أستغفر الله العظيم واتوب اليه
⚠️لا تجعلوا قراءة الروايات تلهيكم عن الصلاة وعن ممارسة الشعائر الدينية😁
«…لماذا لا تنادينني فقط بـ لين؟»
بدت الدوقة مصدومة قليلاً من كلماتي، لكنها سرعان ما تماسكت وهزّت رأسها.
«حسناً، أظن أنكِ لستِ متزوجة بعد، فسيكون الأمر عبئاً.»
ربّتت على ظهري وقالت برفق:
«لا بد أنكِ مرهقة، وقد تأخر الوقت اليوم، فما رأيكِ أن تضعي أمتعتكِ وتخلدي للراحة؟»
«شكراً لكِ.» أجبتها بخجلٍ بعض الشيء.
«ليس» بعد.
إنكِ تجعلين الأمر يبدو صريحاً جداً وكأني سأتزوج كارسون لا محالة.
«آه، وبالمناسبة، غرفتكِ لم تُرتَّب جيداً بعد، لذا ستضطرين إلى النوم في غرفة أخرى الليلة، إن لم يكن لديكِ مانع؟»
«لا مشكلة. سأكون ممتنة لو سمحتِ لي بالنوم في أي غرفة.»
كان عليَّ أن أتجنب ريكس بيغونيا الآن، فليس هذا وقت لعب شدّ وجذب.
«أشكركِ على تفهّمكِ.»
رفعت الدوقة يدها وطرقت بأصابعها، فظهر بعد لحظة رجل في منتصف العمر، على الأرجح كبير الخدم، ومعه عدة خدّام.
يبدو أنهم استُدعوا بالسحر.
«لقد استدعيتِني، سيدتي.»
«أيها الخادم، من فضلكَ اصحب لين إلى غرفة الضيوف.»
«كما تأمرين.»
اقترب كبير الخدم، وهو ينحني باحترام، وقال لي:
«تشرفتُ بلقائكِ، اسمي دان ألتيمير، كبير خدم دوقية ليسيانثوس.»
…ألتيمير؟
الاسم بدا مألوفاً. بينما أحاول تذكر أين سمعته، جاءني صوت الدوقة العذب:
«كاون، ستبقى هنا ولن تتبعها. لدي لكَ مهمة أخرى.»
مال كارسون برأسه مستغرباً.
«مهمة؟»
«نعم.»
«لا أريد.»
واو. لقد رفض مباشرة؟
فتحتُ فمي بدهشة من جرأة كارسون.
أما الدوقة فابتسمت بمكر وكأنها توقعت ذلك، ثم نظرت إليّ.
«لين.»
«نعم… سيدتي الدوقة.»
«لين خاصتي لديها كل أطرافها وقدراتها، فأيهما تفضلين؟ رجل كسول لا يفعل سوى الأكل والاحتفال، أم رجل مجتهد يؤدي عمله؟»
أدركتُ أنني أعرف الجواب مسبقاً.
«…الثاني.»
بدا على الدوقة الرضا وهي ترفع ذقنها بفخر.
«حسناً إذاً، يا بُني، كرّر ما قلتَ للتو.»
تجهم كارسون بانزعاج.
«لا أستطيع فعل الكثير، فزمني ملكٌ للين.»
تجمّد وجهي، وعلامات استفهام كثيرة تحيط بي.
لماذا تعطي وقتك لي؟ إنه وقتك أنت.
وبينما أتصارع داخلياً، تجاهلتُ كلامه والتفتُّ إلى كبير الخدم بجانبي.
«من فضلكَ، أرشدني.»
🍃
كان كبير الخدم يسير في الممر صامتاً، ثم التفت إليّ فجأة.
«الدوقة والسيد يعجبان بكِ كثيراً، آنستي.»
«على راحتك، أيها الخادم.»
«ستكونين وصيفة الدوقة، وهذا أمر غير مسبوق.»
«ألم تخبرك الدوقة أنني مجرّد عامية؟»
«…عامية؟ كيف يمكن لعامية أن تكون وصيفة للدوقة؟»
ضيّق عينيه وتغيرت نبرته قليلاً.
«آه… سيدتي أخذت تحت جناحها طفلة مسكينة أخرى.»
…مرة أخرى؟
حسب علمي، لم تأخذ الدوقة تحت رعايتها سوى خادمة واحدة فقط من قبل. لا شك أنها تقصد جين.
شعرت بالضيق. رمقته بنظرة حادة، وهنا تذكرت فجأة…
آه…
الفيكونت ألتيمير.
ذلك الأصلع سيئ الطبع؟
نظرت سريعاً إلى شعره. بدا كثيفاً، بلا شك. هل هو شعر مستعار؟ أم أنني أخطأت الشخص؟
«ها هي غرفتكِ. ستقيمين فيها مؤقتاً، فالرجاء المحافظة عليها نظيفة.»
«حسناً…»
لم أستطع التوقف عن التحديق في رأسه حتى كدت أدخل الغرفة.
«…لحظة، من فضلكِ.»
تقدّم نحو النافذة بغطرسة، ومسح الداخل بإصبعه المغطى بقفاز أبيض.
ظهر على القفاز غبار خفيف. التفت نحو أحد الخدم وأمره ببرود، لكن بصوت حاد:
«أحضر الشخص المسؤول عن تنظيف هذه الغرفة.»
وكأن الأمر ليس غريباً عليهم، ركض الخادم وعاد بخادم آخر.
«أ-آسف جداً!»
دَمدَم—
اتسعت عيناي لرؤيته يركع بتردد أمامه.
يا للجنون. ما هذا الوضع؟
رفع الفيكونت ألتيمير قفازه المتسخ أمام وجه الخادم المرتجف.
«أما تدرك أن غرف الضيوف يجب أن تُحافظ دائماً بأفضل حالة ممكنة؟»
«لقد عملت بجد في تنظيفها، لكن…»
صفع—!
تردد صوت قوي في الغرفة. ضربه بيده بقسوة حتى ارتجّ جسده.
«هل طلبتُ منك أعذاراً؟»
على الفور، وقفتُ أمامه محاوِلة إيقافه.
«أيها الخادم، أنا بخير، لذا اهدأ.»
وقع بصره عليّ، وبدت في عينيه نفحة انزعاج.
«لا، لا يُسمح بأدنى خطأ في دوقية ليسيانثوس، يا آنسة.»
زاد صوته حدة:
«وأي عقوبة أقرر إنزالها بالخادم، فهي من صلاحيتي ككبير خدم.»
«قلتُ إن الأمر لا بأس به. وإذا كان مقبولاً لدي، أنا التي ستنام هنا، فهو ليس خطأ.»
«هاها، آنستي. أكرر لكِ، هذا ليس—»
«أليس مكتوباً في تقريرك الشهري أن تعاقب مستخدماً لم يخطئ؟»
ساد الصمت في الغرفة عند سماع كلمة التقرير الشهري.
زمّ شفتيه وحدّق بي مطولاً.
بدا كأنه يقيسني بعينيه الدقيقتين الطويلتين.
«…إن كان هذا ما ترينه، آنستي، فسأتغاضى هذه المرة.»
أشار الفيكونت إلى الخادم الراكع.
نهض الأخير مسرعاً، وكأنه لم يشعر بالألم، وغادر.
طوال ذلك الوقت، لم يُبعد الفيكونت نظره عني لحظة واحدة.
«أتمنى لكِ نوماً هنيئاً.»
أما النظرة التي رمقني بها وهو يغادر… فكانت مزعجة للغاية.
🍃
في تلك الأثناء، كان كارسون وسيلفيا وحدهما…
«أمي. ألا تظنين أنكِ قاسية بعض الشيء مع ابنكِ الذي تخرج للتو هذا الصباح؟»
«رغم أن ما عليكَ فعله يتعلق بلين؟»
«أنا متشوق لإنجازه، فما هو؟»
ابتسمت سيلفيا بمكر وفكرت: كارسون يصبح أسهل بكثير حين يتعلق الأمر بلين. يشبه والده إلى حد بعيد…
«فكرتُ أن من الجيد أن تُنشئ دائرة نقل في غرفة لين. إنها في الطابق الثالث، وصعود السلالم مرهق.»
«آه. فكرة رائعة.»
كانا يتحدثان وكأن الأمر عادي، بينما الخدم من حولهما في صدمة.
من ذا الذي ينشئ دائرة نقل سحرية في منزله، مع تكاليف صيانتها الفلكية، فقط لصعوبة صعود الدرج؟
«إذن، ما تريدينه هو رسم بوابة؟»
«بالضبط. أراهن أنكَ أسرع وأكثر دقة مني، فأنا كالفأر حين يتعلق الأمر برسم الدوائر.»
«الأمر ليس صعباً، فلننجزه سريعاً ثم نذهب لنرى لين.»
هزّت سيلفيا رأسها بقلق، مدركة أنها لا تستطيع ردعه.
لقد تماديا كثيراً. الأمر جاد.
وفوق ذلك، كلام كارسون لم يكن كلاماً عادياً.
فقط لأنه عبقري سحري استطاع أن يفكر بتنفيذ دائرة نقل بنفسه.
أما الساحر العادي، فلن يخطر بباله حتى.
لكن بالنسبة له، لم يكن الأمر صعباً.
إنه وحش، حتى لو كان ابني. الحمد لله أن لين هنا لتكبح جماحه.
مرة أخرى، شعرت سيلفيا بأهمية لين.
«بالمناسبة يا أمي، أين ذهب والدي؟»
«ولماذا تبحث عنه؟»
«لين سألتني عنه سابقاً.»
كما توقعت. لا يعقل أن ابني يريد معرفة مكان والده لذاته.
تنهدت سيلفيا وأجابت:
«قال إنه ذاهب لإحضار لين… لكنه لم يعد بعد. لا بد أنه التبس عليه الأمر مع بقية الحفل.»
قطّب كارسون جبينه، كأنه سمع شيئاً غريباً.
«لماذا؟»
كان من الأفضل أن يحضر هو لين، فمخزونه الهائل من المانا يجعله أقدر بكثير.
«سألني: كيف أترك لين في رعايتك؟»
«…ماذا؟»
ارتسمت على وجه كارسون ملامح معقدة. لم يستوعب أن والده، الذي لا يهتم بشيء سوى أمه، يريد أن يعتني بلين.
كيف يمكنني حتى أن أستودعها له؟
لم يُعجبه أن يتصرف والده وكأن له علاقة خاصة بلين.
«لا أعرف ما الذي يخطط له، لكن عليّ أن أضع التعويذة في غرفة لين، سأذهب أولاً.»
وبسرعة، اختفى كارسون بالانتقال السحري.
أما سيلفيا، فرفعت كتفيها وعادت إلى غرفتها، لكن فجأة شعرت بأثر مانا مألوف.
ظهر دائرة سحرية، وخرج منها الدوق.
فتحت له ذراعيها كما اعتادت، فألقى بنفسه في أحضانها بلا تردد.
«لقد عدتَ، حبيبي؟»
«…سيلفيا.»
كان صوته يحمل حزناً.
أما وجهه الممتلئ، فكان يحمل خيبة من لم يحقق هدفه.
أراهن أنه يشعر بالغيرة لأن كارسون خطف طفلتَه المفضلة.
ومع ذلك، كان زوجي بلا منازع الأكثر ظرافة في الإمبراطورية.
وجهة نظر ذاتية تماماً.
ربّتت سيلفيا على ظهره برفق.
«لا تحزن، لين كان مقدراً لها أن تأتي إلينا في النهاية.»
«…ماذا؟»
فتح الدوق أذنيه جيداً.
لين هي من أرسلت لي رسالة تؤكد أنها لا تمانع مساعدتنا.
وبحسب الرسالة، يبدو أنها تقيم مؤقتاً في منزل صديقة…
لذلك ذهب إلى حفل التخرج ليحاول للمرة الأخيرة إقناعها بأن تصبح ابنته بالتبني.
لكنه عاد مكتئباً لأنه لم يلتقِ بها، فضلاً عن أن يقنعها.
لكن لين…
«لقد جاءت إلى الدوقية بقدميها؟»
لا، هل عرفت لين هويتي قبل ذلك؟ تساءل الدوق في داخله.
أما سيلفيا، التي لم تكن تعلم بسر زوجها، فضحكت بخفة.
«كلا. تعلم أن الطريق طويل ولا يمكن قطعها مشياً.»
«فكيف عرفت لين إذن…»
«حسناً، كنتُ سأقول: كاون أحضرها بنفسه.»
«…أفهم.»
فكّر الدوق أن ابنه ربما كان مفيداً أحياناً.
لكن فجأة تصلب وجهه حين لاحظ أمراً مريباً.
انتظري لحظة.
ليست ابنة، بل…
«…كنّة؟»
Sel
للدعم :
https://ko-fi.com/sel08
أستغفر الله العظيم واتوب اليه
التعليقات لهذا الفصل " 106"