استمتعوا
أمسكتُ بذراع السير رايل، وأنا أشعر بشيء من الكآبة.
التفتَ إليّ فجأة عندما لامسته، فنظرتُ إليه دون أن أنبس بكلمة،
آملةً أن أواسيه بطريقة ما.
وفي النهاية، ابتسم.
“آه، لقد أظهرتُ لكِ الكثير. سأتوقف هنا.”
تغيَّر المكان مرة أخرى.
هذه المرة، ظهر حقلٌ أخضر.
كان اللورد رايل قد تحول بالفعل إلى إيلا.
تبعتُها ونحن نسير بخطى بطيئة.
“هل نجلس؟“
عندما توقفت إيلا عن المشي، جلستُ بجانبها.
بقينا صامتين للحظة، ننظر إلى البيوت المتناثرة أسفلنا من المرتفع.
“هل تصدقين الآن أنني بلانش؟“
أومأتُ برأسي.
“لكنني لم أكن أعلم أن بلانش امرأة.
إنه يشبه السير رايل في الصورة…”
ضحكتْ بنعومة.
“ذلك لأن الأعلى منزلة لم يريدوا للأجيال القادمة أن تعرف أن الساحر العظيم امرأة. تلك الصورة هي لوحة تُظهرني كرجل. السير رايل هو من يجسد تلك الصورة.”
عندها فقط فهمتُ، بفضل تفسيرها الواضح.
إيلا، الانسة مالكة النقابة التي تمتلك ذات الالوان التي تزين ملامح بلانش في اللوحة، والسير رايل بنفس وجه بلانش.
كلاهما، بلانش والسير رايل، انبثقا من إيلا.
“هل أنتِ فضولية؟ لمَ ما زلتُ على قيد الحياة؟“
“نعم. إذا لم يكن ذلك مزعجًا، هل يمكنكِ إخباري؟“
“إنه سر، لكن إن أخبرتكِ، هل ستحفظينه يا انسة نيلسون؟“
بينما أومأتُ، كشفتْ إيلا عن “سرها” بوجه جاد.
“الأمر هو…”
“نعم.”
“كان هناك تنين قبل 700 عام.”
لكن ما خرج من فمها كان شيئًا مذهلاً حقًا.
تنين فجأة؟ لم تهتم إيلا حتى عندما اتسعت عيناي.
“تم تمديد عمري بسبب التنين. كنتُ رفيقته.”
“رفيقة… التنين؟“
رمشتُ عينيّ أمام المعلومة الجديدة التي تلقيتها.
أومأتْ مرتين بهدوء.
“يبدو ذلك غريبًا، أليس كذلك؟ لكن كان هناك شيء من هذا القبيل. عندما أصبحتُ رفيقة التنين، حصلتُ على قوة الحياة منه.”
هل هذا سبب بقائها على قيد الحياة طوال هذا الوقت؟
واصلت إيلا الشرح.
“يقولون إنه ليس من الشائع أن يأخذ تنين إنسانًا كرفيق.
لهذا حدث ما حدث.”
“ماذا حدث؟“
“أصيب بمرض رهيب. كان ذلك أثرًا جانبيًا.”
قالت إيلا بلا مبالاة.
“تركني ورحل. أصيب بالمرض بعد مراسم الرفقة بوقت قصير،
لذا مرّت 700 عام بالفعل.”
“يا للأسف…”
كان ذلك منذ زمن بعيد جدًا.
لا بد أنها شعرت بالوحدة لمدة طويلة بعد أن فقدت شريكها المحبوب.
على عكسي، أنا التي لم أستطع إلا أن أشعر بالأسى تجاهها، بقيت إيلا هادئة.
“تخليتُ عن منصبي كسيدة برج السحر قبل أن يموت.
وقضيتُ بقية وقتي معه في الإمبراطورية – موطنه.”
نظرتْ إيلا بعيدًا عني وحدّقت في الأفق.
لمعت عيناها الذهبيتان تحت ضوء الشمس.
“ما الذي يفترض بي أن أفعله عندما تطيل عمري ثم تموت أولاً؟“
تمتمت إيلا ثم عادت تنظر إليّ مرة أخرى.
“هل تصدقيني؟ ظننتُ أنكِ ستقولين إنه لا وجود للتنانين في العالم.”
حتى قبل لحظة، كنتُ أفكر بهذا فعلاً.
لكن الآن كان الأمر مختلفًا.
أجبتُ بجدية.
“لأنكِ أظهرتِ لي أنكِ بلانش.”
ضحكتْ إيلا.
ثم ضيّقت عينيها واشتكت.
“كنتُ حقًا أشعر بالملل.”
“…كنتِ تشعرين بالملل؟“
“نعم!”
أصبح صوت إيلا حيويًا فجأة.
كان ذلك تغييرًا مفاجئًا في المزاج.
“لذا جربتُ كل ما أستطيع وما لا أستطيع. بعد أن عشتُ لبضع مئات من السنين، أنا، الساحرة، أستطيع الآن استخدام السيف.”
وهكذا، يبدو أن السير رايل وُلد.
عندما أطلقتُ “ها” قصيرة، ضحكت إيلا ببريق.
تبع ذلك تصريح مدهش.
“لقد صنعتُ أيضًا نافورة السحر في إقليم نيلسون.”
“حقًا؟“
هل ذهبتْ إلى هناك لتلقي تعويذة؟
لكن شيئًا ما خطَر ببالي وسألتها.
“لكن لمَ لم أرَ شيئًا؟ لمَ لم أرَ شيئًا حتى عندما ذهبتُ في منتصف الليل في ليلة البدر؟ سمعتُ من جدتي أن…”
“لا يمكنكِ رؤية كل شيء فقط لأنكِ ذهبتِ في ليلة بدر.”
“ماذا؟“
“هناك قاعدة أخرى. إما ألا تلتقي بمصيركِ،
أو أنكِ لم تكوني مفترضة أن تكوني هناك…”
لذا، هل يعني ذلك أنني أندرج تحت إحدى هاتين الفئتين؟
حقيقة أنني لم أرَ شيئًا أزعجتني أكثر.
ربما لأن تعبيري كان سيئًا، ربتت إيلا على خدي بخفة وابتسمت.
“لا تقلقي كثيرًا. قد يكون ذلك خطأي لعدم إلقاء التعويذة بعناية.”
أصبحت إيلا هادئة مرة أخرى وهي تنظر إليّ.
كان صوتها المرح المعتاد غريبًا مع وجهها الهادئ.
“كيف الأمور مع الدوق؟ هل يعاملكِ جيدًا؟“
“…؟ بالطبع.”
أمَلتُ رأسي وأنا أجيب على سؤالها غير المتوقع،
وارتفعت زاويا شفتيها بنعومة.
“هذا جيد.”
سرعان ما قفزت إيلا من مقعدها ومدت يدها إليّ.
“لقد شرحتُ هويتي بالفعل، فهل نعود الآن؟“
أمسكتُ بيد إيلا وهي تحاول مساعدتي على النهوض.
في اللحظة التي فعلتُ فيها ذلك،
تحولت رؤيتي إلى اللون الأبيض مرة أخرى.
بعد أن تعلمتُ سر إيلا، عدتُ أخيرًا إلى القصر.
عندما عدتُ، كانت إيلا قد عادت إلى كونها السير رايل.
أول شيء سألني عنه كان:
“إذًا… هل ستطردينني؟“
لم أفكر في ذلك.
طريقة كلام السير رايل بدت وكأنه متأكد من أنه سيُطرد.
“ما زلتُ أستطيع العمل جيدًا.
لقد كنتُ أدير النقابة وأعمل كفارس بشكل جيد جدًا حتى الآن.”
“سير رايل…”
“أستطيع العمل بجد! هل يمكنكِ ألا تخبري الدوق وتحتفظي به كسر بيني وبينكِ؟ هل يمكنكِ؟“
عندما قلتُ إنني فهمتُ، أشرق وجهه.
“شكرًا لكِ، انسة نيلسون!”
يبدو أنه يحب الفكرة كثيرًا.
هذا ليس شيئًا صعبًا على أي حال؟ فكرتُ وأنا أبتسم.
لم أكن أعلم أي سوء فهم سيسببه هذا.
***
كان عيد ميلادي يقترب.
كان هذا أول عيد ميلاد لي في هذه الحياة،
وبعد هذا العيد، سأصبح في التاسعة عشرة.
ذهبتُ إلى مقر الدوق وتحدثتُ مع لوغان عن كيفية تنظيم حفلة عيد الميلاد.
“ماذا عن جعلها كبيرة مثل حفلة الانسة روبرت؟“
“همم. حفلة الانسة روبرت كانت كبيرة لأنها احتفلت مع اللورد بيدفورد، لذا لن أذهب إلى هذا الحد…”
تحدثنا أيضًا عن من ندعو إلى الحفلة.
“كيف يجب أن أنظم قائمة الدعوات؟“
“أعتقد أنه سيكون جيدًا دعوة فقط من أعرفهم جيدًا.”
وضعتُ علامات على أسماء النبلاء بدوائر وإكسات لأميز بين من سأدعوهم ومن لن أدعوهم.
وأثناء ذلك، صادفتُ اسمًا لم يعجبني على الإطلاق.
إريك إتش. سبنسر.
بالتفكير في الأمر، لم يظهر سبنسر في أي مكان مؤخرًا.
لقد قدم طلبًا سخيفًا بخصوص لوغان في حفلة عيد ميلاد الانسة روبرت.
هل يمكن أن يكون لوغان قد فرض عليه عقوبات؟
بالنظر إلى كيفية تعامله مع عائلة مور هذه المرة،
لم يبدُ الأمر مستبعدًا تمامًا.
كان الماركيز سبنسر أقل قوة من إيرل مور.
لا داعي للنقاش، إنه إكس.
شطبتُ اسم سبنسر دون تردد.
كانت حفلة للقلة تم تجميعها بعد تبادل الآراء بيننا.
بعد المناقشة مع لوغان حول الحفلة، نهضتُ من مقعدي.
“سأعود الآن.”
بعد أن تبادلنا القبلات على الخدين، توجهنا إلى الباب معًا.
عندما فتحتُ الباب، كان جاستن يقف أمامي مباشرة.
“آه!”
فوجئ جاستن وأسقط ملف الأوراق.
رآه السير رايل، الذي كان ينتظر خارج الباب، وضحك بخفة.
ناولتُ جاستن الملف الذي سقط بجانبي والقيت عليه التحية.
“سيد المساعد، لقد وصلتَ أخيرًا.”
“آه، نعم. أتساءل إن كنتُ قد أظهرتُ عدم احترام للانسة نيلسون دون قصد.”
“لا بأس.”
هذا النوع من المشاهد المزعجة لم يكن سيستمر يومًا أو اثنين على أي حال.
ثم تنحنح ودخل إلى غرفة الدراسة.
“صاحب السمو، من فضلك، أكد هذا على وجه السرعة.”
“سنتحدث عن ذلك لاحقًا.”
“يمكن إنجازه في وقت قصير.
خمس دقائق، لا، ثلاث دقائق فقط…!”
لم أعرف ما كان، لكن لا بد أنه كان عاجلاً.
أشرتُ إلى النافذة وقالتُ:
“سأكون بالخارج. من فضلك، تعالَ بعد التحدث إليه.”
كنتُ أعلم أن لوغان يريد توديعي أولاً، لكن الأمر بدا عاجلاً جدًا.
كان سينتهي قريبًا على أي حال.
نظر لوغان إلى جاستن بتعبير غير راضٍ وقال لي:
“إذًا، من فضلكِ، انتظري لحظة.
سأنزل بعد أن أسمع مدى إلحاح الأمر.”
كان الأمر كما لو كان يلمح أنه لن يغفر للمساعد إضاعة وقته إذا كان شيئًا غير ضروري.
عند رؤية جاستن يتراجع، غادرتُ غرفة الدراسة.
بينما خرجتُ من القصر ووقفتُ أمام المدخل مع اللورد رايل،
عبر الفارس ذراعيه وابتسم بعذوبة كما فعل من قبل.
“ذلك المساعد، يشبه تمامًا متدربي الذي كنتُ أمازحه.”
ثم نظر حوله فجأة.
“بالمناسبة، لا أعرف إن كانت الانسة نيلسون تعلم.”
“عن ماذا؟“
“هذا سر لكن-…”
اقترب اللورد رايل مني وهمس في أذني.
“كانت هذه الأرض مقبرة.”
“حقًا؟“
ضحك السير رايل وأنا أوسع عينيّ.
“أمزح فقط. كيف يمكن بناء مقر دوقي على موقع مقبرة؟“
“…كدتُ أصدقك.”
ضحكتُ بعدم تصديق.
لم يتوقف السير رايل عند هذا الحد واستمر في همس بأشياء غريبة.
في كل مرة، كان يقول إن هذا سر.
لكن هل كان هناك سر حقًا؟
لم يكن شيء مما قاله كذلك.
***
تصفح فابيان بسرعة الأوراق التي جلبها جاستن إلى غرفة الدراسة.
ثم أعادها إلى جاستن ببرود.
“كان بإمكاننا مناقشة هذا لاحقًا.”
“هناك موظف جاء إلى الصالون لسماع الجواب…”
اعتذر جاستن وهو ينظر حوله.
لقد جعلتها تنتظر لشيء تافه كهذا.
نظر فابيان إلى النافذة بشكل طبيعي.
بما أنها تطل على المدخل، استطاع أن يجدها على الفور.
كانت سيينا تضحك وهي تتحدث إلى السير رايل.
اعتبرت حبيبته السير رايل شخصًا مرحًا.
لدرجة أنها قالت إنه ممتع أن تكون حوله،
لذا لم يكن من المستغرب أن يصبحا مقربين.
كان وسيمًا، وله جسم رائع.
لكن في النهاية،
كانت تلك المديحات مجرد محاولة من سيينا لمضايقته.
كيف كان رد فعله على تلك الكلمات؟
للحظة، شعر بالانزعاج حقًا.
كان ذلك مضحكًا بعض الشيء لأنه لم يكن مراهقًا متهورًا.
ضحك فابيان وهو يتذكر الماضي.
في تلك اللحظة بالذات،
توقف فابيان، الذي كان على وشك النزول، فجأة.
رأى اللورد رايل يهمس في أذنها.
عمَّ يتحدثان؟ ضيّق فابيان عينيه.
على الرغم من تصرف الفارس، بقيت هي هادئة للغاية.
بدلاً من أن تفاجأ، كانت تضحك.
تحدثا بلا توقف، ذهابًا وإيابًا.
أظلم وجه فابيان.
هل أصبحا مقربين إلى هذا الحد؟
في الحال، تذكر آخر مرة كانا فيها في نقابة التجار.
لم ترفع سيينا عينيها عن النافذة، فنظر هو مرة أخرى… وكان الفارس في نهاية نظرها.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
التعليقات لهذا الفصل " 125"