استمتعوا 

 

إن الأموال التي ادخرتها المديرة لاستخدامها في دار الأيتام يمكن اعتبارها أموالاً غير مشروعة إذا تم تفسيرها بشكل مشوه. وإذا حدث هذا، فلن يتم حل شكوك الفساد بل ستنمو فقط… ماذا يجب أن أفعل بشأن هذه المشكلة؟ بدأت أفكر في طريقة لمساعدة المديرة.

 

ولكن قبل أن أتمكن من العثور على الإجابة، 

ظهر مسؤول لم أره يحمل صندوقًا صغيرًا.

 

“هذا دليل موجود في دار الأيتام.”

 

اتسعت عينا المديرة عند هذه الكلمات. 

كان الغطاء الصغير الذي تم وضعه مغلقًا بحيث لا يمكن رؤية المحتويات.

 

“افتح الصندوق.”

 

بناءً على طلب أمين الصندوق، فتح المسؤول الصندوق. كان بالداخل كومة من الشيكات جنبًا إلى جنب مع النقود القديمة.

 

شيكات مختومة بالختم الملكي. بعبارة أخرى، الإعانة الملكية.

 

فوجئت المديرة، وكأنها لم تكن تتوقع استخدام هذا كدليل.

 

“هذا… هذا ليس دليلاً. إنها أموال مخصصة لاستخدامها عندما يكون دار الأيتام في مأزق.”

 

ومع ذلك، بدا أن المسؤول يعتقد أن هذا دليل واضح ولم يناقشه إلا مع أمين الصندوق.

 

رفعت المديرة المتجاهلة صوتها.

 

“لم أرتكب جريمة!”

 

“من فضلك توقفِ، أيها المديرة.”

 

مرة أخرى، بدا جاك هادئًا نسبيًا. لا، إنه ليس هادئًا فحسب. كان لديه نظرة مغرورة على وجهه وكأنه يقول إنه فاز. قال، مشيرًا إلى الصندوق بذقنه.

 

“تم العثور على دليل، اعترفِ بذلك الآن. 

لا ينبغي لشخص كبر في السن مثلكِ أن يظهر جانبًا كهذا.”

 

“جاك!!”

 

“توقفوا. ماذا تفعلون؟“

 

بينما حاول أمين الصندوق ثني المديرة وجاك، فُتح باب غرفة الاستجواب مرة أخرى. دخل مسؤول آخر.

 

“ها، لدي دليل إضافي.”

 

لم يكن هناك صندوق أو أي شيء هذه المرة. 

 

بدلاً من ذلك، كان يحمل ثلاث رسائل فقط في يديه.

 

تساءلت عما كان مكتوبًا هناك. 

 

شاهدت أمين الصندوق وهو يفحص الرسائل.

 

“هممم…”

 

لكن بينما كان يقرأ الرسالة، ألقى نظرة عليّ. قبل أن أتمكن من عبوس نظراته غير السارة، مد لي رسالة أمامي.

 

“هذه رسالة من الانسة نيلسون إلى المديرة. أرجوك اقرأيها.”

 

“رسالة؟“

 

رسالة مني؟ كيف يمكن أن تكون دليلاً؟

 

تبادلت النظرات على الفور مع المديرة. 

 

كما بدت المديرة في حيرة من أمرها.

 

لقد أرسلت إلى المديرة رسائل 6 مرات فقط. وكانت جميعها لغرض وحيد هو إبلاغها بزيارتي لدار الأيتام. لذلك، لا ينبغي أن يكون لها أي وزن في استخدامها كدليل.

 

عندما تلقيت الرسالة، قمت على الفور بفحص محتوياتها. 

 

وفجأة انفتح فمي تلقائيًا…

 

“هراء…”

 

كان محتوى الرسالة بالضبط كما قال جاك.

 

كنت أتظاهر بالتبرع بـ 200 ألف بيري لدار الأيتام كل شهر، وستعود إليّ في نهاية العام مع إضافة الفائدة. كانت الفكرة أن المديرة ستتمكن من جمع الكثير من المال، ومن ناحية أخرى يمكنني التبرع لبناء سمعتي، لذا فهي صفقة مربحة للجانبين.

 

المشكلة هي أن هذا كان خط يدي بالفعل.

 

إلى حد تزوير الرسائل،… كنت مذهولة جدًا لدرجة أنني لم أتمكن من التحدث. لكنني سرعان ما استعدت وعيي ودحضت.

 

“هذا خط يد مزور. لم أكتب رسالة كهذه للمديرة من قبل.”

 

“لا تقلقي، انسة نيلسون. لن تعاقبي على هذه الحادثة. 

التبرعات هي مسألة لا علاقة لنا بها.”

 

أومأ أمين الصندوق برأسه وكأنه يفهم كل شيء.

 

لكن هذا لا يعني أن ما يعرفه صحيح. بمجرد ظهور هذه الرسائل المزورة، ستنهار سمعتي على الأرض.

 

علاوة على ذلك، قد يتأثر لوغان وكلوي سلبًا لأنهما كانا على علاقة خاصة بي. بغض النظر عن مدى ارتفاع مكانة المرء، من كان يعرف نوع الأشياء التي قد يقولها الناس وراء ظهره؟

 

أخذ أمين الصندوق الرسالة من يدي وأعادها بعيدًا. ثم أصدر أمرًا للمسؤولين اللذين دخلا الغرفة.

 

“ابقوا المديرة محتجزة. بما أنها اختلست أموال الإمبراطورية، فإن نتيجة المحاكمة واضحة.”

 

“هذا افتراء! جاك يكذب!”

 

أصبحت غرفة الاستجواب صاخبة مرة أخرى.

 

انحنى أمين الصندوق لي بينما ضحك جاك بوقاحة على صراخ المديرة.

 

“انتهى التحقيق الآن. شكرًا لك على مجيئك، انسة نيلسون.”

 

بعد تلقي احترام أمين الصندوق، شاهدت بنظرة فارغة بينما تم جر المديرة خارج الغرفة. بعد فترة وجيزة، ناديت على جاك، الذي كان على وشك المغادرة.

 

“مهلا، أنت. لماذا تفعل هذا بي؟“

 

وبما أنه كان له خلاف مع المديرة، فربما كان يحمل ضغينة ضدها وافتعل قضية الفساد. ولكن ماذا عني؟ لم نلتق أنا وهو من قبل. ومع ذلك، فقد قام بتزوير رسالة كهذه وحاول توريطني.

 

لقد بدا وجه جاك غير مبالٍ، 

وكأنه ليس لديه أي فكرة عما كنت أتحدث عنه.

 

“لقد شهدت للتو بما رأيته. لقد جمعت شجاعتي فقط لأقدم اعترافًا ضميريًا.”

 

اعتراف ضميري؟ على عكس التعامل مع المديرة، كان مهذبًا معي.

 

لكن تلك الكذبة ظلت قائمة.

 

“لم أكن أعرف حتى أن هناك مثل هذه الرسائل… أعتقد أن المديرة كانت مهملة لدرجة أنها تركت الرسائل ملقاة في كل مكان.”

 

“هل أخبرك أحد بتزوير خط يدي؟“

 

سألت دون أن أهتم بأي شيء قاله، 

وأبقى فمه مغلقًا هذه المرة. سألت مرة أخرى.

 

“لا أعرف ما إذا كنت على علم، ولكن إذا ارتكبت جريمة ضد نبيل، فسوف تعاقب بشدة. هل كنت تعلم ذلك؟“

 

“كيف يمكن أن تكون جريمة؟ لم أفعل شيئًا.”

 

وبعد ذلك، سارع إلى الخروج من الغرفة، 

قائلاً إنه سيذهب أولاً لأن التحقيق قد انتهى.

 

تركت وحدي، وفكرت لماذا جرني إلى هذا.

 

ربما قررت التبرع بأكبر مبلغ بين الرعاة؟

 

ومع ذلك، بغض النظر عن مدى عدم الاعتراف بعائلتنا بين النبلاء، فهي بالتأكيد ليست عائلة يمكن للعامة أن يأخذوها باستخفاف ويرتكبوا ضدها أعمالاً متهورة.

 

هل يمكن أن يكون العكس؟

 

خطرت لي فكرة فجأة. ربما لم أكن أنا من جر إلى هذا بينما كانت المديرة مستهدفة، بل كانت المديرة هي من جرت إلى هذا عندما كنت مستهدفة. بهذه الطريقة، سيتم تفسير الشكوك.

 

لكن هذه الفكرة المفاجئة جعلتني أكثر قلقًا. 

 

كان لدي حدس بأن هذا لن يكون شيئًا يمكن حله بسهولة.

 

بعد البقاء في الغرفة لفترة أخرى، نهضت في النهاية. وفي اللحظة التي كنت على وشك مغادرة الغرفة، قام شخص ما بسد طريقي.

 

“هل أنتِ الانسة الشابة نيلسون؟“

 

كانت خادمة تابعة للقلعة الملكي.

 

عندما أكدت هويتي، كشفت عن انتمائها.

 

“لقد أتيت من قصر الملكة. ترغب الملكة في مقابلة الانسة نيلسون.”

 

“الملكة؟“

 

“نعم. لقد طلبتِ مني أن أحضرك بمجرد انتهاء التحقيق. 

هل ترغبين في الذهاب الآن؟“

 

كان هذا طلبًا لا يمكنني رفضه، 

بغض النظر عما إذا كنت أريده أم لا.

 

أومأت برأسي على الفور.

 

***

 

ماذا تريد أن تقول لي؟ بما أنني لم آتِ إلى القلعة الملكية لسبب وجيه، فقد شعرت بثقل في قلبي.

 

عبرت البوابة الرئيسية لقصر الملكة بقلق. 

ويمكن رؤية المرأة المهيبة المذكورة في الحديقة بالداخل.

 

“أحيي جلالتك الملكة.”

 

رفعت تنورتي أثناء قيامي بالانحناء. 

 

ثم نظرت إليها، فضولية بشأن سبب استدعائها لي اليوم.

 

“تعالي واجلسي.”

 

كان تعبير الملكة هادئًا لدرجة أنني نسيت تقريبًا أنني كنت متورطة في شيء مثير للقلق.

 

جلست أمام الملكة كما أشارت. عندما استقريت، أحضرت خادمتان صينية ورتبتا أدوات الشاي. بعد ذلك، وُضِع فنجان شاي على جانبي.

 

من سيأتي أيضًا؟ بدا أن الملكة لاحظت شكوكي وابتسمت.

 

“سيأتي شخصان آخران.”

 

عند سماعها لكلماتها، خطرت في ذهني الكونتيسة باركر، مرافقة الملكة. لكنها لم تكن ضيفتها اليوم. لأن الأصوات التي سمعتها كانت لشاب وامرأة.

 

“لقد مر وقت طويل، انسة نيلسون.”

 

عندما التفت نحو صوت الشاب، قابلت وجهًا لم أره منذ فترة طويلة. نهضت على الفور وانحنيت له.

 

“أحيي سمو ولي العهد.”

 

“أليس هذا هو أول مرة نجتمع فيها نحن الأربعة معًا على هذا النحو؟“

 

سألت كلوي وهي تدخل الحديقة مع الأمير هاري. 

 

وبالنسبة لسؤالها، كان مزيجًا غريبًا بالفعل.

 

“أخبرتهم أن ابنة عائلة نيلسون ستأتي إلى القصر اليوم.”

 

قالت الملكة بابتسامة لطيفة.

 

بدا الأمر وكأنه استدعاء من باب الراحة. كان الأمر وكأنها تخطط في الأصل لتناول الشاي اليوم، ولكن بما أنني كنت هنا، فقد قررت أن أنضم إليها أيضًا.

 

“لقد مر وقت طويل، انسة نيلسون. لقد غادرتِ فجأة في المرة الأخيرة.”

 

ضحك هاري بخبث، ملمحًا بشكل عرضي إلى الحادث في حديقة الورود. إذا فكرت في الأمر، فقد قابلت كلوي بعد ذلك، ولكن ليس هاري.

 

“أنا آسفة لعدم تمكني من المجيء لرؤيتك شخصيًا لشرح الأمر.”

 

“لا، لم أقصد ذلك بهذه الطريقة. لو حاولت ترتيب لقاء خاص معك، لكان اللورد هاريسون قد منعه على أي حال.” 

قال هاري وهو يلوح بيده.

 

على الرغم من أنني كنت في جزء آخر من نفس القلعة منذ فترة، 

إلا أن الجو في قصر الملكة كان مختلفًا تمامًا. إلى الحد الذي شعرت فيه وكأن هذا المكان بعيد عن قسم التحقيق.

 

لقد شعرت بالذهول للحظة بسبب التباين، ولكن بعد ذلك سألني هاري، مما أدى إلى تحويل تفكيري.

 

“كيف حال اللورد هاريسون هذه الأيام؟“

 

لا بد أنه ليس بخير الآن. كان قلقًا من ذهابي إلى القلعة كشاهدة. الآن بعد أن فكرت في الأمر، لابد أنه كان ينتظر مجيئي. 

يمكنني بالفعل أن أتخيل لوغان ينتظرني في قصر الدوق.

 

أجابت كلوي على سؤال هاري نيابة عني.

 

“سمو الأمير، هل نسيت سبب مجيء الانسة نيلسون إلى القلعة اليوم؟ لابد أنه قلق للغاية بشأن الانسة نيلسون.”

 

“أوه، صحيح. لقد نسيت.”

 

لم يكن الأمر سوى قضية فساد. ومع ذلك…

 

لقد قمت بتنظيم حدث للتبرع بمبلغ كبير من المال لدار أيتام، ومع ذلك، نشأت مشكلة مع التبرع… وهذا جعلني أشعر بالحرج الشديد لرؤية وجوه الآخرين.

 

“لا أعرف ما إذا كان من المقبول أن أكون في مكان حيث من المفترض أن يستمتع الثلاثة منكم بمحادثة ممتعة.”

 

عندما نظرت إلى كلوي بابتسامة خفيفة، اتسعت عينا كلوي.

 

“لا تقولي ذلك. كانت الملكة هي التي أرادت التحدث إلى الانسة نيلسون.”

 

“نعم. لا داعي للشعور بالخوف أو أي شيء من هذا القبيل.”

 

اخذت الملكة رشفة من الشاي الذي سكبته لها الخادمة واستمرت.

 

“لقد سمعت الكثير عن الانسة نيلسون من قبل، وهو ما أثار اهتمامي. يبدو أنه كانت هناك مشكلة مع فراء الألبكة.”

 

كنت أعلم أن الأمر سيكون على هذا النحو. كما كان متوقعًا، بدا الأمر وكأن ما حدث في ذلك الوقت وصل أيضًا إلى آذان الملكة.

 

لقد كان أمرًا جيدًا أن أتمكن من إثبات أنه لم يكن هناك خطأ في ذلك الوقت، ولكن إذا كان المنتج الذي تستخدمه الملكة معيبًا… فإن مجرد التفكير في الأمر جعلني أرتجف.

 

“يبدو أن شيئًا ما قد حدث مرة أخرى هذه المرة أيضًا. 

يبدو الأمر وكأن الحوادث حول الانسة لا تنتهي.”

 

ضحكت الملكة وهي تذكر الحادث المذكور عرضًا.

 

“اعتذاري. ليس لدي عذر.”

 

حتى لو لم يكن شيئًا فعلته، فمن الصحيح أنني كنت مركز الاهتمام مرة أخرى. بينما خفضت رأسي خجلاً، لوحت الملكة بيدها في رفض.

 

“لا، ليس لدى الانسة أي سبب للاعتذار لي. أنا لا أطلب اعتذارًا.”

 

“لكن… قلبي يشعر بالثقل لأنني أعتقد أنني خيبت أمل جلالتك بهذا الحادث.”

 

كانت هذه الكلمات صادقة.

 

في الآونة الأخيرة، كان هناك العديد من الأشخاص الذين جاءوا لتقييمي بشكل إيجابي. ولكن مع هذا الحادث، كنت معرضة لخطر التشكيك في صدقي.

 

على الرغم من أنه لا يزال هناك من يحتفظون بإيمانهم بي، فهل لن يكون هناك حقًا أحد يشعر بخيبة الأمل فيّ؟ لقد شككت في أنه لن تكون هناك حالة حيث انقلب الناس ضدي.

 

“لا بأس. إذا كنت أشك في الانسة الشابة، لما استدعيتك بهذه الطريقة.”

 

لحسن الحظ، يبدو أن الملكة اختارت أن تثق بي حتى النهاية. يمكنني أن أشعر بثقتها بي من ابتسامتها اللطيفة. يبدو أن الأمر نفسه ينطبق على هاري وكلوي.

 

“عندما تنتهي هذه الحادثة، ستظهر الحقيقة، لذا لا تقلقي كثيرًا.”

 

“اطمئني، انسة نيلسون. أعتقد أنك ستنجحين هذه المرة أيضًا.”

 

أعطتني كلوي نظرة دافئة.

 

قبل أن أعرف ذلك، ظهرت ابتسامة على وجهي. أشعر بالامتنان لها لأنها كانت دائمًا بجانبي كلما مررت بوقت عصيب.

 

في النهاية، كل ما يمكنني قوله لهم هو…

 

“شكرًا على ثقتكم. سيتم حل هذه المسألة قريبًا، لذا يرجى التطلع إلى ذلك اليوم. بغض النظر عن مدى سوء الأمر… سأثبت أنني بريئة.”

 

بمجرد ظهور الرسائل المزورة، تصاعد الموقف. الآن بعد أن غادر جاك القلعة، ربما انتشر محتوى الرسائل في لحظة.

 

مع ذلك، شعرت أنني أستطيع القيام بذلك لأنني تلقيت الدعم من الأشخاص الذين آمنوا بي. بفضل ذلك، أصبح عقلي المضطرب أكثر هدوءًا الآن.

 

دعونا لا نقلق كثيرًا ونواجه الأمر وجهاً لوجه. ألم أحقق نجاحًا حتى الآن؟ بعزم، تحدثت إليهم بنبرة أكثر ثقة من ذي قبل.

 

“مهما حدث، سأكشف هذه القضية.”

 

ضحكت الملكة عند سماع كلماتي.

 

وقالت بضحكة خفيفة:

 

“سأتطلع إلى رؤية كيف ستتغلب الانسة الشابة على هذا التحدي.”

 

الآن لم يتبق لي سوى المضي قدمًا بنشاط. وابتسمت بهدوء وأنا أشعر بالامتنان عندما التقيت بنظرات من حولي.

 

– تَـرجّمـة: شاد. 

~~~~~~

End of the chapter