⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
بعد ذلك اليوم، أصبح بارمون وحيدًا في هذا العالم.
كانت القرية الصغيرة ملوّثة بالدماء، وكان هو الناجي الوحيد.
لم يكن هناك ما يمكن أن يفعله طفل بلا قريب واحد على قيد الحياة.
أُجبر على الفرار من القرية لينجو بحياته، غير قادر على دفن جثث والديه بشكل لائق.
لقد استولى اللاجرس على كل طعام القرية، فاضطر بارمون إلى المغادرة على الفور وإلا سيموت جوعًا.
عندما وصل إلى قرية كبيرة نوعًا ما، أخذ ينقّب في القمامة ويأكل بقايا الطعام التي تركها الآخرون.
لكن كثيرًا ما مرّت عليه أيام لم يجد فيها حتى هذه البقايا، إذ لم يكن هناك قمامة أصلًا بسبب الحرب.
لحسن حظه أو لسوئه، انتهت الحرب بعد عام من موت والديه، عندما وقّعت الإمبراطوريتان اتفاقية سلام.
لكن حياة بارمون لم تتغير.
ظلّ يعيش من شارع إلى مدينة، ومن حاوية قمامة إلى أخرى، يبحث عن لقمة يسد بها رمقه.
وزاد الطين بلة أنّه كان يتعرض للتمييز من سكان أباسكانثوس.
فمظهره وشعره الفاتح كانا مميزين بوضوح كـ”لاجرسي”، واسمه القصير الخالي من الكُنى كان أيضًا لاجرسيًا لا لبس فيه.
حتى الأطفال الأيتام في الأزقة، الذين كانوا في وضع مشابه، كانوا يحتقرونه.
قالوا له:
“لماذا تعيش في أباسكانثوس إن كنت لاجرسيًا بلا لقب؟ ألا يمكنك أن تختفي فحسب؟”
“لقد مات والداي بسبب قومك!”
كان الأطفال يرجمونه بالحجارة، وفي بعض الأيام السيئة كان يتعرض للضرب المبرح.
وقد تركت الحرب في نفسه رهابًا من الدماء، لكن المفارقة أنّ عروقه لم تجف يومًا، وكان منظر دمه كابوسًا يطارده باستمرار.
“ليتني متّ مع والدي ذلك اليوم، حتى لا أعيش هذا الجحيم.”
كان بارمون يكره إمبراطورية لاجرس لأنها قتلت والديه، ويكره أباسكانثوس لأنها حكمت عليه بالموت البطيء.
وذات يوم، بعد سنوات طويلة…
سمع بارمون مصادفةً حديثًا عن أكاديمية أرينا في لاجرس.
قال أحدهم:
“لا بد أن أبناءك وبناتك أذكياء.”
فأجابه الآخر:
“وما نفع الذكاء إن لم يكن لدي المال لأرسلهم إلى المدرسة؟”
قال الأول:
“لماذا لا تجعلهم يتقدّمون لاختبار دخول أكاديمية أرينا؟ سمعت أن لديهم برنامج منح دراسية ممتاز.”
“هل المشكلة في الرسوم فقط؟ ماذا عن الطعام ومصاريف السكن؟”
“سمعت أنهم يوفرون الطعام والسكن مجانًا.”
“هاه؟ مجانًا؟ ليس غريبًا، فالأكاديمية مدعومة بالكامل من لاجرس.”
“نعم، لكن يجب أن تتجاوز أولًا اختبار الدخول شديد التنافسية.”
جذب عرض الطعام والسكن المجانيين انتباه بارمون. كان يائسًا من هذه الحياة المليئة بالجوع والنوم في الشوارع.
فسافر إلى أرض الإمبراطورية البعيدة، لاجرس.
وعندما وصل، استعار قلمًا من أحد الممتحنين في الأكاديمية وأجرى الاختبار.
ورغم أنّه لم يكن يملك كتبًا أو دفاتر أو أقلامًا، إلا أنه كان قد قرأ صحفًا مهملة من قبل.
وبالمعرفة التي جمعها من الصحف القديمة وما التقطه في تجواله، اجتاز اختبار الدخول بمعجزة.
كانت الحياة في الأكاديمية أشبه بالحلم.
مكان يلتقي فيه اللاجرسيون وغيرهم، دون أن يهتم أحد ببلد بارمون الأصلي.
وفّروا له الطعام والمأوى، وتمكّن من مواصلة دراسته في الكيمياء، وهناك التقى بزميل سكن غريب الأطوار اسمه والتر.
قال والتر:
“أنا لا أحب تكوين صداقات، لكن لا أستطيع الأكل وحدي، تعال كل معي.”
استغرب بارمون من هذا المجنون، لكنه كان أول شخص يمد له يده منذ وفاة والديه. فلم يشأ أن يرفض.
“حسنًا.”
وبالرغم من اختلاف خلفياتهما، أصبحا صديقين بسرعة.
كان بارمون المجتهد بطبيعته، وقلق والتر المستمر، مزيجًا متكاملًا.
ومع مرور الوقت، ارتقيا من الصفوف الدنيا إلى العليا.
وذات مرة، عندما ذهب والتر في رحلة تدريبية مع نادي السيف وتعرض لقرص البعوض، تذمّر قائلًا:
“آه، لو أنّ كل بعوض العالم هلك.”
فأجابه بارمون بفتور:
“أتمنى لو ينتهي العالم كله.”
ضحك والتر وأجاب ممازحًا:
“نعم، وأنا أيضًا. لو انتهى العالم لما اضطررنا للذهاب للتدريب.”
ولم ينتبه والتر لانخفاض صوت بارمون، ثم اقترح فجأة:
“يا بارمون، لمَ لا نؤسس نادي تعذيب البعوض؟”
“…نادي تعذيب البعوض؟”
“أنت تخاف من الدماء لدرجة أنك لا تستطيع حتى قتل بعوضة، لكن على الأقل يجب أن نقتل تلك التي تمص دمك.”
“وما علاقة تعذيب البعوض بمشكلتي مع رؤية الدماء؟ وكيف سيساعدني؟”
“جرب أن تقتل بعض البعوض مرارًا، وأبدع في الطريقة.”
“آه، هذا مقزز.”
“ولمَ لا؟ يبدو ممتعًا، فلنفعلها معًا.”
“إن أردت إنشاءه، فأنشئه وحدك.”
“سأهتم أنا بالنقاط الإضافية للأداء.”
أمال بارمون رأسه متعجبًا من تضحية والتر غير المعتادة.
“ماذا، وأنت تكون رئيس نادي التعذيب؟”
“على أي حال، جمع النوى جزء من مهام نادي السيف، لذا سأوفّر عليك الجهد.”
“إن كنت ستفعل هذا كله، فربما هناك مجال للتفكير…”
ومن هنا وُلد نادي “مو-تو”.
ومرّت الأعوام حتى وصلوا إلى سنتهم الأخيرة.
قال والتر:
“بارمون، لمَ لا تمكث في بيتي هذه العطلة؟”
“لا، شكرًا. لماذا قد أرغب في ذلك؟”
لم يقلها صراحة، لكن بارمون كان يعرف أنّ والتر ابن أسرة نبيلة.
وعرف أنه لا يعرض عليه هذا ليُريه مكانته أو بيته الكبير، بل لأنه انزعج من بقائه وحيدًا في الأكاديمية أثناء العطلات.
لكن بارمون لم يجد مشكلة في ذلك، بل شعر أنّ الذهاب قد يكون أثقل وأصعب عليه.
قال والتر محاولًا:
“سأطعمك أشهى الأكلات.”
“أتظن أنني سأقع لمجرد الطعام؟”
“نعم. أنت تحب الأكل.”
“…”
وفعلًا، كان بارمون مهووسًا بالطعام بسبب تجربة جوعه السابقة.
“ربما أزورك ليوم واحد فقط، لكن المكوث عندكم صعب.”
“حسنًا.”
وعندما ذهب بارمون إلى بيت والتر، فوجئ بفخامته.
كان البيت واسعًا وفاخرًا، والناس ينحنون له وكأنه منهم.
قاد والتر صديقه إلى غرفة الطعام، وكانت المائدة عامرة بما لم يره بارمون قط.
وبينما كان يكتم دهشته ويحاول التصرف طبيعيًا، ظهر والد والتر، الكونت رينوس.
قال بابتسامة:
“أرى أنك أحضرت صديقًا، والتر.”
“…أبي؟ لم أكن أعلم أنك عدت.”
“عدت للتو من البلاط الإمبراطوري. انتهيت من عملي مبكرًا.”
كان بارمون منشغلًا بالتفكير بما سيأكل أولًا، لكنه ما إن رأى والد والتر حتى ارتعد واقفًا.
انحنى قائلًا:
“مرحبًا، أنا زميل والتر وصديقه…”
لكن كلماته اختنقت.
لقد كان هو. الفارس الذي رآه عند سريره وهو طفل.
ذلك الرجل. والد والتر. قاتل والديه.
سبب كل مآسيه.
ابتسم الكونت ابتسامة باهتة وهو يلمح توتر بارمون:
“أتمنى أن تستمتع بوقتك مع والتر.”
ثم غادر الغرفة بسرعة، تاركًا بارمون يغلي من الداخل.
وفجأة عادت كراهيته القديمة تطفو.
كيف نسي؟ هؤلاء الأعداء قتلوا والديه. وهذه الدولة مليئة بالقتلة الذين حاولوا ذبحه.
إذن، كل شيء في لاجرس وأباسكانثوس يجب أن يُدمَّر.
🍃
بعد ذلك، قطع بارمون علاقته مع والتر، وبدأ أبحاثه من أجل الانتقام.
وبعد تخرّجه من الأكاديمية، ابتكر منتجًا تجميليًا لتمويل أبحاثه، وليمارس بعض الانتقام.
وسمّاه على اسمه واسم والديه الراحلين:
“بارمون كنيرينا.”
كان يحتفظ بعلبة المساحيق بعاطفة خاصة.
ولأنها صُنعت بالكيمياء، لم يكن بالإمكان علاج آثارها الجانبية لا بالسحر ولا بالقوة المقدسة.
“ليت الجميع يتألم أكثر مما تألمت.”
وانتشرت مستحضرات التجميل هذه في السوق السوداء، وبيعت بجنون.
ومع مرور الوقت، بدأت تظهر أعراض جانبية لدى البعض، لكن المهووسين بالبشرة السحرية لم يأبهوا.
لكن مع ازدياد عدد الضحايا، توقفت أخيرًا منتجات “بارمون كنيرينا”.
فقد خشي من أن يُقبض عليه بسبب طول فترة انتشاره.
ورغم ذلك، كان راضيًا؛ فقد حصل على ما يكفي من البحث والمتعة.
إلى أن ظهر علاج.
كان معه الآن ما يكفي من المال، فبدأ يفكر في كيفية الانتقام من الإمبراطوريتين.
وتذكر أيامه في نادي “مو-تو”، فخطرت له فكرة مرض ينقله البعوض.
لم يكن صعبًا أن يحقن فيروس الطاعون الذي صنعه في جسم البعوض.
“المشكلة أنهم يموتون بسرعة…”
فقد كانت البعوضة تموت خلال 10 ثوانٍ فقط من الحقن.
ثم خطر له:
“ماذا لو حوّلت البعوض إلى شياطين؟”
الشياطين تولد من تشوهات تركيز المانا، لكن يمكن صناعتها صناعيًا.
ولحسن حظه، كان لديه ما يكفي من المانا ليصنعها على مدى أيام.
وقد استنزف منه ذلك الكثير حتى لم يعد قادرًا على استخدام ماناه في أي شيء آخر.
لكن فرضيته كانت صحيحة.
البعوض الذي تم “شيطنته” بمانا صناعية عاش أطول من ذلك الذي حُقن بالفيروس فقط.
م.م: خطة شيطانية فعلا.
وبقليل من العمل، ربما يتمكن من صنع بعوض لا يموت.
وبعد بضع سنوات…
أنزل بارمون الصحيفة ببطء.
“عشّاب يجد علاجًا لبارمون كنيرينا…”
شعر بالقذارة. لو تُرك الأمر دون علاج، لبقي الناس بجلد متقرّح متعفّن.
“لماذا يتدخلون في انتقامي ويصنعون علاجًا؟”
ثم ابتسم ابتسامة ملتوية وهو يتمتم:
“…ليس كاملًا بعد، لكن لا بأس أن أجرّب.”
بحث عن العشّاب الذي صنع العلاج ووجده.
“سأحتاج إلى اسم مستعار.”
فالاسم “بارمون” كفيل بإثارة الشبهات.
“ممم… ‘أركاندوس’ سيكون جيدًا.”
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 138"