جاء صوت لوغان من خلفي، وهو يهمس بعنقي بصوت غارق في النعاس.
هل أشرقت الشمس بالفعل؟
“إنه الصباح. آن لك أن تستيقظي.”
رفع لوغان جسده قليلاً ليجلس، وطبع قبلة على خدي. اعتدلت في فراشي وفتحت عينَي نصف فتحة، لأرى وجهه المرهق الوادع.
“هل نمتَ جيدًا، لوغان؟“
كان ذلك بداية يومٍ جديد أقضيه معه.
“سيدتي، ما رأيك في هذا الفستان؟“
في غرفة الملابس، سألتني نانسي وهي ترفع فستانًا بلونٍ أخضر فاتح. ربما لأن زواجي من لوغان لم يمضِ عليه سوى أيام، لا زلت غير معتادة على مناداتهم لي بـ‘سيدتي‘.
“يبدو جميلًا، سأرتديه.”
“وأي خاتم تختارينه؟“
“هل يناسبك الشعر المرفوع؟“
كنت أُجيب بهدوء على أسئلة الخادمات اللواتي يتناوبن على تجهيزي.
كان اليوم هو الموعد الأول لي ولوغان للخروج معًا إلى المدينة، أول موعد لنا خارج أسوار القصر بعد الزواج.
“هل انتظرتَ طويلاً؟“
فتح الباب، ودخل لوغان إلى الغرفة، وقد اكتمل مظهره الأنيق.
عند ظهوره، غادرت الخادمات الغرفة بصمت وأغلقن الباب.
ابتسم بلطف وهز رأسه.
“لم أنتظر طويلاً.”
ثم بدّل رأيه فجأة وقال.
“آه، والآن بعد أن فكّرتُ في الأمر… يبدو أنني انتظرتُ قليلًا. لقد تأخرتِ اليوم عن المعتاد.”
“حقًا؟ ظننت أنني أسرعت في الاستعداد.”
مد يده فجذبني من خصري بلطف. عيونه كانت دافئة وابتسامته هادئة.
“بما أنني انتظرت، فلتكافئيني بقبلة.”
اعتليت أطراف أصابعي وطبعنا قبلة قصيرة. وما إن فصلنا شفاهنا حتى قبلني مجددًا، وعلى وجهه كانت سعادة لا يمكن إخفاؤها.
ثم خرجنا معًا من القصر.
كانت مدينة كارديف تعج بالحياة كما في كل يوم. تنقلنا بين شوارعها وأزقتها نُشاهد المتاجر والمطاعم التي لم تتغير كثيرًا منذ كنتُ في الثامنة عشرة من عمري.
قال لوغان، بينما كنا نسير سويًا.
“لست ممن يفضلون الأماكن المزدحمة، لذلك لا أزور وسط المدينة كثيرًا.”
رغم ذلك، كان يزور المدينة مرارًا من أجلي، رغم أن المسافة بين القصر والمدينة ليست بالقصيرة.
“كنا نلتقي كثيرًا في هذا الميدان.”
ومررنا بجوار ذلك المتجر الذي انتظرني فيه طويلًا ذات يوم. حين أشرت إليه، ضحك لوغان بخفة وأمسك بيدي.
“عندما كنتُ أُنتظرك هنا، لم أعد أشعر بمن حولي، أكانوا كثيرين أم قليلين.”
ذلك الرجل الذي انتظرني طويلًا أصبح اليوم زوجي. نظر إليَّ برقة وقال.
“حتى الآن، لا أرى في عينيّ سوى أنتِ.”
ضحكت بخجل على كلماته.
***
صادفنا الكونتيسة بيدفورد في مطعمٍ راقٍ بعد أن تناولنا طعامنا.
“السيدة هاريسون!”
كانت برفقة زوجها، كونت بيدفورد.
بعد تبادل التحايا، سألتني الكونتيسة.
“خرجتما معًا؟ إلى أين كنتما متجهين؟“
“كنا ذاهبين لشرب الشاي.”
فبادر الكونت باقتراحٍ مفاجئ.
“إن لم تكن وجهتكما محددة، فهل ترافقاننا؟“
وافق لوغان، فتحركنا سويًا إلى وجهتهم، وكانت محلًا مختصًا بالخمور.
“هل يناسبكما الشراب؟“
“لا بأس.”
طلب الكونت النبيذ، ثم عاد وهو يحمل رقعة نرد خشبية.
“ما هذا؟ نرد؟“
“أجل! لعبة أصبحت أعشقها مؤخرًا. ونقوم بوضع رهانات كذلك.”
“فكرة جيدة.”
وافق لوغان، وسأله الكونت.
“وما العقاب للخاسر؟“
عقاب؟ هل لا بد من ذلك؟
لكن الكونت أصرَّ.
“اللعبة لا تكتمل دون مكافأة أو عقاب.”
قالت زوجته، محرجة.
“ما الذي تقوله أمام الناس؟!”
يبدو أنها لم تعتد على رؤيته بهذا الشكل خارج دائرة أصدقائه.
لكن لوغان فاجأني برده.
“أي عقاب تقترح؟“
نظرت إليه بدهشة، فقال بهدوء.
“يبدو الأمر ممتعًا.”
وافق الجميع، وأُحضرت زجاجة نبيذ.
“ما رأيكم؟ الخاسر يشرب الكأس.”
“موافق.”
قبل لوغان سريعًا، وكأنه واثق من الفوز.
سألته، متعجبة.
“متى تعلمت لعب النرد؟“
“هذه أول مرة.”
فقدت الكلمات من لساني، لكنه أضاف.
“هي مجرد لعبة احتمالات، أليس كذلك؟“
ربما معه حق، لكنها ليست بهذه البساطة.
بدأت الجولة.
رَمى لوغان النرد، فخرج الرقم 2.
ثم كرر الرمية… رقم 2 مجددًا.
“كيف يظهر الرقم 2 فقط؟“
بدا عليه التوتر، لكني واسيتُه.
“لا بأس، المحاولة القادمة ستكون أفضل.”
لكنه ظل في دوامة الرقم 2. لم نستطع اللحاق بخصمنا.
وعند بلوغ النقطة الأخيرة، قدم الكونت كأسًا.
“يبدو أنكما خسرتم، آسف.”
أمسك لوغان بالكأس وقال.
“سأشربها أنا.”
ثم تجرعها دفعة واحدة، وقال.
“نلعب جولة أخرى.”
لم أكن أعلم أنها ستكون بداية جولاتٍ طويلة.
***
عاد ليرمي النرد، وخرج… 2.
مرةً أخرى، خسرنا، ووضعت كأسين أمامنا.
“سأشرب كأسي أنا هذه المرة.”
لكن لوغان أخذها مجددًا.
“لا، سأشربها.”
ثم تمتم.
“الجولة القادمة ستكون مختلفة.”
لكن دوامة الرقم 2 لم تتركه.
“فزتُ مجددًا!”
صرخ الكونت بسعادة، فلكزته زوجته.
نظرت إلى لوغان، وقلت ممازحة.
“ليس كل أحد قادرًا على إخراج الرقم 2 مرارًا! أنت رائع!”
هز رأسه ببطء وهو يرمقني بنظرة حزينة.
***
“أنا آسفة حقًا.”
قالت الكونتيسة حين ودعناهم.
لقد شرب لوغان كل الكؤوس.
“لا بأس. لقد كان لقاءً ممتعًا.”
قالها بلطف، ورغم الإرهاق، بدا متماسكًا.
صعدنا إلى العربة، وقد أظلمت السماء.
“ألم تُجهد نفسك؟“
استند على كتفي وأغمض عينيه.
حاول أن يبدو طبيعيًا أمامهم، لكنه كان ثملاً.
لم أره ثملاً من قبل، فمددت يدي لألمس وجهه بلطف.
“قلتُ لك أنني سأشربها، لماذا شربتها كلها؟“
ضحك بصوت خافت، وفتح عينيه نصف فتحة، ونظر إليَّ.
ثم جذبني بذراعه ليحتضنني وقال.
“كيف لي أن أدعك تشربين شيئًا كهذا؟“
كان صوته بطيئًا، مفعمًا بالنعاس، وابتسامته لا تفارقه.
ثم تنهد قائلًا بأسف.
“كانت نزهة نادرة… لكنني لم أُظهر إلا ضعفي. كنت أرغب بالفوز مرة واحدة على الأقل.”
ولأنه كان ثَمِلًا، فقد بدا أكثر صدقًا من أي وقت.
ربتُّ على شعره وقلت.
“أنت لست ناقصًا في شيء، أنت رائع دائمًا.”
رفع رأسه لينظر إليّ.
فقبلته بلطف وقلت.
“لأنك زوج سينا هاريسون، الذي أحبّه.”
وما إن أنهيت عبارتي، حتى احتضنني لوغان بقوة وقبلني بشغف، فبادلته العناق.
حتى وإن خسرنا اللعبة، إلا أن الموعد الذي قضيناه معًا كان مليئًا بالفرح.
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 148"