‘آه. أخيرًا، هدفي!’

 

نظرتُ إلى نانايل، متظاهرةً بالبراءة.

 

شعرٌ أحمرٌ مموّجٌ وعينان ذهبيتان لامعتان، كطائرٍ جارح.

 

أعطتها عيناها الضيّقتان انطباعًا حادًّا، كما لو أنها قادرةٌ على القتل بنظرةٍ واحدة.

 

شعرتُ كأنني عاشبٌ يواجه مفترسًا، وأحسستُ بألمٍ في معدتي، لكنني أجبرتُ نفسي على تحيّتها بهدوء.

 

“تحياتي لنجمة الإمبراطورية. أنا روديليا فيريس.”

 

“إذن أنتِ الأميرة فيريس. تعرّفتُ عليكِ فورًا.”

 

انجذبت نظرتها تحديدًا إلى قلادة الألماس.

 

ثم نظرت إليّ من أعلى إلى أسفل، وكان تعبيرها ساخرًا.

 

كما لو أنها تقول ‘أنتِ أنيقةٌ جدًا لهذه المناسبة؟’

 

“القلادة تليقُ بكِ حقًا.”

 

رغم نظرتها التي أظهرت غيرةً واضحة، ابتسمتُ ببراءة، متظاهرةً بعدم الملاحظة.

 

“شكرًا على الإطراء. أهداني إياها أخي كهديةٍ بمناسبة ظهوري الأول.”

 

“وذلك الوشاح أيضًا؟”

 

“أوه، اخترتُ هذا بنفسي.”

 

بينما أظهرتُ الوشاح بفخرٍ وابتسمتُ، عبست نانايل قليلًا.

 

وأخيرًا، ابتسمت نانايل ابتسامةً خبيثةً وتحدّثت بحدّة.

 

“أوه، حقًا؟ في الواقع، كنتُ سأختاره أيضًا. لو لم يشتريه أحدٌ أولًا.”

 

كانت نبرتها اتّهاميةً بعض الشيء.

 

‘همم، يبدو أنها انجرّت إلى استفزازاتي كما ينبغي؟’

 

في اللحظة التي تمنّيتُ فيها لو أنها ترتكب مثل فعلاً شنيعًا على الملأ، انتزعت نانايل الوشاح بعنفٍ وقالت.

 

“ما رأيكِ؟ أعتقد أنه يناسبني أكثر.”

 

بسبب تصرّف نانايل المفاجئ، تجمّد الجو بسرعة.

 

“ماذا تفعلين؟”

 

تصلّب وجه أدريان من وقاحة نانايل واحتجّ.

 

 بالنسبة لشخصٍ لطالما كان يُكنُّ لي اهتمامًا بالغًا، كان سلوك نانايل مُقزِّزًا للغاية.

 

لو لم تكن الأميرة، لكان انتهى بها الأمر مثل غرين باسيلي الذي غادر بسرعةٍ قبل قليل ……

 

لكن يبدو أنّ نانايل أمامي تمتلك جرأةً لا تهتمّ بنظرات الآخرين.

 

رفعت نانايل كتفيها وقالت.

 

“لقد كان مجرّد تعبيرٍ عن المودّة. أنتَ تبالغ في ردّ فعلك.”

 

ثم أعادت نانايل الوشاح، مُكرِّرةً ذلك.

 

“لطالما كنتُ مُهتمّةً بالأميرة فيريس. لم أقابل شخصًا تُشابهني أذواقه إلى هذا الحد.”

 

على الرغم من صوتها الرقيق، كانت نظراتها شرسة.

 

‘هاه، إنها نظرةٌ قاتلة.’

 

حاولتُ تجاهل النظرة وواصلتُ استفزازي.

 

“أنتِ تُجاملينني. إنه لشرفٌ لي أن أشارككِ أذواقكِ، سمو الأميرة.”

 

ارتعشت شفتا نانايل وهي تواصل ابتسامتها الصفراء.

 

ماذا عن ذلك؟ من المرجّح أنها ستغضب لأنها لم تسدّد ضربةً واحدة، أليس كذلك؟

 

“ومع ذلك، لا أحبّ مشاركة الأشياء مع الآخرين.”

 

بدا عليها الاستياء، وبدا وكأنها تريد لكمي فورًا.

 

‘لن تضريبني حقًا، أليس كذلك؟ لا مستحيل، مع أن تلقّي ضربةٍ سيكون في صالحي لكن …’

 

كان قلبي يخفق بشدّةٍ حتى وأنا أستفزّ نانايل.

 

ومع ذلك، وبالنظر إلى أنها لم تتصرّف بشكلٍ مباشر، بدا وكأنها تدرك وجود أدريان وألبرين بجانبي.

 

لو لم يكونا هناك، لبدا وكأنها ستقلب الطاولة على رأسي.

 

كان الأمر سيكون أسهل لو أن نانايل سكبت النبيذ على ملابسي.

 

‘هل يجب أن أستفزّها أكثر؟’

 

كانت نانايل تكره انتقاد أحدهم لكلامها أكثر من أيّ شيءٍ آخر.

 

بدا لي أنها تشعر بنفورٍ غريزيٍّ تجاه الشخصيات المشرقة، خاصةً أولئك الذين ردّوا دون إدراك الموقف.

 

أبديتُ أقصى ردّة فعلٍ استطعتُ التعبير عنها.

 

“حقًا؟ عادةً ما أُهدي الأشياء التي تُعجبني للآخرثن لأني أريد أن يستخدموها أيضًا! للأسف، إن لم يكن الأمر كذلك، يا صاحبة السمو، كنتُ أفكّر في مشاركة قائمة توصياتي معكِ.”

 

بعد أن تظاهرتُ بخيبة أملٍ حقيقية، وضعتُ الوشاح في يد نانايل بلا مبالاة.

 

“إذن يا صاحبة السمو، يمكنكِ استخدام هذا. لديّ الكثير من الأشياء الأخرى، لذا لا بأس.”

 

هذا انتقامٌ لسرقة وشاحي دون إذن!

 

سيبدو الأمر للآخرين وكأن نانايل قد سرقت وشاحي.

 

في تلك اللحظة، رفعت نانايل حاجبيها.

 

كانت نظرة عينٍ تقول بوضوح ‘أترى هذا؟’

 

‘آه. أعتقد أنني سأتوقّف عن استفزازها هنا.’

 

بصراحة، كان هذا كافيًا.

 

كانت عينا الشريرة أكثر توهّجًا من ذي قبل.

 

الآن، لو هيّأتُ المسرح، لكان من الواضح أنها ستقبل بترحاب.

 

ألقيتُ طُعمًا أخيرًا.

 

“يسعدني التحدّث لفترةٍ أطول في حفل الاستقبال لاحقًا. أنا أيضًا كنتُ أتطلّع بشغفٍ إلى محادثةٍ مع صاحبة السمو.”

 

شخرت نانايل من اقتراحي اللطيف.

 

“حسنًا. سأعيدُ الهدية لكِ حينها إذًا.”

 

كان ردّها كما لو أنها تخبرني أن أنتظر لأرى ما ستفعل لاحقًا.

 

‘أوه، هذا مُخيف. أشعر وكأنني قد أصبحتُ هدفًا تمامًا؟’

 

سرت قشعريرةٌ في ذراعي، وبينما مرّرتُ يدي سرًا على كتفي، التقت عيناي بعيني ألبرين.

 

في تلك اللحظة، أبعد ألبرين نظره وكأن شيئًا لم يحدث.

 

‘تتجنّبي مجددًا… هل أخطأتُ؟’

 

كان ليبتسم ابتسامةً مشرقةً عادةً، لكن ردّ فعله البارد فاجأني.

 

في تلك اللحظة، بدأ عزف رقصة الفالس.

 

بينما بدأت الفتيات اللاتي ظهرن لأوّل مرّةٍ بالتجمّع على حلبة الرقص واحدةً تلو الأخرى، قادني أدريان أيضًا.

 

“سنذهب أولاً.”

 

اعتذر أدريان بأدبٍ وساعدني بسرعةٍ على الابتعاد عن الشريرة.

 

نظرتُ إلى ألبرين وهو يبتعد.

 

لسببٍ ما، بدت شحمة أذنيه حمراء قليلاً تحت الأضواء.

 

* * *

 

في خضمّ الحفل،

 

تجمّعت الفتيات اللاتي بلغن شن الرشد حديثًا وتبادلن أطراف الحديث بهدوء.

 

أنا أيضًا انضممتُ إلى الحديث، منتظرةً أحدهم.

 

بعد لحظة، اقتربت نانايل، تقود مجموعةً أخرى.

 

“الأميرة فيريس.”

 

“سموكِ.”

 

بعد انحناءةٍ قصيرة، ناولتني نانايل كأسًا من النبيذ وتحدّثت بلطف.

 

“لقد قُدِّر لنا أن نلتقي هكذا، وآمل أن نصبح أصدقاء جيدين.”

 

“بالتأكيد.”

 

ابتسمتُ ببراءةٍ وأخذتُ النبيذ الذي قدّمته لي.

 

كان من الأدب عدم رفض المشروب من شخصٍ ذي مكانةٍ أعلى.

 

لأنها كانت من أفراد العائلة المالكة، كان من الصعب رفضه إلّا إذا كانت هناك مشكلةٌ صحيّةٌ محدّدة.

 

في ذلك الوقت، ابتسمت نانايل ابتسامةً ذات مغزى لكأسي الفارغ.

 

“يبدو أنكِ بارعةٌ في الشرب، أليس كذلك؟”

 

“أوه، لستُ بارعةً فيه تمامًا.”

 

“إذن، اشربي كأسًا آخر.”

 

“نعم؟”

 

“هيّا، أسرعي.”

 

ملأت نانايل الكأس بابتسامةٍ ماكرة.

 

لم تكن حتى بيرة، بل نبيذ.

 

كان واضحًا للجميع أنها تحاول جعلي ثملةً وإذلالي.

 

سواءً كنتُ شاربةً جيدةً أم لا، لم يكن هذا مهمًّا بالنسبة لي في المقام الأول.

 

في العادة، كنتُ سأرفض بشكلٍ غير مباشر، لكن الآن كانت الفرصة المثالية.

 

‘جيد، هيّا ضايقيني، حسنًا؟ هذا لا شيء، سأشربه كلّه!’

 

بدأتُ أرتشف النبيذ على مضض.

 

بينما استمرّت نانايل في السكب، ازداد الضجيج من حولي.

 

“انظري هناك.”

 

“ألا يجب على أحدٍ أن يُوقفها؟”

 

“كم كأسًا شربت حتى الآن؟”

 

“إذا استمرّت على هذا المنوال، ستنهار الأميرة.”

 

تردّدت همسات الناس في رأسي.

 

رائع، انظروا جميعًا!

 

نانايل تُعذِّبني، أنا طيبة القلب!

 

كما كنتُ أنوي، كانت نانايل تستمتع بوضوحٍ بتعذيبي.

 

المشكلة أنها كانت منغمسةً جدًا في العذاب.

 

بعد أن شربتُ المشروبات التي قُدِّمت لي من جانبٍ واحد، ثملتُ بالفعل بسرعة.

 

لا بد أن وجهي قد احمرّ الآن.

 

‘يا إلهي، لو كنتُ أعلم أن هذا سيحدث، لأخذتُ دواءً لعلاج صداع الثمالة.’

 

لقد … بلغتُ أقصى حدودي وأنا أقبل بكلّ ما عُرِض عليّ.

 

‘يا إلهي، أين ذهبتُما؟’

 

من بين كلّ الأوقات، لم يكن ألبرين وأدريان موجودين.

 

بهذه السرعة، سأفقد وعيي قبل أن يرى ألبرين فظائع نانايل.

 

هذا لن ينفع! سأتراجع!

 

غطّيتُ فمي وهي تُقدّم لي كأسًا آخر من النبيذ.

 

“أنا آسفة يا صاحبة السموّ. أشعر ببعض الاضطراب الآن. أحتاج إلى استنشاق بعض الهواء النقي.”

 

“أوه، لا بأس، إذًا سأرافقكِ.”

 

“ماذا؟”

 

ترافقني؟

 

حدّقتُ في نانايل، التي عرضت فجأةً مرافقتي، بعينين دامعتين.

 

كان من الواضح لأيّ شخصٍ أنها تُدبّر شيئًا ما.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄

ترجمة: مها

انستا: le.yona.1