كارسن فقط دون أن يرد.
ثم جاء الطرق مجدداً: طرق، طرق—
«…أهلاً، جئت لأبحث عن لين.»
كان الصوت ذكوريّاً، بدا من مراهق.
فتجمّد وجه كارسن فوراً، وأسرع لفتح الباب بعنف: «من أنت؟»
كانت نبرته باردة على غير عادته، مختلفة تماماً عن أسلوبه مع فيورد.
هل كان… يغار؟
الطالب، الذي فوجئ بفتح الباب المفاجئ وبنظرات كارسن، تجمّد في مكانه وسقط أرضاً.
رأيته من بعيد فأدركت أنه أحد أعضاء مجموعتنا.
قلت بسرعة: «كاون، تمهّل. أظنه جاء من أجلي، بخصوص واجب الأعشاب الطبية.»
شدَدت قميص كارسن واقفة أمام الباب. فهم قصدي وابتعد بتجهّم.
سألت الفتى: «لماذا أتيت الآن؟ ألم نتفق أن نلتقي بعد النادي؟»
لكن الفتى، الذي بدا مذعوراً، ألقى نظرة خلفي إلى كارسن ثم تمتم:
«آآآه…»
وتراجع بخطوات مرتبكة حتى كاد يسقط، كأنه يمسح الأرض ببنطاله.
ما خطبه؟
التفتُ إلى كارسن بدهشة، لكنه اكتفى بالرمش ببلاهة: «هاه؟ ما بك، لين؟»
«…لا شيء.»
انحنيت قليلاً لأقابل الفتى بعيني وقلت: «بما أنّه وقت النادي، أخبرني بسرعة ما الأمر.»
قال متلعثماً: «رأسي! آه، يؤلمني… أعتقد أن اجتماع اليوم صعب…»
«هل يؤلمك؟»
كان وجهه شاحباً وشفته زرقاء، حالته لم تكن مطمئنة.
«إن كنت مريضاً، فلا بأس. سأخبر البقية، ارتح اليوم وسنراك في اجتماع الغد.»
كان مخططنا أن نتسلق الجبل خلف المدرسة لجمع الأعشاب، ثم نصنع معجماً صغيراً في عطلة نهاية الأسبوع بناءً على ما جمعناه.
لكن لا يمكننا إجبار مريض على الصعود.
ابتسم الفتى ابتسامة باهتة ثم نهض مترنحاً، يعرج بقدمه اليسرى.
زفرت وأنا أراقبه. كيف أصيب منذ انتهاء الدرس؟! ثم لحظة… ألم يقل قبل قليل إن رأسه يؤلمه؟ فلماذا يعرج الآن؟
صررت أسناني: إنه مريض «نايلون»! مريض زائف…
إنها معجزة تجعل الشخص مشلولاً في ساعات!
حقاً… ذلك الواجب الجماعي «شرّ اجتماعي» لا يجب أن يوجد في العالم.
ꕥ
ذهبت إلى السكن لأخذ الأدوات اللازمة لجمع الأعشاب. فاستقبلتني جين بابتسامة مشرقة:
«لين، عدتِ؟»
«نعم، لكن عليّ المغادرة سريعاً بسبب الواجب الجماعي.»
«يا للأسف!»
تركت وجهها الحزين خلفي وبدأت أبحث بسرعة عن الأدوات.
وفجأة قدّمت لي شيئاً: «لديك رسالتان اليوم.»
أخذت الرسالتين. الأولى مختومة بشمع يحمل نقش طائر أنيق.
إنها من خالتي. فقد كانت تستعمل هذا الختم المختلف عن ختم العائلة، لأن أي رسالة تحمل ختم العائلة كانت ستُعاد من الأكاديمية.
حتى دون النظر كنت أعلم مِمّن هي.
كانت الرسالة تفوح منها رائحة الخزامى. وضعتها في الدرج كعادتي. كان الدرج ممتلئاً برسائل لم تُفتح.
ثم وضعت الرسالة الأخرى ذات ختم الطائر على المكتب، وأجلت قراءتها إلى ما بعد إنهاء الواجب، لأكتب رداً لاحقاً.
سألتني جين بفضول وأنا أهمّ بالخروج بالأدوات: «لين، لماذا لا تفتحين الرسائل الأخرى أبداً؟»
أدرت ظهري نحو الباب، أمسكت المقبض وقلت بهدوء: «…لأنها لا تستحق القراءة.»
ꕥ
لقد مضت ثلاثون دقيقة على موعد اجتماعنا.
ولا أحد من الفريق حضر في الوقت!
انتظرت عشر دقائق إضافية، وقررت أن أصعد الجبل وحدي إن لم يأت أحد، حينها ظهر هانس مهرولاً، وهو من نظّم لعبة السلّم.
«أيها القائد!»
متأخر، ويناديني بذلك اللقب البغيض. لقد كان يعلم تماماً كيف يثير أعصابي.
همست له ببرود: «هل تفضّل الركلة على الساق أم على البطن؟»
«ماذا؟ ماذا تقولين؟»
«اختر وستعرف.»
«على أي حال، أين بقية الفريق يا قائد؟»
لاحظ وجهي المتجهم، فغيّر الموضوع سريعاً. لهذا السبب لا أحب الأذكياء أكثر من اللازم.
«الفتاة تأخرت مثلك، وأحدهم مصاب بالبواسير ويتلقى العلاج الآن.»
«بواسير السنية…»
ارتجفت عيناه وقال: «آه… آمل أن يتعافى قريباً.»
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 14"