الفصل الواحد والثمانون

(مسودة)

فيل أرمين كان يشعر بالسعادة. فقد عادت ابنته الغالية، وزوجته أصبحت أكثر حنانًا يومًا بعد يوم، فلم يشعر بنقص أي شيء.

كان يمشي ويرقص داخليًا على إيقاع غير مرئي دون أن يلاحظه أحد.

على أي حال، العائلة كانت هي الأهم.

عندما فقد ابنته الوحيدة، كان يشعر وكأن هناك كرة نار في صدره، ولكن عندما اجتمعت العائلة بأكملها، أصبح البيت جنة.

وفوق كل ذلك، كانت ابنته تعتني به بحنان كبير.

عندما يتذكر ابنته التي كانت تجلس بجانبه كل يوم، تلازمه في الحديث، وتستذكر الدروس وتراجعها بنفسها، وتطرح عليه أسئلة بسيطة.

كان وجه فيل يشرق بابتسامة واسعة وكأن جيوبه مليئة بالذهب.

لكن فيل لم يكن يعلم أن هناك غيمة سوداء تقترب منه.

بينما كان يمشي بوجه سعيد نحو مكان عمله، اقترب منه شخص ما.

“الدوق أرمين.”

ظن أن أحدهم يحاول أن يطلب منه خدمة، فالتفت بحدة.

لكن في اللحظة التالية ظهر على وجهه تعبير مرحب.

“صاحب السمو ولي العهد، ما الذي جاء بك إلى هنا؟”

لم ينسَ فيل امتنانَه لماكس الذي بذل جهدًا كبيرًا خلال فترة اختفاء ابنته.

بالطبع، كان ماكس متورطًا مع لستغا، لذا كان من الطبيعي أن يتدخل.

لكن ماكس تصرف وكأن الأمر يخصه، حيث التقى بالإمبراطور سرًا، وهاجم مخبأ الدوق السري، كل ذلك كما لو كان الأمر شخصيًا.

عندما عادت ابنته إليه، كان شكره لماكس يصل إلى السماء.

لهذا السبب ابتسم فيل بفرح عندما رأى وجه ماكس.

لذا، عندما قال ماكس بوجه جدي أن لديه شيئًا ليقوله، كان سيد عائلة أرمين مستعدًا لفعل أي شيء يُطلب منه.

في غرفة هادئة.

قدموا الأطعمة الفاخرة والمشروبات الثمينة كهدايا، ووجه فيل كان مليئًا بالرضا.

حتى وإن لم يكن ماكس بحاجة لفعل كل ذلك، كان تصرفه الجميل يجعله يبدو محببًا أكثر.

“هاها، ما الذي تريد أن تقوله؟ لم يكن عليك فعل كل هذا.”

“لا، فقط أردت أن أراك سعيدًا.”

كان هناك توتر طفيف على وجه ماكس وهو يقول ذلك.

“ما الذي تريد أن تقوله ولماذا تتردد؟ لا تخف، قل ما لديك.”

شعر فيل أن الحديث سيكون صعبًا، لكنه كان مستعدًا للاستماع.

عندها بدأ ماكس يتحدث أخيرًا.

رغم تردده، كانت صوته قويًا عند الحديث.

“أطلب منك السماح لي بالزواج من ابنتك، لا، من السيدة كارميلا أرمين. أعدك بأنني سأجعلها سعيدة.”

في تلك اللحظة، تساءل فيل بوجه متجمد.

“ماذا؟”

ساد صمت محرج في الغرفة.

عندما حاول ماكس أن يفتح فمه مرة أخرى بوجه حازم، مد فيل يده بسرعة ليغلق فمه.

“لحظة، يبدو أنني بدأت أفقد السمع بسبب تقدمي في السن.”

فتح ماكس فمه هذه المرة بشكل أكثر حزمًا.

“لم تسمعني بشكل خاطئ. أنا جاد.”

تجعد وجه فيل.

لقد تمكن للتو من استعادة ابنته، وفي هذه الأثناء، اقترب منه شخص بالكاد رآه مرة واحدة.

هل القصر الملكي مكان عادي؟ إذا ما أصيبت ابنته بصفعة من ماكس، فلن يتمكن من إنقاذها هذه المرة.

لا يمكنه أن يسلم ابنته لنزوة ولي العهد. حتى وإن كان الاقتراح نتيجة نزوة عابرة بعد رؤية وجهها مرة واحدة، فهذا لا يعني شيئًا.

تزايدت مشاعر الغضب في قلب فيل، لكنه تمكن من السيطرة عليها.

“أنا لست بصحة جيدة، سأراك لاحقًا.”

وحاول مغادرة المكان بسرعة، لكن ماكس صاح بصوت عالٍ.

“يا والدي!”

في تلك اللحظة، صاح فيل بوجه غاضب.

“من هو والدك؟!”

ثم بسرعة، عاد لتصحيح موقفه بأدب.

“أنا لست والدك، والدك هو جلالة الإمبراطور. هناك تهمة الإساءة إلى العائلة الملكية، تلك الأمور تعرفها، أنا قلق بشأنها…”

لكن، رغم كلماته، كان وجه فيل يزداد احمرارًا.

تغيرت نظرة الوفاء التي كانت توجه إلى ولي العهد إلى نظرة مليئة بالكراهية تجاه لص يحاول سرقة ابنته. حتى لو كان ذلك الشخص ولي العهد، لن يغفر له.

كانت أذناه محمرتين بشكل يظهر أنه على وشك الانفجار إذا استفزه أكثر.

لم يشهد ماكس هذه الحالة من الحماسة لدى وزير المالية إلا عند الحديث عن نفقات الحرب.

قرر أنه ليس من الحكمة إثارة هذا الرجل الآن وتراجع خطوة إلى الوراء.

“يبدو أنني تحدثت فجأة. سأزورك مجددًا للتحدث.”

لكن فيل بالكاد سمعه وخرج من الغرفة بسرعة وكأنه يهرب.

شعر ماكس بالإحباط وجلس على الكرسي.

“حسنًا، بعد كل ما مر به…”

وشعر بالاستياء تجاه بيرنارد مرة أخرى.

بالطبع، لو لم يفعل ذلك، لما كان قد التقى بكارميلا على الإطلاق، لكن الشعور بالاستياء كان لا يزال قائمًا.

أرسله في مهمة إلى مكان بعيد عمدًا ليتعب، لكن ذلك لم يكن كافيًا.

عندها لاحظ ماكس أن الخمر الذي أهداه لوزير المالية لا يزال موجودًا.

“ذلك السيد أرمن، الذي يحب هذا النوع من الخمر…”

حك ماكس رأسه من الصداع.

كان مرتبكًا بشأن كيفية إقناع وزير المالية الذي أصبح يشك في كل شيء.

* * *

“كارميلا! كارميلا!”

كنت أبتسم في غرفتي وأنا أتأمل الرسومات التي أعطاها لي ماكس، وفجأةً اندهشت.

لقد فوجئت بوالدي وهو يدخل الغرفة بغضب.

بعد أن عاد والدي من القصر، بدا وكأنه قد مر عليه عشر سنوات إضافية بسبب شيء ما.

“أبي، هل سيكون هناك بناء كبير في هذا الاحتفال السنوي؟”

كان سؤالي مبررًا، لأن والدي كان يعبر دائمًا عن اليأس عندما يقوم الإمبراطور بمشروعات بناء ضخمة أو يشن حملات عسكرية.

والدي كان الأكثر قلقًا بشأن الأموال الهائلة التي تُصرف في مثل هذه الأمور.

لكن كلمات والدي جاءت بشكل غير متوقع.

“هل تعرفين الأمير ماكس؟”

في تلك اللحظة، شعرت بالحرارة تتصاعد في وجهي.

لم أكن أعرفه فقط، بل تبادلنا القبلات. وعندما فكرت في ذلك، شعرت بالخجل.

كيف كنت شجاعة جدًا؟

“… ماذا؟ لماذا تسأل، أبي؟”

في تلك اللحظة، احمر وجه والدي.

“هذا اللص! كنت أعتقد أنه أنقذ ابنتي، لكنه كان ينوي سرقتها…!”

ثم حاول الخروج مرة أخرى، لكنني أمسكته بسرعة.

“أبي، ماذا تقصد؟ ماذا حدث اليوم؟”

ومع ذلك، كان قلبي ينبض بسرعة.

ما الذي قاله ماكس لوالدي؟

لم أكن أتوقع أن ينتهي الأمر بعرض زواج حقًا.

كان هناك عدم ثقة في قلبي.

كان هناك قلق وعدم ارتياح بشأن الزواج بسبب برنهارد.

وتساءلت إذا كان بإمكان شخص مثله اختيار شريكة حياته بحرية.

“ماكس قال إنه يريدكِ. يبدو أنه تحدث بدافع الطمع بعد أن رآكِ عندما أنقذكِ، لذا تجاهلت الأمر.”

ترددتُ بسبب تلك الكلمات.

هل يجب أن أقول شيئًا؟ ماذا لو انتهى بي الحال مثلما كان الحال في زواجي من برنهارد؟

هل يمكن أن تبرد مشاعر ماكس في يوم من الأيام؟

إلى متى يمكن أن تستمر هذه المشاعر التي تشبه الحلم؟ هل من الجيد أن أضع حياتي على المحك بناءً على هذه المشاعر؟

عندما تدخل القصر الملكي، لا يمكن الخروج منه.

إذا بردت مشاعر ماكس، سأكون محبوسة في القصر الملكي بدلاً من قصر برنهارد.

تردد والدي قليلاً ثم تمتم قائلاً، “كما توقعت.”

“لا أصدق، كيف يطلب الزواج بعد أن رأى وجهك مرة واحدة أثناء الإنقاذ؟ الرجال يقررون أمورًا حياتية مهمة بهذه السهولة؟ ماذا عن العواقب؟”

أدركت أنه ليس لدي وقت للتردد.

لذلك قلت لأبي الذي كان يشتعل غضبًا.

“… أبي، في الحقيقة…”

اعترفت بالحقيقة بشعور من التوتر.

“كنا نتقابل منذ فترة… التقيت به لأول مرة في الحفل الذي أقامته دايان… وبعد ذلك كنا نلتقي بشكل جيد.”

كان وجه والدي مليئًا بالدهشة.

“كيف؟ ولماذا لم تخبريني؟”

ترددتُ في الرد وقلت: “في البداية، لم أكن أعرف من هو. لم يخبرني عن هويته. وعندما اكتشفت، لم يكن لدي فرصة لأخبرك.”

تنهد والدي بعمق وقال: “ابنة عائلة رست تلك! لم تكن مفيدة أبدًا! كادت أن تقتلك من قبل، والآن تريد أن تورطك في القصر الملكي الملعون!”

أدهشني سوء الفهم وقلت: “أبي، دايان لم تفعل شيئًا خطأ. أنا المسؤولة عن كل ما حدث.”

عقد والدي حاجبيه وقال: “أنتِ ضعيفة القلب. كم مرة قلت لكِ ألا تصادقي أشخاصًا سيئين؟ إذا خرجتِ من المنزل مرة أخرى دون علمي، سأموت فعلاً.”

نظرت إلى والدي برجاء وقلت: “أبي… ولكن…”

لكنه كان صارمًا: “لا جدوى من التوسل. قد يكون قد تم اغراؤك بالمكانة الرفيعة الآن، لكن دخول القصر الملكي بالنسبة للمرأة هو بمثابة الموت.”

عندما أدركت أن والدي لا يعارض بلا سبب، شعرت بخيبة أمل.

بالإضافة إلى ذلك، كان النقاط التي ذكرها والدي تثير قلقي أيضًا.

عندما أصابني في نقاط ضعفي، لم أتمكن من الاستمرار في الجدال.

قال والدي بغضب: “علاوة على ذلك، أنتِ لا تستمتعين بالبذخ أو الاستمتاع بالسلطة، فما الذي سيبقيكِ في القصر الملكي؟”

ثم أضاف: “هل ستكتفين بالتطريز؟ أم تربية الحيوانات الأليفة؟ أم ستعيشين مثل الإمبراطورة الحالية، متعلقة بأبناء إخوتك؟”

هدأ والدي ثم تحدث بصوت هادئ: “والدتك استغرقت وقتًا طويلًا لتعتاد على العيش في هذا القصر بعد أن نشأت في الريف. والقصر الملكي يختلف تمامًا عن عائلة أرمن، فهو مكان مليء بالمكائد. لن تستطيعي التحمل. أنا أعارض بشدة.”

فكرتُ في أن والدي كان على علم بكل شيء.

لم أستطع التوسل أكثر وشعرت بالإحباط.

كل ما قاله والدي كان صحيحًا. هل يمكنني تحمل المسؤولية الكبيرة كزوجة ولي العهد؟

أنا لست شخصًا مميزًا بهذا القدر.

ثم حاول والدي مواساتي وقال: “كارميلا، ابنتي، من الأفضل أن تتزوجي رجلًا وسيمًا ذو شخصية جيدة ويدخل البيت كصهر. سأرحب بذلك بفرح. المكان هناك مناسب ليجعل المرء يذبل. لن أتحمل رؤيتكِ في ذلك الوضع.”